Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions
Affichage des articles dont le libellé est اسلام سياسي. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est اسلام سياسي. Afficher tous les articles

La société civile à la Marsa dans la transition démocratique : l'exemple du collectif des associations de la société civile de la Marsa et de Winou Etrottoir

Depuis le 14 janvier 2011, de nombreuses associations non gouvernementales ont vu le jour en Tunisie et ont participé à la grande mobilisation de la société civile, d'abord pour soutenir la révolution, puis pour essayer de la défendre d'attaques contre-révolutionnaires qui l'ont suivie et dont les manifestations sont, comme nous ne le savons que trop, le terrorisme, l'extrémisme religieux, l'insécurité, la contrebande, le commerce parallèle au niveau national, et la dégradation de l'état des villes au niveau local.
À part Tunis et d'autres villes, un exemple intéressant d'une société civile particulièrement active se trouve dans la commune de la Marsa (qui comprend la Marsa, Gammarth, Bhar Lazrag et Sidi Daoued).
Le but de cette communication est de rendre compte de l'importance de la mobilisation de la société civile qui y a eu lieu à partir de l'exemple du Collectif des Associations de la société civile de la Marsa et de Winou Etrottoir, et qui n'a jusqu'ici presque pas attiré l'attention des médias.
Comment s'est manifestée, se manifeste et s'exprime donc la société civile à la Marsa ?
A travers les associations bien sûr et aussi à travers les réseaux sociaux, en particulier Facebook. Il est à noter d'abord que la Marsa est une ville où le nombre d'associations est particulièrement élevé par rapport à la population, probablement beaucoup plus qu'ailleurs.
Le point fort de la mobilisation citoyenne a été l'initiative de rédiger une charte et de la faire signer par les associations faisant partie du collectif ( le texte de la charte se trouve  à la page 15, avant le tract).
Un travail énorme a été accompli régulièrement par les militantes et les militants du collectif qui se sont dépensés sans compter, qui n'ont épargné ni leur temps ni leur énergie ni leur argent pour préparer chaque événement, rédiger les communiqués, le texte des banderoles et des tracts, pour consulter les textes juridiques, contacter les citoyens... Il faut rendre hommage à ces personnes déterminées, dont font partie beaucoup de femmes, pour ce qu'elles ont fait et ce qu'elles font pour la Marsa, donc pour la Tunisie, pour leur attitude exemplaire, toute à leur honneur. C'est grâce à elles et à leurs semblables dans notre pays que celui-ci n'a pas sombré et ne sombrera pas dans l'anarchie.
Par leaders.com

نتنياهو يروّج للكراهية بإقحام مفتي القدس الحسيني في محرقة اليهود

لم تتمكن الآلة الدعائية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة من مواجهة حملات التضامن مع الفلسطينيين على المستويين العربي والعالمي بعد أن نشرت مقاطع صورت اعتداءات متطرفين على رواد الحرم القدسي والمدينة القديمة، الأمر الذي دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الذهاب بعيدا في مهاجمة الفلسطينيين بأن اتهم مفتي القدس في بداية الأربعينات أمين الحسيني بأنه هو من دبر فكرة حرق اليهود والإيحاء بها لهتلر، وقد كان هذا التصريح محل معارضة من سياسيين وباحثين في التاريخ.
أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلا واسعا في صفوف المعارضين وخبراء في التاريخ العالمي المعاصر قبل ساعات من زيارته المقررة لألمانيا بقوله “إن مفتي القدس الراحل الحاج أمين الحسيني هو الذي أقنع الزعيم النازي أدولف هتلر بإبادة اليهود”.
وفي كلمة ألقاها أمام المؤتمر الصهيوني أشار نتنياهو إلى هجمات شنها مسلمون على اليهود في فلسطين في العشرينات وقال إنها جاءت بناء على دعوة من الحسيني مفتي القدس حين ذاك.
وسافر الحسيني لزيارة هتلر في برلين عام 1941 وقال نتنياهو “إن هذا الاجتماع لعب دورا في قرار الزعيم النازي بإطلاق حملة لإبادة اليهود”.
وقال نتنياهو في خطابه الذي وصف بأنه عنصري ومشوه للتاريخ “هتلر لم يكن يريد في ذلك الوقت إبادة اليهود بل كان يريد طردهم، والحاج أمين الحسيني ذهب لهتلر وقال: إذا طردتهم سيجيئون كلهم إلى هنا”، وأضاف أن هتلر سأل مفتي القدس حينها “إذن ماذا أفعل معهم؟”، وأنه رد عليه “احرقهم”.
وسارع سياسيون من المعارضة في الكنيست ودارسون للمحارق النازية إلى الرد على نتنياهو قائلين إنه يشوه التاريخ، بينما قال مسؤولون فلسطينيون إن نتنياهو يبدو وكأنه يبرئ هتلر من قتل ملايين اليهود ليلقي اللوم على المسلمين. وامتلأ موقع تويتر بالانتقادات، وكان أغلبها يتحدث عن عنصرية تحمل وجها مشحونا من التحريف وتزييف التاريخ ضد العرب، خاصة وأن مؤسسة إمامة القدس تعتبر من المؤسسات المعروفة بتسامحها وتعايشها مع المؤسسات المسيحية في القدس القديمة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن نتنياهو “برأ هتلر ولبس الحاج أمين الحسيني مسؤولية هذه الجريمة النكراء التي وقعت بحق اليهود”. ودعا يهود العالم أن ينتبهوا إلى “الاستعمالات الخاطئة وأحيانا المقصودة لضرب موقفنا بهذه الطريقة الدنيئة الحقيرة”.
محمود عباس: نتنياهو برأ هتلر واتهم الحسيني بالجريمة التي وقعت بحق اليهود
وأضاف محمود عباس واصفا مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحمل مفتي فلسطيني مسؤولية المحرقة اليهودية الهولوكست، قائلا بأنها تصريحات “حقيرة ودنيئة”.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رام الله، أوضح عباس أن “نتنياهو يريد تغيير التاريخ، والجرائم التي ارتكبت بحقهم، ليقول إن الحاج أمين الحسيني هو المسؤول الأول عن المحرقة، وليس هتلر”.
وأضاف الرئيس الفلسطيني أن “نتنياهو برّأ هتلر واتهم الحسيني بالمسؤولية عن الجريمة التي وقعت بحق اليهود”، مشيرا أن نتنياهو يسعى لضرب المواقف الفلسطينية بتغيير الحقائق التاريخية.
وقال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “إنه ليوم حزين في التاريخ ذلك اليوم الذي يكره فيه زعيم الحكومة الإسرائيلية جيرانه للدرجة التي تدفعه إلى تبرئة أشهر مجرم حرب في التاريخ وهو أدولف هتلر من قتل ستة ملايين يهودي”. وأضاف عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين “على السيد نتنياهو أن يتوقف عن استغلال هذه المأساة التاريخية لكسب نقاط تخدم غايته السياسية”. وحتى وزير الدفاع في الحكومة الإسرائيلية موشي يعلون وهو حليف لنتنياهو قال لراديو الجيش إن رئيس الوزراء أخطأ “ولم يكن الحسيني بالقطع من ابتكر الحل النهائي، بل كان من بنات أفكار هتلر الشيطانية”.
هذا وانتقد اسحق هرتزوع زعيم المعارضة في إسرائيل على صفحته على موقع فيسبوك تصريحات نتانياهو، وقال “حتى ابن مؤرخ عليه أن يكون دقيقا عندما يتعلق الأمر بالتاريخ”، في إشارة إلى والد نتنياهو بنزيون نتنياهو الذي كان متخصصا في التاريخ اليهـودي وتـوفي في 2012. ووصف هرتزوغ كلام نتنياهو بأنه “تشويه خطير للتاريخ، ويقلل من خطورة المحرقة والنازيين والدور الذي لعبه أدولف هتلر في المأساة الرهيبة التي عانى منها شعبنا في المحرقة”. وطالب نتنياهو بتصحيح كلماته “على الفور”.
وأما عن المتخصصين في مجال التاريخ، فقد قالت دينا بورات الأستاذة بجامعة تل أبيب وكبيرة المؤرخين في متحف ياد فاشيم الإسرائيلي عن المحرقة النازية لراديو إسرائيل “القول بأن المفتي هو أول من أشار على هتلر بفكرة قتل اليهود أو حرقهم قول غير صحيح، ففكرة تخليص العالم من اليهود كانت فكرة محورية في عقيدة هتلر قبل أن يلتقي بالمفتي بفترة طويلة جدا”. وأضافت بورات عن نتنياهو “كان ينبغي أن يكون مطلعا لكونه يعرف شيئا عن التاريخ ولأنه نشأ في بيت أستاذ التاريخ بنزيون نتنياهو، لكن القول بأن المفتي هو من أشار على هتلر بالفكرة قول خاطئ في رأيي”.

مسلمون ومسيحيون .. وعنف متبادل

النقاش و الحوار مع المثقفين (العقائديين) .. امر يتطلب صبر و مهارة و علم قد لا يتوفر للكثير منا .. لذا تصبح القضايا البسيطة مثل حق الانسان في الحياة الامنة موضوع شديد التعقيد والصعوبة و يتطلب حوارا طويلا قد ينتهي باتهام جاهز بأنك كافر ملحد زنديق. 
المثقف عقائديا المسلم عندما يطرح مدى (تسامح ) الاسلام مع المخالفين.. عادة ما يعود بمحدثه الي مرحلتين.. الاولي في زمن عمر بن الخطاب و عهدته (العمرية الشهيرة ) و عدم صلاته (العصر) في الكنيسة حتي لا يحولها المسلمون لجامع وقوله لعمرو بن العاص متي إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا و الثانية في عهود الامبراطورية العثمانية التي أعطت الفرصة لابناء الاقليات أن يزاولوا شعائر حرية دينية سمحة معتمدة علي الفقه الحنفي(لهم ما لنا وعليهم ما علينا ) ما دامت في إطار القانون (الهاميوني ) و تحت سيطرة الحاكم التركي و جندرمته.
اما المثقف المسيحي.. فسيعود لنفس الفترتين ليقدم دلائل إستغلال وقهر و إستعباد السكان الاصليين وسرقة كنوزهم كما دونه المسلمون والمسيحيون الذين عاصروا ذلك الزمن.. مع تقديم أدلة إبادة الاقليات الدينية بواسطة الحكام العثمانيون سواء كانوا ارمن او قبط او مارونيون او من مسيحي البلقان .
من يقول أن السلطان التركي لم يضطهد اليهود و يطردهم كما طردهم حكام لهم في اسبانيا و المانيا و روسيا.. صحيح.. و من يقول أن اليهود في شبه الجزيرة العربية والعراق والمغرب ومصر لاقوا الامرين و إضطروا للمطالبة بوطن قومي والهروب من ديار الاسلام صحيح.
المثقف المسلم عندما يتكلم عن فظائع الصليبين.. و قهرهم لاهل المنطقة التي إحتلوها وتركوها في سلسلة من الشد والجذب لم تتوقف حتي اليوم.. صادق. و المثقف المسيحي الذى يناقش حجم ضحايا إعتداءات المسلمين علي المسيحيين بعد مغادرة الحملة الفرنسية مصر..أيضا صادق. 
العلاقة بين المسلم (الذى يعتقد أنه الاعلي و الافضل و الاولي بالقيادة ) و المسيحي ( الذى يرى أنه صاحب البلد الذى تم الاعتداء علية و اسره داخل نظام الغزاه المتخلف المضاد له ) علاقة لم تكن أبدا سلمية او عادلة او حتي إنسانية
عندما يتفوق المسلم.. فهو يعتقد بالعديد من الادلة القرآنية والاحاديث و تصرفات السلف أن عليه القيادة بواسطة شريعته الغراء (التي تضمن للمخالفين الامان و الامن علي حياتهم و اموالهم.. و ارضهم ). وأن دار الاسلام رحبه تساع المخالفين ما داموا يسلمون قيادهم للسادة الاشراف القادمون من شبه جزيرة العرب . 
ورغم أن التاريخ البعيد و القريب ينفي هذا إلا أنه يتمسك بنصوص.. تجعل لا فضل لعربي علي أعجمي.. و بأخر مأخوذ من خطبة وداع الرسول عن أن الناس كلها قادمة من اصل واحد و لا يفضل أى منهم علي الاخر بسبب لون او جنس . وأن لكم دينكم ولي دين.. و لا إكراه في الدين. 
و عندما يتفوق المسيحي.. فهو يرفض أن يبقي علي ارضه الا المسيحي.. لذلك عندما إنتصروا في أسبانيا طردوا المسلم و اليهودى .. لتصبح بلادهم لهم وحدهم .. نفس الموقف في البلقان.. و في جزء من لبنان.. وفي أغلب دول اوروبا علي الاقل حتي نهاية الحرب العالمية الثانية .
هذه العلاقة المريضة( من الجهتين ) بين المسلمين و المسيحين إستمرت علي مدى التاريخ..خصوصا بعد أن بدأت جيوش إبن الخطاب تطرق أبواب الاقطار المحيطة و تدعي أن في فارس والشام كان المسيحيون يقابلونها بالورود و الاحضان والاحتفال.. لتخلصهم من حكم المسيحيين الرومان ،ومع ذلك كانت تستعبدهم و تسقط عنهم جنسيتهم في أوطانهم ليصبحوا موالي او ذميين.. يعيشون في بلاد الاسلام.
المسلمون منذ أن ظهرت لهم أظافر و أنياب لم يتوقفوا عن العدوان وإضطهاد الامم المغلوبة علي أمرها.. هذا واقع.. مكتوب في كتب التاريخ بالأسماء و المواقع و الازمنه.. و المسيحيون أيضا لم يختلفوا كثيرا.. سواء في حروبهم الداخلية او غزواتهم الخارجية.. و عندما كان يصطدم كل منهما بالاخر.. كانت تحدث جروح لا تندمل أبدا و تظل تؤلم.. تتناقلها الاجيال جيل بعد الاخر عن مدى فظاعة كل طرف .. 
في مصر مثلا نتناقل مجزرة دونشواى.. ورئيس محكمتها .. بطرس باشا غالي.. والاقباط لا ينسون أن بطرس باشا اول رئيس وزراء قبطي تم إغتيالة بواسطة مسلم .
وهكذا.. يرى المسلمون أن الاقباط خونه .. ساندوا الحملة الفرنسية.. و يرى الاقباط أن الجنرال (المعلم ) يعقوب كان وطنيا.. يحارب المماليك و العثمانيين في تحالف مع قوات (مينو) الفرنسية دفاعا عن أهله القبط الذين تعرضوا للعدوان .
في مصر يحكي الاقباط لماذا سموهم عضمة زرقاء.. و كيف كان سلاطين( الفاطمية) يجبرونهم علي وضع صليب ضخم يتسبب في زرقة عضمة الرقبة.. في حين أن المسلمين يقولون أن الخلفاء الفاطميين كانوا يعينون من المسيحيين و اليهود.. وزراء و حكاما لدرجة انهم (( كتبوا لخليفة المعز سنة 380 هجرية بالذى أعز النصارى بنسطورس وأعز اليهود بمنشاة و أذل المسلمين بك الا رحمتهم و أزلت هذه المظالم)).
المسلمون يقولون أنهم تركوا إدارة و حكم البلاد لاهلها .. و ان الادارة كانت بيد سكانها الاصليين.. ولم يتدخل الغزاة في ذلك.. والمسيحيون يقولون لانهم جاءوا من شبه الجزيرة اجلاف جهله لا يتقنون الا القتل و الارهاب والغزوات فإضطروا للاستعانة باهل البلد حتي لو لم يسلموا.
معرفة حقيقة ما حدث ..بعد التقدم العلمي و التكنولوجي.. لا أشك للحظه أنه سيصبح مفهوما قريبا.. خصوصا بعد الغزو الاخير لاوروبا بجحافل اللاجئين.. و لكن السؤال اليوم.. ما تأثير هذا الكره( حتي ولو كان مخالفا لتعليمات الاديان ) و العنف( حتي لو أنكره كلاهما ) المتبادل بين الطرفين علي الحياة المعاصرة في حالتين أى عندما يكون المسلمون أغلبية.. و بالعكس .
مرت الاغلبية المسلمة بمرحلتين ..أحدهما عندما كانت قوية و متسلطة .. والاخرى عندما سقطت .. تحت بنادق و حراب الاحتلال.. أو فلنقول.. من زمن ( تمكن إمبراطورية إبن الخطاب حتي سقوط إمبراطورية بني عثمان) كمرحلة للقدرة.. و من زمن( تفوق الغرب العسكرى و الاخلاقي و السلوكي و الاقتصادى المستمر حتي اليوم ). اما العكس فهو عندما يكون المسلمون أقلية بين أبناء ديانات أخرى من بينها المسيحية.
منذ أن عرف البدوى أنه قادر علي دحر الامبراطوريتين الفارسية و جزء كبير من الرومانية .. فإنه إعتبر نفسه جنس مميز.. محظوظ بدعم ربه الواحد الاحد .. خالق الكون و مدبره.. وأن كل ما يقوم به من أعمال محروسه بارادته سبحانه.. وأن ربه يقوده الي الصواب بكلماته التي لا يأتيها الباطل مهما دارت السنين.. و هكذا أصبح الاخر مهزوما ليس بقوة البشر و لكن بإرادة الرحمن. هذا العجز الفكرى جعل المسلم دائما خارج إطار المعاصرة.. حتي لو بني القصور و مهد الطرق و شق القنوات.. فكله بارادته سبحانه ..بحيث خاطب الرشيد سحابة عابره قائلا لها..(( إنزلي مطرك حيث تشاءين .. فسيأتيني خراجك )) المسلم المدعوم.. بقوة ربه.. لايقف أمام شرهه شيئا.. فكله بإرادته .. وهو الذى يهبه الملك و الثروة و الجاه.. و الرزق.. لانه حبيبه الذى يؤدى الطقوس الدينية في مواعيدها.. وبذلك.. نستطيع أن نضع ملامح متوسطة ( دون الوقوع في شرك التعميم ) لمسلمي التفوق تجعل منهم يعيشون في رفاهية عبثية.. جهله.. عنيفي السلوك.. جامدى الحس و القلب حيث يستطيع تيمور لنك أن يسوق الخيل علي الاف الاطفال الاسرى حول دمشق لان الله سبحانة لم يلن قلبه لهم .
علي العكس فإن الملى او المولي اوالذمي.. الذى يؤخذ ما بيدة.. و يختم كتفه لكي لا يغادر أرضه.. وتسبي إبنته و تباع وفاء لدينه.. و يتعرض للسطو ليل ونهار.. وملزم بإستضافة غاصبية لو حلوا في قريته لسبع ليالي.. يصبح علية السعي المستمر لتحسين أدوات عمله و قدراته الفكرية و الثقافية.. ورفع مقدار قوته الايمانيه بان الحق سيأتي لا محال.. وأن ربه يرى و يسمع و لن يتركه وحيدا مهما حدث.. فالصبر علي المكاره سيعجل بالفرج. 
هذه الملامح العامة ( دون الوقوع في شرك التعميم ) إشترك فيها المصريون.. جميعا من..إنتقل لفسطاط الغزاة و من قنع بالبقاء في فسطاطه علي دين الاباء و الاجداد. و هكذا تشكل للبشر علي هذه الارض.. ما يسمي بملامح الشخصية المصرية.. المتواكلة.. التي تطور من إمكانياتها و لكن تبخل بها علي الحكومة المستغلة.. و التي ترى..أن ما يحدث لها من خير او شر فإنه قدر السماء هذا القدر إستمرنفوذه علي هذه الارض لالف و اربعمائة سنة.. حتي الزمن الذى تفوق فيه الغرب و إحتل الانجليز مصر في نهاية القرن التاسع عشر ليتغير الموقف.. لما هو نحن الان عليه .
وحتي لا تتوه منا الحقائق سنستطيع أن نقول بقدر ما من الثقة..أن الحكام المسلمين.. كانوا في حاجة الي جهد وقدرات و خبرة سكان البلد من المخالفين دينيا.. وأنهم بذلك زاولوا عليهم قهرا مزدوجا.. ألاستغلال.. و التهميش.. بسبب الدين.. وان حتي من إنضم للدين الجديد من المحليين لم يجلس علي دكة الحكم أبدا( سمح لبعضهم بالجبة و القفطان الاسلامي ).. وأن الحاكم العربي او المملوكي او التركي كان في الغالب.. لايملك الخبرة الكافية.. ولا العلم.. و لا الكفاءة.. بحيث ظل دائما (طرطورا)و(بلطجيا)و (متأمرا)أكثر منه رجل دولة بحيث لم يقدر لهذا المكان أن يرتفع فوق قدرة الموحل إلا في أقل القليل. اما السكان الذين أغلبهم من المخالفين دينيا.. فلقد ساد بينهم صفات أخجل عن إعادة سردها كما كتبها.. المسلمون الاوائل و الباحثون الاوربيون المستجدون في القرن الثامن و التاسع عشر. 
عندما دخل بونابرته مصر فوجيء بحجم التخلف الذى كانت عليه.. وحاول بشكل او أخر أن يستعين بالمسيحيين المحليين.. الذين كانت إستجابتهم لانوار الغرب أسرع.. وتعلمهم اللغة الغريبة أفضل .. و إتقانهم لاساليب الحياة العصرية لا يشوبه موانع الشريعة وفتاوى الازهريين.. لذلك عندما رحلت الحملة الفرنسية ..إنقلب غلاة المسلمين علي مواطنيهم.. بالذبح و القتل و النهب.. و التخريب.. حتي أنقذتهم جنود السلطان التركي و عصر محمد علي . 
في الزمن التالي او بدايات القرن التاسع عشر كان الوالي الجديد.. قد جاء ومعه خططه لان يحكم دولة مدنية حديثة.. وهنا كان يهتم بمن هو علي القدر المناسب من الكفاءة .. وبدأ المصرى تدريجيا يأمل في حياة معاصرة.. حتي سقط النظام في (نيفارين ).. و إحتل الانجليز مصر. 
الوضع الذى وجده نابليون يخالف ما وجده كتشنر. لقد وجد مصريون.. لا أتباع دينين.. ورغم كل المحاولات.. للتفرقة وزرع البغضاء.. فإن لحسن الحظ إعتبرت الكنيسة القبطية أن الكنيسة الانجيلية أخطر عليها.. من المسلمين.. فساد شعور بالوطنية نحي جانبا المشاعر الدينية . 
ما علينا.. لقد خضت في هذا الطريق لسبب أن المسلمين..(عكس ما حدث مع المحتل العربي او العثماني) تخلوا.. عن فكرة التفوق الغبي.. وإهتموا بالمواطنة.. التي توحد ابناء الامه في مواجهه مع المحتل الانجليزى.
عندما خرج الانجليز من مصر عاد الحكام الي صلفهم و تفرقتهم بين المواطنين بسبب الدي.. و عاد الشعب للتقوقع مستسلما لديكتاتورية فاشيستية إثنية.. وعادت ريمة لعادتها القديمة.. تكاد تطلب من المسيحي أن يضع صليبا ضخما علي صدره لتزرق عضمة رقبته .
عندما جاءت الاموال بدون حساب لاصحاب الجاز.. تحول الموقف.. و تصور المسلمون لوهلة..أنهم خير الامم.. وبدأ عهد جديد من الكراهية المتبادلة.. غير المنطقية.. فالمسلم الخليجي يدين بالخضوع للمسيحي او اليهودى العارف باسرار استخراج و تسويق و تكرير جازه. وهو في نفس الوقت يعادى المختلف معه دينيا مخرجا من القبو المظلم كل الادلة و البراهين علي أن أى شخص غير مسلم إنما هو كافر يستحق الموت . 
الاوروبي الذى أصبح أكثر وعيا و إنسانية وقدرة.. لا يقسوا علي هؤلاء المعاتيه.. عسي أن يستنفذ ما بيدهم من ثروة.. ثم يلق بهم في صفيحة القمامه ..و المسلمون.. تضنيهم أحلام يقظة غير قابلة حتي للعرض عن أنهم سوف يحكمون العالم.. في حقد وكره.. وعدوانية لا تتوقف علي الاخرين. 
هذا الموضوع هكذا أصبح خطيرا فعندما تقرأ للمسلمين المحدثين مثل طارق البشرى ، فهمي هويدى أو وعاظ حزب النور تكاد تتصور أن جنة المسيحي و حلمة و أمله أن يعيش محكوما بواسطة الشريعة و الفقه الاسلامي، ثم عندما تنظر حولك تجد أن العدالة و الرحمة الاسلامية هي أن يفصلوا رؤوس المسيحي عن رقبته أو تباع بناته وزوجاته في سوق النخاسة متعة للاجلاف من حاملي الدنانير أو يحرقوا بيته و متجره و يستولوا علي أرضة (الكافرة ) مقابل دفع الجزية.. ومع هذالازال هناك من المسيحيين(الموالي ) من يرسلون مع الورود الامل لحزب النور راضين بأن يكونوا من أهل الذمة وينضمون لقوائمه.. مقتنعين بمبادئة. 
لقد أصبح الموقف أقرب للكوميديا السوداء.. و زيادة الكره و تبادل المشاعر غير السوية بين الطرفين أقرب للحقائق التي نأبي أن نناقشها بوضوح.. ولهذا سأبدأ النقاش. بأن زمننا لم يعد يتحمل البغض و الكراهية بسبب الاختلاف العقائدى ولنا فيما يحدث في بلاد الدنيا (التي فيها المسلمون أقلية مصان حقوقها) نموذجا.. 
فكيف يمكن أن تغلب علي هذا الخبث اللعين.. هل بإنتظار إنتهاء حقبة البترول.. هذا لن يكون كافيا.. بالتعليم و التثقيف.. لن يكون مناسبا..كذلك فإن الحروب لن تجدى.. ماذا يا سادة!! 
غير الاقتداء بالغرب (الذى لا يؤذى مسلميه رغم عدوانيتهم).. وإنهاء حقبة سيطرة الاديان بأسرع ما يمكن....إنه التحدى الذى سيواجه المسلم و المسيحي في بلادنا.. حتي تتوقف البغضاء المتبادلة بسبب إختلاف العقائد. 
ماذا تقول سيادتك؟ أنا في إنتظار الحوار بشرط الا ترجع فيه لنصوص كتابك لانها ستكون مانعة لاى إسترسال نافيا او مؤيدا. 
محمد حسين يونس /الحوار المتمدن

النص القرآني تحت مجهر الحداثة

في ظل عصر الأصوليات والغليان المذهبي غير المسبوق تاريخياً، تطالب بعض النخب العربية بضرورة إحياء عملية الإصلاح الديني؛ إصلاح يفرضه المأزق الذي يتخبط به الإسلام المعاصر في صداماته الدورية مع الحداثة.
في «الحداثة والقرآن» (دار التنوير، بيروت، الطبعة الأولى، 2015) يقدم الباحث المغربي سعيد ناشيد قراءة نقدية لقضايا تندرج في خانة المحظورات. يُسائل النص القرآني، ساعياً إلى استنهاض العقل العربي الغارق في الغيبيات، بعدما تخلى عن دوره الحضاري بين الأمم القادمة من المستقبل.
يُعد الكتاب عملاً استثنائياً في نتائجه وخلاصاته. يطرح ناشيد المنشغل في الحداثة الدينية، والذي له صولات وجولات في مقارعة التطرف الديني، إشكاليات متداخلة: ما القرآن؟ هل هناك من نص مقدس؟ ما الوحي؟ هل القرآن هو الوحي؟ هل المصحف هو القرآن؟ هل القرآن علماً، نحواً، قانوناً جنائياً ودستوراً؟ الولاء والبراء عقدة أم عقيدة؟ إن الغاية الرئيسة من هذا العمل مساءلة المسلمات الدينية، التي أصبحت وبفعل التراكم التاريخي، الموازي لإيديولوجيا المحرمات، لوحاً محفوظاً لا يمكن المسّ به.
يستهل الكاتب معاركه التنويرية بسؤال: ما المقصود بالقرآن؟ يفرق بين ثلاث ظواهر متباينة: الوحي الرباني، وهو يحيل على الصور الوحيانية التي استشعرها الرسول وتمثلها عبر قوته التخييلية، كما يقول كل من الفارابي وابن عربي وسبينوزا عن تجارب النبوة؛ القرآن المحمدي، وهو ثمرة جهد الرسول في تأويل الوحي وترجمته الاشارات الإلهية إلى عبارات بشرية؛ المصحف العثماني، وهو ثمرة جهد المسلمين في تحويل القرآن المحمدي ـ خلال مرحلة أولى ـ من آيات شفهية متناثرة إلى مصاحب متعددة، ثم ـ خلال مرحلة ثانية ـ من مصاحف متعددة إلى مصحف واحد وجامع (راجع: ص ص 18-19). وإذ يراهن ناشيد على التأويل الحداثوي بغية الانعتاق من القدامة ودخول عتبة الحداثة، يرى أن الانغلاق اللاهوتي هو محصلة انقلابين قديمين: «انقلاب سني» استعرضه المفكر العربي جورج طرابيشي، بدءاً من «نظرية العقل» وانتهاء إلى «من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة»، وهو الانقلاب الذي حول الرسول إلى أقنون ثانٍ يجاور الذات الإلهية بل يجاوزها أحياناً، ما أفسد مبدأ التوحيد الربوبي؛ و «انقلاب مصحفي» بموجبه أصبح النص القرآني ذاته أقنوماً ثالثاً.
يستشهد الكاتب في تفسيره الوحي بثلاثة مفكرين: عبد الكريم سروش صاحب «بسط التجربة النبوية»، ومحمد مجتهد شبستري صاحب «قراءة بشرية للدين»، وبعض محاضرات أحمد القبانجي. يعتبر المصلحان الإيرانيان وعالم الدين العراقي أن القرآن صادر عن نور إلهي فعلاً، لكنه ليس كلام الله في الأخير؛ وكما يوضح شبستري ـ على سبيل المثال ـ فإن الأوامر والنواهي في القرآن ليست أوامر ونواهي الله، لكنها أوامر ونواهي النبي المؤيَّد من الله، أي أنها أوامر ونواهٍ مقيَّدةٌ بقيم عصر الرسول (راجع: ص 40 وما بعدها). يخلص ناشيد في تحليله إلى القول: «ليس القرآن إذاً بنص مكتوب على لوح سحري محفوظ، ثم نزل من السماء العليا إلى مسامع الرسول، بل القرآن الكريم خطاب لغوي وبشري للوحي الرباني، خطاب أنجزه الرسول، عبر قوته التخييلية، وانطلاقاً من ثقافته وبيئته ولغته وشخصيته».
ينتقد الكاتب أنموذج القدامة في تجلياته المعاصرة لدى بعض المفكرين الذي دفع محمد عابد الجابري (1936ـ 2010) ومحمد شحرور إلى التسليم بأن القرآن ليس جزءاً من التراث، آخذاً عليهما تعطيل قدرة العقل على مراجعة المرجعيات.
يقول الجابري في الجزء الأول «مدخل إلى القرآن الكريم»: «لقد أكدنا مراراً أننا لا نعتبر القرآن جزءاً من التراث. وهذا شيء نؤكده هنا من جديد، وفي الوقت نفسه نؤكد أيضاً ما سبق أن قلناه في مناسبات سابقة من أننا نعتبر جميع أنواع الفهم التي شيّدها علماء المسلمين لأنفسهم حول القرآن (...) هي كلها تراث». وبناءً على مفهوم القوة التخييلية يخرج ناشيد بخلاصة مفادها: «القرآن المحمدي ليس الوحي الإلهي على وجه المطابقة المطلقة، وليس كتاباً كتبه الله وأنزله من ملكوت السماء (...) إنما هو ثمرة مجهود تخييلي قام بها الرسول الأمين لأجل تمثل وتأوّل الإشارات الربانية كما التقطها من معارج الفيض الإلهي».
يتناول صاحب «قلق في العقيدة» سيرورة «مصحفة القرآن» وترتيب آياته. ولعل هذه القضية تُعد من أكثر القضايا حساسية في تاريخ الفكر الإسلامي، نظراً لما تحمله من إشكاليات حول تاريخية النص القرآني وبداياته وتدوينه ونسخه التي انتهت إلى الاعتماد النهائي على المصحف العثماني.
تطرق محمد أركون (1928-2010) في مشروعه «نقد العقل الإسلامي» إلى هذا الموضوع؛ تمت عملية جمع القرآن بحسب أركون في ظروف مضطربة، ووسط صراع سياسي على السلطة والمشروعية، وقد درس ترتيب السور والآيات التي لا تخضع لأي معيار زمني.
يرفض ناشيد مقولة «القرآن دستورنا» التي يتمترس بها دعاة الإسلام السياسي، نافياً إحالة هذا الشعار على أصوله القرآنية، ومؤكداً أن «القرآن خطاب تعبدي خالص». وتحت عنوان «ليس القرآن علماً»، يأخذ على أنصار «الإعجاز العلمي» تحميل النص القرآني مقولات ليس لها أي علاقة بنظريات الفيزياء أو الفلك، قائلاً: «ينتمي الخطاب القرآني لنظام الكون إلى تصورات إنسان العصر الوسيط، وإلى مفاهيم ما قبل الثورة الكوبرنيكية. وهذا طبيعي بالنظر إلى أن دور القرآن ليس الكشف عن الحقائق العلمية، وإنما دوره الأساس هو التبشير بتوحيد الربوبية».
يتحدث الكاتب عن الهنات النحوية في المصحف العثماني التي اصطدم بها قدماء النّحاة، مستشهداً ببعض الأمثلة، على سبيل الاستدلال: «جاء في سورة البقرة، الآية 124: { وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} والسؤال: لماذا لم يرفع الفاعل فيقال: الظالمون. (راجع ص 120 وما بعدها).
انشغل ناشيد في القسم الثاني من الكتاب بموجبات الحداثة، لا سيما ما يتعلق بتحميل النص القرآني حمولات لا يستبطنها. وفي موازاة ما يسميه «الإسلام المحمدي» مقابل «إسلام الفقهاء» ـ أو من يمكن أن نطلق عليه من التأويل المحمدي إلى التأويلات الفقهية ـ يجزم بأن الإسلام يخلو في منشئه من نظرية الحق الإلهي ومن فكرة التفويض الإلهي، ومن الدولة الدينية ومن الحلول السحرية للمشكلات الاجتماعية أو الاقتصادية.
يهدف من وراء ذلك إلى تطبيق مقولة الفيلسوف والمؤرّخ الفرنسيّ مارسيل غوشيه (Marcel Gauchet): فكّ السحر عن العالم ونهاية الوظيفة السياسية للدين كأهم شرط حداثيّ.
اتخذ الكاتب مواقف واضحة وصريحة من الشريعة التي تمثل ـ برأيه ـ البُعد التسلطي المنسجم مع المزاج الأصولي، فهي ـ عنده ـ تتعارض مع العقيدة في بعدها التحرري للتوحيد الربوبي. فالشريعة بما تحويه من حدود وقصاص، وبما تفرضه من شروط فقهية حول الحرية الدينية ومقومات الدولة الحديثة، لا تنسجم مع القيم العالمية التي تخطت الدين باتجاه الحداثة السياسية.
يتقاطع «الحداثة والقرآن» مع التراجع الملحوظ في السنوات الأخيرة للكتب المختصة في نقد النص الديني وخطابه ومؤسساته وقلاعه المحصنة، نتيجة اشتداد التطرفات والعنفيات وسطوة التدين المفرط على المسلمين العرب. ما زال العديد من دوْر النشر العربية، برغم الحصار وموجة التكفير التي تلاحق نقاد الفكر الديني، يضع على سلم أولوياته إصدار الكتب المعنية بنقد الأديان وبنى المقدس وتجلياته المجتمعية والثقافية والسياسية.
 ريتا فرج / جريدة السفير 

رمضان تحوّل من شهر القرآن إلى شهر القتل والدماء

مصطلح قتلى القرآن الذي ظهر في القرن الخامس الهجري وحمل مدلولات يمكن إرجاعها إلى المجال الصوفي في عشق الخالق والموت والفناء في معاني القرآن، أصبح القتلى اليوم من نوع جديد بل باسم القرآن. وانطلاقا من تفسيرات وتأويلات حادت بنصوصه عن غايتها، أصبح القتل فكرة ومنهجا ووسيلة في يد الجماعات الجهادية، فبدل الموت في القرآن حبا أصبح القتل به وسيلة وغاية وخاصة في شهر نزوله في رمضان.
أصبح شهر رمضان، وهو شهر نزول القرآن، شهر الدماء والقتل في عدد من بقاع العالم العربي والإسلامي، بسبب جماعات متطرفة تنسب نفسها إلى الإسلام، أفرغت الدين من معانيه السامية الحقيقية، التي صاحبت نزول الوحي، فما فارقته إلا مع انبثاق ظواهر شاذة في حياتنا العامة، أحدثت شرخا عظيما بين النص والمعنى، فأصبح النصّ معلقا على شعارات وبيانات ومواقف فاقدة الروح، مثل أيّ بيان سياسي يطلقه صاحبه ولديه مصلحة فيه.
هكذا أفقدت جماعات الغلو والتكفير نصوص القرآن من مضامين الرحمة والرفق والدعوة بالحسنى، وجعلتها رديفا للقتل والذبح وتيتيم الأطفال وترميل النساء؛ وقد ترسّخ هذا الأمر في الأعوام الأخيرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ـ بعد ظهور هذه الجماعات ـ حتى أصبح الناس يخشون حلول شهر رمضان بينهم، ويتحسّبون له، ويتوقعون أن يكون شهر التفجيرات، بعد أن كان المسلمون في كل مكان يستقبلونه بالابتهاج ويعدون له عدة المؤمن، لا عدة الخائف المترقّب.
عبارة “قتلى القرآن” استعملها أبو إسحاق الثعالبي، من أهل القرن الخامس الهجري، عنوانا لكتاب فريد من نوعه، متفرد في بابه، ألفه في تخليد أسماء رجال ونساء قتلهم القرآن. رأى الثعالبي أن القرآن الكريم له جاذبية، وأن تلك الجاذبية يمكن أن تصل إلى درجة الإماتة.
لكن مهلا ففي زمن الثعالبي لم تكن جماعات التكفير قد ظهرت بعد، ولم تكن الأسلحة قد تطورت إلى حد التدمير الشامل، ولم يكن الناس قد عرفوا شيئا اسمه التفجير، الذي يؤدي إلى دك مدينة بكاملها ودفن المسلمين تحت أكوام التراب.
كان هم الثعالبي الترجمة لأشخاص تأثروا بالقرآن في لحظات إشراق روحانية بالغة، ففاضت روحهم تحت السلطة الروحية للنص، لا السلطة السياسية.
القرآن نزل للسمو الروحي بالمسلم، لا للهبوط به إلى الدرك الأسفل من الحيوانية، بتوظيفه كشعار للحروب بين المسلمين
وربما كان الثعالبي يدرك بأن السلطة الروحية للنص القرآني نابعة منه، بينما السلطة السياسية نابعة من خارجه، وطارئة عليه، ناتجة عن أناس أو جماعات تلوي عنقه. في الحالة الأولى يكون النص هو المتكلم، وفي الحالة الثانية يكون المتكلم شخصا يحمل سلاحا في يد وتأويلا متشددا في اليد الأخرى.
يقول الثعالبي في مقدمة كتابه، شارحا الهدف منه، في عبارة موجزة تظهر كيف أن القتل من صميم الأفعال الإلهية، لا من صنيع الإنسان، وأن من يملك الحياة والموت هو الله لا غيره “وليعلم الناظر فيه أن لله عبادا اصطفاهم على خلقه، واختصهم بفضله، وهنأهم بنوره، فقتلهم بسيفه، وأماتهم بخوفه”.
وإليك واحدة من القصص التي يرويها الثعالبي “قال منصور بن عمار: كنت أجول في سكك الكوفة بليل، فسمعت قارئا يقرأ في جوف الليل، ويردد القرآن، ويبكي، فقمت على باب داره مستمعا، ثم صحت في شقوق بابه: ‘فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة، أعدت للكافرين’، فسقط، فمات”. وإليك هذه الأخرى “أخبرنا أبو جعفر الخلقاني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه، قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا أبو جناب القصاب قال: أمّنا زرارة بن أوفى في مسجد بني قشير، فلما بلغ ‘فإذا نُقر في الناقور’ خر ميّتا، فكنت فيمن حمله”.
قد يكون كتاب الثعالبي أُلّف في باب الوعظ والتحفيز على الإيمان والرقائق، وهو على أيّ حال التزم بقواعد الرواية من حيث الإسناد، ولكن ما يهمنا أنه تفطّن إلى العلاقة بين القرآن والقتل قبل قرون عدة، فأعطى للقتل معنى روحيا، لأنه كان يعرف أن القرآن نزل للسمو الروحي بالمسلم، لا للهبوط به إلى الدرك الأسفل من الحيوانية، بتوظيفه كشعار للحروب بين المسلمين.
القضية اليوم قضية إنقاذ القرآن من اللصوص المتربّصين بالآية بعد الآية. فمنذ أن صادرت الجماعات الإسلامية نصوص القرآن، حتى صارت بعض الآيات شعارا لجماعات معيّنة، لا يكاد المرء يتلوها حتى يتناهى إلى ذهنه شبح تلك الجماعة، والقرآن يتم التلاعب به في سوق السياسة، حتى وصلنا إلى جماعات صريحة في العنف والقتل، تتكئ على آيات محددة لاستباحة الدماء وسبي النساء وحرق الزرع والضرع وإتلاف الحضارة، ولا تتردد في التبجّح بأعمالها الوحشية باسم القرآن نفسه؛ والنتيجة أننا كل يوم في العالم العربي والإسلامي نفقد الآلاف من “قتلى القرآن”.
إدريس الكنبوري

الوصاية الفكرية على المجتمعات أخطر أمراض الإسلام السياسي

يسعى الإسلام السياسي إلى الهيمنة على عقول الناس وفق وصايته الأخلاقية المستمدة من المقدس التاريخي والنص التأويلي التفسيري، فالتحكم في المجال الجغرافي مثلا يفتح الباب أمام تشكيلات الإسلامويين للتحكم في العقلي والمعرفي للفئة المراد السيطرة عليها وإخضاعها لرؤاهم التي تقف على هامش إفتاء علماء طوى التاريخ اجتهاداتهم، وهذا ما يجعل الإسلام السياسي يعيش على هامش الواقع المعيش لا في صلب مشكلاته.
يخطئ من يظن أن ما يجري اليوم من تطبيق لما يسمّى بـ”الشريعة” من قبل التنظيمات المتشددة والمرفوض عقلا وأخلاقا من قبل المتابعين والمعنيين، أنه منفصم عن قبسات تأويلية أو واقعية نقلها المؤرخ الإسلامي في أمهات الكتب التي يستند إليها الباحثون في الشأن الإسلامي وأصحاب الفتوى والقرار، ودائما ما يستعجل الإسلام السياسي في تطبيق قراراته استنادا إلى التاريخ لأنه قادر على إقناع نفسه أولا بأنه ما يزال يدور في فلك الشريعة ومن جانب آخر فهو قادر على الاحتجاج بالتاريخ أمام الآخرين لإقناعهم.
من أهم ما يتم التركيز عليه من قبل الإسلاميين حين يمدون سيطرتهم على بقعة معيّنة من العالم، هو قضية الوصاية الفكرية على أهل هذه البقعة.
وربما يُطرح رأي مفاده أن الأديان بجلها تمارس الوصاية الفكرية، وهذا الأمر فيه حيف كبير حيث أن الأديان تنتهج دائما التحريض والدعوة ولا تنتهج الإكراه وما إن يتم الإكراه أو إيقاع العقوبة على أي شخص يخالف التعاليم وما يسمّى بالشريعة، فقد تحول الدين إلى إطار سياسي يحاول فرض أيديولوجيته على أبناء البقعة التي باتت تحت سيطرة المتديّنين، وهذا ما يعنينا.
ما يهمنا هو الإسلام السياسي الذي يسعى دائما إلى تطبيق الوصاية الفكرية بكل أشكالها المجتمعية والأخلاقية والعبادية والسياسية. وقد أثبتت التجارب على مر التاريخ أن الدين السياسي لا يستطيع أن ينفّذ أيّ أجندة دون فرض وصاية فكرية يستند في تبرير تطبيقها إلى مرجعيات ماورائية وتأويلية.
قد تندرج تحت مصطلح “الوصاية الفكرية” أحيانا المسؤولية بالنيابة مثلا وهذا أمر منبعه ديني ولكن السياسيين الإسلاميين يحتكمون إليه ويتجسد في عدم قبول فكر المواطن المتجرد إلا من خلال نخبة من العلماء يجب أن يكون المواطن تابعا لهم في طريقة تعاملاته وعباداته وكافة أمور حياته.
 الدين السياسي لا يستطيع أن ينفذ أي أجندة دون فرض وصاية فكرية يستند في تبرير تطبيقها إلى مرجعيات ماورائية وتأويلية
حيث أقرّت المذاهب الإسلامية غير الشيعية أن يلتزم المسلم برأي الفقهاء الأربعة “النعمان بن ثابت، المالكي، الشافعي وابن حنبل” وأضيف إليها فيما بعد من يبعّض من فتاوى الملحقين “ابن تيمية، ابن حزم، و محمد بن عبدالوهاب”، وانفرد الشيعة في عدم جواز تقليد الميّت ابتداء وراج عندهم ما عرف بمؤسسة المرجعيات والأعلميات الفقهية.
المواطن في ظل الإسلام السياسي لا يستطيع أن يتصرف في معاملات حياته إلا من خلال رجل له الأولوية في أن يعود إليه الآخرون. فيما تجد أن الطامة عند المذاهب السنية أكبر من غيرها في المذهب الشيعي، حيث وجب على المولود في آخر أعوام القرن العشرين أو ما بعده العودة إلى رأي فقهاء توفوا قبل أكثر من ألف عام. ولو أن الأمر لا يبتعد كثيرا عن المسلمين الشيعة حيث يستنسخ علماؤهم رسالات قديمة لا يجددون فيها إلا بعض الأمور غير المؤثرة على الواقع.
الوصاية الفكرية يمكن أن يستقدمها الإسلام السياسي على مستوى الفروض الأخلاقية والاجتماعية من خلال فرض طرائق خاصة للحياة ضمن الرقعة الجغرافية التي يقودها ساسة الإسلام السياسي مثل فرض الحجاب إلى فرض البرقع مرورا بإطلاق اللحى وفرض مكوس الزكاة وفقا للشريعة.
يقول نزار يوسف في كتاب “الوصاية الفكرية”، إن فكرة الوصاية تعني المسؤولية بالنيابة عن شخص أو مجموعة أشخاص معيّنين في التصرف والقيام بأعمال معيّنة نيابة عنهم، بحكم أن هؤلاء الأشخاص غير مؤهلين للقيام بهذه الأعمال، إمّا نتيجة لعامل السن كعدم بلوغهم السن القانونية أو الشرعية التي تخوّلهم القيام بتلك الأعمال، أو لخلل في قدراتهم العقلية يمنعهم من ذلك ما يستوجب أيضا وجوب أشخاص قيّمين عليهم وعلى تصرفاتهم وأفعالهم ومنعهم من القيام بأي عمل يشكل خطرا على المجتمع والآخرين.
خطورة الوصاية الفكرية تكمن في تكبيل عقل المسلم وعدم الثقة به واختصار القدرة على التفكير في نخبة تفتي لبعضها من أجل إدامة الوجود واستمرار عملية التسلط
وإمّا لقصورهم المادي والمعنوي عن القيام بأمر معيّن، مما يستوجب القيام به من قبل أشخاص آخرين نيابة عنهم يتمتعون بالقدرة على القيام بهذا العمل. قد يكون النص فيه الكثير من العمومية لكنه فعلا يشير إلى خطورة أن تتعطل إبداعات الآخرين مقابل إبداع يستند إلى الشريعة فقط وهو إبداع العلماء والقادرين على استنباط الحكم الشرعي الذي يكبّل الآخرين في أفقه ولا يقبل بأيّ عمل سواه وفق الشريعة دائما.
وفي العودة إلى الدين ووضعه المجتمعي دون سلطة فإنه يحتكم دائما إلى الآية “لا إكراه في الدين” الأمر الذي يؤوله الساسة ولا يعتدّون به، لأنه حسب رأي البعض آية منسوخة ولا وجود لها في وقتنا هذا وما يأتي به الدين يجب أن يطبق بحذافيره.
خطورة الوصاية الفكرية تكمن في تكبيل عقل المسلم وعدم الثقة به واختصار القدرة على التفكير في نخبة تفتي لبعضها من أجل إدامة الوجود واستمرار عملية التسلط. وهذا الأمر لا يتم تطبيقه إلا في حال الدكتاتوريات المتقادمة التي تستند إلى شخصية القائد الملهم والضرورة لقيادة المجتمع.
ولا بد من التفريق ما بين العقل النظري والعقل العملي وخصوصا عند ساسة الإسلام حيث يمتازون كثيرا بالتنظير وأفعال العقل المنظّر ولكنه دائما على حساب العقل العامل، فتجد أن النخبة ومن خلال التنظير قد تحلّق في كشف المسكوت عنه أحيانا لكنها عند إعمال العقل تعود مباشرة إلى الموروثات التي تحيق بقدرة العالم على الإبداع والتخلص من شرنقة الشريعة وهي تلك الشرنقة التي تحاول النخب الإسلامية إحاطة العامة بعملية الوصاية عليها من خلال الفتاوى وتطبيق الكثير من التأويلات المنضوية تحت عباءة التاريخ. وهي أيضا تلك العباءة التي يقع الإسلاميون تحت أسرها.
محمد السيد محسن

ظاهرة العنف الديني في العالم العربي.. الأسباب والعلاج

ظاهرة العنف في المجتمعات العربية ليست ظاهرة طارئه أو حديثة الولادة، بل هي ظاهرة تاريخية تمتد جذورها إلى أيام الجاهلية في صورة الصراع على الغنائم في الحروب التي كانت تدور بين القبائل العربية قبل الإسلام.
كما أن العنف الديني لازم المجتمعات الإسلامية على إمتداد التاريخ الإسلامي وحتى يومنا هذا. والخوارج، هم أول من عرفوا بالتطرف أو العنف الديني العدواني الذي يستبيح الدم والمال والعرض، وهو ما يطلق عليه اليوم الإرهاب. 
ما يحدث من إحتراب أهلي في أكثر من بلد عربي يؤكد حقيقة معاناة المجتمعات العربية من ظاهرة العنف الديني سواء بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة أو بين المسلمين والأقليات غير المسلمة في الوطن العربي.
وتعد ظاهرة العنف الديني الضاربة جذورها في الأعماق منذ قرون طويلة، والتي زادت حدتها منذ أحداث الربيع العربي مؤشرا خطيرا على تصدع المجتمعات العربية، وأداة فاعلة تستغلها الدول المعادية للعرب لإثارة الفتن والشقاق بين الشعوب العربية لتمزيقها وإضعاف قدراتها. وللأسف الشديد، أن أنظمة الحكم العربية على مدى تاريخها الطويل قد أغمضت أعينها عن هذه الظاهرة الخطيرة ولم تحاول التصدي لها ومعالجتها حتى إستفحلت وأصبح علاجها يتطلب جهدا كبيرا على كل الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والفكرية والتعليمية.
ظاهرة العنف الديني سببها الرئيسي هو غياب مبدأ "القبول بالآخر المختلف" في الثقافة العربية، رغم أن "القبول بالآخر المختلف" هي مقولة دينية وأخلاقية وحضارية، كما هي مقولة سياسية ترتكز عليها الديمقراطية لتأكيد صفة التعددية التي تقوم عليها. "القبول بالآخر المختلف" مبدأ قديم قدم الإنسان والتاريخ والحضارة، اخذت به الأديان والمذاهب الفلسفية والفكرية والسياسية، وتجاهلته أخرى أيضا ورفضته فكانت النزاعات والحروب. والدين الإسلامي يدعو إلى القبول بالآخر ويحث عليه. قال تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
ويعزى غياب "القبول بالآخر المختلف" في الثقافة العربية لأسباب عدة، منها على سبيل المثال:
1.موجة التعصب الديني التي يشهدها العالمين العربي والإسلامي، والتي تؤججها وتذكيها بعض القيادات الدينية من جميع المذاهب التي ترتقي المنابر في دور العبادة، وتحشوا عقول الجماهير (وخصوصا الشباب منهم) بالمفاهيم الخاطئة عن العلاقة بين المسلمين أنفسهم على إختلاف مذاهبهم، وبين المسلمين وغير المسلمين من أبناء الوطن الواحد.
2.التربية والتعليم والتنشئة، حيث يربى الطفل في البيت والمدرسة والمحيط الإجتماعي على عدم التسامح وقبول الآخر المختلف معه في الدين والمذهب والعرق. وفي أكثر الدول العربية ما زالت مناهج التربية الدينية والإجتماعية والوطنية تفتقر إلى المواضيع التي تحث على التسامح والقبول بالغير. بل هناك دول عربية مناهجها الدينية تكفر وتحث على قتل المخالف لمذهبها ودينها.
3.إنهيار قيم التسامح والإعتدال، وإستشراء التطرف والغلو في الدين والسياسة. والمؤسف حقا أن التطرف والغلو في المجتمعات العربية يغذيان من قبل أطراف رسمية وسياسية ودينية (حكومات وأحزاب) لتحقيق مصالح شخصية على حساب الشعوب والأوطان. 
4.غياب المشروعين الوطني والقومي اللذين يستوعبان طاقات الجميع من خلال الممارسة الديمقراطية ويوظفانها لصالح المجتمع، وهو ما أدى إلى بروز الإتجاه إلى الإنضواء تحت عباءة الطائفة أو العشيرة أو القبيلة، بعد ما غابت مظلة الوطن الجامعة.
وفي إعتقادنا المتواضع أن علاج هذه الظاهرة الخطيرة، يتطلب الآتي:
1.الإصلاح السياسي وترشيد الحكم، وسن القوانين التي تجرم التكفير وتحض على العنف بكل أنواعه. 
2.الإصلاح الإقتصادي وما يتبعه من توزيع عادل للثروة وخلق فرص عمل للعاطلين.
3.تنقيح المناهج التعليمية وتطويرها لتواكب العصر الحديث ومتطلباته. 
4.تفعيل المجتمع المدني، وإشراك النخب الفكرية والثقافية والدينية المعتدلة في المعركة ضد التشدد والغلو.
5.فتح أبواب الحوار بين كل مكونات المجتمع المدني، وممارسة الحرية في الفكر والرأي، وذلك بهدف خلق مناعة مدنية فكرية قادرة على مواجهة الأدبيات الدينية المتشددة ومصادر الفكر المنحرف.
من روائع الكلام:
•أطلقوا رياح كل العقائد لتلعب على وجه الأرض، ولتكن الحقيقة بينها في المعركة، فإننا بحظرنا ومنعنا لغير الحقيقة نرتكب أكبر جريمة في حق الحقيقة بأن نشك في قوتها. لندع الحقيقة تتصارع مع الكذب، فهل هناك من سمع يوما أن الحقيقة خسرت في صراع حر مكشوف؟ (الشاعر الإنجليزي: جون ميلتون). 
•إنني أخالفك الرأي، ولكنني مستعد للدفاع حتى الموت عن حقك في إبدائه. (المفكر الفرنسي: شارل دي مونتسكيو).
•إن الإنسان يفقد إنسانيته عندما يجابه من يخلفه الرأي بالعنف والإقصاء والتكفير، ولكن كم تسمو مرتبته عندما يحترم فكر الآخر ولو كان في الإتجاه المعاكس. (مقتبس من مقال للصحفية التونسية: شيراز بن مراد).    
حسن العطار / elaph.com

فقهاء الاٍرهاب ونشر ثقافة الكراهية

التطرّف موجود في كل العقائد السياسية والأديان فنجد في السياسة اليمين المحافظ المتطرف والذي يريد المحافظة على الموروث والتقاليد ونجد ايضا اليسار المتطرف والذي يريد التخلص من الموروث والتقاليد وخلق تقاليد جديدة وافكار جديدة، وفي الدين نجد يهود الشرق الأرثودكس المتطرفين والمتمسكين بالتقاليد اليهودية في المأكل والملبس والمشرب ونجد ايضا يهود الغرب الأكثر تحررا وانفتاحا ولا يلتزمون بالتقاليد اليهودية العتيقة، وفي المسيحية نجد ان المسيحي الأرثودكس اكثر تطرفا وتمسكا من الكاثوليكي وتجد ان الكاثوليكي اكثر تحررا من الأرثودكسي كما ان البروتستانت اكثر تحررا من الكاثوليك وهكذا وفي الاسلام تجد ان المذهب الحنبلي اكثر تشددا من المذهب الحنفي ، حتى ان المثل في مصر يقول: "يا اخي ما تبقاش حنبلي قوي كده" بمعنى لا تصبح متشددا مثل مذهب ابن حَنْبَل، ومفهوم التطرّف ممكن ان يتغير مع الزمان والمكان، فاليساري المتطرف اليوم قد يصبح غدا في نظر احفاده رجعيا ويمينيا والمسلم الليبرالي المتحرر لو هاجر الى السويد لوجد نفسه اصبح محافظا تقليديا، كما ان مسلمي السعودية وباكستان وافغانستان اكثر تشددا من مسلمي تونس وماليزيا وإندونيسيا كما ان أرثودكس مصر اكثر تشددا من أرثودكس اليونان وروسيا، وهكذا.
وكلما تطورت وتحضرت الشعوب أصبحت اكثر قابلية للتعايش مع بعضها البعض برغم الاختلافات العقائدية والسياسية والدينية، وهذا اول مباديء الليبرالية والحريّة والديموقراطية، فهو ببساطة مبدأ "انت حر ... ما لم تضر" ففي امريكا تجد اليمين المحافظ ممثلا في الحزب الجمهوري كما تجد اليسار الليبرالي ممثلا في الحزب الديموقراطي، والكل متعايش والشعب الامريكي مرة ينتخب الرئيس من الحزب الجمهوري فيقبله الجميع حتى انتهاء فترة رئاسته او من الحزب الديموقراطي لا فرق، وأقصى ما يمكن عمله للرئيس في حالة الخطا الجسيم او المرض الشديد هو محاولة خلعه بالطرق الدستورية مثلما حاولوا مع الرئيس بيل كلينتون او استقالته مثلما حدث مع الرئيس ريتشارد نيكسون، وكل هذا يتم بطريقة سلمية....
اما الاسلام المتطرف فهذا حكايته حكاية، فهو لا يقبل بالشراكة ولا يقبل بالتعايش، فان لم تكن معي فأنت عدوي ويجب التخلص منك.
وفقهاء الاٍرهاب كانوا دائماً وأبدا موجودين في التاريخ الاسلامي ولهم كتبهم المعروفة، وأبرزهم بالطبع ابن تيمية وله كتاب "مجمع فتاوي ابن تيمية" ويقع في ٢٧ مجلدا وتأثر بالمذهب الحنبلي المتشدد ولقبوه ب "شيخ الاسلام" ابن تيمية ولقد بحثت وبحثت فلم اجد من أعطاه هذا اللقب العظيم "شيخ الاسلام" وعلى اي الأحوال فقد عرف عن ابن تيمية بتشدده في اجتهاداته وأصبحت فتاوى ابن تيمية هي الأساس الذي يبني عليه اصحاب المذهب الوهابي المتشدد فتاويهم في العصر الحديث وذلك بالقياس على الفتاوى المتشددة لابن تيمية...
والشيء بالشيء يذكر، فهناك الحادثة المشهورة في التاريخ الاسلامي عند الخلاف الشهير او الفتنة الكبرى بين على بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان على الخلافة، طالب اتباع علي بالاحتكام الى القران، ولما أبدى اتباع معاوية اعتراضهم على تحكيم القران خوفا ان يجيء في صالح علي، طمأنهم عمرو بن العاص والمعروف بدهائه (والمنحاز الى معاوية) وقال قولته المشهورة: دعوهم يحتكمون للقران، "فانه حمال أوجه" (بمعنى انه يمكن تفسيره على هواه وعلى مصلحته)،
وهذه هي احد المشاكل الاساسية في الاجتهاد الاسلامي فكل واحد يمكن ان يكون متطرفا الى أقصى اليمين والتشدد ويمكن ان يكون متساهلا بلا حدود:
 "ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك"
"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
 "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدين ما اعبد"
  "لكم دينكم ولي ديني"
ومن جهة اخرى تجد:
"فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ "
." قَاتِلُواالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"..
 "وقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة"
وفقهاء الرهاب يستخدمون تفسير بعض الآيات والاحاديث (بالذات) على هواهم بنفس الطريقة التي استخدمها عمرو بن العاص ، وذلك ارضاء لأنفسهم المريضة والتي ترفض التعايش تماما والتي تنشر ثقافة الكراهية ، تلك الكراهية ليست فقط ضد من يخالفهم في الدين وليس ضد من يخالفهم في المذهب ولكن ينشرون ثقافة الكراهية ضد كل العالم، ويعتبرون ان العالم كله يتامر لهدم الدين الاسلامي بمفهومهم المتطرف كما وضع أسسه "شيخ الاسلام" ابن تيمية والذي كان يتهم كل الناس بالكفر اذا خرجوا عن المذهب الذي خطه لهم بناء على المذهب الحنبلي.
وثقافة الكراهية تلك هي التي تدفع شابا مسكينا مغررا بِه لان يقوم بتفجير نفسه في مسجد اثناء صلاة الجمعة اعتقادا منه انه بهذا يقدم خدمة للإسلام وانه سيذهب شهيدا وسوف يبعث مع القديسين والشهداء، وبالطبع فقهاء الاٍرهاب لا يذهبون بأنفسهم لتفجير أنفسهم او حتى يرسلوا أبناءهم ولكن يرسلون ابناء الناس الغلابة ويستخدمون فتاوى ابن تيمية وغيره من شيوخ الاسلام لبث ثقافة الكراهية في نفوس هذا الجيل المسكين والذي فشل في ان يحصل على اي تعليم حديث متطور فأصبح فريسة وخامة طيبة في أيدي فقهاء الاٍرهاب فيحركونهم مثلما تتحرك الروبوتات الفاقدة الإرادة..
والمسلمون اليوم امام مفترق طرق حاسم في تاريخهم:
اولا: اما ان نصبح كلنا داعش ونعلن الحرب على العالم كله، وربنا يسهل ويعطينا القدرة على غزو العالم كله.
ثانيا: ان نقبل بالتعايش مع كل العالم على اختلاف مذاهبه ودياناته وأجناسه بدون تعالى وبدون عنف، ونعمل مع العالم كله على طريقة :"لكم دينكم ولي ديني".
سامي البحيري/ايلاف

حكومة الإسلاميين المغربية في الميزان

كان المغاربة يتوقعون أن تأتي حكومة الإسلاميين في المغرب، بما لم يأت به الأولون؛ بل إن بعض الأغرار، كانوا يتطلعون إلى ما يشبه عدل عمر بن الخطاب، عند اعتلاء اللحى (الإخوانية) كراسي الحكم.
وسرعان ما أسفر اللغط السياسي المرافق للشهور الأولى، عن صورة لا تكاد تختلف عن المعتاد من الحكومات السالفة، إن لم نقل إن هذه فاقتها في مستوى الخيبات التي صاحبتها:
1- كانت الخيبة الأولى عندما أعلن رئيس الحكومة عن عدم قدرته على مصارعة "العفاريت" و"التماسيح" كما سماها. والسؤال هنا هو: لِمَ لمْ يستقل رئيس الحكومة وقتها، لئلا يحمل أوزار الحكم، بغير شروطه إن كان صادقا؟ وإن كنا نرى نحن أنه فضّل التمسك بالكرسي على حساب "المبادئ" التي كان يزعمها لنفسه ولحزبه. وظهر أخيرا أن الإسلاميين لا يختلفون عن غيرهم إلا في كونهم اجترأوا على توظيف الدين في السياسة. وهو ما لم تفعله أحزاب دنيوية قبلهم، يُحسب لها احترامها للدين على كل حال.
2- وكانت الخيبة الثانية، عندما صار الإسلاميون يرقعون حكومتهم مرة بعد مرة، بمن لا يقاسمهم المنطلقات نفسها؛ مما يجعلهم لا لون لهم في مجال السياسة؛ وإنما هم أسوأ من غيرهم فيها، كما سبق أن أشرنا، بتنازلهم عن خصوصيات كنا نحسبها لهم. في حين كان يمكن أن نتفهم تحالفا بينهم وبين حزب الاستقلال مثلا، الذي هو أقرب إليهم نظريا من غيره من حيث المبادئ والأسس! وعلى العكس من هذا، تأسست بين الحزبين عداوة لا نظير لها، لا شك أنها تثير تساؤلات عديدة لدى المتتبعين من أبناء الشعب!
3- وكانت الخيبة الثالثة هي النزول بالخطاب السياسي الرسمي إلى أدنى مستوى يعرفه منذ الاستقلال. فلقد مرت على المغرب حكومات من جميع الأطياف، ولم ينزل واحد من أعضائها علنا، إلى ما نزل إليه رئيس الحكومة "الإسلامي"، من خطاب لا يليق إلا بمن لا خلاق لهم من أفراد عصابات الشوارع. فأي إسلام هذا الذي هم عليه إسلاميونا؟!.. أم هل جاء هؤلاء إلى سدة الحكم ليضربوا الدين ضربة، لم يتمكن أحد غيرهم من بلوغها؟!.. كما تفعل داعش من جهتها؟!.. فمع من هم إذن: مع الدين، أم مع أعدائه الألداء؟!..
لا داعي إلى أن نذكر الخيبات التفصيلية مع ما سبق أن ذكرنا وفي طياته، اختصارا لكلام لا شك أن كثيرين يعلمونه. غير أن ملاحظاتنا، تلقي بنا إلى أن نتساءل عن حقيقة المرحلة التي نعيشها، وعما سيأتي بعدها، إن لم يتدارك العقلاء الأمر قبل استفحاله. ومن أجل هذا، فإننا نقترح ما يلي:
1- منع استخدام الأحزاب للدين بأي صفة من الصفات، إلا ما يدخل في المشترك العام، ودون تخصيص في الخطاب. هذا لأن جل المغاربة مسلمون، ولا معنى لهذا التخصيص، إن لم نكن نريد أن ندخل في متاهات لا مخرج منها بعد ذلك.
2- مراجعة التدبير السياسي الحزبي برمته في البلاد، لأنه لم يعد يخدم إلا الفساد بجميع فروعه وتشعباته؛ بسبب التصلب الذي أصاب العمل السياسي (قياسا على مرض تصلب العضلات). وأما السياسة بمعناها الأصلي، فإننا نراها قد أهمِلت، وكأنها لا تعني أحدا من المتواجدين في الساحة. ومن أجل تحقيق هذه المراجعة، فإننا نقترح حوارا سياسيا حقيقيا ومسؤولا بين المفكرين السياسيين لدينا، والذين هم من الندرة بما لا يخفى، وبين الفاعلين السياسيين ذوي الخبرة؛ لأن المرحلة القادمة ستكون حاسمة في حياة الدولة، فإما إلى نجاة مع إصلاح، وإما إلى انهيار تام.
3- على الأغلبية المنسحبة من الحياة السياسية (العازفين عن التسيّس الفعلي)، أن لا تكتفي بالمراقبة لما يجري، وكأن الأمر لا يعنيها؛ وهي لا شك ستتحمل تبعاته ونتائجه طوعا أو كرها في مستقبل أيامها. وعليها من أجل هذا، أن تعمل على بلورة خطابها بما تراه مناسبا، ليكون مسموعا لدى الأطراف الفاعلة كلها؛ بل لتكون طرفا من أطراف المعادلة السياسية الوطنية، كما ينبغي أن تكون عليه الحال. وما لم تدخل هذه الأغلبية الصامتة الحلبة، فلا إصلاح ولا فلاح!..
4- على مختلف الأطراف أن يعوا أهمية الالتفاف حول الملكية، تلافيا لتفرقة الصف الوطني، وتجنبا لتعريض البلاد لما لا يمكن احتماله من شق الصف الداخلي، في هذه المرحلة الحرجة. وهذا يعني أن كل من هو خارج عن هذا الإجماع، فإنه يكون متخلفا عن متطلبات المرحلة، مثبطا لعمل الجماعة الوطنية. وعلى مختلف الأفرقاء أن يسعوا إلى إزالة العقبات التي تحول دون وحدة الكلمة من تلقاء أنفسهم، وأن لا ينتظروا تدخلا من جهة أخرى مباينة، إن كانوا أهلا لما يُنتظر منهم.
5- على جميع الأطراف أن يتجنبوا الزج بالمؤسسة الملكية في صراعاتهم، بطريقة أو بأخرى؛ فإن ذلك لا يعني إلا أنهم عاجزون عن تدبير شؤونهم السياسية بما يلزم من حكمة وبعد نظر؛ وبدل ذلك، عليهم أن يخضعوا لشروط "اللعبة السياسية" بحسب ما هو متعارف عليها عالميا؛ لأن التذرع في السياسة، بالخصوصية المحلية، أصبح مبالغا فيه؛ وأصبح يُتخفّى خلفه من المحاسبة التي هي ضرورية لكل عمل ذي صبغة عمومية.
6- علينا جميعا أن نعمل على إفراز نخبة سياسية، تمارس التفكير في الوطن بالدرجة الأولى، من أجل الخروج من الدوائر الضيقة للحزبية والشخصنة،؛ التي أضرت بالعمل السياسي المغربي كثيرا؛ حتى كادت تخرج به إلى ما يشبه المقاولات السياسية. وهذا لا يليق ببلد في إمكانه أن يكون نموذجا متعدد الواجهات، في إقليمه وقارته، إن واتته الظروف.
لا شك أن القارئ قد عرف أننا نتكلم عن مرحلة ما بعد الإسلاميين العقيمة، التي ينبغي أن تعتبر استثناء، أو سباتا سياسيا بالمقارنة إلى سواها، في انتظار الصحو على ما يشرح الصدر ويعيد الأمل. ولا يمكن أن نحقق شيئا مما ذكرنا، إلا إن جعلنا للعمل السياسي ضوابط لا يُسمح لأحد بالإخلال بها؛ حتى لا نبقى في هذا العبث عالقين مدى الدهر... وما عاد المغاربة يقبلون تجاهلهم واستغباءهم إلى هذا الحد!..
ومن أجل تحقيق الفاعلية المطلوبة، لا بد أن نضع الأصبع على موطن الداء، وأن تكون لنا الشجاعة على التصدي لمواطن الخلل من دون اعتبار لشيء، سوى المصلحة العامة، التي لم تعد تقبل تقديم أي اعتبار آخر عليها، بسبب الظروف الإقليمية والدولية الخاصة التي نمر بها. هذا يعني أن ما اعتاده سياسيونا من اعتماد لـما يمكن أن يسمى "المهدئات"، لم يعد مجديا اليوم. فمتى نكون حقيقة في مستوى متطلبات المرحلة؟ ونكون تاريخيا على الموعد؟.. وهل سنكون جميعا في مستوى هذا التحدي؟.. هذا ما ستسفر عنه الشهور المقبلة... نقول "الشهور"، لأن الأمر لم يعد كالسابق فيه متسع للسنوات، التي تُهدر من غير ما حسيب ولا رقيب، إلا الله!.. 

مناظرة ساخنة حول التراث الإسلامي وتجديد الخطاب الديني

تشهد مصر نقاشا حادا حول التراث الإسلامي وتجديد الخطاب الديني في مناظرة ساخنة على قناة مصرية"CBC" بين الداعية الحبيب على الجفري وأسامة الأزهري من ناحية، وإسلام بحيري من ناحية أخرى، دارت مناقشة حول كتب التراث الاسلامي، لاسيما كتب الأئمة الأربعة، وكتابي البخاري ومسلم .
الحبيب يستنكر وصف إسلام الأئمة بـ “السفلة” ويقول له: أريد أن أنتقي عبارات مؤدبة حتى لا أسيء الأدب معك.. بحيري: البخاري أخطأ في أحاديث أثبتها السلف ولم أقصد إهانة الأئمة الأربعة.. الأزهري: ليس من حق من لم يتأهل علميا أن يتكلم في أمور الدين
في البداية سأل الإعلامي خيري رمضان الضيوف سؤلا: فيم تتفقون مع إسلام؟ وفيم تختلفون؟
فأجاب الحبيب الجفري : نتفق مع اسلام  على أن هناك حاجة ماسة الى تنقية التراث، ونختلف معه في البعد الأخلاقي الغائب في انتقاد إسلام للأئمة والفقها.
وأضاف الحبيب: ونختلف معه في التعميم، و طرح الأمور على أنه تجديد،و لم نر فيما طرحه تجديدا، المباحث هي المباحث والموضوعات هي الموضوعات.
 وقال أسامة الأزهري المدرس بجامعة الأزهر: نتفق مع اسلام في  استخدام العقل، وصناعة عقول مبدعة حرة تصنع رقيا وحضارة، والدعوة الى الفكر وانطلاق الانسان الى آفاق المعرفة.
وأضاف الأزهري أن ما نختلف فيه  مع اسلام هو رفضه المطلق لجهود العلماء على مدى 1200 سنة.
وعندما أعطيت الكلمة لبحيري قال: لا يمكن أن نضع علماء الأزهر في مجموعة واحدة، مثنيا  على الشيخ شلتوت، والشيخ أبو زهرة  في طرحهما بعض القضايا الجريئة ومنها أنه ليس في الاسلام حد للردة.
وأضاف إسلام أن سعيد بالاختلاف معهما، مشيرا الى أن الحبيب كتب مقالا في “الوطن” وصف فيه اسلام بأنه يتكلم عن الضابط الأخلاقي وهو منعدمه.
وردا على سؤال: هل تعتقدان أن رجال الأزهر هم فقط الذين يحق لهم الاجتهاد والكلام في الدين؟
قال الأزهري: قضية الأزهر واحتكار الخطاب الديني، الأزهر ليس جدرانا صمّاء، وإنما هو منهج علمي مدروس تم تجربته على مدى قرون، ومسألة احتكاره للعلم غير صحيح.
وأضاف الأزهري أنه قبل الأزهر، كانت توجد مدارس علمية تراجع بعضها البعض وتراجعها وتصوّبها، مشيرا الى  أن المدارس العلمية كانت تتولى شرح تعاليم الدين قبل الأزهر الشريف.
من يحق له الكلام في الدين؟
وقال الأزهري أنه ليس من حق أحد  لم يتأهل علميا أن يتحدث في أمور الدين، مشيرا الى أن الاجتهاد لم يغلق بابه أبدا، منبها على وجود كتاب” طبقات المجتهدين”.
وقال الجفري: هناك فرق بين الانتقاد والهدم، مشيرا الى  أن الأئمة كانوا ينتقدون بعضهم بعضا، مثل الإمام أحمد والشافعي وغيرهما.
وأضاف الحبيب أن فكرة النقد في الفكر الاسلامي  موجودة وأصيلة، مشيرا الى أن فكرة التخصص هو السؤال.
وردا على سؤال عن  قوله  سابقا إن الأئمة يستحقون الصلب والقتل على بعض ما طرحوه من فتاوى، قال إسلام إنه كان يقصد واحدا فقط هو ابن تيمية( سمّاه الأستاذ ابن تيمية)، موضحا أنه لا يحب الاجتزاء، مشيرا الى أن بيان الأزهر كان بمثابة تحريض ضده.
إهانة الأئمة
وعندما عرض  خيري رمضان ” فيديو قديم” لإسلام، تكلم فيه عن أن المفروض أن  تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف هم الأئمة الأربعة خوارج بسبب آرائهم المتطرفة، ووصف فيه الأئمة بأنهم سفلة يستحقون القتل
وأن الاسلام هو التطرف والدموية؟ قال إسلام: إن كلامه هذا كان ردا على بيان الأزهر، وصف فيه “داعش” بأنهم “خوارج”،وأنه كان يقصد ابن تيمية، ولم يقصد  أن الأئمة الأربعة مفسدون في الأرض، وإنما كان هذا وصفا للآراء التي تدعو للقتل في مذاهبهم.
الحبيب: إسلام يعطي مقدمات خاطئة، فيخلص الى نتائج خاطئة، مستنكرا التطاول على الأئمة ووصفهم بـ “السفلة”.
وقال الأزهري: وضعت أمامي تفريغا لـ مائة حلقة من حلقات إسلام، ولم أجد  فيها شيئا جديدا، وإنما هي استنساخ لمقولات قديمة للمتطاولين على الإسلام، ومنهم غربيون .
بحيري: من حق المسلم رفض الأحاديث التي لا يستسيغها.
بحيري: الدين في فكرته ليس علما، مشيرا الى أن من حق المسلم بذوقه العام وبدون امتلاك اللغة أن يرفض الحديث الذي لا يعنيه، ولا يستسيغه، ضاربا مثلا بحديث البخاري (إنكاح المرأة قبل الحيض) عن زواج الرسول وهو في الـ 57 بالزواج من طفلة (السيدة عائشة)  في التاسعة.
البخاري كتاب تاريخ
وقال بحيري إن (البخاري) كتاب تاريخ يخضع  لوسائل نقد التاريخ، وليس كتاب دين.
وعرض  خيري رمضان فيديوهات قديمة لإسلام، جاء فيها أن أغلب الأحاديث التي قامت عليها المذاهب ضعيفة، وأن الأئمة الأربعة جاءوا قبل أن يظهر البخاري، وهاجم فيها أن أضعف الأحاديث وردت في مسند أحمد.
قال الجفري إن اسلام خلط بين توثيق الأحاديث، وبين إدراك الأئمة الأربعة للبخاري، مشيرا الى أن كلام إسلام ليس له علاقة من قريب ولا بعيد بالعلم الشرعي.
الحبيب: لا أريد أن أسيء الأدب معك
وقال الحبيب إن الأئمة الأربعة أنفسهم رووا الأحاديث بأسانيدها، مشيرا الى أن الامام البخارى روى بعض الروايات فيها ذكر  الإمام مالك، والامام أحمد، ومشايخ المذاهب الأربعة.
البخاري ليس كتاب تاريخ، وإنما كتاب علم حديث.
وقال الجفري: “إن كلام إسلام به خلط كبير، وأريد أن أنتقي عبارة مؤدبة حتى لا أسيء الأدب معه، وكلامه ليس له علاقة بالعلم الشرعي”.
وتساءل الأزهري: من الذي قال إن السنّة محصورة فقط في البخاري ومسلم ؟ مشيرا الى وجود عشرات الكتب المنية على الأسانيد الصحاح.
الأسانيد لا تنشئ علما
وردّ اسلام بأن الأسانيد لا تنشئ دينا، مشيرا الى أن ما كتبه البخاري ليس دينا  وإنما ما اعتقده حقا، والناس تعتقد أن كلام البخاري  دين.
وقال إسلام إن هناك أحاديث ليس لها علاقة بالانسانية، منها حديث “ناقصات عقل ودين”، مشيرا الى أن علماء كثيرين ردّوا أحاديث للبخاري، وليس معنى ذلك أنهم يهدمون السنّة، مؤكدا أن القول بأن انتقاد البخاري هدم للسنّة هو خلل في الفكر.
وقال إسلام إن البخاري أخطأ في عدة أحاديث أثبتها السلف وليس إسلام بحيري.
 محمود القيعي

الحوثيون من حركة اصلاحية إلى محور حرب إقليمية

بعدما سيطر الحوثيون على مناطق واسعة من اليمن، وبالتزامن مع اقترابهم من السيطرة على مدينة عدن الجنوبية، انتقلت هذه الحركة من كونها إجتماعية دينية إلى محورٍ لحرب إقليمية ضخمة تديرها سعودية تحت عنوان " عاصفة الحزم".
قائد حركة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي
- من هم الحوثيون وكيف نشأت حركتهم؟
الحوثيون حركة سياسية دينية إجتماعية مسلحة، تأسست العام 1992 وباتت تتخذ رسميا إسم "أنصار الله"، سمِّيوا بالحوثيين نسبة إلى مؤسسهم حسين الحوثي الذي قتل في العام 2004، والده المرشد الروحي للحركة بدرالدين الحوثي.
تعرض الحوثيون الذين يتخذون من محافظة صعدة شمال غربي اليمن معقلاً لهم، لست حروب شنها نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بين عامي 2004 و2010، إلا أن صالح بات حليفهم الرئيسي اليوم ويُعد القوة الحقيقية خلف صعودهم منذ العام 2014.
ينتمي الحوثيون إلى الطائفة الزيدية الشيعية، القريبة من المذهب السني، والتي يشكل أتباعها أغلبية في شمال اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد. إلا أنهم متهمون بالتقارب عقائدياً مع إيران.
سيطر الحوثيون في العام 2014 على معظم معاقل النفوذ للقوى التقليدية في شمال اليمن، لاسيما معاقل آل الأحمر زعماء قبائل حاشد النافذة، وسيطروا على العاصمة صنعاء في 21 أيلول الماضي، مستفيدين من عدم مقاومة الجيش الموالي بنسبة كبيرة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وتابع الحوثيون تقدمهم فسيطروا على دار الرئاسة في كانون الثاني الماضي، وحلُّوا البرلمان ومؤسسات الدولة في شباط الماضي بعد فشل المصالحة الوطنية، وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي المتراجع عن استقالته والذي تمكن من الفرار إلى مدينة عدن الجنوبية، وأعلنها عاصمة موقتة.
وأتت الحرب التي تقودها السعودية ضد اليمن، بينما كان الحوثيون قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على عدن، الأمر الذي كان سيعتبر انتصاراً كبيراً لإيران عند الخاصرة الجنوبية للمملكة.
- الحوثيون وعلاقتهم بإيران
يختلف المراقبون حول مدى ارتباط الحوثيين بإيران في الأساس، إذ تملك الحركة الحوثية جذوراً حقيقية في المجتمع اليمني، لكن الأكيد أن ارتباطهم بالجمهورية الإسلامية ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
ومع سحب الدول الكبرى ودول الخليج سفاراتها من صنعاء، رد الحوثيون على العزلة الدولية بفتح جسر جوي مباشر مع إيران، التي تعهدت بدورها بتأمين الوقود لمناطقهم وبناء محطات كهرباء، فضلاً عن دعمهم في التصريحات الرسمية كـ"ثورة شعبية" يمنية داخلية.
ويُذكِّر قائد حركة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، من حيث الطريقة في التعبير أو في مضمون الخطاب الذي يركز على محاربة الفساد والعداء للغرب وإسرائيل".
كما أن شعار الحوثيين هو "الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".
- الأهداف الحقيقية للحوثيين
تعيد الظاهرة الحوثية أشباح ماضي الإمامة الزيدية، مع تأكيد آل الحوثي انتمائهم إلى آل البيت، وانتسابهم إلى إرث أئمة الممالك الزيدية التي حكمت شمال اليمن طوال ألف عام تقريباً حتى العام 1962، حين أطيح بالإمام البدر.
ويُتهم الحوثيون من قبل خصومهم عموماً بالسعي إلى عودة الإمامة الزيدية، ولو أن ذلك لا يشكل جزءا من خطابهم السياسي المرتكز على تمكين "إرادة الشعب" و"محاربة الفساد والمفسدين".
وكان يعتقد في السابق أن حملتهم العسكرية في الشمال العام 2014، تهدف إلى ضمان أكبر قدر من الأراضي لهم في اليمن الإتحادي الذي يفترض أن ينشأ بموجب قرارات الحوار الوطني، إلا أن تمددهم عزز المخاوف من سعيهم للسيطرة على سائر البلاد، بما يصب خصوصاً في مصلحة حليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي ما زال لاعباً كبيراً في السياسة اليمنية.
- الحوثيون وردهم على الحرب السعودية
عدا عن تعزيز مواقعهم في المناطق الموالية لهم شمالاً، قد يحاول الحوثيون بحسب المراقبين إستفزاز السعودية على حدودها الجنوبية، فهم سبق أن تسللوا إلى أراضيها في العام 2010. إلا أن السعودية حشدت 150 ألف عسكري للحرب التي أطلقوا عليها تسمية "عاصفة الحزم"، وأعلنت القوات المسلحة ليل أمس الخميس أنها تعاملت مع محاولة حوثية لإثارة مشاكل على الحدود.
- آفاق الحرب السعودية وسلطة الرئيس هادي
لن تتمكن الحرب التي تقودها السعودية على الأرجح من القضاء تماماً على الحوثيين، والأهداف المعلنة للعملية هي تمكين "الشرعية" المتمثلة بالرئيس هادي، ومنع الحوثيين من السيطرة على البلاد.
يقول محلل سياسي سعودي إن "الحملة ستنجح على الأقل في تحجيم الحوثيين ودفعهم إلى الحلول السلمية"، لا سيما للعودة إلى إطار عملية الإنتقال السياسي التي رعتها دول الخليج.
لكن مشاكل اليمن لا تتوقف عند الحوثيين، فالبلاد تشهد حراكاً إنفصالياً كبيراً في الجنوب ازداد زخمه مع سيطرة الحوثيين على الشمال، كما يعاني اليمن من نشاط تنظيم "القاعدة" والمجموعات المتطرفة الأخرى التي قد تستفيد من الوضع الحالي، لتحقيق مكاسب على الأرض.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي عبد الوهاب بدرخان أن فشل الحرب على اليمن في إحداث تغيير على الأرض، من شأنه أن يؤدي إلى الإنقسام والتفتت، كما أن تدمير قسم من البنية التحتية للقوات المسلحة اليمنية بسبب ولاء بعضها لصالح والحوثيين، يمكن أن يصعب إستعادة الدولة دورها بشكل سريع.
ع.م /أ ف ب

ظاهرة "داعش" نتاج طبيعي لفكر مريض

دوّى منذ مدة ما يسمى "بظاهرة الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو داعش"، التي لم تعد تنحسر في حدود العراق والشام بل تجاوزتها مثل ما ينتشر الورم السرطاني لتصيب أجزاء أخرى من جسد البلاد العربية الذي هو المريض أصلا منذ قرون طويلة. صاحَبَ هذا الدويّ الصاخب المسلف ذكره مساجلات ومناقشات تحاول تحليل أسباب وعوامل ظهور هذه الظاهرة واستفحال شرها.
دعاة نظرية المؤامرة يعتقدون – مما لا يدعو للعجب – أنها صناعة أمريكية وغربية محضة لزيادة مرض العرب والمسلمين وإفساد شأنهم الذي هو أصلا في فساد. يدّعون هذا وكأن لا شغل للغرب ولا اشتغال الا حياكة خيوط المؤامرات للعرب – الذين لا يزنون مثقال ذرة في العالم المعاصر – وكأن العرب هم الإتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة أو ألمانيا بعيد الحرب العالمية الأولى. هذا الإعتقاد المفتقر للموضوعية، هو في نظري لا يعدو كونه -كما يعبر عنه فرويد في نظرية التحليل النفسي- هذيان جماعي أو هلوسات جماعية يعاني منها بعض العرب خاصة والمسلمين عامة، وهو أشبه ما يكون بالهلوسات التي تصيب من يعاني من أمراض نفسية كالفصام أو الذهان الذي تصاحبه هلوسات اضطهاد توحي للمريض أنه مركز العالم والكل يتآمر لتدميره. والإيمان بنظرية المؤامرة ضد العرب والمسلمين في قرننا الواحد والعشرين يشكل كارثة فكرية تدعو للأسى والتحسر ويشكل إنسلاخا للمؤمنين بها عن الواقع الذي الذي نعيشه وعن ما يحصل في عالمنا اليوم و تأخرا فكريا يقدر بعديد القرون حيث لم تصح نظرية المؤامرة الا في عهد الحروب الصليبية هذا إن صحت أصلا.
إن الحقيقة المؤلمة أن المسلمين عامة والعرب خصوصا لا يشكلون أي تهديد للغرب يدفعهم للتآمر عليه. ولا ضرورة لأن نذكر بأن ازدهار المسلمين الحضاري والفكري وقوتهم العسكرية انحسرت وانعدمت منذ قرون عدة. العرب اليوم لا يشكلون التهديد الذي كان يشكله الاتحاد السوفييتي منذ نهاية الحرب العالمية الى حين انهياره. ولو كانت نظرية المؤامرة يمكن أن تصح لتآمر الغرب على الصين ، تلك المعجزة الإقتصادية والمارد العملاق الذي تفوق اقتصاديا على الدول الغربية جميعا ليحل في المرتبة الثانية اقتصاديا بعد الولايات المتحدة مع توقعات ليتصدر العالم كله بعد بعض السنوات. إن العرب اليوم لا يساوون في موازين القوى العالمية حبة خردل، ولو كانو يساوون شيئا لفعلو شيئا من أجل فلسطين التي يعتبرونها قضيتهم المركزية. لا داعي للإطناب في وصف الحالة العربية المزرية فالجميع يعرفها. 
إذا تركنا جانبا نظرية المؤامرة التي تبدو مفلسة فكريا وحجاجيا فكيف نفسر ظهور ظواهر كداعش الذي تذيق العراق والشام ويلات أشد من ويلات المغول والتتار في القرون الوسطى. وكيف نفسر ظهور إرهابيين يعيشون في ظل البلدان الغربية ويتمتعون بالحماية والتغطية الإجتماعية ثم يطعنون تلك البلدان الأوروبية في الظهر بكل خسة ويلحقون بنا نحن العرب - مسلمين كنا أو غير مسلمين – وصمة عار ولعنة تلاحقنا أينما حللنا. 
إن الواقع الأليم الذي يجب مواجهته أن "داعش" وغيرها من الجماعات الإرهابية هي نتاج للوضع الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي والإنحدار الذي يسير فيه منذ قرون إلى أن بلغ الحضيض. وهذا الإنحدار ليس اقتصاديا واجتماعيا فحسب بل فكريا. فالإرهاب نتاج طبيعي للضعف وسلاح كل من لا يستطيع المواجهة المباشرة الحقيقية. إن انتشار فكر تكفيري جهادي مثل فكر عبد الله عزام وأبو محمد المقدسي وغيرهم يدعو للتساؤل. لماذا لم يتذكر غلاة السلفية الجهادية من الفكر الإسلامي الثري المتنوع الا فكر بن تيمية في حين نسي هؤلاء فكر بن رشد وابن سينا على سبيل المثال. إن معرفتي بهذه الفئة من الناس الذين تحاورت مع بعضهم تسمح لي بإلقاء الضوء على خطورة هذا الفكر. إن الواحد من هذه الفئة يتجرّأ على نقد الحسن والحسين وعلي بن أبي طالب ولا يتجرّأ على نقد بن تيمية. مجرد التفكير بهذه الطريقة يدل على أن هذا الفكر المنبثق عنه الإرهاب لا يعدو كونه نتاج للضعف والإحباط الفكري الذي وصلت إليه فئة من الأمة يدفعها إلى الإرتماء في أحضان الفكر الجهادي الذي غالبا ما يكون تكفيريا لأن فيه اشباعا لأحاسيسهم المتأثرة تأثرا مرضيا بواقعهم المتردي. وكما يقول القانون الثالث لنيوتن فإن لك فعل رد فعل مساو له في المقدار و مساو له في الإتجاه. 
إن القارئ والمتفكر في فكر بن تيمية يعلم أن بن تيمية كفر تقريبا الناس كلهم جميعا بمفكريهم و بسطائهم و علمائهم وجهالهم. مثال على ذلك ابن تيمية يكفر " من استحلّ الحكم بغير ما أنزل الله". وما أنزل الله هو كما نعلم جميعا قطع يد السارق وجلد شارب الخمر وما إلى ذلك. والمعلوم أن اليوم لا بلاد تحكم بهذا باستثناء السعودية التي هي بدورها لا تطبقها كما أنزل الله حرفيا. وهكذا فـ"شيخ الإسلام" كما يسميه البعض يكفر الجميع. ولا يكفرهم لهذا السبب فقط فهو مثلا يكفر الفلاسفة. فمثلا بن سينا وبن رشد والفارابي الذين ما انفكوا يجمعون الحجج لدعم الإسلام والنبوة هم كفار بدورهم أيضا. كما يكفر أيضا اتباع مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية فما بالك بشيعة اليوم فهم عنده أشد كفرا وفجورا. كما يكفر أيضا الباطنية المتصوفة والقائلين بوحدة الوجود. ومن المثير للسخرية أنه يكفر من استحلّ قتل امرئ مسلم فهو بالتالي يكفر داعش نفسها. و ربما أفهم أيضا أنه يكفر عليا وعائشة وطلحة والزبير والكثير من الصحابة الذين قتل بعضهم بعضا في الفتنة الكبرى. 
إن انتشار فكر كفكر بن تيمية في عصر يقدس حقوق الإنسان كارثة فكرية عظيمة تهز العالم العربي. إن فكره وفكر غيره من دعاة التكفير والجهاد والسلفية هو مصيبة لكن قراءته وانتشاره في فئة واسعة من الناس مصيبة أكبر. ذلك لأن الفكر الإسلامي ثري فيه الفلاسفة والمعتزلة والملحدون والزهاد والماجنون وجميع الأطياف. والمشكلة الأكبر تمسك قوم بإقامة دولة اسلامية لم تقم على الإطلاق في التاريخ الإسلامي. الدولة الإسلامية لم تكن كذلك الا في عصر الرسول والخلفاء الراشدين ولم تخل من فتن وقتل وذبح. عمر بن الخطاب مات مطعونا، عثمان مات بالسيف ميتتة شنيعة من أحد "المسلمين"، قتل علي بعده أيضا مطعونا من أحد "المسلمين"، قتل بعده الحسن مسموما، والحسين مذبوحا –كما تذبح داعش الناس اليوم - ، ثم استولى معاوية على الحكم وجعله في ذريته ولا لم يكن من هم لبني أمية ولا للعباسيين من بعدهم في تطبيق شريعة ولا في إقامة حدود الله، همهم الوحيد البقاء في السلطة.
إن معرفة بسيطة بالتاريخ تدل على أن أي تفكير ودعوة لقيام دولة اسلامية هي محض عبث لأنها مستحيلة التحقق. إن هذا الإفلاس الفكري الذين يعاني منه السلفيون و خصوصا منهم الجهاديون والتكفيريون يلقي بظلاله على العالم العربي كله ويجب مقاومة هذا المد التكفيري الذي لا أبرء منه دعاة الوهابية في المشرق العربي فهم يتحملون جانبا كبيرا من المسؤولية في هذه الأمراض النفسية التي تصيب الفكر العربي والتي لم تعد منحسرة في المشرق بل امتدت لتغزو جميع السنة من المسلمين خاصة المغرب العربي. هذا الغزو السلفي شجعته أرضية خصبة تتمثل في شعب جاهل قليل القراءة ضئيل الثقافة و بالتالي سريع التأثر بأي كلام يداعب مشاعره الدينية. هذا الغزو أيضا مدعوم بكون المجتمعات العربية والإسلامية ذات وازع ديني قوي يغلب على الوازع العقلاني شأنها في هذا شأن جميع الشعوب المتخلفة فكريا وثقافيا للأسف. هذا ناهيك عن أن المواطن العربي لا يقرأ الا قليلا. 
فوفقا لتقرير اليونسكو فإن أعلى نسبة للأمية تتواجد في الوطن العربي. والقراءة تأتي في المرتبة الأخيرة بالنسبة لاهتمامات المواطن العربي. فبلغ معدل القراءة عند الفرد في الوطن العربي 6 دقائق سنويا مقابل 200 ساعة للفرد في أوروبا وأمريكا و أمريكا. كما أن عدد الكتب في العالم العربي كله تبلغ 5000 كتاب مقابل 35000 في اليابان. فيا ويحي ويا أسفي. 
إن جولة صغيرة في مكتباتنا العربية تدعم نظريتي هذه فما عليك الا الدخول لمكتبة لبيع الكتب وسترى الفقر الذي تعاني منه وأن أغلب الكتب دينية. ومن خلال متابعتنا لأخبار معارض الكتاب في الدول العربية، فإن ترتيب الكتب الأكثر مبيعاً هي التالي الكتب الدينية، كتب الطبخ، كتب الأبراج. فيا حسرتا على عصر كان فيه العرب يصنفون الكتب في الطب والفلسفة والفلك والرياضيات، ذلك عصر ولى أرى بشائر عودته في الأفق. 
محمد حسام الدين العوادي