Affichage des articles dont le libellé est منبر حر. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est منبر حر. Afficher tous les articles
الغرب الكافر يستقبل المسلم اللاجئ
مع تدفق اللاجئين الى ديار الغرب مؤخرا من الدول المنكوبة في العالم الاسلامي وخاصة من سوريا والعراق وما نشهد من حراك سياسي وإعلامي تجاه هذا الموضوع، فإننا أصبحنا في مفترق طرق لا ندري أين سيكون اتجاهنا وطريقنا إلى حياة اكثر استقرارا واكثر طمأنينة ، ويثير فضولي وفضول الكثير أننا نجد هذا التعاطف الغير المسبوق مع المهاجرين الغير الشرعيين من رجال ساسة أوروبيين ودقّهم ناقوس الخطر في سرعة ما يمكن انقاذه وخاصة بعد اختفاء 75 شخصا في المتوسط منذ يومين ، بينما نجد صمتا مطبقا في العالم الإسلامي في طرح موضوع متصل بشعوبهم كهذا..
نعم، هو الغرب ولكن..
ورغم اعتراضنا على كثير من سياسات الغرب تجاه دولنا ومناطقنا الا اننا ويجب أن نعترف –والاعتراف شيمة شريفة-أن هذا الغرب إنما هو هذا الخليط من الأخيار والأشرار فليس كلّ ما في الغرب يعتبر شرّا محضا أو كابوسا قاتما لا شك انه يوجد الكثير من النوازع الانسانية المحضة والمواقف الأخلاقية الشريفة ، وصحيح ان هناك عنصريون وربما نازيون لكن عندما أرى بضعة آلاف من الاروبيين وخاصة في اليونان في دولة تعصفها الازمة الاقتصادية و نجدهم يخرجون للشوارع للحد من التعامل القاسي مع اللاجئين السوريين وغيرهم
ومن ثمّ تغيّر حكومات أوروبية خطابها العنيف ضد المهاجرين..
لدرجة أن وزير خارجية فرنسا/لوران فابيوس يخرج في تصريحات الأحد الماضي وينتقد حكومات/ المجر ومقدونيا وهونغراس في بناء بعضهم سياجا أمنيا ضد هؤلاء المهاجرين… كل هكذا تصرفات يدل على اننا يجب علينا الاعتراف بهذا التعامل الإنساني الراقي …والحقيقة ان الاسلام يأمرنا بأن نهنئ مثل هذه الاعمال وأن نشكر من صنع لنا معروفا ، فهذا الموقف يجب ان يشاد به ويستقبل باحترام وإكبار …
انغيلا ميركيل تصفع العالم الاسلامي
وقد خرجت تصريحات المستشارة الالمانية الاخيرة / انغيلا ميركيل صادمة ومحرجة بل وقاتلة لكل الدول الاسلامية وأولاها السعودية ودول الخليج والعالم الاسلامي ككلّ ، عندما قالت: ( سنخبر أطفالنا ان اللاجئين السوريين هربوا من بلادهم وكانت مكة أقرب اليهم ، وسنخبرهم ان هجرة السوريين الينا كانت كهجرة المسلمين الى الحبشة لان فيها حاكم نصراني لا يظلم عندها أحد ابدا )
هذا الكلام الذي يجب ان يكتب بماء الذهب وأن يعلّق على الكعبة والذي ادلت به المستشارة يستحق منا الوقوف عندها وتشفير الغازه وطلاسيمه لآنها لمست التاريخ والواقع اليوم ،نعم لمست التاريخ القديم حيث كان كفار مكة المكرمة يستهدفون المسلمين فهاجروا للحبشة ، ومن ثم ثانيا: حيث لمست الواقع الذي نعيشه لكن هذه المرة بشكل افظع واقسى وأمرّ ، وذلك عندما نجد مسلمين هم الذي يقتلون وينكلون باخوانهم المسلمين للاسف الشديد …
و صحيح ان المستشارة لا تفعل ذلك عن ذلك فراغ وخاصة ان بلادها ستستقبل معظم هؤلاء اللاجئين الا ان الموقف والتصريح نفسه كان ينبغي ان يحرّك في بلداننا الاسلامية النخوة والرجولة والشهامة لكي نقف موقف بطولة ونسجّلها للتاريخ ، بل بالعكس وجدنا من يكيل التهم الجزاف للغرب وأنهم يقتلوننا ويستعمروننا وينهبون ثرواتنا وووو واللائحة لا تنتهي ..وكلها نظريات مؤامراتية وكأن الغرب ليس له اهتمام غير سرقتنا وقتلنا ونهب ثرواتنا ونفطنا وغازنا وارضنا وانفاسنا وارواحنا…
و صحيح على الغرب الكثير من المسئولية لكن نحن كمسلمين المسئولون عن مصائرنا وواقعنا ولا يجب ان يبقى الحال على هذا في الامة ..وخاصة أنها عانت وتعبت كثيرة من حكامها الطغاة ومسئوليها المتجبرين المستكبرين ، ولو بقيت الأمور على ما هي عليه فان الشعوب الاسلامية ستغادر بلادها قاصدة الغرب وامريكا ولن يبقى هناك الا الحكام والعفاريت فالحل مطلوب ومطلوب وعلى جناح السرعة ….
لماذا لا تستقبل الدول الاسلامية اللاجئين..؟؟؟
إن من العار أن تنشر وسائل الاعلام الاوضاع السيئة للمهاجرين الذين يعبرون الحدود والمحيطات ويخرج لنا بضع صور ولقطات لتصرفات غير مسئولة من بعض هذه الدول المستقبلة للاجئين ، بينما لا يتم طرح سؤال مفاده، وأين دور دولنا العربية والاسلامية ؟
ولماذا لا يعقد مؤتمر دولي في العالم الاسلامي لهذا الغرض ؟
وما هي السبل والعوائق التي تحدّ من الظاهرة ؟؟؟
وكيف نستثمر العقول والشعوب المهاجرة في استيعابهم في دولنا وتوفير كامل الرعاية والعناية لهم لحين اصلاح الحال في بلدانهم الاصلية ؟؟؟
ولماذا لا يعقد ذلك المؤتمر في تركيا أو الدوحة أو السعودية أو حتى مصر أم الدنيا فلماذا لا تستقبل بعضا من ابنائها في الوطن العربي … ؟؟
ولماذا لا تعمل الدول الافريقية في الحدّ من الهجرة الغير المبررة وتعمل ببرامج يمكنهم مساعدة هؤلاء الذي يغيّبون في البحار واعادة تاهيلهم علميا ومهنيا ؟ لماذا ولماذا ؟؟؟؟
المطلوب من الدول الاسلامية ..
إننا نطالب الدول الاسلامية الكبرى ان تخرج من صمتها وأن تعلن مبادرات لاستيعاب هؤلاء بكل إنسانية وكرامة واخوة في الوطن والدين والانسانية وأن تتخذ كافة التدابير من أجل الضغط على المجتمع الدولي في التصدي لأشكال الذبح الممنهج من قبل كافة الأطراف في سوريا وغيرها من الدول وأن تفتح الحدود وتطلق الاوامر ، ما المانع ان يستقبل هؤلاء اللاجئون في المغرب والجزائر والسنغال والامارات وقطر وعمان وماليزيا واندونسيا وغير من الدول الإسلامية الكبرى، والى متى ستخرج مصر من حربها ضد الإخوان والخصوم السياسيين وكأنها تواجه مؤامرة كونية لكي تتجه لاحتضان الامة ومساندتها في مشاكل المسلمين وهمومهم…
ومن ثم توزيعهم بينها حتى عبر بوابة منظمة التعاون الإسلامي او الجامعة العربية وغيرها بدل تركهم في العراء والمجهول والمستقبل الغامض ، صحيح ان هذه الدول ليست لها قوة الغرب لكن مجرد المحاولة فان الاستبشار سيعم والبهجة ستسود لكن علّقنا كل شيئ بالغرب ثم بعد ذلك يخرج علينا مشايخنا وعلمائنا ويقولون ان الغرب كافر وإباحي ولا أخلاقي ، فأين هي الأخلاق في هذه المعادلة هل هي في الغرب ام في دولنا المتمسلمة …
عار عليكم أيها العرب ، عار عليكم ايها المسلمون ان لم تبحثوا عن حلّ..وتقدموا لنا حلولا حقيقية لهذه الأزمة الكونية التي نحن أبطالها وممثلوها والعالم يتفرّج مستريحا الينا ومن ثم نقول إننا أمة العدل والمساواة فهل لهذا المسلسل من نهاية ؟؟؟؟
حمدي جوارا / راي اليوم
باريس – فرنسا
كاتب وباحث في القضايا الاوروبية
تحالف الشياطين أمريكا والصهيونية وإيران
كان العداء الإيراني لأميركا والصهيونية شكليًا، وورقة مربحة في السياسة الخارجية الايرانية وخاصةً من خلال الخُطب الرنانة ضد إسرائيل والولايات المتحدة من قبل القادة الإيرانيين؛ ليدغدغوا عواطف أهل السُنة؛ وبسبب موقف الجماهير السنية ضد احتلال اسرائيل للأراضي العربية وفلسطين؛ وضد الدعم الذي تتمتع به من دولة الاحتلال إسرائيل من قبل الولايات.
إن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية هم رُعاة التطرف والارهاب والشرور في العالم؛ ومنهم السماسرة الكبار لبيع السلاح؛ وقادة تلك الدول يأتمرون لمخططات أكبر زُعماء شركات بيع السلاح في العالم، والسياسيون في الغرب والصهيونية العالمية والماسونية والأمريكان يختلقون الحروب ويصنعون الأزمات في البلاد العربية ودول العالم الثالث؛ لتبقي أسيرة الخلافات والحروب والمناكفات مع بعضها البعض؛ ولا ننسي من صنع الحرب العراقية الإيرانية وأمدها بالسلاح، ومن خلق الحرب ضد العراق بحجة الأسلحة الكيميائية والنووية. وكذلك داعش اليوم صناعة صهيو أمريكية؛ وهي بأفعالها الاجرامية البعيدة كل البعد عن سماحة ووسطية الشريعة الإسلامية برهنت بما لا يدع مجالاً للريب أنها جاءت لتشوه صورة الإسلام الوسطي الحقيقي دين العدل والمحبة والتسامح والرحمة واللين؛ وتؤكد أفعالها البشعة بأنها صنيعة الغرب الكافر وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصهيونية العالمية..
وأما عن إيران ودورها الخبيث بالعلن وكذلك من وراء الكواليس والحُجب؛ والتي لازالت تحتل الجزر الإماراتية الثلاثة؛ وتُسمّيِ الخليج العربي بالخليج الفارسي؛ وإيران المستفيد الأكبر اليوم مما يحدث في العراق من تدمير ومحاولات لتقسيمه، ولا يخفي على أحد التدخل الايراني في شأن الدول العربية؛ وقد تكون المتورّطة غداً مما تصنع في الدول العربية من تدخلات سافرة؛ وسط عداء عربي يكبر ضدها، لا سيما إذا نفّذت استراتيجية تقسيم الدول العربية متحالفة مع امريكا والصهاينة؛ ليتاح لها بناء «الهلال الفارسي»، وخاصةً وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرّر أن الحليف الطبيعي للولايات المتحدة اليوم هو إيران، وللتذكير فذلك القرار سبق أن اتخذه «المحافظون الجدد»، وتسعي الولايات المتحدة وإسرائيل لتقسيم الدول العربية بإدارة إيرانية وأيدي داعشية؛ وما يؤكد ذلك الاتفاق النووي الأخير والتوافق الأميركي – الإيراني على استبدال المقاطعة بالشراكة، مما سيعمل على إحياء روح الإمبراطورية الفارسية لدى حكّام الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ وعلى نسق تصريحات مستشار رئيس الاعتدال حسن روحاني، وعلي يونسي، الذي اعتبر أن بغداد هي عاصمة الإمبراطورية.
كما سيبعث فيهُم روح التعالي والتبجّح والمزيد من المغامرة لـ «الحرس الثوري» الايراني في الأراضي العربية – كما هو واضح بالترويج علناً لمشاركة قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس»، في معركة تكريت الشكلية ضد «داعش».
تلك المعركة التي يودّ البعض اعتبارها «مقدمة» للمعركة الكبرى في الموصل بعنوان الشراكة الأميركية – الإيرانية في الأراضي العراقية قرب تركيا؛؛ وكل ما سبق يؤكد أن العالم دخل على تغيرات دراماتيكية وجدية؛ فالسياسة لا تعرف صداقات دائمة أو عداوات دائمة ولكنها تعرف مصالح دائمة والعالم اليوم يصفق مع القوية الذي يستطيع فرض شروطهُ.
ويبدو أن البعض منا لم يقرأ التاريخ الماضي جيدًا، كي يتسنى له معرفة ما يدور في زماننا الحاضر ولكي يستطيع أن يستقرأ ويستنبط المستقبل المنظور؛؛؛ ولو رجعنا إلى الوراء زمن النبوة، لوجدنا ليس أصدق في التاريخ كلهُ من قول الذي لا ينطقُ عن الهوي النبي الكريم المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمائة عام ويزيد قال:[ يتبع الدجال سبعون ألفاً من يهود أصفهان عليهم الطيالسة] صحيح مسلم رواه عن انس بن مالك رضي الله عنه رقم الحديث:(2944( ،،، هؤلاء هم أتباع الدجال الذين اخبرنا عنهم نبينا الكريم وهؤلاء هم الأشد خطرا علي الإسلام والمسلمين وهذا جانب من حقيقه إيران؛ وللتدكير فقط فإن الشاعر الفارسي المعروف الفردوسي كان من يهود اصفهان وهو من دعاة الحركة الشعوبية و صاحب المقولة الشهيرة (الكلب يلعق الثلج في اصفهان، والعرب تأكل الجراد في الصحراء(، ومن الحقائق المذهلة أيضا أن الرئيس الاسرائيلي الأسبق موشيه كاتساف من يهود اصفهان وكذلك وزير الدفاع الاسرائيلي السابق شاؤول موفاز؛ وايضا أحد كبار حاخامات اسرائيل من يهود إيران؛ ويهود إيران لهم نفوذ قوي في السلك العسكري الإسرائيلي وعدد اليهود الإيرانيين في اسرائيل هو 140000 مائة واربعين الف يهودي وعدد اليهود الإيرانيين في الولايات المتحدة 10000 عشرة آلاف يهودي وهناك 15000 الف يهودي ايراني موزعين بين كندا واوروبا واليهود الإيرانيين اكبر أقلية يهودية في الشرق الاوسط خارج إسرائيل ويشكل اليهود الايرانيين نسبة 3.5% من سكان اسرائيل وعددهم في ايران يصل الى 30000 الف يهودي يسكن اغلبهم في اصفهان وطهران وشيراز وكذلك اقليم فارس جنوب ايران ولهم معابد كثيرة في وقت لا يوجد فيه لأهل السنة مسجد واحد في طهران والمصدر للمعلومات هذه هو : "كتاب يهود ايران للكاتب مأمون كيوان"؛؛ وقد تم بناء قوة شيعية في العراق تابعة لإيران– وعددها 100 ألف وأكثر انظموا إلي الجيش العراقي»، وهذا أمر يثير القلق؛ حيثُ لم يتم بناء لقوى عسكرية «متوازنة لكل العراقيين» وأن العراق في طريقهِ إلى التقسيم، وهذ ما صرح به علناً قبل أيام أحد أكبر جنرالات الجيش الأمريكي؛؛ يأتي هذا التصريح مع ازدياد قوة الدور الإيراني في العراق؛؛ وتوسيع النفوذ الإيراني، وأن طهران إذا وافقت على «تأجيل» تصنيع القدرة النووية العسكرية مؤقتًا، فإنها في حاجة الى تعزيز «آني» لتوسّعها إقليمياً للتعويض ولإبلاغ الشعب الإيراني أن النظام قوي وسيزداد قوة بموجب الصفقة ووفق عراقيين مطّلعين على خفايا العراق، فإن تكاليف حرب إيران في سورية سدّدتها الخزينة العراقية التي باتت اليوم مفرغة، وإن جفاف الخزينة العراقية يجعل طهران في أشدّ الحاجة الى الصفقة النووية لأنها تمكّنها من المضي في حروب سورية واليمن الضروريين للاستراتيجية الإيرانية من أجل الإطلالة على البحر المتوسط والسيطرة على باب المندب، والتموضع على الحدود السعودية – اليمنية؛ وما بدأه بوش في حرب العراق، يستكمله أوباما في الصفقة الأخيرة مع إيران. وللأسف ليس اليوم أي دليل على استراتيجية مدروسة بعيدة المدى للقيادات العربية ولا للقيادات السنّية في دول عربية؛ أما الاستراتيجية السياسية والأمنية العربية في وجه الصفقة الأميركية – الإيرانية – وفي مواجهة الامتداد الإيراني إقليمياً، فإنها غائبة على المدى البعيد والآني على السواء؛؛؛ ولقد نشرت مؤسسة راند الاميركية للأبحاث دراسة تتناول أهداف إيران ونفوذها في العراق على خلفية صعود داعش، وتركز على علاقات إيران بالأحزاب والميليشيات الشيعية العراقية، وكذلك إلى قضايا أخرى.؛ وأشارت الدراسة أن إيران، إلى جانب التصدي للخطر الذي يهدد مصالحها ومصالح حلفائها في العراق من خلال تعبئة الميليشيات الشيعية الحليفة في اطار الحشد الشعبي، تريد أن تؤكد أهميتها ونفوذها في الشرق الأوسط عمومًا وحملتها ضد داعش تذكير للعراقيين بأن جارتهم الشرقية هي اللاعب الأقوى في بلدهم، أقوى ربما حتى من الولايات المتحدة ومن أي بلد عربي آخر؛ كما انها رسالة إلى دول المنطقة الأخرى وتريد إيران تذكير العالم، وخصوصًا قوى كبرى كالصين وروسيا والاتحاد الاوروبي، بأنها لاعب كبير في الحفاظ على الاستقرار الاقليمي. ومن شأن هذا أن يحد من عزلتها الدولية ويمكن ايضًا أن يعزز موقعها في المفاوضات النووية- ورغم العلاقات الايديولوجية والروحية والتاريخية التي تربط الأحزاب الشيعية العراقية بإيران، فإن الحكومة العراقية ليست نظامًا لاهوتيًا مثل إيران التي يحكمها الملالي باسم ولاية الفقيه.
يضاف إلى ذلك أن كثيرًا من العراقيين، بمن فيهم الشيعة، يخشون الهيمنة الايرانية على بلدهم والتي عززت النزاع الطائفي؛ وكان يتوجب على الحكم الذي جاء به الاميركيون إلى العراق أن يكون حكمًا جامعًا، يمثل سائر مكونات الشعب العراقي. لكن الخائن رئيس الوزراء السابق الشيعي نوري المالكي انتهج سياسة شيعية صارخة، محولًا القوى الأمنية العراقية إلى حرس شخصي لحمايته وكان عميلاً إيرانيًا بامتياز- وبين 2010م و2014م أصبحت القوى الأمنية العراقية شيعية بنسبة 95 في المئة بعدما كانت شيعية بنسبة 55 في المئة، ناهيك عن تدمير وقتل القري التي فيها أغلبية سُنية؛ واغتيال وقتل معظم علماء العراق من أهل السُنة؛؛ ولا شك في أن دعم إيران للميليشيات الشيعية، التي كانت تقتل السنة وتقاتل القوات الاميركية في سنوات الاحتلال، أسهم في إذكاء النزاع الطائفي، ممهدًا الطريق لتعاظم الاستياء بين السنة، وصعود داعش لاحقًا.
وهذا يعزز حقيقة أن ما خلق داعش هو الأمريكان والإيرانيين من خلفهم، وقد تعتبر إيران معركتها الحالية ضد داعش دفاعًا مشروعًا عن مصالحها ومصالح حلفائها. لكنها تتحمل قسطًا من المسؤولية عن صعود داعش، واسفر دعم الأحزاب الشيعية عن زيادة نفوذ ايران، لكنه أوجد تهديدًا كبيرًا يمكن أن يشكل تهديدًا دائمًا لمصالحها؛ وتبذل إيران جهودًا كبيرة لتعزيز نفوذها الديني الشيعي في العراق، بسبب نفوذ السيستاني الذي أصبح يقلقها مؤخرًا وكما يعمل دور إيران العسكري المتزايد على تقوية نفوذها السياسي. ولم يعد دور الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني التوسط في النزاعات السياسية بين القادة الشيعة فحسب، بل أصبح أكبر حماة الحكومة العراقية والوصي الرئيسي عليها. وهناك الآن نحو 50 ميليشيا شيعية في العراق، بينها منظمات شكلتها إيران بعد الغزو الاميركي في العام 2003. وبحلول العام 2004، كان فيلق القدس يمد الميليشيات الشيعية بالسلاح مباشرة- كما تولى فيلق القدس وحزب الله اللبناني تدريب آلاف المسلحين الشيعة من عناصر هذه الميليشيات. ويُدرَّب البعض ليكونوا مدربين لدى عودتهم إلى العراق، ونقل ما تعلموه إلى مسلحين آخرين. ويمتد نطاق الدورات من التدريب الأساسي لمدة 20 يومًا، إلى إعداد المتقدمين لتبوء مناصب قيادية بتعليمهم المهارات اللازمة؛ وعلى جبهات القتال تنضوي الميليشيات الشيعية الصغيرة تحت لواء قيادات كبيرة ومتمرسة مثل هادي العامري قائد منظمة بدر، أكبر ميليشيات الحشد الشعبي. وتربط العامري علاقة وثيقة بالجنرال سليماني، الأمر الذي يعني أن إيران في الواقع هي صاحبة الكلمة الأخيرة في العمليات العسكرية الأخيرة؛ والتي حدث من خلالها انتهاكات كبيرة ارتكبتها الميليشيات الشيعية، كأعمال قتل وخطف وتعذيب ذهب ضحيتها أهل الُسنة العراقيون.
وبالتالي، فإن هذه الميليشيات وطبيعتها الطائفية وانتهاكاتها ضد السنة تقدم خدمة ايديولوجية وسياسية، وذلك بدفع أهل السنة العراقيين إلى الانضمام لأحضان داعش هربًا من جرائم الميليشيات الشيعية التابعة لإيران والتي أجرمت بحق أهل السنة قتلاً وظلمًا؛ مما تسبب لاحقًا في سقوط الموصل ومناطق واسعة من محافظة الانبار بيد داعش، والسبب هو سحق أهل السنة واعتماد القادة الشيعة العراقيين على ايران؛ ولم تعد إيران تبتعد عن الأضواء في المعركة ضد داعش، التي هي والولايات المتحدة من سبب في وجود داعش؛ ومع حلول خريف 2014، اصبح سليماني بطلًا شيعيًا. واشادت جماعة عصائب اهل الحق علنا بدوره في توحيد "قوات المقاومة". والأكثر من ذلك أن المواقع الاخبارية الايرانية سلطت الضوء على دور الحرس الثوري الايراني على جبهات القتال، كما في عملية فك الحصار عن بلدة آمرلي التركمانية ذات الأغلبية الشيعية في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي وكذلك معركة تحرير بلدة جرف الصخر في بابل؛ وكانت إيران سريعة في التحرك بعد سقوط الموصل، وبدأت بإرسال مستشارين واسلحة إلى الحكومة العراقية في غضون 48 ساعة من سيطرة داعش على المدينة، بينما لم تبدأ الولايات المتحدة ضرباتها الجوية إلا بعد شهرين وفي ذلك استعراض واضح لدور إيران في العراق أمام العالم هو تعزيز جهود الرئيس حسن روحاني لكسر عزلة ايران، وتقوية نفوذها الاقليمي، وتمتين شراكتها مع قوى دولية. يبدو أن داعش يقدم لإيران فرصًا أكثر مما يشكل تهديدا لأمنها.
لكن تدخل إيران السافر في العراق يمكن أن يضعف مصالحها بعيدة المدى في الشرق الأوسط. فإن نزاع إيران مع قوى اقليمية كبيرة مثل المملكة العربية السعودية ومع دول الخليج الأخرى كلفها ثمنًا باهظًا، لا سيما من الناحية الاقتصادية؛ وكل ما سبق يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل كل ما بوسعها لخدمة الصهيونية والنظام الايراني يعمل ما بوسعه ليعيد أمجاد الامبراطورية الفارسية على جماجم وأشلاء المسلمين أهل السُنة؛ ومن الواضح أنهم جميعًا أمريكا وبعض الدول الغربية من خلفها، وإسرائيل وإيران هم المصدر الرئيسي للمشاكل في العالم كله؛ وكل ما سبق لا يعفي الدول العربية من مسؤولياتها القومية، لتقوم بدور أكبر ومحاولة التوحد ووضع اتفاقية سايكس بيكو تحت الأقدام؛ والانتباه للمخاطر العظيمة المُحدقة بهم، مما بات يسمي بالربيع العربي وأنا أقول أنه الربيع الدموي؛ والحرب الصليبية ضد الإسلام كما قالها الرئيس بوش بصراحة؛ والفوضى الخلاقة التي دعت لها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس؛ والشرق أوسط الجديد؛ وسايكس بيكو(2) ويبدأ عام 2016م حيثما انتهي سايكس بيكو(1) والذي كان بتاريخ 1916م؛ ومدتهُ مائة عام؛ فهل لنا أنفيق من نومنا العميق ولنعلم أن ما يجري كله جزء من مؤامرة تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت على أنقاض السكان الأصليين الهنود الحُمر؛ والصهيونية العالمية والتي قامت على أنقاض وجماجم الشعب الفلسطيني؛ ومن خلفها إيران الفارسية، والتي قامت على أنقاض الشعوب المقهورة والفقيرة والمستضعفة في العالم؛ فهل نشهد اتحادًا عربيًا بين أمة ربُها واحد ولغتها واحدة ودمهم واحد وتربطهم روابط الاخاء والعروبة والاسلام؟ أُسوةً بالاتحاد الأوروبي الذين توحدوا وهم كلٌ منهم له ديانة ومذهب ولغة وثقافة مختلفة ولغة مختلفة وألوان وألسن وقلوب مختلفة؛؛ هل استوعب قادة العرب الدرس والمخاطر الكبيرة المحيطة بالجميع؛ أم على قُلوبٍ أقّفالُهاْ.
يضاف إلى ذلك أن كثيرًا من العراقيين، بمن فيهم الشيعة، يخشون الهيمنة الايرانية على بلدهم والتي عززت النزاع الطائفي؛ وكان يتوجب على الحكم الذي جاء به الاميركيون إلى العراق أن يكون حكمًا جامعًا، يمثل سائر مكونات الشعب العراقي. لكن الخائن رئيس الوزراء السابق الشيعي نوري المالكي انتهج سياسة شيعية صارخة، محولًا القوى الأمنية العراقية إلى حرس شخصي لحمايته وكان عميلاً إيرانيًا بامتياز- وبين 2010م و2014م أصبحت القوى الأمنية العراقية شيعية بنسبة 95 في المئة بعدما كانت شيعية بنسبة 55 في المئة، ناهيك عن تدمير وقتل القري التي فيها أغلبية سُنية؛ واغتيال وقتل معظم علماء العراق من أهل السُنة؛؛ ولا شك في أن دعم إيران للميليشيات الشيعية، التي كانت تقتل السنة وتقاتل القوات الاميركية في سنوات الاحتلال، أسهم في إذكاء النزاع الطائفي، ممهدًا الطريق لتعاظم الاستياء بين السنة، وصعود داعش لاحقًا.
وهذا يعزز حقيقة أن ما خلق داعش هو الأمريكان والإيرانيين من خلفهم، وقد تعتبر إيران معركتها الحالية ضد داعش دفاعًا مشروعًا عن مصالحها ومصالح حلفائها. لكنها تتحمل قسطًا من المسؤولية عن صعود داعش، واسفر دعم الأحزاب الشيعية عن زيادة نفوذ ايران، لكنه أوجد تهديدًا كبيرًا يمكن أن يشكل تهديدًا دائمًا لمصالحها؛ وتبذل إيران جهودًا كبيرة لتعزيز نفوذها الديني الشيعي في العراق، بسبب نفوذ السيستاني الذي أصبح يقلقها مؤخرًا وكما يعمل دور إيران العسكري المتزايد على تقوية نفوذها السياسي. ولم يعد دور الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني التوسط في النزاعات السياسية بين القادة الشيعة فحسب، بل أصبح أكبر حماة الحكومة العراقية والوصي الرئيسي عليها. وهناك الآن نحو 50 ميليشيا شيعية في العراق، بينها منظمات شكلتها إيران بعد الغزو الاميركي في العام 2003. وبحلول العام 2004، كان فيلق القدس يمد الميليشيات الشيعية بالسلاح مباشرة- كما تولى فيلق القدس وحزب الله اللبناني تدريب آلاف المسلحين الشيعة من عناصر هذه الميليشيات. ويُدرَّب البعض ليكونوا مدربين لدى عودتهم إلى العراق، ونقل ما تعلموه إلى مسلحين آخرين. ويمتد نطاق الدورات من التدريب الأساسي لمدة 20 يومًا، إلى إعداد المتقدمين لتبوء مناصب قيادية بتعليمهم المهارات اللازمة؛ وعلى جبهات القتال تنضوي الميليشيات الشيعية الصغيرة تحت لواء قيادات كبيرة ومتمرسة مثل هادي العامري قائد منظمة بدر، أكبر ميليشيات الحشد الشعبي. وتربط العامري علاقة وثيقة بالجنرال سليماني، الأمر الذي يعني أن إيران في الواقع هي صاحبة الكلمة الأخيرة في العمليات العسكرية الأخيرة؛ والتي حدث من خلالها انتهاكات كبيرة ارتكبتها الميليشيات الشيعية، كأعمال قتل وخطف وتعذيب ذهب ضحيتها أهل الُسنة العراقيون.
وبالتالي، فإن هذه الميليشيات وطبيعتها الطائفية وانتهاكاتها ضد السنة تقدم خدمة ايديولوجية وسياسية، وذلك بدفع أهل السنة العراقيين إلى الانضمام لأحضان داعش هربًا من جرائم الميليشيات الشيعية التابعة لإيران والتي أجرمت بحق أهل السنة قتلاً وظلمًا؛ مما تسبب لاحقًا في سقوط الموصل ومناطق واسعة من محافظة الانبار بيد داعش، والسبب هو سحق أهل السنة واعتماد القادة الشيعة العراقيين على ايران؛ ولم تعد إيران تبتعد عن الأضواء في المعركة ضد داعش، التي هي والولايات المتحدة من سبب في وجود داعش؛ ومع حلول خريف 2014، اصبح سليماني بطلًا شيعيًا. واشادت جماعة عصائب اهل الحق علنا بدوره في توحيد "قوات المقاومة". والأكثر من ذلك أن المواقع الاخبارية الايرانية سلطت الضوء على دور الحرس الثوري الايراني على جبهات القتال، كما في عملية فك الحصار عن بلدة آمرلي التركمانية ذات الأغلبية الشيعية في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي وكذلك معركة تحرير بلدة جرف الصخر في بابل؛ وكانت إيران سريعة في التحرك بعد سقوط الموصل، وبدأت بإرسال مستشارين واسلحة إلى الحكومة العراقية في غضون 48 ساعة من سيطرة داعش على المدينة، بينما لم تبدأ الولايات المتحدة ضرباتها الجوية إلا بعد شهرين وفي ذلك استعراض واضح لدور إيران في العراق أمام العالم هو تعزيز جهود الرئيس حسن روحاني لكسر عزلة ايران، وتقوية نفوذها الاقليمي، وتمتين شراكتها مع قوى دولية. يبدو أن داعش يقدم لإيران فرصًا أكثر مما يشكل تهديدا لأمنها.
لكن تدخل إيران السافر في العراق يمكن أن يضعف مصالحها بعيدة المدى في الشرق الأوسط. فإن نزاع إيران مع قوى اقليمية كبيرة مثل المملكة العربية السعودية ومع دول الخليج الأخرى كلفها ثمنًا باهظًا، لا سيما من الناحية الاقتصادية؛ وكل ما سبق يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل كل ما بوسعها لخدمة الصهيونية والنظام الايراني يعمل ما بوسعه ليعيد أمجاد الامبراطورية الفارسية على جماجم وأشلاء المسلمين أهل السُنة؛ ومن الواضح أنهم جميعًا أمريكا وبعض الدول الغربية من خلفها، وإسرائيل وإيران هم المصدر الرئيسي للمشاكل في العالم كله؛ وكل ما سبق لا يعفي الدول العربية من مسؤولياتها القومية، لتقوم بدور أكبر ومحاولة التوحد ووضع اتفاقية سايكس بيكو تحت الأقدام؛ والانتباه للمخاطر العظيمة المُحدقة بهم، مما بات يسمي بالربيع العربي وأنا أقول أنه الربيع الدموي؛ والحرب الصليبية ضد الإسلام كما قالها الرئيس بوش بصراحة؛ والفوضى الخلاقة التي دعت لها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس؛ والشرق أوسط الجديد؛ وسايكس بيكو(2) ويبدأ عام 2016م حيثما انتهي سايكس بيكو(1) والذي كان بتاريخ 1916م؛ ومدتهُ مائة عام؛ فهل لنا أنفيق من نومنا العميق ولنعلم أن ما يجري كله جزء من مؤامرة تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت على أنقاض السكان الأصليين الهنود الحُمر؛ والصهيونية العالمية والتي قامت على أنقاض وجماجم الشعب الفلسطيني؛ ومن خلفها إيران الفارسية، والتي قامت على أنقاض الشعوب المقهورة والفقيرة والمستضعفة في العالم؛ فهل نشهد اتحادًا عربيًا بين أمة ربُها واحد ولغتها واحدة ودمهم واحد وتربطهم روابط الاخاء والعروبة والاسلام؟ أُسوةً بالاتحاد الأوروبي الذين توحدوا وهم كلٌ منهم له ديانة ومذهب ولغة وثقافة مختلفة ولغة مختلفة وألوان وألسن وقلوب مختلفة؛؛ هل استوعب قادة العرب الدرس والمخاطر الكبيرة المحيطة بالجميع؛ أم على قُلوبٍ أقّفالُهاْ.
الدكتور جمال عبد الناصر محمد أبو نحل / دنيا الوطن
التنمية مقابل التهدئة تساؤلاتٌ مشروعة
إنه من حقنا جميعاً، نحن الفلسطينيين والعرب والمسلمين، الذين ننتمي إلى فلسطين وطناً وتضحية، وهويةً وعطاءً، وتاريخاً وعقيدة، في الوطن والشتات، وفي السجون والمعتقلات، وفي المدن والمخيمات، بعد الذي قدمنا وأعطينا على مدى عقودٍ مضت، وبعد سلسلة الحروب والاعتداءات، وأعمال القتل والتصفيات، وسنوات الحصار والحرمان، وسنين القهر والعذاب، أن نفهم ما الذي يجري، وما الذي يتم في الخفاء، بعيداً عن العيون والآذان، وخلف الجدران المصمتة والأبواب المغلقة، بوساطةٍ من أعداء وأصدقاء، ومن غرباء وأشقاء، ومن خصومٍ وحلفاء، كلهم يدلون بدلوهم، ويقدمون اقتراحاتهم، ويقومون بجولاتٍ مكوكيةٍ، معلنةٍ وسرية، يكشف عن بعضها ويعمى على غيرها.
يجب علينا أن نعترف أن هناك شيئاً ما يطبخ ويعد، وأن ثمة صفقة يتم الترتيب لها، وتتهيأ لها وترحب بها عواصم عديدة، عدا عن غزة وتل أبيب، لكن أحداً لا يكشف عنها، ولا يملك القدرة أو الرغبة على بيان تفصيلاتها، وعرض بنودها، لكن المؤكد أن الصفقة جدُ خطيرة، إلى الدرجة التي استدعت فيها الأطراف المبعوث الميت، والوسيط الراحل، الذي أنهى مهامه وحمل ملفاته وطوى متاعه ورحل، ولكنهم استدعوه على عجل، وهو الخبير الخبيث، العارف الحاقد، والمطلع الغادر، الذي يعرف الأسرار، ويحسن فك الرموز وحل الطلاسم، إذ أن العدو الذي يأمنه، قد سلمه المفاتيح، وسمح له بفتح الأبواب الموصدة، وفك الأغلال الموثقة، لظروفٍ هو وهم يعلمونها، ويعتقدون أنه بات عليهم لزاماً أن يغيروا آراءهم، ويبدلوا عقولهم، لتتناسب مع المرحلة، وتتفق مع الظروف والمستجدات لدى الشعب والمقاومة.
ما نعرفه جميعاً، أن الذنب هو ما حيك في الصدر وخاف أن يطلع عليه الناس، فهل ما يجري اليوم هو ذنبٌ ومعصية، وجريمةٌ وخيانة، وفيه ما لا يقوَ أحدٌ على البوح به، أو الكشف عنه، لأنه يؤسس لحقبةٍ جديدة، ويضع بداياتٍ لتاريخٍ آخر، فيه تفريطٌ وتنازل، وفيه تراجعٌ وتخاذل، وسيكون فيه ما لم نكن نقبل، وما كنا ننتقد ونكره، ونعيب ونرفض، كالتقسيم والسلخ والفصل، والاكتفاء بجزءٍ من الوطن والاستقلال به، فآثرت الأطراف التعمية والتضليل، والستر والإخفاء، مخافة الثورة، ومظنة الرفض والمعارضة.
أم أن ما يجري هو محاولةٌ للتخفيف عن المواطنين، ورفع العنت عنهم، وقد أصابهم السقم، وحل فيهم المرض، وسكنهم اليأس، وقد ضاقت عليهم الدنيا التي لم تكن يوماً لهم رحبة ولا فسيحة، بل كانت وما زالت ضيقة وشديدة، وقد وصل الغزيون خصوصاً والفلسطينيون عموماً إلى طرقٍ مسدودة، وجدرانٍ وسدودٍ مصمتةٌ، لا يستطيعون اختراقها أو نقبها، وباتوا جميعاً يحلمون في غدٍ حرٍ لا قيد فيه، ومستقبلٍ واعدٍ لا يتهدده خطر، ولا يتحكم في أبنائهم أحد، بعد أن شعروا أن منهم من يحاصرهم ويضيق عليهم، وأن من أبنائهم من يرفض التخفيف عنهم، بل يسعى للتشديد عليهم.
هي حيرةٌ أصابتنا جميعاً، فبات من حقنا أن نقلق ونخاف، وأن نحذر ونضطرب، وأن نتوقف ونتساءل، فنحن لم ننس بعد جريمة أوسلو، التي أسست لهذا التعقيد المهول، وقادت إلى هذه النهايات المخيفة، وخلقت بيننا نزاعاتٍ وخصوماتٍ، وولدت عداواتٍ وثاراتٍ، وفرطت في حقوق كثيرة، وتنازلت عن ثوابت أصيلة، وغيرت مفاهيم، وبدلت حقائق، ومنحت العدو اعترافاً ما كان يحلم به، وأعطته وجوداً مشروعاً كان سيمضي العمر كله ولن يحققه، ومكنته على الأرض استيطاناً فيما كان يحلم ويتمنى.
هل نظن أنفسنا أذكى من العدو وأشد مكراً، أو أننا أدهى منه وأمر، وأننا نستطيع تضليله وخداعه، وأننا سنأخذ منه بالمفاوضات غير المباشرة، ما عجز غيرنا على الحصول عليه منه بالمفاوضات المباشرة، وأننا بالسنوات الثمان أو العشر سنحقق ما عجز عن تحقيقه السابقون في السنوات التي تجاوزت العشرين، وأن العدو الذي ماطل سنين طويلة، فإنه سيخضع بالتهدئة مرغماً، وسيسلم بالهدنة مكرهاً، وسينفذ بنود الاتفاقيات، وسيلتزم ما سيوقع عليه، وسيحترم العقود وسيقدس المواعيد.
لا أريد أن أنفي أبداً حاجة أهلنا في قطاع غزة، ولا أن أتنطع بالرأي، وأتشدد بالموقف، وقد صدق المثل القائل "ليس من يعد العصي كمن يذوقها"، والقليل منا من يعد العصي، ولكن الكثير يشاهدونها ويصمتون، وأهلنا في قطاع غزة هم المحاصرين المعنيين المعذبين المضطهدين، الذين يدفعون الضريبة، ويؤدون عن الأمة الواجب، ويخوضون نيابة عنها الحروب، ويتصدون بصدورهم العارية حراب العدو الباغية، ويقبعون في سجونه البعيدة ومعتقلاته القاسية، فهم أصحاب الحق في الحديث، وهم الذين يملكون حق النقد والاعتراض، والقبول والاستحسان، ذلك أنهم على الثغور يرابطون، وفي الأرض المباركة يسكنون، وبدمائهم يضحون، وبأرواحهم يفرطون، وهم الذين على فراش المرض والحاجة والجوع يموتون، وبالطلقة والصاروخ والقذيفة يقتلون.
لكننا إلى هذا الشعب ننتسب، وإلى هذا الوطن ننتمي، فمن حقنا أن يكون لنا رأي وموقف، وأن ننصح أهلنا وننور شعبنا، ونبين لهم سبيل الحق وطريق الرشاد، فما قد نراه قد عُمِّيَ عليهم، فإنه قد يكون جلياً عندنا وواضحٌ لنا، والأهداف المرحلية تُلغى إن تعارضت مع ثوابت الأمة الاستراتيجية، والبحث عن الدور والمكان لا ينبغي أن يكون فوق اللهب أو في عين الفرن، والرد على المتجاهلين والمتآمرين لا يكون بالبحث عن الدفء لدى العدو الأصيل والخصم المبين، والجرح وإن غار، والقيد وإن انغرس، والدم وإن نزف، فإنه لا يستعجل النصر، ولا يقنط من الفرج، ولا يدفع إلى التنازل والتفريط.
لكننا لأجل الشعب وتخفيفاً عنه، واستجابةً إلى حاجته، وتلبيةً لمطالبه الإنسانية، ونزولاً عند رغبة بعض أهله، فإننا نجيز أي اتفاقٍ صريحٍ وواضحٍ، مكشوفٍ بلا ملاحق سرية، ولا تفاهماتٍ شفوية، يقوم على القوة، ويبقي على المقاومة، ويحافظ على ثوابت الشعب والأمة، فلا يتنازل ولا يعترف، ولا يفرط ولا يسلم، ولا يمنح العدو كسباً غير الهدوء، وإنجازاً غير الهدنة، بينما تبقى البندقية حاضرة، والتجهيز قائماً، والتدريب متواصلاً، والاستعداد والجهوزية في أعلى مراتبها، ولا يستبدل بها خيارٌ آخر، إذ لا شئ كالمقاومة حافظاً للحقوق، وقاهراً للأعداء، ومخيفاً للخصوم، فهي التي تحقق التوازن وتخلق الردع، وتصنع الكرامة وتحقق العزة، وقد جربناها وبها نثق، وإليها نركن وبوعدها نصدق.
لكن التفرد عيب، والهيمنة مرض، والتسلط رذيلة، والتعمية ضعف، والإحساس بالقوة غرور، والاعتداد بالتفوق خطر، والاستعلاء بداية السقوط، ونحن بجمعنا أقوياء، وباتفاقنا أشداء، وما يقوَ العدو على انتزاعه منا متفردين، يعجز عن الحصول على بعضه منا متحدين، والعدو الذي يصارح شعبه يقوى، وعليه يستند، وبه يتحجج، وبمصالحه يتعذر، وإننا منه لأحوج أن نركن إلى شعبنا المجرب العنيد، وأن نصارحه بالحقيقة ونزوده بالمعلومة، وأن نأخذ برأيه ونصر على موقفه، فهو من صنع لنا النصر، وهو من قادنا إلى هذا البر، فلا نتخلى عنه ولا نركنه جانباً، ولا نهمل رأيه ولا نستخف بعقله، فإنه لقادرٌ على النصح والمشورة، قدرته على الغضب والثورة، وإنه ليتمنى التهدئة ويحب التنمية، لكن أبداً ليس على حساب الحق والمقاومة والأمانة.
د. مصطفى يوسف اللداوي
حروب الاستبداد العربي
إذا قمنا بإحصاء الضحايا في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ومصر لوجدنا أن أبناء الحكام وأبناء حاشياتهم لا يموتون ولا يشاركون في القتال.
إنها حروب الاستبداد، تماما مثل حروب رأس المال، حيث قام الرأسماليون بعدد من الحروب في مختلف بقاع الأرض، وذلك بهدف السيطرة الاقتصادية وفتح أسواق جديدة وتحقيق أرباح مالية متعاظمة.
وكم من الناس البسطاء والفقراء والكادحين قتلوا أو جرحوا وشوهوا وعوقوا بسبب هذه الحروب. طالما كان من لا مصلحة لهم بالحروب ضحايا الحروب، وكانوا دائما أدوات الرأسماليين في صناعة الحروب، من مات منهم مات بلا ثمن، ومن عاش منهم لم يحصد سوى المزيد من الفقر والمعاناة، وقد وقعت أسر المقاتلين في ضيق نفسي ومالي شديد بسبب استغلال الرأسماليين وتجاهلهم تضحيات الأبرياء.
النصر كان دائما نصر الرأسماليين والهزيمة فقط للأبرياء والمساكين دون أن يتحمل مسؤوليتها رأسمالي واحد. ولم يتورع الرأسماليون عن تزيين حروبهم ووصفها بالمقدسة التي تدافع عن الإنسان وحقوقه، وتسعى إلى تحقيق رفاهيته، ودائما ألصق الرأسماليون صفة الوطنية بحروبهم من أجل استدرار عواطف الناس وتحميسهم لخوض الحرب، لقد استعملوا أساليب متعددة من أجل دفع الناس إلى الموت تحت وهم الدفاع الوطني والواجب الوطني المقدس.
حروب الاستبداديين
لاتختلف حروب الاستبداديين عن حروب الرأسماليين جوهريا سوى أن هدف الاستبداد هو البقاء في الحكم والهيمنة على المقدرات الاقتصادية والمالية للدولة، وليس بالضرورة السيطرة الاقتصادية على أمم أو دول أخرى وجني الأرباح المالية.
والتاريخ مليء بالحروب التي صنعها الاستبداديون من أجل البقاء، وهو مليء أيضا بتجنيد العبيد وأبناء الفقراء والمساكين والمسبيين لخوض حروب مهلكة قاتلة لا طائل منها لعموم الناس.
خاض ملوك أوروبا العديد من الحروب الداخلية والخارجية من أجل مصالحهم، ولم يكن الأمر مختلفا في شرق آسيا وأواسطها، وكذلك في المنطقة العربية الإسلامية، حتى أن قادة القبائل العربية في الجزيرة العربية كانوا يضحون بأبناء القبيلة وبخدمها من أجل الحفاظ على مكانتهم في التركيبة الاجتماعية العربية "المتخلفة".
وفي المنطقة العربية، لم يتردد الحكام العرب الاستبداديون يوما في ملاحقة معارضيهم واتخاذ الإجراءات التعسفية ضدهم، والزج بهم في المعتقلات وتعذيبهم وأحيانا قتلهم، وما زالت الساحة العربية تشهد الحملات الأمنية القاسية التي تنفذها أجهزة الأمن العربية بأوامر من القادة السياسيين والحكام، وما زال المواطن العربي من أشد الناس في العالم عرضة للإهانة والإذلال والقمع والملاحقة، والسبب أن الحاكم لا يطيق ناقديه أو معارضيه، فيلجأ للعنف لتحقيق صمت الناس وحشرهم في زاوية الرعب والخوف.
فضلا عن ذلك، دأب الاستبداديون العرب على تشويه صورة المعارضين، مستغلين في ذلك بعض القيم الدينية والوطنية. في كل البلدان العربية، لجأ الحكام العرب إلى وصف معارضيهم بالغوغائيين الشيوعيين الذين تحركم قوى خارجية، والذين يسعون إلى زعزعة استقرار الدولة وتدمير اقتصادها خدمة لمن يسمون أعداء الأمة والمتربصين بها، ولم يكن استعمال الشيوعية عفويا، وإنما كان مقصودا على اعتبار أن الشيوعي كافر وملحد ولا يؤمن بالقيم الدينية، وهو خارج عن ملة المسلمين.
وقد كان هذا التصنيف سابقا للتصنيف الجديد "سنة وشيعة"، على الرغم من أن المقصود بالتصنيفين هو إحداث الفتنة الداخلية. بعدما انهار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية عموما، بحث الحكام العرب عن موضوع فتنة جديد، فوجدوا ضالتهم في الفتنة السنية الشيعية، وذلك من أجل إضعاف قدرات الناس، ومن أجل استجلاب الموضوع مع كل أزمة تمر بها الدولة العربية.
ما الذي يضير الحكام العرب إذا افتتن الشيعة والسنة واقتتلوا وأنهكوا قواهم؟ لا شيء، بل على العكس وكما نعرف تاريخيا أن سياسة الحكام العرب تقوم على استقطاب الولاء والتفرقة بين الناس، وأكبر دليل على هذه السياسة هو شيوع الوساطات والمحسوبيات في الساحة العربية، والتي تعتبر ممارسة عنصرية تولد الكراهية والبغضاء بين صفوف الناس.
ولم يكن الحكام العرب يترددون في تشويه صور معارضيهم فيوجهون ضدهم تهما أخلاقية لا أساس لها، ويصفونهم بصفات يتعوذ منها الشيطان، وذلك لتقبيح صورهم أمام الناس وعزلهم عن محيطهم الاجتماعي وقطع طريق تواصلهم مع الجمهور. سرعان ما كانت وما زالت تصدر بيانات عن الحكومات تعنى فقط بالتشويه دون التطرق إلى مطالب المعارضين، ولم يكن العربي يسمع عبر وسائل الإعلام العربية عن أهداف المعارضين وتطلعاتهم، وإنما كان يسمع فقط ما يسمى حكمة القائد الفذ وحنكته السياسية وقدراته العجيبة على احتواء الفتن وأسباب التمزق الاجتماعي.
الاستنفار الوطني
أما عندما كان يبدو أن للمعارضة زخما شعبيا، كانت الأنظمة العربية تتحرك أمنيا وعسكريا، وتعمد إلى استنفار الناس وطنيا، وذلك باستغلالهم انتماءاتهم الوطنية. كانت الأنظمة تهول الأمور بصورة كبيرة وترسم صورا لوحوش يعملون على تمزيق الدولة، وتبث أخبارا كاذبة عن ارتباطات خارجية وخيانات تمارس ضد الوطن. كان الإعلام العربي يستنفر ليرسم صورة وطنية للحاكم وإلباسه ثوب البطل المغوار الحساس للأخطار التي تواجه الناس، وكان الإعلام يعمل مأجورا باستمرار لمساعدة الحاكم على البقاء في مواجهة هؤلاء البغاة المنشقين.
أما دار الإذاعة والتلفاز فكانت تعمد إلى بث الخطابات النارية للمسؤولين في الدولة من أجل تهييج الناس فيصادقون على قرارات الحاكم ويقدمون له الدعم، وكان بث الأغاني والأهازيج الوطنية يترافق مع الحملات الإعلامية الرافضة للمنشقين والمؤيدة للحكام.
أما على صفحات الجرائد الأولى فكانت تنتشر بيانات الدعم والتأييد للحاكم دون أن نجد بيانا واحدا ضده، كانت وسائل الإعلام توهم الناس بأن الحاكم مفوض إلهي منزه لا يخطئ، وهو فوق النقد، وفوق المعارضة. وطالما أسهم الإعلام والعديد من المثقفين ورجال الدين المنافقين في ترسيخ الظلم وتغييب وعي الناس من أجل تحقيق مصالح بخسة.
وعادة يلجأ الحاكم العربي إلى سوق الناس لصناعة مظاهرات لإظهار التأييد العارم له أمام العالم. الأنظمة العربية سيرت مظاهرات عديدة مؤيدة للحاكم بدعم كبير من أجهزة الأمن خاصة المخابرات. كانت أجهزة الأمن تضغط على الناس من أجل المشاركة في المظاهرات ورفع أعلام الدولة على أسطح المنازل وأبواب المحال التجارية.
من الملاحظ أيضا أن الحكام العرب يحاولون تغيير سلوكهم العام وقت الأزمات، خاصة في ما يتعلق بالأمور الدينية. نجد الحكام مثلا يرتادون المساجد بكثرة وقت الأزمات وذلك لإظهار ورعهم وتقواهم، ولإيهام الناس بإيمانهم القوي وبتمسكهم بالقيم الإسلامية، ونجدهم أيضا في صلوات يوم الجمعة، وصلوات الأعياد، وفي المناسبات الدينية مثل الإسراء والمعراج والمولد النبوي. إنهم يحاولون امتصاص غضب الناس والحيلولة دون امتداد تأثير المعارضين على جمهور الناس.
وأذكر كيف أخذ يتصرف الحكام العرب أثناء الثورة الإيرانية على شاه إيران أواخر عام 1978 وأوائل عام 1979، كلهم كانوا يقولون إنهم يصومون، وأكثروا من موائد الإفطار التي كانوا يدعون فيها رجال الدين وخطباء المساجد. وقد كنت في حينها -وعندما كنت مدرسا في الجامعة الأردنية- قد نوهت إلى الأمر وما يقصد به من تضليل، فاستدعتني المخابرات الأردنية للتحقيق.
لكن مشكلة الحاكم في تغيير السلوك كمشكلة أي شخص آخر، وهي أن الطبع يغلب التطبع، فسرعان ما ينسى الحاكم سلوكه الجديد ليعود إلى سابق عهده في الظلم والاستعباد والاستغلال ونهب الثروات.
حروب الحكام العرب
إذا كانت الذاكرة تسعفني، فإن حروبا بينية عدة قامت بين الحكام العرب أذكر منها: الحرب بين مصر والسعودية في اليمن والتي قضت على عشرات الآلاف من الجنود المصريين ومن الحوثيين ومن أهل اليمن. كانت السعودية في تلك الفترة تدعم أنصار الإمام البدر. ونشبت حرب بين سوريا والأردن بسبب خصامهما حول المقاومة الفلسطينية. ونشب قتال بين الجزائر والمغرب، وظهر توتر مسلح بين قطر والسعودية، وبين مصر والسودان، ومصر وليبيا، وبين اليمن والسعودية. ودخلت قوات العراق الكويت وأراضي السعودية.
أما في النزاعات الداخلية، فحصل اقتتال داخلي في لبنان، واقتتال بين الفصائل الفلسطينية، وصراعات دموية في السودان، وفي موريتانيا والجزائر وسوريا والعراق واليمن وليبيا.
والمفروض أن هناك هبات جماهيرية على ظلم الحكام العرب، وكان من المتوقع أن نشهد حراكا عربيا في المدن العربية ضد الحكام تمشيا مع منطق التاريخ. انطلقت الهبات الجماهيرية لكنها لم تستمر جماهيرية بسبب التدخلات الخارجية، خاصة تدخل الأنظمة العربية. لقد خرجت الهبات العربية عن إطارها الجماهيري الصحيح لتصبح حروبا غير مباشرة بين الحكام العرب.
تدخل العرب بشكل سافر في الثورات العربية وحرفوها عن مسارها التاريخي الصحيح، وتحولت من حراك جماهيري إلى حروب بالوكالة بين الحكام، وبدل أن تأتي الهبات بالخير للناس تحولت إلى ويلات تأتي على الأخضر واليابس في عدد من البلدان العربية. والمشكلة أن الذين سعوا إلى تغيير أنظمة الحكم وقعوا فريسة في أيدي أنظمة عربية مناوئة لأنظمة تشهد أزمات مثل النظامين العراقي والسوري والنظام المصري. ربما لم يكن بمقدور حكام عرب شن حروب مباشرة ضد حكام آخرين، فوظفوا من يسمون أنفسهم الثوار للقيام بحروب بالوكالة وأمدوهم بالمال والسلاح.
الحكام العرب ليسوا موفقين من الله، وكل حكمهم شرّ بشرّ، وهم يكملون شرورهم بتدمير مقومات الحياة للناس البؤساء والفقراء والمساكين. الفقراء والبائسون والمضطهدون في البلدان العربية هم الذين يموتون، وهم الذين يفقدون أعضاءهم ويتحولون إلى معاقين، وذلك بسبب حروب لا تختلف عن حروب الجاهلية في الجزيرة العربية.
دول قمعية استبدادية تتلاعب بأموال الأمة تريد إقامة ديمقراطية في دول استبدادية أخرى بدماء الناس ونفوسهم. فإذا قمنا بإحصاء الضحايا في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ومصر لوجدنا أن أبناء الحكام وأبناء حاشياتهم لا يموتون ولا يشاركون في القتال. فقط المستغَلون هم الذين يدفعون ثمن حروب المستبدين، ومطلوب منهم ومن كل الفئات الفقيرة والمحتاجة والمقموعة في الوطن العربي أن تصحو، وأن ترفض خوض معارك للدفاع عن المستبدين الذين ينتهكون حرمات الوطن وحرمات الناس كل يوم.
حروب الاستبداد ليست حروبنا أيها الناس البسطاء، ومن العار علينا أن نصدق ما يقولون أو أن نسير في الطرق التي يسلكونها. هؤلاء هم مصادر إذلال الأمة وقمع الإنسان، وواجبنا أن نواجههم لا أن نهادنهم أو أن نستجيب لنزواتهم ورغباتهم في التدمير وسفك الدماء.
عبد الستار قاسم
الجزائر- التدريس بالعامية في الابتدائي بداية من السنة المقبلة
كشف المفتش العام بوزارة التربية الوطنية عن إجراءات جديدة سيتم تطبيقها في المدرسة الجزائرية، بداية من الموسم الدراسي 2015-2016، على رأسها التدرج في تعليم اللغة العربية في الطور الابتدائي، واستعمال مختلف اللهجات المحلية، وذلك لتفادي صدم التلميذ الجديد الذي يلتحق بالمدرسة، في حين أعلن عن تقليص الاختبارات والامتحانات والفروض خلال السنة الدراسية بنسبة 30 في المائة من أجل تثمين التعليم والتعلم.
حيث تعرض إلى مختلف التوصيات التي توجت بها الندوة الوطنية لتقييم المنظومة التربوية، وتحدث عن إجراء جديد يقضي بتعليم اللغة العربية تدريجيا حتى “لا يصدم التلميذ في بداية مشواره الدراسي”، وقال “إن الكثير من التلاميذ لا يحسنون إلا لهجتهم التي تعلموها في المنزل”، مفيدا بأن ذلك يقتضي من المؤسسة التعليمية الأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، التي على أساسها يجب أن يلقن التلميذ اللغة الفصحى تدريجيا. وقال نجادي إنه لابد من تكامل بين اللغة الأم وبين اللغة الفصحى، ولهذا يجب أن يتعلم التلميذ في مرحلة أولى ما سماه بـ«اللغات الجزائرية”. وعن الأمازيغية، قال المصدر نفسه إنه سيتم تعميمها على 20 ولاية في سبتمبر المقبل.
على صعيد آخر، قال المصدر نفسه إن الاختبارات والفروض خلال السنة الدراسية، وفي كامل الأطوار الدراسية، صارت عبئا على التلميذ، وإنها تستنزف الكثير من الوقت المخصص للتعليم، ولذلك وجب تقليصها بنسبة 30 في المائة من أجل السماح للتلميذ بتلقي تعليمات أخرى.
على صعيد آخر، أوضح المتحدث ذاته أن امتحان نهاية التعليم الابتدائي صار دون جدوى، على اعتبار أن الأغلبية الساحقة من التلاميذ تجتازه بنجاح، في إشارة منه إلى ضرورة إعادة النظر في كيفية انتقال التلميذ من الابتدائي والمتوسط وتفادي رسوبه بتلقينه القواعد الأساسية التي يحتاجها، في إشارة إلى إمكانية سحب بعض المواد والتركيز على تعليمه القراءة والحساب والكتابة.
وقال نجادي إن أفواج العمل الذين سيشرفون على تجسيد توصيات الندوة في قرارات سنطلق في العمل بداية من 20 أوت المقبل، ومن بين تلك التوصيات تعميم فتح المعاهد التكنولوجية على مستوى 50 مديرية تربية، والإسراع في إصدار المرسوم التنفيذي المتعلق بفتح المعاهد التكنولوجية، إضافة إلى ضرورة التكوين التناوبي للأساتذة الناجحين في مسابقات التوظيف وتعميم التربية التحضيرية في2017 بنسبة 100 في المائة، وتوظيف مرافقين تربويين في المدارس الابتدائية، وتوظيف أخصائيين في الإرشاد والتوجيه في المتوسطات، والعمل بلجان المداولات في شهادة البكالوريا، وإدراج الاختبار الشفهي في اللغات.
مصطفى بسطامي / elkhabar
عيد الفطر بين اللجوء والدم والحصار
جاء عيد الفطر السعيد على أمتنا العربية والإسلامية ومضى، بعد شهرٍ تامٍ من الصيام، طال فيه نهاره، وقصر ليله، وزادت ساعات صيامه، وارتفعت حرارته، وتوسطت كبد السماء شمسه، وأرسلت أشعتها على الأرض لهيباً، وجعلت الهواء فيها ساخناً واستنشاقه صعباً، فكان كالزفير خانقاً لا ينعش، وقاسياً لا يريح، حتى كاد أن يكون من أطول أشهر رمضان منذ أكثر من ثلاث عقودٍ مضت، عانى فيه المسلمون الصائمون حرارة النهار، وطول ساعات الصوم، على حساب ليلٍ قصيرٍ، لا يكفي لراحة الجسد أو استرخاء الأعصاب، فلا تغمض فيه العيون طويلاً، ولا تستلقي فيه الأجساد على جنوبها إلا قليلاً، رغم الكد والجهد، والتعب والمشقة، ولا يعين لقصره وقرب فجره على صلاةٍ في جوفه، أو دعاءٍ أثناءه، انتظاراً لسحورٍ سنةً، وصلاة فجرٍ مكتوبة، قبل نومٍ مشتهى، واسترخاءٍ مرغوب، بينه وبين الصائمين ثأرٌ وحسابٌ.
انتهى شهر رمضان الفضيل بكل ما فيه من خيرٍ وعملٍ صالحٍ كريم، ولكن عيد الفطر الذي نصفه سعيداً وفيه نعيش الفرحة، ونعرف المحبة، ونشعر بالمودة، ونتبادل فيه الزيارة والتهنئة، قد حل على أمةٍ ممزقة الأوصال، متباعدة الأطراف، بطنها مبقورة، وأحشاؤها منثورة، ومبانيها مهدمة، ومساكنها مدمرة، وشوارعها مخربة، وشعوبٍ محطمة الآمال، كسيرةً مهيضة الجناح، جريحةً تتأوه، ومكلومةً تتوجع، يسكنها اليأس، ويعيش في قلبها الوهن، ويطغى عليها الحزن والألم، والبؤس والشقاء، إذ الحروب بينها تشتعل، والدماء تستعر، وشبابها يقتلون، وأبناؤها يهجرون، وأهلها يهربون، وسكانها يفرون، فالقتل يلاحقهم، والموت ينتظرهم، أو الهروب منجاتهم، والفرار مفازتهم، واللجوء غايتهم، والهجرة منتهى آمالهم ومحط أحلامهم.
لا عيد كعيدنا هذا العام والأعوام القليلة التي سبقت، إذ كيف يفرح المقتولون، أو يسر المدفونون، أو يتزاور المعتقلون، أو يجري المعوقون، أو ينهض من فراشهم المصابون، أو يضحك المعلقون والمشبوحون، أو يبتسم العراة المقيدون، والجائعون المعاقبون، وهل يفرح من في النار يحترق، أو تحت الركام يدفن، وبين الأنقاض يموت، أو بين الأمواج المتلاطمة يضطرب، أو في عمق مياه البحار يغرق، وهل تطيب الحياة لرجلٍ يشهد غرق ولده، أو يلقي بلفدة كبده في عرض البحر ميتاً، إذ لا قبر له غير الماء، ولا كرامة له في قبرٍ يضمه على اليابسة، إذ لا أرض تقله، ولا بلاد تقبل به أو ترحب بمقدمه، وليس له إلا أن يدفنه ولو كان طعاماً للسمك، أو غذاءً لحوت البحر.
كيف يفرح من ودع قبل يومٍ أحبابه، وفارق خلانه، وتخلى عن أعز أصدقائه، وتركهم على الأرض ينزفون، وأمام عينيه يموتون، ومضى من أمامهم مغمضاً عينيه عاجزاً عن دفنهم، وغير قادرٍ على أن يواريهم التراب، ويترك لهم فوق الأرض شاهداً يدل عليهم، أو قبراً يكون لهم سكناً وعنواناً، وقد باتت البيوت قبوراً والبحور مدافناً، وروائح الموت تملأ المكان وتزكم الأنوف، وتعاف منها النفوس، وقد انتشرت حتى ساوت الأحياء عدداً، وفاقت المواليد أنفاساً، وما زال سيف القتل مجرداً لم يغمد، ومنجل الحصاد يعمل ولم يتوقف، ومن قُدَّر له الحياة اليوم، فقد يطاله القتل ويصل إليه الموت غداً فلا يفرح.
أو كيف يفرح من ترك أرضه بلا وداع، وهاجر منها مرغماً ومكرهاً، ولم يغلق خلفه باباً إذ لا بيت له قد بقي، ولم يوصد نافذةً لأنها قبله كانت قد سقطت، ولم يأخذ معه منه شيئاً إذ لم تبقِ له الحرب فيه غير الذكرى الأليمة والحزن الباقي، فخرج مراغماً فراراً من موتٍ ذليلٍ، وتصفيةٍ مقيتةٍ، وحقدٍ عنصريٍ أو عرقيٍ دخيلٍ، أو طائفيٍ مهين، يمارسه جاهل، ويرتكبه حاقدٌ، ويأتي به غريبٌ، وينفذه مدسوسٌ مهووسٌ بالقتل، ومسكونٌ بالكره، ومجبولٌ على الحقد، متعاقدٌ مع العدو على القتل، يقتل بالجملة، ويقبض على الأنفس الموؤدة ثمناً، ولا يبالي بجرمه الكبير، وخطيئته العظيمة.
كيف يفرح الهاربون وراء البحار، واللاجئون غرباء بين أقوامٍ لا يعرفونهم، وبين شعوبٍ لا يشبهونهم، يخضعون لقوانينهم، ويلتزمون بعاداتهم، وينفذون شروطهم، ليقبلوا بهم لاجئين ولا يرحلونهم، ويبقونهم ولا يطرودونهم، يسكنونهم بيوتاً بلا أجرة، ويمنحونهم مالاً مساعدة بلا منَّةً، ويعطونهم معوناتٍ كرماً بلا أذى، ويبدون تجاههم إنسانيةً فقدناها، وكرامةً ما عادت بيننا، وأخلاقاً تخلينا عنها، ويدعون غيرهم ليتأسوا بهم رحمةً، ويقلدوهم شفقةً، ولكن أهل الوافدين إليهم لجوءاً يوسعون أبناءهم قتلاً وعذاباً، ويدفعونهم بكل قسوةٍ وعنفٍ للقبول بكل شروطٍ قاسيةٍ، وحياةٍ متعسفة، أملاً في حياةٍ غدت عزيزة، ومستقبلٍ بات غامضاً أو ضائعاً.
كيف يفرح الفلسطينيون والسوريون، واللبنانيون والعراقيون، واليمينون والليبيون، والتونسيون والجزائريون، والسودانيون والسعوديون، والصوماليون والكويتيون، بل كيف يفرح العرب في كل أوطانهم ومغترباتهم، وفي بلادهم وشتاتهم، بعد أن لم يعد عندهم مكانٌ للفرح، ولا بينهم سببٌ لغير الحزن والوجع، وقد تساوت أوجاعهم، وتشابهت أوطانهم، واتحد أعداؤهم، فكانوا والإسرائيليين واحداً، والصهاينةِ مثيلاً، لا يعرفون غير القتل سبيلاً، والطرد طريقاً، والتشريد وسيلة، والحصار علاجاً، والتجويع تأديباً، والتصفية منهجاً وسلوكاً.
عيدنا غريبٌ وهو السعيد، حزينٌ وهو للفرح مكتوب، تلوثه الدماء وقد كانت أيامه تزدان بكل جميل، وتنتشي بكل حلوٍ وجذاب، وفيه كان يتيه المسلمون ويفرحون، ويبتهجون ويسعدون، فهل يعود عيدنا كما كان سعيداً، فيه نفرح ونلعب، ونشتري الجديد ونلبس الجميل، ونتبادل الزيارات ونوزع الهدايا، وينتظر فيه الأطفال بشغفٍ ورغبةٍ باديةٍ العيدية من آبائهم وأعمامهم، يقبضون عليها خوفاً من الضياع، ويحرصون عليها مخافة أن تفلت من بين أيديهم، أو يتراجع عنها محبوهم، يلهون بها ويفرحون، ويتباهون ويتفاخرون.
رغم الأسى والألم، والحزن والسأم، والقتل والدم، والسجن والحصار، والشتات والهجرة واللجوء، إلا أننا سنبقى نقول صادقين بكل أملٍ، كل عامٍ وأنتم بخير.
د. مصطفى يوسف اللداوي
تونس: الجدار العازل وشرر ميليشيا فجر ليبيا
فجر ليبيا اعتبرت أن الجدار العازل يعد بمثابة الاعتداء على حرمة الأراضي الليبية، وأنه يتم دون التنسيق مع الجهات الليبية في نبرة تقترب من التهديد.
تمتدّ الحدود البرية التونسية مع ليبيا على أكثر من 500 كلم عجزت تونس عن إحكام مراقبتها منذ القديم بسبب امتدادها عبر الصحراء والكثبان الرملية والقفار. فلقد كانت هذه الحدود الممتدة معابر تهريب ظلت باستمرار مسرحا لعمليات كرّ وفرّ بين المهرّبين وبين أجهزة الأمن والجيش. نظام زين العابدين بن علي رغم سطوته الأمنية كان، دائما، عاجزا عن القضاء على التهريب.
وفي ظلّ ما شهدته تونس وليبيا من متغيرات لا تتشابه إلا في عنوان الثورة الأول بينما تقاطعت المآلات، صارت الحدود الليبية تؤرق تونس باعتبارها مصدرا لخطر داهم يهدد أمنها واقتصادها، فمنها تُهرّب البضائع ويعبر الإرهابيون من تونس وإليها، ويمر السلاح الذي يهدد أمنها. ورغم أن التونسيين جميعا، قد أيقنوا منذ مدّة بأنّ التهريب والإرهاب شيء واحد، فإنّ التعاطي مع هذا اليقين قد تأخّر كثيرا. حيث اكتفت السلطات التونسية بمعالجة هذه الظاهرة أمنيا ولم تصل بعد إلى المعالجة الاستراتيجية.
وبمناسبة زيارة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى فرنسا في مارس الماضي، أعلنت تونس، لأول مرّة، عن نيتها تشييد جدار عازل على حدودها مع ليبيا كحل استراتيجي للتوقّي من الإرهاب ولتحرير الاقتصاد التونسي من مخالب التهريب، التي تسبيه وتطبق عليه. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد عبّر، حينها، عن دعمه للمشروع وعن استعداد بلده لتمويله.
بعيْد هذه الزيارة نسي المشروع بسبب غرق تونس في دمائها بعد اعتداءين إرهابيين على شريان الاقتصاد التونسي ألا وهو السياحة. فتمّ ضرب وجهين منها؛ وجه السياحة الثقافية من خلال الاعتداء على متحف باردو في مارس الماضي، ووجه السياحة الشاطئية عبر تنفيذ عملية في مدينة سوسة نهاية شهر جوان الماضي.
وفي الوقت الذي شرعت فيه السلطات التونسية في بناء جدار عازل على الحدود مع ليبيا يمتد على مسافة 220 كلم، قدرت الجهات العسكرية التونسية أنها تمثّل مركز عمليات التهريب والإرهاب، في هذا الوقت نفسه Hعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون توصل الفصائل الليبية إلى الإمضاء بالأحرف الأولى على اتفاق سينهي الأزمة الليبية، ويمكّن من تشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد ليبيا إلى الليبيين، وتطرد منها الإرهاب.
لكن اتفاق الصخيرات في المغرب المعلن مؤخرا بين الفصائل الليبية المتنازعة ظلّ أعرج، إذ أنه لا يبدو كما تسوّق الجهات الراعية له. فلم يجمع كل الليبيين بل وُقّع في غياب نواب حكومة طرابلس غير الشرعية ذات الخلفية الإخوانية والمدعومة من ميليشيات فجر ليبيا المسلحة التي تعتبر هذا الاتفاق مؤامرة.
إن مستقبل تونس ومستقبل علاقتها مع ليبيا مرتبط بهذا الاتفاق. وعين تونس على فجر ليبيا ومواقفها. ولا بد من التذكير، في هذا الصدد، بأن حركة النهضة دفعت السياسة الخارجية التونسية إلى نفق دبلوماسي أخرجها من كل المشاورات حول الشأن الليبي سواء بين الفرقاء الليبيين تحت إشراف الأمم المتحدة في المغرب والجزائر، أو بين دول جوار ليبيا لاسيما الجزائر وإيطاليا ومصر التي تعقد اجتماعات دورية حول ليبيا تغيب عنها تونس.
يتمثل هذا النفق في مخالفة الأعراف الدولية والاعتراف بحكومتين لدولة واحدة؛ واحدة شرعيّة منتخبة في طبرق، والثانية في طرابلس غير شرعية وذات خلفية إخوانية.
وبسبب هذا التعاطي الدبلوماسي الخاطئ مع دولة جارة ذات تأثير مباشر على تونس، خسرت تونس مصداقيتها الإقليمية من خلال تغييبها عن الشأن الليبي. وخسرت السلطات التونسية، لاسيما رئاسة الجمهورية التي تضع السياسات الخارجية ووزارة الخارجية التي تنفذها، مصداقيتها الوطنية. فبعد عملية اختطاف الدبلوماسيين التونسيين من القنصلية العامة في طرابلس في مايو الماضي، وجدت السلطات التونسية نفسها تتعاطى مع الميليشيات وتخضع لطلباتها، فتضطرّ لتسليم أحد الموقوفين عندها والمفتش عنه دوليا إلى طالبيه وهي فرقة من ميليشيا فجر ليبيا يعدّ الموقوف قائدها.
لم تتوقف الخسارة الدبلوماسية هنا بل وجدت السلطات التونسية نفسها في موقف ضعيف وهي تعلن عن إغلاق قنصليتها في طرابلس بعيد فتحها بفترة قصيرة. ولكن الموقف الأسوأ كان دعوة وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش التونسيين المقيمين في ليبيا إلى مغادرتها فورا. ولكن دعوته لم يحفل بها الإعلام، ولم يصغ إليها التونسيون في ليبيا، ولم تتابعها الحكومة بل نسيتها تماما وكأنها لم تكن.
كان شعار مصلحة تونس هو مبرر اعتراف تونس بحكومة طرابلس باعتبار أن ميليشيا فجر ليبيا تسيطر على المناطق الليبية على الحدود مع تونس حيث تتكثف حركة العابرين وحركة البضائع والمبادلات. ولكن لم تغنم تونس شيئا من الاعتراف بحكومة طرابلس غير الخضوع لميليشيا فجر ليبيا التي تمارس الخطف للدبلوماسيين والمواطنين التونسيين للضغط على السلطات التونسية في كل مرّة من أجل إطلاق سراح موقوف أو تسليمه. وكانت تنجح في مسعاها باستمرار.
ولا بد من التذكير أيضا بأن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي كان قد صرّح منذ فترة مدافعا عن فجر ليبيا قائلا بأنّها هي التي تحمي تونس من داعش. وهو تصريح غريب يفتقر إلى الرصانة، فالدول الحرّة تحمي نفسها ولا تحميها ميليشيات أجنبية تحمل أجندات معادية. والغريب أنه عندما أرادت تونس أن تحمي نفسها من إرهاب داعش ومن التهريب غضبت فجر ليبيا واعتبرت أنّ الجدار العازل يعدّ اعتداء على حرمة الأراضي الليبية وأنه يتم دون التنسيق مع الجهات الليبية. في الأثناء تواصل السلطات التونسية بناء الجدار العازل بحماس رغم الشرر المتطاير من فجر ليبيا. كما تواصل حركة النهضة مناوراتها منتظرة مكافأتها على خندق فجر ليبيا الذي ورّطت فيه تونس بزيادة حصّتها من الوزارات في التعديل الوزاري المرتقب في الخريف القادم.
مصطفى القلعي/alarab.co.uk
في ظل الفوضى مفاهيم استراتيجية إسرائيلية
لا تنفك النخب الإسرائيلية ومعها لفيفٌ كبيرٌ من الباحثين والمهتمين الصهاينة اليهود، إضافةً إلى أعدادٍ كبيرة من الخبراء والباحثين الأمنيين والعسكريين، الأمريكيين والأوروبيين وغيرهم، وجلهم من أصحاب المواقع الحساسة والمناصب الرفيعة السابقة، ممن أدوا أدواراً حقيقية، ونفذوا مهماتٍ صعبة، وأشرفوا على ملفاتٍ حساسةٍ، واضطلعوا لسنواتٍ طويلة بمهام حماية الكيان الصهيوني، وضمان أمنه وسلامته، وقد أثبتوا خلال سنوات خدمتهم إخلاصهم للكيان الصهيوني ودفاعهم عنه، الأمر الذي يجعلهم محل ثقة الإسرائيليين، الذين يأنسون لرأيهم، ويؤمنون بحرصهم، ويأخذون بنصيحتهم، ولا يشكون أبداً في ولائهم، ولهذا فهم يدعونهم دوماً للمشاركة في حلقات البحث والمؤتمرات التي تناقش مستقبل كيانهم، وتبحث في الأخطار المستجدة والمحيطة بهم، ويمنحونهم الفرصة الكافية للحديث والتعبير عن آرائهم.
وفي هذه الأيام يشهد الكيان الصهيوني على مستوى الجامعات ومراكز الدراسات والمؤسسات الأمنية والعسكرية، ندواتٍ وحلقاتِ بحثٍ تعقد على الدوام ولا تتوقف، ويبدو عليها الجدية والاهتمام، والقلق والخوف، وهي تتابع التطورات، وتجمع المعلومات، وتحلل المعطيات، وتخرج بالتوصيات والنتائج، وتوصي بالحلول والمقترحات، التي يرون أنها قد تجنب الكيان وسكانه الأخطار المحيطة، فهم لا يعتقدون أنهم سيكونون بمنأى عما يحدث، وأن النتائج لن تكون صادمة بالنسبة لهم أو مفاجئة، خاصةً أنهم لا يستطيعون أن يتركوا شيئاً للمفاجئة أو المصادفة، بل يؤمنون بضرورة أن تكون كل الخيارات مدروسة، وكل الاحتمالات معروفة.
لعل المتغيرات السريعة والكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية، وخاصةً في مصر وسوريا، هي التي تفتح شهية الباحثين الإسرائيليين على المزيد من البحث، وتشجعهم على التفكير الجديد والفعال، للتعرف على كيفية التعامل مع المستجدات الحادثة، والبحث عن أفضل السبل والمناهج التي تناسب المرحلة، وتجنبهم الأخطار القريبة والجارة، ولعلها تشعر بغير قليلٍ من القلق نتيجة التغيرات والسريعة والانقلابات الكثيرة، فهي تخشى مما قد تفرضه الأحداث الجارية، التي قد تجبرها على التعاطي مع القوى الصاعدة والمسيطرة، أو تجد نفسها في اشتباكٍ معها، تجابهها وتقاتلها.
يرى بعض الباحثين الإسرائيليين المنشغلين في هذه الورشات، أن المنطقة العربية تشهد عملية هندسة سياسية حقيقية وجادة، وهي بالنسبة للبعض حلمٌ ولكنها لغيرهم ألمٌ، وقد شكلت في الماضي أحلاماً، بينما خلقت عند آخرين كوابيساً، ولكن عما قريب ستظهر النتائج وستقوم الحدود والوقائع، وستنشأ دولٌ وحكوماتٌ، وستعزل فيها طوائفٌ وقومياتٌ، برضى أهلها أو رغماً عنهم، إذ أن المستقبل لا يحمل لهم حلولاً مرضية، ولا يعدهم بنهاياتٍ سعيدة، والأيام تنقلهم من سيئٍ إلى أسوأ، وتكلفهم في كلِ يومٍ أكثر، الأمر الذي سيجبرهم على القبول بحلولٍ يستخدم فيها المشرط، الذي يحز الجلد ويجرح، ويتسبب بالألم وينزف بسببه الدم.
ولكنهم يرون أن عملية رسم الخرائط وتصميم المواقع تتم في المكاتب وفي أروقة الفنادق، حيث المكيفات الملطفة للأجواء، والكماليات الميسرة للعمل، بعيداً عن ضوضاء الورش، وفوضى العمل الميداني، الذي يقوم به الوكلاء فقط، الذين يلتزمون بتنفيذ العمل وفق الخرائط المرسومة، والخطط المعتمدة، حيث لا يحق للعاملين في الورش وعلى الأرض أن يتدخلوا في تعديل الرسومات، أو إجراء تغيير على التصاميم المرفقة، مهما بلغ عدد العاملين، ونشاط الفنيين، ومهارة المهندسين، فهم ليسوا أكثر من عمال منفذين، وأجراء يعلمون لدى مقاولٍ أو شركةٍ، بل إنهم عبيدٌ سخرهم الرب لخدمتهم وتلبية حاجاتهم.
يؤكد هذا الفريق على ضرورة عدم غياب الحكومة عن مكاتب الرسم والتصميم، ليتم الأخذ بملاحظاتهم، والعمل وفق تصوراتهم، ويعتبرون أن الحضور هنا واجب، والمساهمة ضرورية، أما الغياب فهو جريمة قد ترقى إلى مستوى الخيانة، أما الغياب عن الورش المكلفة على الأرض فهو ضرورة ومصلحة، حيث يوجد عمالٌ ينفذون المهام بدقةٍ وأمانة، ويجتهدون في استرضاء المقاولين، والحصول على إشادة المتعهدين، وهؤلاء يتعرضون للخطر بالإنابة، ويضعون أنفسهم في مواقع المجازفة التي يجب على الإسرائيليين أن يبتعدوا عنها، ويدعوا غيرهم يقوم بها بالوكالة عنهم، فهم يحسنون القيام بعملهم، ويؤدون المهام الموكلة إليهم بصدقٍ وأمانة.
لهذا ينصح هذا الفريق الحكومة الإسرائيلية أن تغيب كلياً عن المواقع، وألا تكون فيها إلا للمراقبة والمتابعة وجمع المعلومات، والتدقيق في البيانات والمعطيات، لتتمكن من رسم الخرائط المطلوبة وفق المعلومات الصحيحة، التي تلبي حاجتهم، وتحقق أهدافهم، وتجنبهم دفع أثمانٍ هم في غنىً عنها، خاصةً أنهم يعلمون مسبقاً أن هذه الورش قذرة وغير نظيفة، وأن أرضها سبخةٌ رخوة، يسهل الغوص فيها لكن يصعب الخروج منها، والوكلاء فيها متشاكسون، وأكثرهم غير أمينين، وقد ينقلبون فجأة، ويغيرون اتجاهاتهم بغتةً.
في الوقت الذي يرى فيه هذا الفريق من الباحثين وجوب الابتعاد عن الميدان، وعدم المشاركة في الحروب والمعارك، إلا أن يكون خطراً داهماً، وهدفاً حقيقياً لا يحتمل الانتظار، ولا يمكن استدراكه إن لم يتم استغلال الظرف الراهن، واتخاذ القرار المناسب بسرعةٍ وحزمٍ، وإن لم يكن الهدف عند غيرهم ظاهراً، أو عند حلفائهم حقيقياً، إلا أنه بالنسبة لهم قد يشكل خطراً، علماً أنهم يعتقدون أن قواعد اللعبة تسمح بمثل هذه التمريرات، وتجيز بعض الضربات والغارات، ولا تحاسب المتجاوزين عليها، إذ لا وقت للحساب، ولا قدرة عند كل الفرقاء على منع التجاوز أو صده.
يلخص هؤلاء موقفهم، أنّ أفضل طريقة للنجاة من العاصفة الإقليمية، تكمن في اعتماد استراتيجية سور دفاعية، مدعومة بقدرة معزّزة على تسديد ضربات بعيدة المدى، والتعاون مع القوى والدول العربية التي تنجح في البقاء، وتبدي رغبةً في التعاون والتنسيق، علماً أن أغلب القوى العربية الرسمية باتت تدرك أن مصالحها مع الكيان أفضل، وأن مستقبلها في ظله أضمن، وأن بقاءها إلى جانبه أكثر استقراراً وأماناً.
هكذا يفكرون ويخططون، وهكذا يعملون وينفذون، فهل ننتبه ونصحو، ونلتفت إلى مصالح أمتنا وأماني شعوبنا، فنقلب لهم ظهر المجن ونتفق، ونباغتهم ونتحد، ونصدمهم وننعتق.
د. مصطفى يوسف اللداوي
اليمن السعيد قتلت سعادته نيران الحرب والجوع.. فمتى يصحوا ضمير العرب
مع مرور أيام شهر رمضان المبارك ثقيلآ على غير عادته على اليمنيين ،نتيجة الحرب الحرب السعودية –الأمريكية التي يتعرض لها الشعب اليمني ،بدأ واضحآ ان معظم اليمنيين قد بدأوا يدركون بعد مايزيد على تسعين يومآ من العدوان السعودي –الأمريكي على اليمن ، طبيعة وحقيقة ومسار هذه الحرب العدوانية التي تستهدف اليمن كل اليمن ،وبهذه المرحلة فمعظم القوى اليمنية بمختلف توجهاتها تعي وأكثر من أي وقت مضى،ان هذا العدوان يستهدف اليمن كل اليمن،وهدفه الأول والأخير هو تدمير وذبح وقتل اليمن الدولة والتاريخ والحضارة والهوية والأنسان .
ولقد كانت الحرب السعودية-الامريكية ، الأخيرة بفصليها والمسماه “عاصفة الحزم-اعادة الأمل ” والتي قامت من خلالها السعودية وبغطاء امريكي وبمشاركة تحالف “عشري” بتدمير شبه شامل لبنى تحتيه ومجموعة مطارات وقواعد عسكرية واحياء سكنية ومخيمات نزوج ومشاريع أقتصادية يمنية،وأسفرت عن سقوط الألاف من الشهداء والجرحى،هي بمثابة العدوان الصريح على بلد عربي ذو سيادة ،والتي خلفت خلفها كوارث ومذابح ،والأهم من كل هذا وذاك،هي الظروف المعيشية الصعبة والمأساوية التي يعيشها الشعب اليمني اليوم،نتيجة هذا العدوان .
وهنا لا أعرف بالتحديد ان كان بعض العرب الذين شاركوا بالعدوان على اليمن ، قد استشعروا خطورة الوضع الأنساني والاقتصادي المأساوي الذي يعيشه المجتمع اليمني اليوم بكل اطيافه كنتيجة أولى لهذا العدوان،ولكن للأسف يبدوا ان العرب بمجموعهم او على الاقل بمعظمهم مازالوا وللأن يتعامون عن رؤية حجم وحقيقة ألازمات التي يعيشها شعب اليمن اليوم والتي بمعظمها سببها الرئيسي هي الشرعية والغطاء الذي منحه بعض العرب للعدوان السعوي –الأمريكي على اليمن.
شعب اليمن يعيش اليوم بمرحلة خطرة تتقاطع فيها ألازمات لتشكل بمجموعها عبئ ثقيل على الدولة اليمنية بكل أركانها، والواضح أكثر بهذه المرحلة ان هذه ألازمات بدأت تطفوا إلى سطح الأزمات الظاهرة لكل العرب، ولا نجد أحدآ يمد يده لنجدة الشعب اليمني الذي بدأ وللأسف يعاني كثيرآ من تراكم ألازمات الناتجة عن هذه الحرب العدوانية ومنها بالتحديد الاقتصادية والمعيشية تحديدآ التي بدأت ترهق أركان الدولة اليمنية بمجموعها.
وهنا بالتحديد لا أعرف ان بقي هناك بعد كل هذا الدمار الذي حل باليمن نتيجة هذه الحرب العدوانية ،أي حديث عن شرعية لـ”عبد ربه منصور هادي”،الذي برر هذا العدوان لا وبل منحه الشرعية والغطاء السياسي ،فاليوم وبعد مرور أكثر من تسعين يومآ على العدوان يمكن القول وبألمحصلة وبغض النظر عن ألاسباب المعلنة اوالمخفية وراء الكواليس للعدوان السعودي –الامريكي على الدولة اليمنية، فاليوم يمكن القول ان الشعب اليمني بمجموعة قد ذهب ضحية لهذا العدوان الذي يستهدف اليمن كل اليمن .
وبالعودة إلى دور بعض العرب الذين منحوا الشرعية والغطاء لهذا العدوان على اليمن ، فاليوم المطلوب من بعض العرب الذين منحوا الشرعية والغطاء للعدوان السعودي –الأمريكي على اليمن ، ان يلتفتوا على ألاقل لتداعيات حربهم على اليمن وتداعيات الاوضاع المعيشية التي يعيشها الشعب اليمني اليوم، والتي بمجموعها بدأت تلقي بظلالها السلبية والكارثية على الدولة اليمنية بكل أركانها، فمجموع هذه ألازمات التي سببها بعض العرب ومنحها الشرعية، بدأت ترتد اثأرها وبشكل واسع على الداخل اليمني المأزوم أقتصاديآ قبل حصول كل هذه ألازمات ، فكيف اليوم ومع تراكم هذه الازمات وأثار هذه الحرب العدوانية وتداعياتها على الداخل اليمني.
ختامآ ،لا أعرف إلى أي حد سيبقى يتعامى العرب عن رؤية حقيقة الأزمات المعيشية التي يعيشها اليمن اليوم، بسبب العدوان السعودي –الأمريكي ، ومع تراكم هذه ألازمات ومع زيادة حجم المخاطر ألامنية، وتراكم ألازمات ألاقتصادية، والتغير الواضح بطبيعة الحياة المعيشية للمواطن اليمني ، ومع زيادة حجم الخسائر اليومية التي يتعرض لها ألاقتصاد اليمني”المنكوب” نتيجة هذه الحرب العدوانية، يبدوا وأضحآ ان العرب ما زالوا وبالفعل يتعامون عن رؤية حقيقة وواقع وتداعيات هذه الحرب العدوانية على اليمن،والسؤال هنا متى سيصحوا ضمير العرب حكومات وشعوبآ ،ليشاهدوا حقيقة الأزمة التي يعيشها الشعب اليمني اليوم نتيجة الحرب العدوانية السعودية –الأمريكية على اليمن؟؟،وهذا السؤال سيبقى برسم الأجابة لدى العرب …
هشام الهبيشان
حدود الحرب الجوية
تدور فى العراق، والشام، وليبيا، واليمن رحى عدة حروب أهلية. ومع كل حرب جديدة تطفو على السطح فكرة أن الحرب الجوية aerial warfare غير حاسمة لقضاء طرف على آخر، ولا لاحتلال أرض أو تحريرها أو الانطلاق منها وأنه فى سبيل الانتصار لا بد من حرب برية، دفاعية أو هجومية.
فهل تُعتبَر الحرب الجوية غير حاسمة بصورة مطلقة، أم هناك عوامل تجعلها حاسمة أو غير حاسمة؟
وإذا كانت للحرب الجوية حدود، فما هى العوامل التى تجعلها حاسمة أو غير حاسمة.
ولا يتحقق مفهوم الحرب الجوية لمجرد استعمال أسلحة جوية، بل لا بد أن يكون السلاح الجوى سلاحه الحاسم. ومنذ الحرب العالمية الأولى صار استعمال السلاح الجوى حاسما، إلا عندما تفتقر الأطراف المتحاربة إلى قوة جوية حاسمة.
وينطبق مفهوم السلاح الجوى ليس فقط على الطائرات المقاتلة والقاذفة وغيرها وقواعدها ومختلف وسائل نقلها وتخزينها بل يشمل كل سلاح محمول جوا كالصواريخ، وإنْ تم إطلاقها من غواصات فى أعماق البحار.
وتَستعمِل الحروب حتى أسلحة دمار شامل كالأسلحة الكيميائية والبيولوچية والميكروبيولوچية والقنابل العنقودية وغيرها، والاستثناء هو القنابل النووية لأن دمارها الشامل ليس محصورا فى مناطق، بل يشمل كل مكان على ظهر الكوكب.
ولنشأة وتطور كل سلاح حربى تاريخ طويل. ومن العربات الحربية وسفن الحرب البحرية منذ أكثر من آلاف السنين، إلى الدبابات والسفن والطائرات الحديثة المتقدمة فى العصر الحديث، تطورت أسلحة الحرب وتطورت صناعاتها التى تنتج أسلحة خطيرة وفتاكة وحاسمة، إلى حد تسمية حروب بأسمائها.
ومع تطوُّر أسلحة الحرب الجوية تطورت أسلحة دفاعية وهجومية قديمة وحديثة لمقاومتها وتحييدها.
وترتبط حسابات فاعلية الحرب الجوية بواقع أن بعض البلدان المتقدمة هى التى تملك وسائل الحرب الجوية ووسائل مقاومتها وتحييدها وحتى استباق تطوراتها عند الخصم أو العدوّ.
وتكاد تنعدم احتمالات الحرب بين جيشين متقدِّمين متكافئين، ولهذا، بين أشياء أخرى، تلجأ دُوَل كبرى إلى الحروب بالوكالة، كما أنه توجد صعوبة بالغة لحرب متناظرة symmetric warfare بين جيشين متوسطين متكافئين، لأن مثل هذه الجيوش تحسب لكل شيء حسابه عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
وهناك بالمقابل بلدان متأخرة وتابعة ولا تملك بالتالى وسائل الحرب الجوية، وإنْ امتلكت هذه البلدان وسائلها بمستويات متفاوتة، فإن نسبة حاسمة من هذه الوسائل وبالأخص تلك المتقدمة تكون مستوردة من دول كبرى تُحدِّد ما يمكن تصديره إليها.
وفى الحرب بين بلد يملك وسائل الحرب الجوية وآخر لا يملكها، ولا يملك الوسائل الدفاعية اللازمة تكون نتائج الحرب بديهية. ويملك هذا البلد أو ذاك وسائل الهجوم والدفاع معا أو يفتقر إليها معا. وفى الحرب بين بلد ضعيف عسكريا وآخر أقوى نسبيا تكون النتيجة لصالح الأقوى.
وتختلف الحرب بين جيشين نظامِيَّيْن عن الحرب بين جيش نظامى وجماعات مسلحة. وقد رأينا جيش صدام حسين ينهار فى أقل من ثلاثة أسابيع عند خروجه إلى الصحراء لمواجهة الجيش الأمريكى فى الحرب البرية، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من إلحاق هزيمة بفلول جيش صدام والجماعات الإسلامية.
وكان الجيش الأمريكى هو الأقوى، ولكن إلحاق هزيمة ساحقة بالجيش العراقى كان بفضل الحرب الجوية التى حددت نتيجة الحرب البرية؟ ومن قبل انتصرت الحرب الجوية "الخالصة" على العراق فى عهد چورچ بوش الأب فى مارس 2003 وفرضت حصارا طويلا وعقوبات فعالة وجعلت كل الحروب التالية سهلة، باستثناء الحرب على تنظيمات الإسلام السياسى.
ويمكن أن تكون الحرب الجوية حاسمة بشرط استبعاد "الحسابات الأخلاقية" المرهفة للأعداد الضخمة من القتلى والجرحى، وذلك بحكم المهمة الكبرى المتمثلة فى التخلُّص من نظام صدام حسين وترويضه وإلحاقه بالحظيرة الأمريكية.
وفى الحرب على أفغانستان استمرَّت الحرب الجوية قرابة أربعين يوما قبل النزول للحرب البرية المستمرة إلى الآن ولكن الاحتلال كان سهلا. وهنا مثال مهم للحرب الجوية السريعة الحاسمة حقا وفى الوقت نفسه للحرب اللامتناظرة asymmetric warfare التى تستمر طويلا رغم عدم التكافؤ وقد تنقلب النتائج، وأظن أن حرب ڤ-;-ييتنام كانت تنتمى إلى هذا النوع.
وكانت الحرب الجوية الخالصة هى حرب كوسوڤ-;-و. وكما يؤكد إينياسيو رامونيه فى كتابه "حروب القرن الحادى والعشرين" (ترجمتى العربية)، كانت حرب حلف الأطلنطى (يونيو 1999)، بقيادة الچنرال الأمريكى ويزلى كلارك Wesley Clark على يوغسلاڤ-;-يا السابقة، على أساس مبدأ "القتيل صفر" (أو: "صفر من القتلى") zéro mort حربا من نوع جديد، فبعد شهرين من القصف المتواصل، لم يمت عسكرى واحد من حلف الأطلنطى أثناء الحرب.
ومع أن المهام الجوية تجاوزت 25 ألف مهمة كانت الخسارة طائرتين تمت استعادة طياريْهما سالمين.
أما يوغسلاڤ-;-يا فقد تم تدمير أبنيتها الأساسية العسكرية والصناعية والمحطات الكهربائية، وطرق المواصلات الرئيسية: الجسور، والسكك الحديدية، وطرق السيارات. وقُتل عدة آلاف من العسكريين الصرب. ووفقا لبعض الچنرالات الأمريكيين، أعيد البلد عقدين من الزمان إلى الوراء.
خليل كلفت
ماذا حدث للجزائريين؟
كانت مصر تستعد لدخول الألفية الثالثة عندما فتحت مجلة الهلال المصرية ملفا بعنوان: ماذا حدث للمصريين؟ فدعت كتّابها إلى الإجابة عن هذا السؤال، كل واحد من الزاوية التي يريدها. فلبى دعوتها الكثير من الكُتاب الذين التقوا في التنقيب والبحث عن مناحى التطور في المجتمع المصري خلال نصف قرن من الزمن من 1945 إلى 1995.
وقد ساهم في هذا الملف الكاتب والأستاذ الجامعي جلال أحمد أمين، الذي نشر مساهمته بالعنوان ذاته.
وقد أبديت تحفظى على عنوان الملف لبعض الزملاء المصريين، وذلك لأنه يوحي بأن المصريين لا يد لهم فيما حدث لهم. وأن ما جرى لهم تم بفعل فاعل لا يمت بصلة لمجتمعهم! ورغم هذا التحفظ إلا أنني أجد نفسي منجذبا إليه، فاستعرته للسؤال عمّ أصاب الجزائريين؟ وحتى لا أُتهم بالغرور والإدعاء أنني قادر على دراسة جوانب تطور المجتمع الجزائري، خاصة في هذه العجالة، أعلن الآن أنني أروم إظهار بعض الجوانب في سلوك الجزائريين الذي تغلغل في النسيج الاجتماعي تدريجيا، وأدغم في حياتنا اليومية لنسلّم به ويصبح طبيعيا.
ولو سمح لي القارئ الكريم أن أسعى إلى ما أروم إليه، متكئا على الثقافة الشفهية أقول: حدثني أحد الأصدقاء الثقاة أن الجيش الاستعماري طرد أسرته من مزرعتها، واقتيد كبيرها إلى المعتقل بعد أن اكتشف أنها تحولت إلى مركز لجيش التحرير الوطني. ولم يكن في يد أسرته من حيلة سوى البحث عن سكن بالمدينة. فاختار عمه بيتا غير ملتصق بالجيران، ويقع في زقاق مسدود لا يمر عليه غريب، مراعاة لحرمة ساكنيه. وقد دفع مبلغا كبيرا لإيجاره لمدة ثلاث سنوات كاملة ودفعة واحدة. وكان هذا المبلغ يسمح له بشراء سكن في ذلك الوقت. لكنه رفض، بعناد، هذه الفكرة خوفا من أن تستقر أسرته في المدينة، فتستولى على أبنائه اليافعين وإخوته وتجرهم إلى الانحراف. هكذا كان أجدادنا وأباؤنا يفكرون ويتصرفون.
فإسكان أسرتهم في طابق ”فيلا” يعلو فوق حانةً أو مقهى أو متجر يعد عيبا ما بعده عيب في ذلك الزمان.
فإسكان أسرتهم في طابق ”فيلا” يعلو فوق حانةً أو مقهى أو متجر يعد عيبا ما بعده عيب في ذلك الزمان.
ويستطرد صديقى قوله متسائلا: لكن ماذا نلاحظ اليوم؟ أحياء سكنية في أسواق شعبية! فبعض مالكي الفلل أصبحوا يؤجرون جدرانها الخارجية، وحتى ممراتها الداخلية التي تقطعها عائلاتهم يوميا سواء للدخول أو الخروج منها، لتجار الأواني المنزلية، وبائعي الملابس الداخلية للرجال والنساء. فتسمع هذه العائلات، في بعض الأحيان، مضطرة صياح البائعين أو الزبائن وملاسناتهم التي تجرح بكلماتها النابية!
وحدثني صديق آخر قائلا، إن جَدَّه فسخ خطوبة عَمَّته، لأن خطيبها كان مهاجرا وعبّر له عن نيّته في العيش مع زوجته المستقبلية في فرنسا! والغريب، كما يقول صديقي، أن ابنة حفيدة هذا الجدّ فسخت خطوبتها، لأن خطيبها المهاجر في الخليج أصر على عدم اصطحابها معه للعيش في مهجره، بحجة أنه يشتغل لمدة خمسة وأربعين يوما في عرض البحر، ثم يعود إلى الجزائر لقضاء شهر مع زوجته!
وماذا جرى للجزائريين الذين قيّموا ذلك الشاب المتعلم الخلوق الذي دُفع للترشح في الانتخابات البلدية دفعا. ففاز وتبوّأ منصب رئيس المجلس البلدي. وأعطى المثال عن نظافة اليد والنزاهة واستقامة السلوك. فكان أول من يأتي إلى مقر عمله وآخر من ينصرف بسيارته الشخصية! لقد كان ناخبوه يتغامزون كلما مر أمامهم ويسمونه ”نِيّة الله”، لأنه غبي في اعتقادهم، كونه لم ينهب ولم يستغل نفوذه، وينتفع من منصبه.
ولم يثر أي شخص بشكل غير قانوني. فانتخبوا غيره في الدورة الانتخابية التالية. فكان هذا الأخير الأنموذج في التزوير والرشوة والانتفاع من المنصب بطرق غير مشروعة. فلم ينج من الغمز هو الآخر، وأضحى اسمه على كل لسان يلوكه بالسوء. فماذا يريد الجزائريين بالضبط؟ إنهم غير راضين عن المسؤول النزيه ونظيف اليد وناقمين، في الوقت ذاته، على المزور والمرتشى!
وماذا جرى لبعض وسائل الإعلام الجزائرية حتى تنشغل، حد الهوس، بشخص أشهر إلحاده ليصبح مجرد رقم إضافي في قائمة الملحدين في العالم، ولم ترأف بوضع المسلمين، من جهة أخرى، فأذكت نار الفتنة الطائفية بينهم لتحصد المزيد من أرواحهم؟ فماذا جرى لهذه الوسائل حتى لا تسأل عمّ جرى للجزائريين؟ هل حدث لها ما حدث لهم، فملأت الدنيا صخبا بسبب فتاة شمرت تنورتها. واستنكرت فعلتها بعنف، باسم العفِّة والأخلاق والدين. وبالمقابل تشجع ممارسة التحرش بالمرأة، بصرف النظر عن طول لباسها أو عرضه. لقد احتجت على العقاب الذي يسلطه القانون على من يتحرش بالمرأة وكأن المتحرش يقوم بذلك حماية للأخلاق ودفاعا عن الدين.
نصر الدين لعياضــي
انتخابات تركيا.. صفعة لأردوغان وصعود وجه جديد
أظهرت الانتخابات البرلمانية التركية، التي حاول من خلالها الرئيس أردوغان تقويض النظام البرلماني، رفض الناخبين لنظامه الرئاسي الذي سيمنحه سلطات أكثر، كما قادت إلى بروز وجه جديد، كان قد وصفه أردوغان نفسه بـ"الكفر".
بعد 13 عاماً بقي خلالها سلطان تركيا بلا منازع، تلقى الرئيس الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان في الانتخابات التشريعية الأحد أول صفعة سياسية كبيرة أسقطت أحلامه بالهيمنة على البلاد. ورغم أن أردوغان (61 عاماً) يبقى بعد الانتخابات وبفارق كبير الزعيم السياسي الأكثر شعبية وهيبة في بلاده منذ مصطفى أتاتورك مؤسس الجمهورية الأسطوري، غير أن خططه لتقويض النظام البرلماني وإعادة إحياء "رئاسة قوية" على صورة عهد سلفه القديم أحبطت لفترة طويلة.
ومنذ انتخابه في آب/ أغسطس الماضي والرئيس الجديد يعمل على استعادة مقاليد السلطة من خلفه رئيس الوزراء احمد داود أوغلو داعياً إلى إصلاح دستوري يعزز صلاحيات الرئاسة. في هذا السياق قال المحلل السياسي والأستاذ الجامعي سيف الدين غورسيل لشبكة سي ان ان تركيا إن "الناخبين الأتراك أعلنوا له بشكل واضح أنهم غير موافقين على الانتقال إلى نظام رئاسي".
وأردوغان الذي وصل إلى رئاسة الحكومة عام 2003 على أنقاض أزمة مالية خطيرة، يعتبر برأي أنصاره صانع المعجزة الاقتصادية التركية ورجل الإصلاحات التي حررت الغالبية الدينية والمحافظة في هذا البلد من سيطرة النخبة العلمانية ومن تدخلات الجيش في الحياة السياسية.
انتقادات "للسلطان الجديد"
لكنه أصبح أيضاً منذ سنتين السياسي الذي يواجه أكبر قدر من الانتقادات في تركيا حيث تؤخذ عليه نزعته إلى التسلط ويتهم بالسعي لأسلمة النظام. والقصر الضخم والفائق الفخامة الذي انتقل إليه أردوغان في الخريف الماضي وقد بلغت كلفته حوالي 500 مليون دولار أصبح رمزاً لـ"جنون العظمة" الذي ينعته به منتقدوه ولـ"الفساد" الذي يأخذونه عليه.
غير أن أردوغان الذي كان والده ضابطاً في خفر السواحل يسلط الضوء دائماً على أصوله المتواضعة، إذ نشأ أردوغان في حي شعبي من اسطنبول وتلقى تعليمه في ثانوية دينية وعمل بائعاً كما حلم في وقت ما بأن يصبح لاعب كرة قدم، قبل أن يخوض غمار السياسة ضمن التيار الإسلامي.
وانتخب عمدة لبلدية اسطنبول في 1994 ثم قاد حزبه ، حزب العدالة والتنمية، إلى الفوز بالانتخابات التشريعية في 2002. وتولى منصب رئيس الوزراء بعد ذلك بعام بعيد العفو عنه من حكم بالسجن بسبب إلقائه نشيداً دينياً في مكان عام. ولسنوات راكم النموذج المحافظ الذي اعتمده أردوغان والذي يزاوج بين الرأسمالية الليبرالية والإسلام، النجاحات مدعوماً بنسب نمو "شبيهة بالنمو الصيني" لاقتصاد البلاد ورغبته في الانضمام للاتحاد الأوروبي.
وبعد أن أُعيد انتخابه في 2007 و2011 مع نحو 50 بالمائة من الأصوات، بدا أردوغان يحلم بتولي الرئاسة وبالبقاء على رأس البلاد حتى 2023 للاحتفال بمئوية الجمهورية التركية. لكن هذا السيناريو شهد تعقيدات في حزيران/ يونيو 2013 . فقد نزل على مدى ثلاثة أسابيع أكثر من ثلاثة ملايين ونصف من الأتراك إلى الشارع ليحتجوا على سياسته التي تنحو أكثر فأكثر منحى "إسلامياً".
لكن أردوغان الواثق من نفسه ومن شعبيته والذي يصفه مريدوه وخصومه بـ"السلطان" الجديد، لم يتزعزع. بالعكس رد مستخدما إستراتيجيته المفضلة التي تقوم على تصويره كـ"رجل الشعب" ضحية "مؤامرة" النخب. ورد بقمع شديد استهدف "الناهبين" و"الإرهابيين" المحتجين عليه لكن رصيده الديمقراطي تعرض لنكسة جدية. ولا يزال أردوغان متمسكاً منذ ذلك الحين بخطابه الشديد والاستفزازي وشن هجمات كلامية عنيفة على خصومه خلال الحملة الانتخابية.
وهو يركز هجماته على المعارضة وحليفه السابق الإمام فتح الله غولن وكذلك وسائل الإعلام الأجنبية مثل صحيفة نيويورك تايمز وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذين يتهمهم بأنهم "أعداء تركيا الجديدة" ما يزيد من مخاوف منتقديه.
ضربة موجعة
وبعد نتيجة الانتخابات هذه بات "حزب العدالة والتنمية" يواجه تحدي تشكيل حكومة جديدة، بعدما أخفق في الحصول على أغلبية مطلقة في الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى في تاريخه.
وانفرد الحزب بحكم تركيا منذ عام2002، وينظر إلى انتخابات أمس الأحد على أنها ضربة لجهود مؤسسه ،الرئيس رجب طيب أردوغان، لتغيير النظام الرئاسي بشكل يمنح مزيداً من السلطات لمنصبه.
وبعد فرز جميع الأصوات تقريباً، حصل حزب العدالة والتنمية على 40 بالمائة فقط، ما يمنحه 258 مقعداً في البرلمان الذي يضم 550 عضواً. وكان الحزب يأمل في الاستحواذ على 330 مقعداً والتمكن من عمل استفتاء حول تغيير نظام الحكم. وحصل "حزب الشعب الجمهوري"، من تيار يسار الوسط، على ما يزيد قليلاً عن 25 بالمائة من الأصوات، فيما حصل "حزب الحركة القومية" اليميني المتشدد على 16.4 بالمائة من الأصوات.
وقبل عام 2002 ، مرت تركيا بفترة شهدت حكومات ائتلافية غير مستقرة. أما العهد الذي انفرد فيه حزب العدالة والتنمية بالحكم، فقد شهد استقراراً سياسياً نسبيا ونمواً اقتصادياً. ومع ذلك فإن معارضي أردوغان اتهموه بالسلطوية المتزايدة خلال وجوده في السلطة.
وجه جديد
كما أفرزت هذه الانتخابات وجهاً كردياً جديداً على المشهد البرلماني في تركيا، فقد برز صلاح الدين دميرتاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، كقوة لا يستهان بها في السياسة التركية بعدما قاد حزبه في الانتخابات التشريعية الأحد ليتجاوز عتبة الـ10 بالمائة ويضمن عشرات المقاعد في البرلمان.
دميرتاش: "نحن الشعب الذي يعاني من القمع في تركيا ويريد العدالة والسلام والحرية قد حققنا انتصاراً كبيراً اليوم".
وبعد حملة شهدت توتراً، نجح دميرتاش في اجتذاب ناخبين من غير الأكراد وأثار الإعجاب في رده الجدير برئيس دولة على هجوم بالقنبلة استهدف تجمعاً لحزبه وأسفر عن مقتل شخصين وسقوط مئات الجرحى قبل يومين فقط على اقتراع الأحد.
وسيحظى دميرتاش بـ79 مقعداً في البرلمان الجديد بعد فوز حزبه بـ13 بالمائة من الأصوات. وبفضل هذه النتيجة بات حزبه في موقع يمكنه من عرقلة مشاريع الرئيس رجب طيب أردوغان توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية. وكان دميرتاش السياسي الوحيد القادر على منافسة أردوغان في الخطابات الحماسية، حل ثالثاً في الانتخابات الرئاسية في عام 2014 مع نتيجة قاربت عتبة الـ10 بالمائة مما شجع حزبه على المشاركة في الانتخابات التشريعية للمرة الأولى.
ويعود إلى دميرتاش (42 عاماً) الفضل في تحويل حزب الشعوب الديمقراطي من حركة مغلقة للمكون الكردي الذي يمثل 20 بالمائة من سكان البلاد وقريبة من حزب العمال الكردستاني إلى حزب معاصر يهتم بالشؤون الاجتماعية ومنفتح على المرأة وعلى كل الأقليات.
وأعلن دميرتاش في كلمة بعد إعلان النتائج أن حزبه لن يشكل تحالفا مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، مشدداً على أن الجدل حول النظام الرئاسي قد انتهى. وقال دميرتاش في اسطنبول "نحن الشعب الذي يعاني من القمع في تركيا ويريد العدالة والسلام والحرية قد حققنا انتصاراً كبيراً اليوم".
اتهام بـ"الكفر"
وكان أردوغان شن حملة شرسة ضد دميرتاش ووصفه بأنه "فتى جذاب" ومجرد واجهة لحزب العمال الكردستاني المحظور. كما اتهم أردوغان دميرتاش بـ"الكفر" عندما دعا إلى إلغاء دروس الدين في المدارس وبأنه "نجم إعلامي" لأنه يعزف آلة موسيقية.
ورد دميرتاش الذي يدعوه مؤيدوه بـ"أوباما التركي" قائلاً "نحن حزب الشعوب الديمقراطي سنجعل الأسد الذي يزأر داخلك مجرد قطة صغيرة".
م.ع/ح.ع.ح (وكالات، DW)
Inscription à :
Articles
(
Atom
)
-
إيران بعد الأسد؟ هل بدأت أحجار الدومينو بالسقوط؟ - يورونيوز ظهرت المقالة إيران بعد الأسد؟ هل بدأت أحجار الدومينو بالسقوط؟ أولاً على ميادين | Mayadin.
-
Sur le départ, Joe Biden accorde 39 grâces et commue 1500 peines - En fin de mandat, le président américain Joe Biden a annoncé jeudi avoir accordé 39 grâces et commué la peine de près de 1500 personnes. L’article Sur le...
-
دمشق تشهد عودة تدريجية للحياة مع إعادة فتح البنوك والأسواق - بدأت الحياة في العاصمة السورية دمشق تعود تدريجيًا إلى طبيعتها، حيث أعادت البنوك الخاصة فتح أبوابها لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وقال سعدي ...