Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions
Affichage des articles dont le libellé est المواطن الصحفي. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est المواطن الصحفي. Afficher tous les articles

مرحلة جديدة من الردع اليمني

 

بوتيرة متصاعدة واستراتيجيات متسارعة عنون الجيش واللجان الشعبية اليمنية عامهم الجديد ليكون هذا العام عام الحسم لناحية الردع  والرد السريع على عمليات العدوان الامريكي السعودي الاماراتي على الشعب اليمني ، فمنذ مطلع العام الحالي يسجل الشعب اليمني انتصاراته التي كان قد وعد بها من خلال القادة السياسيين والعسكريين بالرد على قوى العدوان لتتوج هذه الانتصارات بعملية نوعية للجيش واللجان الشعبية استهدفت من خلالها مواقع حيوية استراتيجية لدولة الامارات في كل من مطار ابو ظبي ومنشأة ادونك النفطية ليأتي هذا الرد اليمني على اختراق الامارات للاتفاقية الغير المكتوبة بين حكومة صنعاء والامارات المعنية بتجميد دور الامارات في عمليات تحرير مناطق الشمال اليمني وسحب قواتها منه ، وهذا الاتفاق  حفظ ماء وجه الامارات وحيدها لفترات طويلة من ضربات الجيش اليمني وبعودة الامارات للتدخل في معارك التحرير ودعمها للمجاميع الانفصالية بدعم واسناد سعودي والتي  ذاقت هزيمة مرة في كل من معارك مأرب وشبوة  لتأتي العودة الاماراتية والمشاركة بدعم هذه الفصائل لصالح المملكة السعودية التي زار اميرها محمد بن سلمان عدة  دول خليجية ومنها الامارات للحصول على صواريخ استراتيجية متطورة كانت واشنطن قد سحبتها من السعودية ونفاذ المخزون الاستراتيجي السعودي منها وهذا ما جعل سماء الرياض مكشوفة امام مسيرات وصواريخ انصار الله وما تبعها من هزائم للسعودية في عملية فجر النصر التي كان اطلقها الجيش اليمني وسجل فيها انتصارات استراتيجية.

اتبع قادة انصار الله سياسة النفس الطويل في عمليات الرد والردع وترك هامشا جيدا لتحييد الدور الاماراتي بالطرق الدبلوماسية الا ان عودة الامارات للعب دور المعتدي والغازي وخرق الاتفاق مع حكومة صنعاء جعل باب الرد اليمني مفتوحا لكل السيناريوهات وكلنا يعلم ان قادة انصار الله كانوا قد اعلنوا ومنذ عام ٢٠١٩ عن وجود بنك اهداف استراتيجية في الامارات من ضمنها  ابو ظبي ودبي .

هذه المستجدات  اليمنية التي اربكت دولة الامارات وشركائها من ما  يسمى بقوات التحالف العربي الذي خرج ليعلن عن هذه العملية كشفت عن الضعف الكبير في سلاح الجو الاماراتي والفشل الذريع في قدرة الامارات على كشف او رصد المسيرات اليمنية مما يجعل من قدرة استمرارها في هذا العدوان ضعيفة فالسلوك الاماراتي اصبح تحت مجهر القوات اليمنية ولن تكون السفينة الاماراتية المحملة بالعتاد العسكري  التي تم احتجازها  في المياه الاقليمية اليمنية من قبل القوات البحرية اليمنية الا البداية لعمليات بحرية وجوية وبرية اوسع واقوى من كل سابقاتها.

الامارات التي تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط والشركات الاقتصادية والمشاريع الاستثمارية متعددة الجنسيات والتي يشكل عامل الامن والاستقرار احد اهم ركائز استمرارها وازدهارها ستكون امام مرحلة مفصلية في تاريخ هذا البلد بما ينعكس بسكل كبير على كل مفاصل هذا الاقتصاد  ان ما استمرت في نهجها العدائي لليمن والشعب اليمني وهي مدركة تماما لهذه المفصلية لذا وجدناها تبحث وساطات وزيارات مكوكية الى حلفاء انصار الله بهدف الوصول الى تسوية مع صنعاء تجنبها ومصالحها في باب المندب صواريخ انصار الله .

الامارات التي ورطت نفسها بتنفيذ مشاريع امريكا واسرائيل في المنطقة بدءا بدعم مشروع الربيع العربي وانتهاءا بالعدوان  على اليمن وسخرت ارادتها السياسية ومقدراتها الاقتصادية لخدمة المشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة فهل ستغامر بأمن ارضها وشعبها خدمة لنفس الاهداف التي اثبتت السنوات الماضية فشلها ؟ ام انها ستجد في دعوة وزير الخارجية الروسي التي اطلقها منذ ايام قليلة والتي طالب فيها بعقد مؤتمر ايراني – عربي لبحث مسألة الأمن الجماعي في الخليج والتي يشكل اليمن فيه عصبه الرئيسي والأوحد فرصة مناسبة للذهاب الى حلول وتسويات تحفظ لدول العدوان على اليمن حفظ ما تبقى من ماء الوجه .

هذه الاستراتيجيات المدروسة الاهداف  للجيش واللجان الشعبية اليمنية التي تجلت باستهداف مطار أبو ظبي وخزانات الوقود القريبة من منشأة ادونك النفطية والتي توازي بأهميتها شركة ارامكو السعودية تجعلنا نستقرأ اننا امام مرحلة جديدة من التصعيد اليمني التي لن تقتصر على ابو ظبي بل ستتخطاها بكثير وسيفرض واقع جديد على الجغرافية السياسية تتخطى الحدود الجغرافية اليمنية الى ابعد ايضا من دول الجوار .

دول العدوان على اليمن تراقب  تطور المشهد اليمني بعيون ملؤها القلق صحيح ان المسيرات استهدفت الامارات وقبلها السعودية  الا اننا كنا نسمع صدى الأنين في كل من أمريكا واسرائيل .

الدكتورة حسناء نصر الحسين - باحثة في العلاقات الدولية- دمشق

تداعيات العملية الانتخابية ومصير الحكومة العراقية القادمة.. حكومة الأغلبية الوطنية هل ستختلف عن نهج المحاصصة؟

 

حكومة التوافق الوطني حكومة الشراكة الوطنية حكومة المكونات الوطنية، وكلها في الحقيقة كانت حكومات محاصصاتية حسب تغريدة السياسي المستقل د. ليث شبر وهو محق في ذلك.

بعد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي اتضحت الصورة. يريد البعض اعتبار " العرف السياسي" المستورد من التجربة اللبنانية القميئة والمدمرة لأنها دمرت لبنان وستعمل على تدمير العراق"، فوق الدستور والاستمرار بما يسمى " عراق المكونات" على حساب عراق المواطنة التي تتحقق فيها المساواة بين المواطنين.

 وما أن نقر بحتمية " مفهوم المكونات" فهذا يعني أنه لا خلاص من صيغة " المحاصصة" فلكل مكون مطالب وحصص في الكعكة السياسية. فالجميع، بموجب ذلك، يريد حصة في المشاركة في الحكم والحكومة سواء فاز أو خسر بالانتخابات، التي يسميها " استحقاقه الانتخابي"، ولا ينقصنا من التجربة المرة اللبنانية سوى " الثلث المعطل" الذي يشل البلد.

لفهم هذه المتاهة السياسية العراقية ينبغي العودة قليلاً إلى الوراء للطلاع على خلفية المشهد السياسي. أولاً تجدر إلى ما قبل 2003 وسقوط النظام الصدامي السابق.

 كان هناك نظام ديكتاتوري حديدي يحكمه رجل واحد هو صدام حسين، وإن كان ذلك باسم حزب فاشي هو حزب البعث العربي الاشتراكي، الشبيه بالحزب النازي، وكان يحكم بالحديد والنار والعنف والبطش والقسوة والوحشية، ويقمع ويقتل ويصفي معارضيه سواء خارج حزب أو داخله. وكانت المعارضة تتكون من أحزاب قديمة يسارية ويمينة وليبرالية، مدنية ودينية، تتواجد أغلبها في خارج العراق وترعاها دول ومخابرات وأنظمة، وكلها تنادي بإطاحة نظام صدام حسين وتدعو لتأسيس ديموقراطية سياسية وعهد جديد بديل للدكتاتورية والقمع ومصادرة الحريات، طبعاً كان ذلك على الورق ونظرياً فقط. أما في داخل العراق فكان هناك خلايا نائمة لبعض الأحزاب العريقة والقديمة كالحزب الشيوعي، وحزب البعث جناح سوريا المعارض لبعث صدام حسين والمتحالف مع البعث السوري، وحزب الدعوة. وحده التيار الصدري بزعامة المرجع محمد محمد صادق الصدر هو النشط على الساحة الداخلية ولديه قاعدة جماهيرية كبيرة.

وكان الإسلام السياسي مشتتاً وموزعاً بين العواصم بكل تسمياته وهو بمجمله متحالف ومتعاون مع إيران ومرجعيته إيرانية على العموم، لذلك كان يشكك في شرعية التيار الصدري المعارض أيضاً لنظام صدام ولكن بطريقته الخاصة، ويطعن في مصداقيته ويتهمه بالعمالة للنظام لكونه يعمل في الداخل العراقي تحت أنظار ورقابة النظام الصدامي ومخابراته وينسق معها أحياناً، إذا اقتضت الضرورة ذلك، ويعلن استقلاليته عن إيران.

 فالتيار الصدري جماهيري شعبوي وثوري ويتبع شخصية كارزمية دينية مقدسة لديه هي شخصية القائد محمد محمد صادق الصدر، والذي ورثه في القيادة بعد اغتياله على يد مخابرات النظام السابق، ولده الشاب مقتدى الصدر، بينما احزاب الإسلامي السياسي الأخرى حزبوية وتنظيمية منضبطة وهرمية لديها عدة قيادات دينية ومدنية، وتختلف بالرؤية السياسية والمنهجية اللازمة لقيادة البلد. قيادات الإسلام السياسي الشيعية التقليدية لا تعترف بزعامة مقتدى الصدر وإن جاملته وتعتبره زعيم طائش ولا يفقه في السياسة شيئاً ومتسرع ومزاجي ومتقلب، وقد أعلنوا ذلك مراراً وتكراراً في جلسات خاصة أو عبر وسائل الإعلام. سقط النظام الصدامي على يد الأمريكان حلفاؤهم وظهرت للسطح نفس المعادلة التنافسية والشك المتبادل وفقدان الثقة، وربما النزعة الانتقامية، بين الإسلام السياسي الشيعي التقليدي وبين التيار الصدري وزعيمه الشاب، الذي لم يتردد في تصفية أول خصم له وهو عبد المجيد الخوئي نجل المرجع الأعلى السابق السيد أبو القاسم الخوئي. اختار الأمريكيون جماعات الإسلامي السياسي الشيعي وسلموهم السلطة في العراق وتعمدوا تهميش مقتدى الصدر وتياره بعد أن تعاونوا معه قبل السقوط بقليل، فرد عليهم بتشكيل ميليشيات جيش المهدي وإعلان المقاومة المسلحة " ضد الاحتلال الأمريكي:

 بل وتعاون مع تنظيمات إرهابية سنية متطرفة ومتشددة دينياً كالقاعدة في شن الهجمات على القوات الأمريكية والأجنبية الأخرى المحتلة للعراق. لم يشارك التيار الصدري في العملية السياسية قبل 2008، وتعرض لهجمة عسكرية شرسة لتصفية جيش المهدي من قبل رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي وبالتعاون مع القوات الأمريكية من خلال حملة عسكرية سميت بصولة الفرسان مما ولد في نفس الزعيم الشاب للتيار الصدري جرحاً لم يندمل بعد وكراهية شخصية تجاه نوري المالكي. بعد ذلك التاريخ دخل التيار الصدري معمعة السياسة والمشاركة بالعملية السياسية كما شارك بعمليات الفساد المستشري في جسم الدولة العراقية ومؤسساتها، لكنه ظل معادياً وكارهاً لنوري المالكي ، رغم مساهمته في تمديد ولايته الثانية كرئيس للوزراء ولكن بضغط إيراني واضح مارسه الجنرال قاسم سليماني وذراعه اليمين في العراق أبو مهدي المهندس مؤسس حزب الله العراقي، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، لكنه في الحقيقة هو القائد الحقيقي لهذه التشكيلة العسكرية الميليشياوية ، رغم دورها الإيجابي في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وإسقاطه وتحرير المناطق التي كانت تحت سلطته وعلى رأسها الموصل ولأنبار ومناطق واسعة من شمال العراق، كانت هناك ، وما تزال، تشكيلات عسكرية وفصائل مسلحة بتسميات متعددة انشقت عن التيار الصدري وجيش المهدي وأسست تنظيمات مسلحة مستقلة عنه وبعضها بتشجيع ودعم من نوري المالكي ، مثل عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي الذي كان مقرباً لمقتدى الصدر وأحد خدمه يقدم الشاي لضيوفه، والتي سماها مقتدى الصدر الميليشيات الوقحة، إلى جانب العديد من الشخصيات التي كانت تحت إمرة مقتدى الصدر وتنظيمه المسلح، التي انسلخت من التيار وانضوت تحت خيمة الحشد الشعبي، وبعضها باسم فصائل المقاومة العراقية ، مما اثار حنق وحفيظة مقتدى الصدر وغضبه. والجدير ذكره أن أغلب هذه التنظيمات المسلحة الميليشياوية أسست واجهات سياسية وشاركت في الانتخابات ما قبل الأخيرة سنة 2018 وحصلت على مقاعد برلمانية وامتيازات مالية وسياسية كثيرة بفضل عمليات التزوير ومقاطعة 80 بالمائة من الشعب العراقي لتلك الانتخابات. في تشرين أكتوبر 2019 خرجت تظاهرات احتجاجية عارمة قامت بشبه ثورة جماهيرية شعبية تطالب بحقوقها الشرعية واستعادة الوطن المختطف ، اصطف معها التيار الصدري في البداية، وانقلب عليها فيما بعد، وحاربتها الميليشيات المسلحة الموالية لإيران بتوجيه وتنسيق وأوامر كانت تصدرها إيران خوفاً من تفاقمها وانعكاسها على الداخل الإيراني وتحجيم النفوذ الإيراني في العراق وكان يقود ذلك التصدي العنيف في الداخل العراقي من سمي بالطرف الثالث، وهم الميليشيات الولائية ، وكان لقاسم سليماني وأبو مهندي المهندس دوراً كبيراً كما أظهر ذلك فيلم وثائقي بمناسبة مقتل سليماني بثته قناة الميادين الموالية لإيران، وقد تسببت تدخلات الفئات المسلحة الولائية باستشهاد أكثر من 900 شهيد وجرح وتشوه الآلاف من المدنيين أغلبهم من الشباب كما تم خطف وقتل واغتيال العشرات من الناشطين المدنيين على يد تلك الميليشيات وزعمائها الموجودين في العملية السياسية والمسيطرين على قوى الدولة المسلحة في الجيش والشرطة والأمن والمخابرات عن طريق دمج عناصرهم برتب مختلفة في هذه المؤسسات العسكرية والأمنية. وبضغط الجماهير المنتفضة وتدخل المرجعية الدينية في النجف تمت إقالة حكومة عادل عبد المهدي وتنصيب مصطفى الكاظمي كمرشح تسوية توافقي لتشكيل حكومة مؤقتة مهمتها الإعداد لانتخابات تشريعية مسبقة وتشريع قانون انتخابي جديد وتحقيق بعض الإنجازات البسيطة لذر الرماد في العيون.

 لقد تمت الانتخابات بالفعل قبل ثلاثة وبنجاح وبنسبة لا بأس بها من الشفافية والنزاهة أدت إلى خسارة أغلب التنظيمات السياسية الشيعية لمقاعدها البرلمانية، بما فيها تلك التي تمتلك أذرع مسلحة والتي انضوت تحت خيمة ما يسمى اليوم بالإطار التنسيقي، كدولة القانون برئاسة نوري المالكي وفتح برئاسة رئيس منظمة بدر المسلحة هادي العامري، و التي كانت في السابق تابعة للمجلس الأعلى بقيادة محمد باقر الحكيم ومن ثم بقيادة شقيقه عبد العزيز الحكيم ، ثم انقلب على المجلس الأعلى نجل عبد العزيز عمار الحكيم واستولى على كل ممتلكاتها ومقراتها ومؤسساتها وأسس كتلة جديدة تحت اسم تيار الحكمة ، الذي لم يحد سوى مقعدين في الانتخابات الأخيرة ، وهو عضو في الإطار التنسيقي أيضاً إلى جانب كتلة صادقون الواجهة السياسية لتنظيم عصائب أهل الحق الولائي التابع لإيران، بقيادة قيس الخزعلي وتنظيمات أخرى كحزب الله والنجباء وتحالف العقد، وتحالف تصميم، وبابليون، وتحالف الحكيم والعبادي.

يعيش المشهد السياسي العراقي حالة من الترقب والخوف والقلق إثر تفاقم تجاذبات سياسية لا متناهية، وتصعيد في لغة التهديدات المتبادلة إثر المشادات والفوضى التي سادت جلسة البرلمان الأولى التي عقدت بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية المبكرة خاصة إثر مبادرة الإطار التنسيقي بأخذ خصمه الصدري على حين غرة، بتقديمه لائحة بأسماء 88 نائباً مع توقيعاتهم، يعتقد أنها مزورة، لفرض الأمر الواقع وتسجيل الإطار باعتباره الكتلة الأكبر في أول جلسة للبرلمان المنتخب، وبالتواطؤ المفضوح مع رئيس السن محمود المشهداني عضو تحالف العزم المنشق عن خميس الخنجر زعيمه الحقيقي ، وفي مسرحية مفضوحة مهلهلة الإخراج . والجدير بالذكر إن وائل الركابي القيادي في الائتلاف بزعامة نوري المالكي أعلن في تصريح له إن الرسالة التي بعثها الاطار للتيار الصدري للذهاب ليلتحق به لتشكيل الكتلة الأكبر باءت بالفشل. وقد أضاف الركابي في تصريحه انه في حال عدم التوصل الى اتفاق بين الإطار والتيار وإصرار الأخير على حكومة الأغلبية الوطنية وإقصاء الإطار التنسيقي فان هذا الأخير سيعلن نفسه ككتلة اكبر لتقاربه مع القوى السياسية الأخرى "الأمر الذي زاد من تعقيد المشهد وغموضه، ما دفع الصدريون إلى منع المشهداني من رفع الجلسة للتداول بذريعة التحقق من صحة التواقيع وتم إخراجه من الجلسة بعد إدعائه أنه تعرض للضرب ، وكان عاقداً العزم على ترشيح نفسه لرئاسة البرلمان بالاتفاق مع الإطار التنسيقي و 14 نائباً من كتلته العزم لقطع الطريق على إعادة انتخاب الحلبوسي، والحال أنه لايحق له سوى افتتاح الجلسة وإداء القسم الدستوري وفتح باب الترشيح لرئاسة البرلمان، ولما فشلت هذه المناورة انسحب نواب الإطار التنسيقي من الجلسة ومعهم نواب الاتحاد الوطني الكوردستاني، لكنهم لم ينجحوا في كسر النصاب الدستوري. وهذه المناورات والأحداث غير الديموقراطية جعلت مصير الحكومة القادمة شبه مجهول.

وكرد فعل، أكد الإطار التنسيقي، عدم اعترافه بنتائج الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي، وعزمه على تقديم شكوى للمحكمة الاتحادية للطعن بشرعية الجلسة والعودة للمربع الأول وقد أعلن متحدث رسمي باسم الإطار التنسيقي أنه الإطار “سيتصدى لهذا التفرد اللامسوؤل في القرار السياسي وسيمنع أخذ البلد إلى المجهول”، وتحميل الكرد والسنة مسؤولية ذلك وفق بيان الإطار. جماعات الإطار التنسيقي ليسوا كتلة برلمانية بل وحتى ليسوا تحالفاً واضح المعالم بل مجرد تجمع لتنسيق المواقف والتحركات، كما أشار إلى ذلك الخبير القانوني طارق حرب، فهم ورغم خسارتهم الكبيرة بالانتخابات، أرادوا إعادة الكرة في بسط سيطرتهم على البلاد ومقدراتها بقوة السلاح والارتهان من جديد لإيران التي تخلت عنهم كما هو ظاهر حيث هنأت رسميا الحلبوسي على انتخابه رئيساً لبرلمان، وهذا الموقف الولائي الذيلي لا يصب في مصلحة العراق ولا يتفق مع مخرجات العملية الانتخابية الأخيرة، وإرادة غالبية العراقيين.

كان التيار الصدري منتبه للعبة الإطار ومناوراته الخفية، ووفق تفاهمات مسسبقة مع الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني وتحالف تقدم وحوالي نصف تحالف العزم المخلصين لخميس الخنجر ومنهم مشعان الجبوري تمكن من تحقيق أغلبية برلمانية مررت التصويت على رئاسة البرلمان لصالح محمد الحلبوسي رئيس تحالف تقدم ونائبيه الكوردي والشيعي حيث تم انتخاب الصدري حاكم الزاملي نائب أول لرئيس البرلمان وفرض الأمر الواقع وفق السياقات الدستورية وهو نفس التفاهم الذي قد يتحول إلى تحالف للكتلة الأكبر سيصوت لصالح مرشح الكورد لرئاسة الجمهورية ومرشح التيار الصدري لرئاسة الحكومة . الفصائل المسلحة المنضوية تحت راية الإطار التنسيقي مستنفرة ومتأهبة للمواجهة العسكرية وربما لتصفية مقتدى الصدر شخصياً باعتباره عقبة كأداء أمام مشاريعها ومخططاتها للاستئثار بالسلطة وخوفاً من سعيه كما صرح هو عدة مرات، لتجريدها من السلاح ومعاقبة المجرمين والخارجين على القانون فيها مهما كانت مقاماتهم ومواقعهم في العملية السياسية وتقديم الفاسدين للعدالة. وهذه نوايا تهدد وجودهم ونفوذهم وامتيازاتهم. فلقد سبق للصدر أن صرح ونشر وغرد بصريح العبارة إن مايقوم به يعبر عن "إرادة الشعب هي (حكومة أغلبية وطنية) وأن أي ضغوطات خارجية لن تثنينا عن ذلك وأي تهديدات ستزيدنا (تصميما) و(تقدما) و(عزما) نحو (ديمقراطية) عراقية أصيلة حرة ونزيهة.. لذا فعليهم أن يعوا أن قوة (المذهب) من قوة العراق ومن قوة طوائفه وأعراقه. وهو تصريح علني للتحالفات التي أجراها بعد التصديق على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية العليا لتحقيق الكتلة البرلمانية الأكبر بالتحالف مع تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي (37 مقعدا) وتحالف عزم بقياد خميس الخنجر (14 مقعدا) والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني (31 مقعد) اضافة الى ائتلاف تصميم بزعامة محافظ البصرة أسعد العيداني (5 مقاعد) من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 مقعدا ومع اضافة 73 مقعدا حصل عليها التيار الصدري وبعض المستقلين وصلت إلى 200 مقعد ولا يحتاج حتى لمقعد واحد من الإطار التنسيقي الذي على بعض مكوناته الخروج من الإطار والالتحاق بأغلبية الصدر البرلمانية للبقاء في العملية السياسية وإنقاذ أنفسهم والتخلي عن كتلة دولة القانون التي تتزعم الإطار التنسيقي الذي لم يبق أمامه سوى الذهاب للمعارضة البرلمانية مرغماً .

يتعين على الحكومة الشرعية القادمة إعادة الاعتبار لهيبة الدولة ومؤسساتها الشرعية والأمنية والعسكرية ووقف إقحام السلاح في اللعبة السياسية، واستشراء وتغول منظومات التحزب الميليشياوية، التي يجب عليها تجريدها من أسلحتها، لأنها أوصلت البلاد لطريق مسدودة كادت أن تودي بالبلاد نحو مهاوي الإفلاس والدمار والاقتتال الداخلي والانقسام الطائفي والعرقي.



من المستفيد من استمرارية الأزمة السورية؟

بعد أكثر من عقد مرّ على الأزمة السورية، وما آلت إليها من الأوضاع المأساوية والكارثية على كافة الأصعدة، وتداعياتها التي ستمتد لعقود من الزمن، أرهقت كاهل الشعب السوري وعجز عنها المجتمع الدولي. ففي الوقت الذي تحولت فيه إلى مستنقع أغرقت العديد من القوى والجهات والدول، وعقدة كداء أمام المجتمع الدولي يصعب حلها والخروج منها، بل وأكثر من ذلك ما أفرزت من مشاكل وأزمات وقضايا شكلت تحديات وعراقيل أمام الجهود الدولية في مسعاها بحلحلة الأزمات التي تعاني منها دول المنطقة.

السؤال الذي يطرح نفسه، من المستفيد من استمرارية الأزمة وتجذيرها؟

شكلت انطلاقة شرارة الحراك الثوري السوري الأمل للشعب السوري الذي طال انتظاره بغدٍ يضمن له حياة كريمة وجواً مفعماً بالديمقراطية والمواطنة والعدالة؛ التي طالما كان يحلم بها ويسعى إلى تحقيقها. لكن سرعان ما تحول ذلك الأمل إلى كابوس بفعل عوامل داخلية وخارجية مخلفة أزمة أفرزت أكثر من ثلاثة عشر مليوناً بين نازح ومهجر داخلي وخارجي والعدد مرشح للزيارة في ظل تردي الأوضاع المعيشية واستمرار الصراع وعدم وجود لأية حلول تلوح في الأفق على المدى المنظور، وبنية تحتية شبه مدمرة، فنسبة مما يعيشون تحت خط الفقر قرابة 90% من المجموع الإجمالي، وتراجع مستمر في قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي؛ و استمرار الإرهاب وتنشيطه في بعض الأحيان بفعل بعض القوى والدول الداعمة له؛ استمرار الانتهاكات التي تمارس من القوى الإرهابية وداعميها من الدول المحتلة لسوريا؛ وفي مقدمتهم دولة الاحتلال التركي، ومئات الألوف من الضحايا والمعتقلين والجرحى؛ وجغرافية مقسمة بحكم الأمر الواقع إلى مناطق نفوذ تدار بأنظمة حكم مختلفة، واستمرار الاحتلال التركي للعديد من المناطق السورية.

وغيرها من التداعيات التي أرهقت المجتمع الدولي الذي سعى لخطو بعض الخطوات لحلحة الأزمة في مسعى منه لتجفيف منابع الإرهاب، وإيقاف موجات الهجرة وممارسة بعض الضغوط لإيقاف تصدير المرتزقة من السوريين إلى دول الجوار وغيرها من الإجراءات.

مساعي استبشر بها الشعب السوري خيراً ولو لم تكن بحجم ومتطلبات الأزمة التي تعاني منها سوريا، ولكن على الأقل كانت بداية للتوقف على الأوضاع الإنسانية والحفاظ على مناطق خفض التصعيد واستمرارية في مكافحة الإرهاب واستئصال جذوره. ولكن يبدو بأن هناك العديد من القوى والدول.؛ وبالرغم من تورطهم في المستنقع السوري الذي القى بظلاله على سياساتهم وعلاقاتهم الخارجية وأوضاعهم الداخلية؛ مخلفة بذلك أوضاع اقتصادية متردية وخلق شرخ وانقسامات داخل مجتمعاتهم بين مؤيد ورافض لتدخلاتهم في المستنقع السوري؛ لكنهم مصرون بالإبقاء على الأزمة لأطول مدة ممكنة لما تحمله سوريا من أهمية جيوستراتيجية بالنسبة للشرق الأوسط والعالم عموماً. فحل الأزمة يفشل ضمان استمرارية بقاءهم وتحقيق مشاريعهم وأطماعهم الاستعمارية والاقتصادية في سوريا، وهو السبيل لضمان بقاءهم في العديد من دول المنطقة التي تعاني من أزمات على صلة وثيقة بالوضع السوري.

لذا؛ نجدهم يحاربون أية حلول ومشاريع تسهم في الحفاظ على الهوية والسيادة والوحدة السورية شعباً وجغرافيةً. لذا، يعملون للإبقاء على الصراع وتغذية بؤر التوتر والإرهاب وترهيب الشعب ودفعهم إلى الهجرة وانهاكه بحيث يصل لمرحلة يقبل بكل ما يفرض عليه من وقائع جديدة تخدم سياستهم الهادفة إلى هندسة ديمغرافية جديدة لسوريا؛ بما يخدم ويضمن استمراريتهم ومصالحهم في سوريا والمنطقة على وجه العموم.

فبعد أية عملية توافقية ساعية إلى الاتجاه نحو الحل وإيقاف النزيف الدموي ودنو من تجفيف منابع الإرهاب؛ نجدهم يخرجون بتوصيات جديدة تضمن استهداف كيانات ومناطق معينة تحت حجج وذرائع واهية للإبقاء على الأزمة على ماهي عليها وبل تجذيرها أكثر فأكثر.

قبل أيام خرجت مجموعة أستانا - بنسختها 17 برعاية روسية إيرانية تركية- بمجموعة من التوصيات ومن بينها استهداف مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تلك الإدارة التي يحمل أبناءها مشروعاً وطنياً حافظوا على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي ووحدة التراب السوري؛ وحاربوا الإرهاب ومازالوا مستمرون في مكافحة خلايا تنظيم داعش.

وسرعان ما انتهزت دولة الاحتلال التركي الفرصة وقامت بترجمة تلك التوصيات إلى وقائع معاشة عبر الاستمرار في قصفها للمناطق الآهلة بالمدنيين العزل مخلفة عشرات من الجرحى والضحايا من المدنيين غالبيتهم نساء وأطفال وتفريغ العشرات من القرى الآهلة وتشريدهم، واستهداف تجمعات وسيارات وسكنات بالطائرات المسيرة.

حيث أنها لم تعد تخشَ من شيء لأنها باتت تدرك بأن نجاح تجربة الإدارة الذاتية وتعميمها على عموم سوريا ستكون السبيل لإنهاء الإرهاب والحفاظ على التراب السوري ودمقرطة الدولة ونهاية مشاريعها الاحتلالية التوسعية للمنطقة؛ وبالتالي ستكون نهاية لسلطة حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان. لذا نجدها –تركيا- تستهدف العجوز الثمانيني والشاب العشريني.

استهدافهم هذا لم يكن عن عبث بل على العكس تماماً، إنه بداية استهداف المرأة المقاتلة والسياسية والإدارية حتى يحافظ بالبقاء على هذه المجتمعات متخلفة وهشة ومليئة بالتناقضات وعبدة، لأنه - أي النظام التركي - يعلم علم اليقين أنه بتحرر المرأة ستتحرر المجتمعات، ولن يكون هناك فرصة لضمان بقاء الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التي تتغذى من استعباد المرأة. واستهداف الثمانيني للقضاء على الروح والجذور المتعلقة بالتراب والوطن. وما استهدافه قبل أيام لمنزل يجتمع فيه مجموعة من الشبيبة الثورية الذين يعتبرون ديناميكية المجتمعات والروح الثائرة الرافضة للخضوع والاحتلال؛ فهي تستهدف الجميع دون استثناء. وفي كل عملية قصف تشنها على المنطقة تصاحبها موجة جديدة للهجرة وتنشيط للإرهاب والتطرف.

ولم تتوقف ممارساتها عند هذا الحد، بل وتسعى مع أدواتها وداعميها إلى فرض حصار خانق على مناطق الإدارة؛ عبر إغلاق المعابر في مسعى منها لتجويع الشعب ودفعهم لمحاربة الإدارة.

والسياسات التركية هذه تخدم العديد من الأطراف ومنها الحكومة السورية بإطالة عمر الأزمة التي تعتبر ضمان لبقائها في السلطة؛ ومتنفس للإيرانيين باستكمال مشاريعهم، وروسيا التي قدمت مسودة دستور فيدرالي لسوريا عام 2016، نجدها تناقض نفسها اليوم بمحاربة الإدارة الذاتية وتنعتها بالانفصالية. وهي تعلم يقيناً بأن الإدارة الذاتية تعتبر أحد أهم الحلول والأكثر نجاعة للحفاظ على وحدة وسلامة الجغرافية السورية. ولكن يبدو بالرغم من عجزها من الاستمرار في دفع تكلفة تواجدها في سوريا لتردي أوضاعها الاقتصادية من جهة، لكنها من جهة ثانية تبدو في مسعى أخير منها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح بالإضافة إلى مسعاها إلى الجانب التركي والإيراني وغيرها من الدول المستفيدة بالإبقاء على الأنظمة المركزية في المنطقة؛ والإبقاء على نظام الحكم في سوريا على ما هو عليه. لذا، لم يأتِ التصريح الأخير للمبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف بخصوص بقاء الأسد حيث أنه حذر من "يسعى إلى وضع دستور جديد لتغيير صلاحيات الرئيس، ومن أجل محاولة تغيير السلطة في دمشق، فهذا طريق نحو اللا إمكان. وعلى المعارضة تقديم مقترحات محددة وملموسة، وعدم القول إنه لا يمكن إحراز تقدم أثناء وجود بشار الأسد في السلطة. هذا نهج غير بنّاء ومرفوض".

إلى جانب مساعيها الحثيثة بالتنسيق مع بعض الدول العربية بإعادة الحكومة السورية إلى محيطها العربي؛ والرجوع إلى مقعدها في الجامعة العربية.

طبعاً، لا نستثني إيران من ذلك وطموحها بتحقيق مشروع الهلال الشيعي؛ إلى جانب دول فاعلة في الأزمة بشكل غير مباشر مستفيدة من الأزمة وبقاء الأنظمة المركزية حتى تضمن بقاء نظامها ومنع انتقال رياح التغيير إلى مجتمعاتها.

لذا، مادامت المعارضة السورية تعاني من تشرذم، وتلك التي تحظى بدعم دولي مرهون بشكل كامل للخارج –ارتهان الائتلاف لتركيا- وعدم نيل المعارضة الوطنية لأية شرعية دولية؛ والتي يتم اقصاءها بشكل ممنهج طالما لا تخدم أجندات الدول الطامعة بسوريا وخيراتها؛ وتمسك النظام السوري بذهنيته الاقصائية والرافضة لأية مشاركة وتغيير، ووجود دول وقوى تغذي الأزمة وتجذرها في ظل عدم احتلال الأزمة السورية سلم الأولويات عند الدول العظمى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ فهذا يعني أن الأزمة مستمرة ولن يكون هناك حلول على المدى المنظور، وربما تشهد بعض الانفراجات ولكنها ستكون بسيطة وبطيئة.


بؤس المشهد وضرورة الدولة في الأردن

 سأسمح لنفسي أن أعيد سرد نكتة ذكية، لكنها دوما تحضر في ذاكرتي أمام كل انعطافة في المشهد السياسي الأردني.

هي نكتة أصلها وتركيبها أميركي، لكنها على طرافتها لها دلالات قد تجد فضاء لها في المشهد "الإصلاحي" الأردني.

تقول النكتة إن رئيس مجلس إدارة شركة كبيرة جدا، وقف حاملاً وثيقة عمل أصلية يريد تصوير نسخة منها فتوجه بنفسه إلى مكتب السكرتاريا الخاص بجناحه المكتبي، ووقف بجانب آلة من الآلات في الغرفة وسأل السكرتيرة الأقرب إليه: لو سمحت، قولي لي كيف يمكن أن أستخدم هذه الآلة مع هذه الورقة الثمينة الأصلية والتي لا أملك منها إلا هذه النسخة فقط؟ بكل بساطة، تناولت السكرتيرة الورقة الثمينة الأصلية بنسختها الوحيدة ووضعتها في الآلة لتخرج من طرفها الآخر شرائط طولية مقصوصة ومتلفة تماما. وهنا سألها رئيس مجلس الإدارة: والآن، من أين ستخرج النسخة؟؟

في الأردن، وللأسف، تجد النكتة مكانها الصحيح دوما، وفي وسط المشهد المتكرر، فالملك - رأس الدولة- الذي يحمل أمنياته "الثمينة والأصلية" بنسختها الملكية الوحيدة (والتي صاغها بأوراق نقاشية مطروحة لم يناقشه فيها أحد) ويتوجه إلى طاقم حكوماته ورجال دولته في المؤسسات الدستورية، ويطلب منهم رأيهم بأمنياته ورؤيته "الشخصية" لتنتهي في ماكينة الإتلاف الرسمي (بيروقراطيا وتكنوقراطيا) على شكل قصاصات من عبث، إما متعمد ومقصود فيه الإطاحة بأي إصلاح سياسي يمس المكتسبات، أو عبث عفوي مؤسس على جهل هو بحد ذاته تراكم منهجي ومقصود أنتج في المحصلة نخب موفقة بل وموهوبة بإنتاج البؤس.

اللقطات الدلالية متعاقبة ولا يمكن رصدها لكثرتها، آخرها قبل كتابة هذا المقال كان ذلك المشهد البائس في مجلس النواب الأردني، والذي قدم أسوأ ما يمكن تخيله لمجموعة مشرعين "افتراضا"، مهمتهم في المرحلة الحالية العمل على تشريعات دستورية وقانونية تفضي "إفتراضا أيضا" إلى حكومات تشكلها الأحزاب التي ستصل، وهذا أيضا افتراض، بانتخابات مؤسسة على حياة سياسية حزبية!!

هؤلاء المشرعون منتخبون. انتخبهم مجتمع مشروخ عموديا ومنقسم أفقيا، لم يعد يرى فيمن ينتخبه نائبا عن أمة وظيفته التشريع والرقابة، بل انتهى بوعي سياسي سقفه الحقيقي "والواقعي" انتخاب أدوات خدمية مناطقية وجهوية قادرة على تقديم الحد الأدنى من خدمات التوظيف وتزفيت الشوارع، والواسطات مع المؤسسات الرسمية في دولة لم تعد فعليا قادرة على ان تستمر بوظيفتها الريعية منذ زمن طويل، ولن تعود إلى تلك الوظيفة مطلقا في أي مستقبل قادم.

هؤلاء "المشرعون" الذين شاهدهم العالم عبر كل قنوات الأخبار يتضاربون بالصفعات واللكمات أثناء ما يفترض انه أهم مناقشة لأهم تعديلات دستورية في البلاد، أثبتوا فعلا منسوب وعي ناخبيهم أو قد انتجتهم  قوانين انتخاب لن تنتج أفضل من هؤلاء.

الملك - رأس الدولة- كلف حكومة مدير مكتبه السابق، وأحد مستشاريه المقربين، برسالة تكليف واضحة "وغير مسبوقة" بالعمل فورا وضمن إطار زمن محدد لتحقيق خطوات عملية في الإصلاح السياسي، والملك أمر بتشكيل لجنة رديفة لحكومة مستشاره السابق رئيس الحكومة الحالي، ووضع أقرب مقربيه وثقاته رئيسا على اللجنة وهو أيضا رئيس وزراء أسبق للعمل مع أوسع لجنة تاريخيا في عدد أعضائها للخروج بمخرجات على صيغة مقترحات "وطنية شاملة" تهدف إلى تحقيق "رؤية الملك نفسه" في حكومات قادمة "مفترضة" تنتجها أحزاب "مفترضة كذلك"، المطلوب أن تنبثق - تلك الأحزاب- من واقع سياسي لا يفترض ذلك كله ولا يؤمن به!

شخصيا، ومنذ الصيف الماضي سنحت لي فرصة اللقاء المغلق (تكرارا) مع الدكتور بشر الخصاونة رئيس الحكومة، وكذلك مع السيد سمير الرفاعي رئيس اللجنة الملكية للإصلاح ورئيس الوزراء الأسبق، وذلك في سياق جلسات عديدة مع شخصيات رسمية ونخبوية في الدولة استمعت فيها إلى وصفات "تفسيرية" متعددة لرؤية الملك (!) رغم أن رؤية الملك واضحة ومؤطرة في أوراقه النقاشية وفي خطاباته المعلنة أو الخاصة.

رئيس اللجنة التي أنتجت المخرجات، كان ربما الأقرب إلى رؤية الملك، وكان دمثا إلى حد تحمله غلاظة سؤالي "المستحق" عنه شخصيا، وهو سليل عائلة سياسية معروفة بالقيم المحافظة والحذرة من التغيير المفاجيء، كان جواب السيد سمير الرفاعي منطقيا حين قال لي أنه لا يفكر بمزاج شخصي، ولا برغبات سياسية، فالإصلاحات استحقاق مستعجل لدولة لا تملك ترف الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

استوقفني جواب الرجل الذي كان صريحا معي في كثير من المفاصل، وفيما بعد تذكرت كلامه وأنا أستمع لغيره من أركان الدولة ونخبها "السياسية والأمنية"، بضرورة تحقيق "المشروع الإصلاحي"، طبعا كانت التفسيرات "والتبريرات" لمعوقات الإصلاح متفاوتة حسب كل من حاورتهم والتقيتهم، حتى محاربي فكرة الإصلاح التقليديين ممن درجت تسميتهم بالحرس القديم، كانت مقارباتهم الدفاعية ترتكز على "مصلحة الملك والدولة" في طرح محاذير تسارع العملية الإصلاحية، وتشتيت الرأي العام في جدليات "الصياغات اللفظية" وتأويلها دون الهجوم المباشر على فكرة إصلاح تنهي حقبة "المكتسبات المصلحية" التي تغذت عليها تلك النخب طوال عقود.

في الأردن، القصص والقضايا والأزمات متداخلة إلى حد كبير، وهذا التشابك في النهاية ينتهي عند الملك نفسه.

( هل يؤسس الملك أرضية مناسبة لمشروع دولة "مرتاحة" يحكمها ولي عهده؟)، هذا سؤال طرحته كما هو على معظم من التقيتهم، ولم يكن هذه المرة سؤالا مقلقا، ويبدو أن السؤال صار متاحا ومفتوحا ( بالهمس المسموع) بعد قضية الفتنة، وهي المفصل "متعدد التشابكات" الذي عصف بكل الدولة الأردنية لأيام، ولم تزل قضية مفتوحة مع مناكفات لا تزال تصدرها زوجة الملك الراحل "نور" أم الأمير حمزة، أخ الملك الذي أفضى اضطرابه الشخصي منذ عزله "دستوريا" عن ولاية العهد إلى توهمه بشرعية "ما" تحملها وصية شخصية من الملك الراحل، وفعليا هي وصية ليس لها قيمة دستورية في دولة يفترض أن يحكمها الدستور لا الأمزجة الشخصية، وربما من هنا تنبع أهمية تثبيت "الاستقرار الدستوري" كضرورة حيوية للدولة المنهكة ومتطلب أساسي لثبات مؤسسة العرش وراحة بال لا تهتز للملك ولمشروع الملك القادم.

هذا الدستور نفسه، الذي يخضع للتعديلات ضمن مخرجات لجنة "واسعة الأطياف" صاغتها الحكومة على شكل مشاريع قوانين مرفوعة إلى البرلمان، وصلت إلى مناقشات بالضربات القاضية واللكمات والسباب والشتائم بين "مشرعين" كانوا هم انفسهم إفراز التشوهات المرحلية السابقة، وما حدث في مجلس النواب ونقلته كل أخبار العالم بالصوت والصورة، سبب وجيه وحقيقي لمخرجات إصلاح لا بد أن يكون جادا للتخلص من تلك النخب التي لا يمكن التخلص منها وإلى الأبد بدون قوانين انتخاب جديدة تعيد للأردنيين وعيهم الجمعي بكامل لياقته الصحية، وهو ما يتطلب استعادة الدولة أولا بتعديلات تبدأ بالدستور وتنتهي بكامل التشريعات التي تنظم كافة العلاقات الرأسية والأفقية في الدولة، بما فيها صلاحيات الملك وواجباته، تلك الصلاحيات والواجبات التي تجعل من النص الدستوري الذي يحصن الملك من كل مسؤولية، نصا منطقيا يحمي رأس الدولة، لا نصا ساذجا يضعه في مواجهة الأزمات بلا مؤسسات تتحمل المسؤولية بالممارسة الحقيقية لها.

وهذا بلا شك، يتطلب حكومات تمارس ولايتها العامة بكامل صلاحياتها الدستورية، دون الاستغراق في وهم الصراعات البينية بين "مراكز القوى" التي تحاول إثبات وجودها بالضرورة، وهي تدرك أن الإصلاح الحقيقي هو نهاية وجودها في المشهد.

لا يملك الأردن ترف الوقت فعلا، خصوصا بعد تجربة "عزلة" إقليمية مريرة وصلت إلى حد استهدافه كدولة في مرحلة إدارة ترامب، والعلاقة المريحة فائقة الجودة مع واشنطن اليوم مؤقتة على مزاج وتوجه الناخب الأميركي، لا على رهانات غير محسوبة في الأردن، ولن ينقذ الأردن من أي تقلبات إقليمية او دولية إلا دولة محصنة بالدستور والمؤسسات والقانون.

مالك العثامنة - إعلامي أردني مقيم في بلجيكا / الحرة

مظلومية المرأة العربية.. هل تم استغلالها والانتفاع بها في قضايا غير عادلة؟

 كان جدي علي الطنطاوي– رحمه الله- قاضياً، بل قاضي دمشق الممتاز، وكان بعدها مفتياً شرعياً معروفاً بالوسطية والإنصاف، ومارس في أوقات كثيرةٍ دور الحَكَم فساهم بحل المشكلات، وأجاب عن رسائل المستمعين والمشاهدين، وكانت تأتيه رسائل من فتيات، وأيضاً من رجال وأزواج وآباء، يعترفون فيها بما فعلوه مع نسائهم ويسألونه "تصويب سلوكهم" و"النصيحة"؛ أي كان على اطلاع على الطرفين، ويسمع من الرجال والنساء، ويعرف كثيراً من خبايا البيوت (لكيلا تظنوا أن المرأة تتظلم له -ولم يسمع من زوجها- فيصدقها هي!)، فكان جدي يسمع من الطرفين، ثم يقر دائماً ويعترف بأنها مظلومةٌ أضعاف الرجل (مع أن المرأة على قولهم ضعيفة الحجة!).

وهذه هي الفكرة الأولى التي أريد إيصالها كمُقدمة للموضوع "المرأة مظلومة أكثر من الرجل، ولا شك في هذا"، بدليل:

1- الواقع الذي نعيشه ونراه، ومن القضايا التي في المحاكم.

2- على أن الدليل الأكبر والأوثق والأعمق والأقوى هو توصية الرسول- صلى الله عليه وسلم- بها مراراً وتكراراً، وهذا له دلالة قوية، خاصةً أنه كررها في حجة الوداع وختم بها، والوصايا النهائية والخاتمة لها الأثر الأكبر بالموصى به… والله- سبحانه- كان يُتبع الآيات الخاصة بالطلاق والخلافات بأن الله كان علياً كبيراً (وأمثالها من التحذيرات المخيفة).

3- والدليل الثالث هو ما تشهده المستشفيات من حوادث وإيذاء جسدي للنساء، وأيضاً ما يقره الطب النفسي من حالات مأساوية.

4- ويؤكد كل ذلك الإحصاءات الرسمية الموثقة والمشهورة، وأضرب مثلاً واحداً: ففي استبيان عن العنف الأسري ضد المرأة، على 500 عينة عشوائية في المجتمع السوري، ولنساء من مختلف مناطق سوريا ومختلف الشرائح المجتمعية المتباينة اقتصادياً وثقافياً وعرقياً ودينياً، كانت نتائجه كما يلي، بالنسبة للفتيات:

 80% من الفتيات تعرَّضن لعنف معنوي من قِبل أسرهن في الطفولة.

80 % من الفتيات تعرَّضن لعنف جسدي من قِبل أسرهن في الطفولة.

14 % من النساء تعرَّضن للتحرش من قِبل المحارم في الطفولة.

منع الأهل 27% من الفتيات من متابعة التعليم.

 59 % من النساء تعرَّضن للإهمال من قِبل الأسرة

77 % كان أهلهن يمنعوهن من الخروج من المنزل.

71 % من النساء منعهن الأهل من الخروج للتسلية والقيام بنشاطات اجتماعية مشروعة ومفيدة.

38  % حُرمن من الإرث.

وأما بالنسبة للزوجات:

• 45 % يُضربن من قِبل أزواجهن.

• 63 % يتعرضن لعنف معنوي من قِبل أزواجهن.

• 62 % شكون من إهمال أزواجهن

• 50 % يمنعهن أزواجهن من الخروج من المنزل، مهما كان السبب.

وهكذا: المرأة تُقتل على الخالص بالشُّبهة، وقد تُقلع عيناها، وتُضرب، وتُطرد من بيت الزوجية وتُترك مُعلَّقة، وتُطلَّق بتعسف وبلا سبب، أو تلجأ إلى الخلع وهي متضررة، وتُلزَم بالتنازل عن مهرها، وتُضرب، وتُسحب منها الحضانة وتُحرم من أولادها، وتُعضل، وتُمنع من الدراسة أو العمل… ثم يقولون لك "تتظلم" وتحب لعب دور الضحية! 

الفكرة الثانية

لا شك في أن الظلم بلاء واختبار يقع على الجميع، ومن ثم الرجل يُظلم، على أن ظلم الرجل يكون غالباً خارج البيت، مما يجعله آمناً مطمئناً -على الأقل في بيته- فيتقوى على الظلم الخارجي. 

في حين تُظلم المرأة خارج البيت (مثل الرجل إذا توظفت)، وتُظلم أيضاً داخل البيت، حين يُتحرش بها، أو تُستضعف وتُستغفل في مالها… والبيت مكان أمانها وراحتها (وهذا من الفروق الجوهرية بين ظلمه وظلمها).

ومن خلال اطلاعي على وسائل التواصل، وعلى برنامج كلوب هاوس، وجدت كثيراً من المشهورين باتوا يروجون فكرة "ظلم الرجل، ووجوب الانتصار له، وضرورة إيقاف الأمر عند حده قبل أن يتفاقم". ورأيت وسمعت من الرجال ومن النساء من تقتنع وتمشي معهم بهذه القضية وتنتصر للرجال. فلماذا يفعلون؟

إنهم ينتصرون للرجل المظلوم، لأن الشرع أباح التظلم للمظلوم، والقرآن يقول: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم"، فالتظلم بالحق إذاً مشروع.

وهنا تأتي الفكرة الثالثة:

"لماذا التظلم من قِبل المرأة مرفوض، ويتم إنكاره، وحلالٌ ترويج مظلمة الرجل"، خاصةً أن التظلم من قِبل المرأة متوقع ومألوف، وإن الصحابية الكريمة خولة بنت ثعلبة تظلمت، وغيرها تظلمن، في حين نجد التظلم من جهة الرجل قليل ونادر، ومَعيب لأنه القوي والمؤتمن على الأسرة (وقد يضعف ويمر بمراحل صعبة، ولكنه يبقى مالكاً لقدرات وحلول متعددة تنجيه من الظلم لو أراد استعمالها).

وأما الفكرة الرابعة فهي أن استغلال بعض النساء للمظلومية بطريقة سيئة، ومحاولة الانتفاع منها، لا يعنيان بالضرورة أنها ليست مظلومة حقاً، ولا يعنيان -أبداً- أن  كل النساء المظلومات كاذبات ومُدَّعيات ولديهن أهداف ومآرب، ولا يعنيان أن نكف عن نصرتهن ونهمل الشكاوى الحقيقية والواقعية التي نراها، وكم هو مؤلمٌ سوء الظن هذا.

استغلال المظلومية أمر بشع، ولكن التظلم أمر مطلوب، والله لا يحب المؤمن الضعيف، ولا يرضى أن نساعد الفراعنة على التجبر، ولذلك شرع الله العقوبات والأرش والتعزير، بل تعهد الله لمن يشفع للناس بالأجر "مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٌ مِّنْهَا"، وهذا واجبنا ودورنا، وهل فُتحت المحاكم إلا للتظلم؟ وهل وُضعت القوانين إلا للفصل بين الناس؟ ألا يدرس الشباب المحاماة للدفاع والقضاء بين الناس؟ أوليس الإنكار بالكلمة انتصار للمساكين والضعفاء، ومحاولة للتأثير والتغيير؟

لقد بات الطلاق في ازدياد، والأسر في تفكك، والصغار يضيعون، وهذا يحدث ليس بسبب الغرب والدعوات الخارجية، وإنما المشكلة الأساسية من عند أنفسنا، ومن سلوكنا، ومن طريقة تعاملنا مع القضايا الأسرية، حيث نلجأ إلى الإنكار، واتهام طرفٍ، وكَبْتِه، وهذا لا يُجدي، مَثَله كمن جُرحت يده جرحاً بالغاً ودخلتها الجراثيم، فغطيناها وضمدناها وقلنا للمريض الذي يتألم: "بلا دلع، كام يوم وتشفى"، وإذا به يلتهب بعد فترة، وقد تصيبه الغرغرينا، ويضطر الأطباء إلى قطعها، وهذا ما يحدث اليوم، الأسر تتفكك، ونحن نَتَهِم النسوية والغرب والأجندات والكتب والمتأسلمين، وننسى ما نفعله.

الخلاصة

إن الإنكار لا يجدي، واسألوا أطباء علم النفس سيقولون لكم، أول طريق للحل، هو "الاعتراف بالمشكلة"، ثم الرغبة في حلها، ثم اتخاذ الخطوات اللازمة، والمصيبة والمشكلة في قضايا المرأة هي إنكار المظلومية، وادعاء أن المرأة تعيش بسلام وأمان، وهي مفترية ومتطلّبة، وهذا خطأ، وظلم فوق ظلمها.

عابدة المؤيد العظم - عربي بوست

وزير العدل المغربي وحكاية جوارب

 في الأطلس المتوسط نسميه "تقاشر" جدتي إيطو لروحها السلام، بلكنتها الأمازيغية تسميها "تقناشر".

عمليا لم ألبس الجوارب إلا عندما تنقلت من الإبتدائي إلى الإعدادي، في الإبتدائي كان الذين يلبسونها محظوظين جدا، هم أبناء عمال تقنيون بالمنجم، حتى كرة القدم التي كنا نلعبها ونحن صغار وبدون جوارب حتما كانت بلاستيكية تصبح رغيفا فجأة حين تلتقي أرجلنا الحافية عليها.. كنا بدون جوارب وكانت الجوارب فاصل طبقي، كنا نحسد "رضوان" عليها، كان الوحيد الذي بيننا يملك حذاء جلديا وجوارب وأيضا حتى كرة القدم الجلدية، كان والده تقنيا في الكهرباء ووالدته تتكلم على الأقل الفرنسية وهم أسرة جزائرية..

في الأيام القارصة كنا نمقت رضوان المحظوظ بالجوارب والمحفظة والأحديةالجلدية، ولنقائه وهيأته المدنية، كنا نلوم المعلمين الذين يتعاملون معه بلطف عكسنا نحن الذين كانوا يجبروننا على تمتيعهم ببيض دجاجنا أو بما توفر من اللبن. كان بيض دجاجاتنا الإيكوبوجية كأنه فرض قبولنا في المدرسة الإبتدائية لكي نتخلص من عقاب المعلمين (لتجنب المبالغة، ليس كل المعلمين كانوا هكذا، كان الكثير منهم شرفاء وأذكر السيد النعماني وسي احمد وسي لمرابط وأموش ولكبير من إفران وغيرهم ممن تناوبوا علينا في ابتدائية جبل عوام) كنا ملعونين بسبب أحذيتنا البلاستيكية وكان أغلبنا تجري بين شعرات رأسه قطعان القمل... كنا ملعونين رغم بيض دجاجاتنا الإيكوبوجية (البلدية).

أول مرة لبست الجوارب كانت في الإعدادي.. كانت تلك الجوارب التي يلبسها رياضيي كرة القدم، لكن في ذلك الزمن الموغل في البداوة، كانت النساء، نساء العمال أمهاتنا، كن يعتقدن أنها جوارب نساء لأنها تغطي كل الساق، لكن شخصيا، برغم أنها تغطي كل الساق كنت أفضل أن أنزلها تماهيا مع رجل فرس ذي لون مختلف عند قدميه، وحتى حين نلعب كرة القدم في فرق الأحياء كنت أضع شيئا مميزا في رجلي اليسرى، شيئا يترك عندي ذلك الإنطباع كوني مثل الفرس.. في الإعدادي كان من الصعب إقناع والدك البدوي بشراء جوارب رياضية، لا تدخل في رأسه ولا يمكنك أن تقنعه بأن أستاذ الرياضة وحصة الرياضة بشكل عام تفترض حذاء وجوارب وقميص بلون معين: "القراية" عند والدي هي الورق والقلم والحفظ (الذاكرة) دون هذا هو ترف حضاري وكان من حسن حظي أن أخوالي بمدينة أزرو هم من كانوا يمدوني بالجوارب والأقمصة.

أمس علمت أن وزير العدل المغربي يعرف الناس من رائحة جواربها

عودة إلى الإبتدائي و "رضوان" الجزائري، قلت لم نكن بجوارب حينها وكانت ارجلنا حافية إلا من حذاء بلاستيكي أسود، وكان عندما تشتد حرارة النهار تشتد أيض رائحة أرجلنا الصغيرة لدرجة كانت تأخذ لون السراب في القسم، كنا نرى رائحة أرجلنا في فضاء القسم وأقسم لكم بالله كنا نرى السراب يسبح في فضاء القسم، إنه لون رائحة ارجلنا، وكان بعض المعلمين الذين يدرسونا بلداء لدرجة معينة خاصة حين يأمر تلميذ يفترض أنه رضوان النظيف بأحذيته الجلدية ليشم أرجلنا ويكشف من منا أرجله كانت اكثر اختمارا، وحين يكشفنا هذا التلميذ يأمرنا المعلم بغسل أرجلنا وترك الأحذية خارجا، لكن مع ذلك تبقى الرائحة لصيقة بأرجلنا بشكل كان يجب على أولياء المدرسة إحضار كيس من الملح وليس الصابون لغسل أرجلنا، كان المعلم قنوعا بذلك الفعل من غسل أرجلنا بدون ماء ولا صابون (أحيانا كان يحضر هو بنفسه الصابون الحجري القديم) وربما بسبب السجارة التي يدخنها حيث الرائحة الحادة لدخانها كانت تغلب خنز أرجلنا خصوصا في المربع الخاص بالمعلم ، مكتبه وسبورته الخشبية السوداء، لم تكن للمعلم سلطة أخرى غير امرنا بغسل الأرجل، اما التلاميذ فكان لهم ذكاء مفرط اكثر منه، بالتجربة ومقاومة للضرب، ضرب المعلم، والضرب هذا لم يكن دائما بسبب ارجلنا أو عدم حفظ دروسنا، بل احيانا لأنه رآنا نلعب خارج حصة الدرس، كان المعلم في وقتنا هذا ضد لعب الأطفال، وكانت حصة العقاب لمن لم يحضر فروضه المنزلية اكثر إذا ضبطه المعلم يلعب، كنا نلعب وحين نرى المعلم قادما نجري للإختفاء، وعادة حين تعرف أن معلمك ضبطك في اللعب وأنت لم تنجز تلك الفروض الخرافية، كنا نطلي أيدينا بسائل الثوم وكان الذي يتلقى كمية كبيرة من الضرب والتفليق يضع الثوم أيضا في أرجله وكان من الصدف العجيبة أن التلميذ النجيب الذي يشم أرجلنا لم يكتشف يوما رائحة أرجل الذي يتلقى منا كمية كبيرة من الضرب برغم حذائه البلاستيكي الأسود بسبب من قوة رائحة الثوم . مع الوقت تنبه الجميع لرائحة الثوم التي تغلب رائحة الارجل ، ومن كان يملك منا جواربا كان ايضا يطليها بالثوم فتكون رائحة القسم سراب من رائحة الثوم كأننا كائنات تطبخ في طنجرة القسم ذي الحرارة الفائقة . في ذلك الزمن كان عدونا هو المعلم وشمام الأرجل والتلميذ ذي البنية الجسمية القوية، اليوم عدونا هو الوزير المهرج والمؤسسات الشمامة لرائحة جوارب المواطنين والمخزن القمعي والأجهزة القمعية، لقد حولوا حياتنا إلى سراب تشكله رائحة الثوم، والحقيقة ان الذي ذكرني هنا بطفولتي البئيسة هو ذلك التصريح الغر لوزير العدل المغربي، هو من ذكرني بحكاية الجوارب والأرجل الحافية، وهو ايض من الهمني بأننا مازلنا نعيش في زمن سراب الثوم الذي عشناه ونحن أطفال ولو بشكل متفاوت من حيث التحول من المدرسة إلى الدولة، لم يتغير فينا أي شيء، نفس عقلية المعلم الرقيب للعب الأطفال حتى وإن كان وزيرا، نفس المزاج التربوي حتى وإن تعلم المرأ في المدارس االغربية، الكل لازال يمارس مهنة التربية في المغرب بأشكالها القروسطية الجحيمية والفرق هو فقط في البنية التحتية بشكل هو: النجاح عندنا هو التخلص من البنية القمعية والتخلص هذا هو ان تكون طيعا طيبا او أن تهاجر، لقد خلق التعليم منا وحش "هيدرا"، ذلك الوحش الذي إذا قطعت رأسه نبتت رؤوس أخرى محله، في طفولتنا كان المعلم قاسيا لكن ايضا كانت مقاومتنا شديدة وشاذة من قبيل غسل الأرجل بالثوم .

وزير العدل حضر إلى اجتماع في بلدية بتارودانت باعتباره رئيسها وليس باعتباره وزيرا للعدل، لكن ما قاله تجاوز وظيفته كرئيس الجماعة، وتجاوزها اكثر كوزير للعدل حيث أفصح عن شيء غريب لا علاقة له بالعدل، وحتى نكون في السياق، خاطب السيد وهبي المدير الإقليمي لوزارة الثقافة بما يلي: ""أنا وزير العدل وكل المؤسسات تشتغل معي. أنا أعرف عنك كل شيء وأعرف حتى لون الجوارب التي تلبسها".

ذكرني الوزير بالطفل الذي كان يشم أرجلنا في القسم الإبتدائي، كان ايضا طيبا مثل الوزير، كان يتودد لنا حين نحرمه من اللعب معنا وكان يقول: "انا أعرفكم جيدا، وإذا لم تتركوني ألعب معكم سأوشي بخنز أرجلكم " وكان الطفل هذا يوشي في الغالب بالذين لم يكونوا ودودون معه (لقد قلت سابقا بان الرائحة في القسم الإبتدائي لها لون السراب، لكن الطفل الشمام كان يختار اعداءه فقط).

هل يليق بوزير عدل ان يقول هذا؟ تجاوزا نحن هنا لا نتكلم عن وزير العدل بل رئيس بلدية، وتحديد الصفة في الممارسة الإدارية او السياسية هو تحديد زمكاني: إن الوزير (وزير العدل ) نسي نفسه انه في الزمكان هو رئيس بلدية فقط وليس وزيرا للعدل، ثم إنه تجاوزا لمهمته كرئيس بلدية، خلط الأوراق بشكل خارق جدا، إن وزير العدل عليه افتراضيا أن يكون نزيها كالقاضي نفسه لا علاقة له بوزارة "الشم" التي هي وزارة الداخلية، وحتى إذا كانت وزارة الداخلية توصله بشم الجوارب عليه هو ان يكون نزيها محايدا وليس شماما كوزير الداخلية.



أنا عالقة في المرآة

 قصة قصيرة.. نظرت خلفي .. المنظر اليومي ذاته للمقبرة التي أزورها يومياً ، طقس من طقوس الارتياح حين أزور قبر زوجي ، الهدوء الصامت يكاد يمزق حفيف أوراق الأشجار التي تحاول مغازلة الرخام النائم فوق الأجساد الهاربة من الحياة .

تأملت انانية الأحياء ، بعض المقابر عليها الورود اليانعة التي تدل على اهتمام أقارب الميت، وهناك القبور العارية التي تعاني من برودة الصمت، وهناك القبور التي تحتضن الأزهار التي أصابها اليباس من شدة النسيان.

وقبل الاستمرار في تأمل عصير الحياة الذي يجف في هذا المكان، خرجت من البوابة الحديدية الصدئة، وقد تركت المقبرة خلفي مع تساؤلاتها التي لا تجد الإجابات .

استقبلني الرصيف الذي تكسر بلاطه وخرج التراب من الحفر التي تحولت إلى مستنقعات للمياه بعد أن هطل المطر البارحة.

وقبل أن أستقل سيارتي المركونة إلى جانب الرصف نظرت إلى الرصيف المقابل وإذ بطفلة صغيرة لا تتجاوز الخمس سنوات واقفة تبكي ، سألتها عن اسمها لم تجب ، سألت عن أهلها ؟ اسم امها أو أسم والدها ؟ لم تجب ، احترت بالأمر .. سألتها اذا كانت تعرف بيتها.. أجابت بايماءة من رأسها - أي نعم.- .

أغلقت باب السيارة.. وأمسكت بيدها، سمعت صوتها .. قالت لي البيت قريب !! أشارت إلى الشارع المقابل للمقبرة .. دخلت إلى الشارع ، أنا أعرف هذا الشارع !!همست بيني وبين نفسي !! ودخلت الفتاة في شارع آخر .. تركت يدي مشت لوحدها .. أمشي وراءها.. !! كنت أسير كأن أحدهم قام بتنويمي مغنطيسياً .. حاولت الرجوع لأنني شعرت أن هذه الطفلة تجرني إلى مكان لا أعرفه ..!! لكن بقيت أمشي وراءها.

طالت الطريق والأزقة، والبيوت أصبحت متشابهة ، الغريب أن لا أحد في هذه البيوت ، إنها فارغة لا صوت .. لا صدى .. لا وجوه تطل من الشبابيك ، وفجأة وقفت الطفلة أمام بيت متهالك .. قلت في سري أعرف هذا البيت !! فتحت الطفلة الباب ودخلت .. دخلت وراءها .. لكن اختفت ..!!

نظرت حولي أعرف هذه الغرفة الكبيرة .. أعرف الجدار .. !! هناك صورة قديمة إطارها الذهبي قد تكسر والصورة على وشك السقوط على الأرض .. حملقت.. في الصورة أبي وإلى جانبه أمي ترتدي ثوب الزفاف الأبيض، إنها صورة لزفافهما ، لم أر هذه الصورة مطلقاً ، كانت أمي تؤكد إنها لا تملك صورة ليوم عرسها.

إلى جانب الصورة مرآة كبيرة، وقفت أمام المرآة ، وإذ بالطفلة داخلها وسرعان ما أخذت تكبر وتكبر .. ثم أصبحت الطفلة أنا .. !!

حاولت الهروب من الطفلة ومن البيت ، لكن وجدت البيت دون أبواب ودون نوافذ .. وما زلت عالقة في المرآة والطفلة تشدني كي أبقى إلى جانبها .


المغرب: حكومة أخنوش تتخبط.. جواز التلقيح وإقصاء الأساتذة وعشوائية القرارات

 بعد نهاية مسار دام عقداً من الزمن انطلاقاً من 2011 إلى 2021 لحكومة بخلفية إسلامية تم انتخابها ونالت ثقة الشعب المغربي وسط أحداث مزلزلة رافقتها الكثير من المتمنيات والمساعي الشعبية التي كنا نرغب أن تتحقق كشعب ومواطنين مغاربة.

وقع ما وقع وتدخل مَن تدخل وقُمع مَن قُمع وسُجن مَن سجن وعاش من عاش واستفاد من استفاد كما نقول، مرت المرحلة بما لها وما عليها، نختزلها كناشطين ومتابعين للحراك السياسي الوطني بأنها 10 سنوات يجب أن تطوى و5 سنوات مع عزيز أخنوش لابد أن تستدرك.

بعد أشهر معدودة، الحكومة كما نقول باللهجة المغربية "لم تسخن بلاصتها" نشرت تصوراً وأظهرت نية خفية غير سليمة في مجموعة من المجالات وخرجت بقرارات أغضبت العامة وجعلت من الشارع متنفساً وحلاً لإسماع الصوت والتعبير بحرية.

ننطلق من إجبارية جواز التلقيح وعشوائية البلاغات التي تصدر بين ليلة وأخرى، دائماً ما تخلق فوضى وإرهاقاً للنفوس، خاصة أننا وصلنا إلى مستوى من الاحتقان لا يُتصور.

أكثر من عام ونصف والمواطنون مقيدون ومحظورون من التجوال والسفر، بالإضافة إلى تعسف رجال الأمن والسلطة والدرك في السدود التي وضعتها وزارة الداخلية في مداخل ووسط المدن والطريقة السلطوية التي يتعاملون بها وعدم تقديرهم للاستثناء الذي جعل بعض المواطنين في تنقل بعد 11 مساءً.

دون نسيان إجبارية تلقي اللقاح وعدم مراعاة مشاعر الناس والضرب في الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاتفاقيات الدولية والحق في الاختيار وحرمة الجسد وحرية التنقل، لأن العقول مختلفة ولكل شخص قناعة ومعرفة وقدرات.

الخطير هو عشوائية وهفوات وزراء وسط البرلمان وإدلائهم بتصريحات غير مسؤولة، مثل تصريح وزير الصحة الأخير الذي أدى إلى تقسيم الشعب وتقليل من شأن ناس لديهم قناعة بعدم تلقي اللقاح ووصفهم بأنهم "أقلية غير ملقحة"، فتحية للشارع الذي أسمع الكلمة.

قبل أيام شاع بلاغ زلزل النفوس بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ألا وهو إقصاء تام للمواطنين المغاربة الذين يتجاوز سنهم 30 من مباراة توظيف الأساتذة، هذا البلاغ العشوائي الذي حطم فئة كبيرة من المواطنين كان حلمهم الحصول على وظيفة مستقرة وراتب شهري من أجل الخروج من نفق البطالة.

شباب وطاقات في المستوى حاصلين على الإجازة في مختلف التخصصات وناس لديهم شغف من أجل الاشتغال في المهنة والتفاني في العمل، بل إن هناك فئة كبيرة أتممت الدراسة الجامعية بامتياز وقامت بكل ما يستلزم في الدراسة واجتياز دورات تكوينية لأجل المباراة، فيأتي وزير بدون شرعية أخلاقية أو سند قانوني يخرج ببلاغ يحدد السن الاقصائية غير المبرر ودون نص تشريعي. بلاغ وكلام غير دستوري سيسبب انفجاراً خطيراً؛ لأنك يا سيدي الوزير بهذه السياسة ستقوم بقتل طموح شباب فقير وحالم.

ما زال هناك وقت من أجل استدراك ما يجب أن يستدرك، التاريخ يا حكومة لا يرحم، كنا نستبشر خير منكم وفئة كثيرة من الناس ساعدتكم وقامت بتسليم صوتها لكم من أجل إخراجنا من وحل وتاريخ غير مرغوب فيه وتحقيق وعودكم، فكونوا بحجم المسؤولية التي أسندت إليكم لأن القرارات غير المنطقية وغير الديمقراطية ستحدث ما لا نريد في المستقبل القريب.

حمزة نيازي - عربي بوست

امامة المرأة للصلاة ... نساء تستعذبن الصفوف الخلفية

 برغم معرفتى بالطريقة التى يفكر بها النساء والرجال فى مجتمعنا ، حينما يناقشون أو يتناولون أمراً يتعلق بالمرأة ، إلا أننى قد شعرت بالاستفزاز عندما قرأت فى احدى المجلات المصرية ، استجابات عدد من الداعيات المصريات ، لامامة المرأة ، للرجال والنساء ، فى الصلاة .

أبدت الداعيات رفضهن لإمامة المرأة للرجال والنساء فى الصلاة ، حيث يشترط فى الإمامة الذكورة . كما أن بدن المرأة " عورة " أمام الرجال ، وخاصة فى وضع السجود والركوع ، مما يؤدى إلى عدم خشوع الرجال وانشغالهم بالنظر إليها ، كما أن المرأة لم تقف بجوار الرجل فى الصلاة فى الكعبة ، وإنما كانت تقف فى الصفوف الأخيرة بعد صفوف الرجال والأولاد . وإذا رأت المرأة شيئاً أثناء صلاتها فعليها أن تصفق ، ولا تصيح مثل الرجل . وهذا يدل على أن صوت المرأة " عورة " .

تذكر داعية منهن تدعيماً لهذا الرأى ، أن الرسول قد ذَم الرجال ، الذين يقفون فى آخر الصفوف . والحكمة فى ذلك أن الصفوف المتأخرة قريبة من النساء ، لأن جسد المرأة " عورة " ، بالإضافة إلى أن القوامة للرجال فى الإسلام ، فى كل الأمور ، بما فيها قيادة الصلاة .

إن هذه الطرح له خطورته ، لأنه مبنى على التفسير الحرفى للدين ، والانحياز إلى بعض التفسيرات التى يصفونها بأنها من " الثوابت " ، وهى ليست كذلك ، بدليل أن هناك منْ يفسرها تفسيراً أخر مغايراً لصالح المرأة وليس ضدها ، ولصالح بديهيات العقل الذى يؤمن بالعدالة وليس مهووساً بالجنس .

مصدر الخطورة يرجع أيضاً إلى أن هؤلاء الداعيات يتقلدن مناصب قيادية ، تؤثر فى عقول الشباب ، بحكم عمل ثلاثة منهن بالتدريس فى الجامعة . ناهيك عن ظهورهن الدائم فى وسائل الإعلام ، والقنوات الفضائية والأرضية.

دعونا نناقش قناعات الداعيات على أرضية عقلانية ، دون تشنج أو تعصب . ففيما يخص أن الإمامة تشترط الذكورة فهذا يعنى بادئ ذى بدء ، أن فى الإسلام أمور تخص الرجال ، ولا يقوم بها النساء ، وهذا ضد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ، فى الإسلام ، والذين يصدعون به أدمغتنا طوال الوقت ، وأن الاسلام لم يفرق بين الجنسين ، وأن الاسلام يكرم المرأة . كيف يكرمها ، وهو يمنعها من القيام بأمور معينة ؟؟. وكيف يكرمها وهو يعتبرها كلها " عورة " ؟؟.

هذا بالإضافة إلى أنه ليس هناك علاقة بين الذكورة من ناحية ، والإمامة والقيادة من ناحية أخرى . فهل من المنطق أن يؤم ذكر من الرجال ، جاهل بأمور الدين ، نساءً وصلن إلى مستوى متقدم من التعليم كأستاذات فى الجامعة وباحثات وطبيبات ، ويعلمن من أمور دينهم ودنياهم الكثير ، ومع ذلك ، يفضل أن يؤمهن مثل هذا الرجل ، لمجرد أنه " ذكر " ؟؟. ما هذا السفه ؟؟؟ . وما هذا التفكير الذى يحرم ممارسات بعينها ، على النساء ، لمجرد أنهن لا يمتلكن الأعضاء الجنسية الذكورية ، وليس لهن شوارب ، ومختلفات بيولوجيا عن الرجال ؟؟.

لقد تبنت هؤلاء الداعيات نظرة الفقهاء من الرجال ، ، فيما يخص المرأة . فالمرأة تم اختزالها فى كونها جسداً يثير الغرائز والشهوات . والرجال ضعفاء أمام هذا الجسد ، وينتابهم الهوس الجنسي حينما تقع أعينهم على المرأة فى كل الأوقات ، حتى لو كان هذا الوقت أثناء العبادة والصلاة . كيف لم يمنعهم ايمانهم ، وصلاتهم ، وعبادتهم ، من تسلط الشهوات فى المساجد والجوامع ؟؟. أهؤلاء رجال يصلحون للقوامة والقيادة؟؟.

إن الرغبة الجنسية تنشأ فى المخ ، والإنسان الطبيعى يستطيع أن يتحكم فى رغباته وغرائزه . أما الرجال المهوسون جنسياً ، فهم لا ينتظرون أن تكون المرأة ساجدة أو راكعة ، بل سيلاحقونها فى الشارع والعمل والمواصلات العامة ، فهل معنى ذلك أن نحجب النساء ونمنعهن من ممارسة حياتهن العامة ؟ . منطق مريض .

لقد التحقت المرأة ( فى مجتمعت أخرى غير مجتمعاتنا ) بالجيوش ، وارتادت الفضاء ، وقادت الطائرات ، ولم نسمع أنها قد أثارت شهوة زملائها من الرجال .

أيضاً فإن هناك الكثير من الرياضات القوية ، والتى تقوم فيها المرأة بحركات جسمانية تتطلبها هذه الرياضات كالجمباز والسباحة والقفز بأنواعه المختلفة ، وهى تلقى قبولاً من غالبية الناس ، ولم نسمع أنها تثير غرائز الرجال وتلهب شهواتهم . وحتى إذا حدث هذا ، فهو عيب الرجال لا عيب النساء .

إن هؤلاء الداعيات يكرسن للتفرقة بين المرأة والرجل ، أستناداً على أن كل منهما له طبيعته الخاصة . ثم نراهن يتناقضن بقولهن إن الإسلام قد ساوى بين المرأة والرجل فى كل الأمور .

إن المساواة كما أراها ، وكما تقرها مواثيق حقوق الإنسان ، تعنى أن ما هو للرجل ، هو أيضاً للمرأة دون تفرقة أو تمييز فى كل جوانب الحياة . وهذا بالتحديد ما جعل إمامة المرأة للصلاة تمتد فى ولايات أخرى بأمريكا غير ولاية فرجينيا ، بمبادرات من نساء مسلمات .

إن التفرقة تحت أى مبررات ، والتى يكرسها هؤلاء الداعيات ، من شأنها أن تحول النساء وهن نصف المجتمع ، إلى عورات وناقصات ، ومشروع اغتصاب .

إن صورة الإنسان أمام نفسه ، تلعب دوراً هاماً فى حياته . فالمرأة التى تنظر إلى صورتها نظرة الفريسة ، يخلق ذلك منها شخصية مهزوزة ، مهترئة ، خائفة ، خاضعة ، خاملة ، وغير فاعلة .

أما إذا كانت نظرة المرأة لنفسها نظرة إنسانية ، فإن ذلك يمنحها الثقة بالنفس ، والجرأة ، والقدرة على الاقتحام والفعل والابتكار . فهل لنا أن نتصور مجتمعاً تنظر نساؤه إلى أنفسهن هذه النظرة الدونية ، التى تدور فى فلك الغريزة الجنسية ، ونأمل من هذا المجتمع خيراً ؟ . وكيف تقف المرأة ضد نفسها ، وتستعذب دائماً أن يدفع بها الرجال إلى الصفوف الخلفية ، حتى فى الصلاة ، وفى دار عبادة ، وبيت من بيوت الله ، المقدسة الطاهرة ، والمفروض أن الله يحميها ، ويحفظها ، من رجس الشياطين ؟؟.

من كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى " 2002.



أُبَجلك أيها الموت ولكنى أمقتك

 أيها الموت جئت اليوم أناجيك كيف لك أن تكون بهذة القسوة من منحك تلك السلطة لتسلب من نتنفس بأنفاسهم وما مشكلتك معنا هل انت حقا تشعر بما تركته من خلفك كأنقاض حرب استمرت ١٠٠ عام   أعلم انك فسيولوجيا تعنى خسارة كيان حي (عضو أو فرد أو نسيج أو خلية) بشكل نهائي للخصائص المميزة للحياة، مما يؤدي إلى تدميره"..

 فنصبح ميتين عندما لا نعود على قيد الحياة.لكن لا تأبه بهذا كله الأمر لا يتوقف لدينا عند إنطفاء أجهزة بشرية فى جسم بشرى نترجى الذاكرة أن لاتنسينا ملامحة وتارة أخرى نرجو أن تُمحى كل تفصليه متعلقة به هروباً من الجرح الغائر عند أسترجاعه لذاكرتنا..هل تعلم أيها الموت إن تاريخى معك يُكتب بحبر من دموع تختلط بالدماء ..دموع الآلام وجراح غائره يعجز فيها الجراحين المهره ..

 أريد أن أذُكرك بما صنعته بمن أحب...ربما تشعر بقليل من الآلام مثلى فَتُقدر مشاعرى هل تتذكر عندما زت منزلنا حينما اصطحبت معك أخوتى الثلاثة الصغار.. هل تتذكر أرجلى الضعيفة حينما كانت ترتطم ببعضها وانا ذاهبة مسرعة لمنزلنا لأرى وجهوه إخوانى لآخر مرة حينما أخبرنى معلمى المفتقر لآداب الإنسانية والشفقة : إرجعى للمنزل أيتها الفتاة  أخيك الصغير قد توفي ...، أنا لن انس لكما كل تلك الطاقة المؤلمة التى منحتوها إياها في ذلك اليوم ..

ولقد تركتنى ايها الموت لفترة ونسيتك تماما وتعاملت معك كاجار لا يهوى الإختلاط بأحد ، لم أكن أعرف أنك تراقبنى من بعيد ، لم أكن أعلم إنك ستعود بعنفوانك بكل جيوشك وعتادك...، وأنا لا أملك سوى قلمى لأشكوك للناس جئت تلك المرة لتخطف جزء من حياتى ..سلبت ريشتى الرقيقة التى تلون لي الدنيا فكنت مسبقاً أعرف أن هذا ازرق وهذا أخضر أما الآن لم أعد  أرى سوى لونك الممقت فهل الأسود لونك..؟ أعتقد إنك اللاشئ ذاته...

فأنت لك قدرة جبارة لسلب لكل شئ معناه لكل شئ صفته  وكيانه ...فهل ستصمت أيها الموت الآن بعدما سرقت عمي الوحيد ووالدي الثاني هل إكتفيت به ؟؟ سازف لك بشرى نحن جُرحنا جرح لا علاج له ولكن عمي لم يمت فأعماله تتبعه ومحبته باقيه فى أنفس ووجدان من كان يغمرهم بحنانه..، أنت ضعيف أمام المؤمنين فأنت لست بشمشون أنت تُسلب أرواحهم ولكن لن تقوى عن سلب ذكراهم مهما جهزت عتادك بأسلحة باليستية لتمحو ذاكرتهم من قلوبنا...

أنا أمقتك حقاً ولكنى أبجلك هل تعلم لماذا ..؟

لأنك يأيها النفق المظلم معبر للسماء والجنة والملكوت اللانهائى لأنك الجسر الوحيد الذى نعبر منه لله..

ربما يمكننى أن اتصالح معك يوما إذا كان العربون ضمانك لي أنه حينما تصتطحبنى ستكون نهاية رحلتى عند الله عدنى يأيها الخنجر الأسود  أن تكون راحتى الأبدية من خلالك....

تعلم انى ابغضك ولكن أحاول أن اتصالح معك بأن أُعد لك أمرى بالأعمال الصالحة التى تعينك على أخذى أريد أن أُبرم معك إتفاق آيها النفق المظلم لا تزورني حتى أُكمل بيتى على الأرض اليابسة، وابنيه من أساس حب الناس وأُزينه من أعمالى الحسنة التى أقابل بها إلهي وأنا كجندي غالب فى حرباً شرسة ..

أحسنوا لمن تحبون ، فإن الشوق بعد الموت لا يُطاق. - محمود درويش


الأونروا.. بنسختها الأميركية

 يحاول الأميركيون الظهور كمنقذ لوكالة “الأونروا”. أوقفت إدارة دونالد ترامب، تمويلها للوكالة فأعادته إدارة جو بايدن.

هكذا أدخلت الولايات المتحدة العجز في الميزانية عام 2018 مع ضغط على غالبية الدول المانحة بعدم الدفع، ومن ثم تعيد التمويل بعد ثلاثة أعوام ولكن بشروط.

يشكل التمويل الأميركي 30% من الموازنة العامة لـ”الاونروا”، في وقت تعاني فيها الوكالة الأممية من عجز مالي يقدر بـ 120 مليون دولار.

 وفي مقابل الـ30%، وقعت “الأونروا” والولايات المتحدة، في يوليو/تموز الماضي، “اتفاق إطار” استأنفت بموجبه واشنطن الدعم المالي.

لم ينشر نص الاتفاق رسمياً، وهنا السؤال الأساسي: لماذا إخفاء البنود؟ وبحسب تسريبات للمكتب التنفيذي للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن أخطر بنوده “وقف مساعدة الوكالة عن كل لاجئ ينتمي لجيش التحرير الفلسطيني أو أي منظمة من فئات العصابات ومن يشارك في عمل إرهابي”. تحول المناضلون الفلسطينيون الى إرهابيين والفصائل الثورية الى عصابات إجرامية.

هذا هو التضليل والتزييف، فأي ناشط يشارك في فاعليات مناهضة للاحتلال يُحرم من خدمات الوكالة والتوظيف فيها. وهذا ما واجهه 22 موظفاً في غزة يعملون في “الاونروا”، بعد اتهام تقدمت به منظمة “يو إن ووتش” (UN WATCH) الداعمة لإسرائيل ادعت فيه أنهم يخترقون “مبادئ الحيادية”، ويحرضون على ما وصفته بـ”العنف والكراهية” عبر حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي.

 وهنا المقصود بالعنف والكراهية أي مقاومة الاحتلال. وللأسف رضخت الوكالة للضغوط الإسرائيلية والأميركية فيُمنع على الموظفين الفلسطينيين في “الأونروا” ابداء أي تعاطف أو تضامن مع شعبهم. أمر مثير للضحك أكثر من الاستفزاز، لأن “اتفاق الإطار” يحول “الاونروا” إلى مراقب أمني على موظفيها واللاجئين ويتيح للاستخبارات الأميركية (الإسرائيلية) الدخول الى بيانات المسجلين في الوكالة ويوقف المساعدة عن لاجئ ويطرد أي موظف من عمله. هذه عملية استغلال للخدمات والوظيفة لتدجين الفلسطينيين.

بوضوح شديد، يتضمن الاتفاق بنوداً تهدف إلى سلخ اللاجئ عن قضيته الوطنية، عبر تقييد حريته بالتعبير عن رأيه، كما يعيد الاتفاق تعريف صفة اللاجئ بأنه الفلسطيني الذي ولد قبل عام 1948، وهم لا يتعدون 40 ألفاً، وليس وفق تصنيف الوكالة الحالي التي تضم سجلاتها 5 ملايين و700 ألف لاجئ، وهذا تصفية لحق العودة بطرق ملتوية. ويهدف الاتفاق أيضاً إلى غسل أدمغة الجيل الفلسطيني الجديد، عبر تفريغ المنهاج المدرسي من مضمونه الوطني. فإذا سيستمر الدعم الأميركي يجب حذف وشطب أي محتوى تراه أميركا واسرائيل معادياً.

 ومن تلك المصطلحات، التي يحظر استخدامها في المواد التعليمية الإلكترونية التي يعدها معلمو الوكالة أسماء المدن الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 مثل القدس ويافا وحيفا وعكا وصفد، فضلاً عن حظر استخدام بعض الآيات القرآنية التي تنصّ على الجهاد والمقاومة. فمثلاً في درس ضمن كتاب للصف الثالث في المرحلة الابتدائية اسمه “حيفا والنورس”، وحيفا هنا اسم فتاة، وقد طلبت “الأونروا” إقصاء هذا الدرس من المواد لوجود اسم حيفا. وكذلك طلبت الإدارة التعليمية للوكالة استبدال سؤال حسابي حول المسافة التي تبعد فيها مدينة حيفا (شمال فلسطين) عن القدس، بالمسافة بين مدينتي غزة وخان يونس، وبررت طلبها بأن مدينتي حيفا والقدس غير فلسطينيتين، وذكرهما يعدّ اختراقاً للحيادية. وهذه الحيادية بمنظورها الأميركي الإسرائيلي تعني أن تكون فلسطينياً بنسخة معدلة جينياً وفكرياً تقبل بالاحتلال وتنسى حقك بوطنك.

والمؤسف في الأمر أن غالبية موظفي الوكالة فلسطينيون ولاجئون، ويجب أن يقاوموا الإجراءات والقرارات والتمرد على المديرين “الاونرواتيين” قبل طلب الدعم من عموم الشعب والفصائل الذين يرفضون اتفاقاً كهذا يجعل “الشاهد الملك” على نكبة فلسطين عدواً للاجئين.

الجولان.. أرض سورية كانت سورية ستبقى

 نعلم جيدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت على درجة من العنجهية والمكابرة والغطرسة التي تجعله يعتقد انه على العالم أن يقبل بكل ما يتفوه به مهما بلغ من  الكذب وأن يرضخ لكل ما يخطط له مهما غرق في الظلم والاستبداد والعدوانية… 

والأكيد انه لولا صمت وتواطؤ العالم بما في ذلك القوى الرافعة راية العدالة الدولية وحقوق الإنسان لما تجرأ على امتهان الشعوب وتجاوز كل الخطوط الحمر عندما يتعلق الأمر بالمقدسات وبالتاريخ والجغرافيا.. وبعد قرار الصلاة الصامتة الذي منح  قطعان المستوطنين حق اختراق الأقصى لممارسة طقوسهم هناك جاء إعلان بينيت بان مستوطنات الجولان إسرائيلية حتى وان غيرت واشنطن موقفها في هذا الملف..

والأكيد أن بينيت والمؤسف انه يستند في تحالفه الحكومي الإسرائيلي إلى وجود دعم اسلاموي منحه فرصة تاريخية لتشكيل حكومته بعد انتخابات معقدة يحاول جاهدا أن يذهب إلى ابعد مما ذهب إليه سلفه ناتنياهو ليحظى بأكبر دعم ممكن من اليمين المتطرفين والمستوطنين في مشروعه الاستيطاني والتوسعي من القدس إلى الضفة إلى هضبة الجولان السوري المحتل..

وقد شدد في تصريحاته أول أمس على انه لو غير العالم موقفه من دمشق وهو بالتأكيد يعني النظام السوري فان الجولان تبقى إسرائيلية متناسيا بذلك أن الجولان  ليست ملكا لحاكم وليست حكرا لبشار الأسد أو للحكومة السورية وأنها كانت وستبقى في حكم التاريخ والجغرافيا وفي كل القوانين الدولية التي لا تقيم لها إسرائيل وزنا أرضا عربية سورية في حكم الماضي والحاضر والمستقبل وجزء من سوريا ومن حق الأجيال القادمة أن تستعيده عندما تتوفر الأسباب..

 صحيح أن هذه الأسباب  غير قائمة ولا تتوفر اليوم في ظل نظام عالمي قوامه عدالة عرجاء تنتصر للجلاء وتدوس على الضحية وهي عدالة تقودها لعبة المصالح.. وصحيح أيضا أن المشهد الإقليمي والمشهد عموما في منطقة الشرق الأوسط بات عنوانا اليوم للتشتت والانهيار والتفكك وانعدام التضامن العربي الذي كشف عورات الأنظمة القائمة وفشلها في الدفاع عن الأمن القومي العربي وصحيح أن المعادلة اليوم مفقودة وان المخاطر والخروقات متعددة وكل ذلك قائم ولكنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسحب عن الجولان بطاقة هويتها العربية السورية أو يقدمها هدية للكيان الإسرائيلي المحتل…

 وهو ما يعني أيضا أن المعادلة قد تتغير يوم تتغير الأسباب القائمة.. قد لا يكون ذلك خلال العقود القادمة ولكنه أمر وراد والزمن وحده كفيل بتأكيد هذا الحق على ارض الواقع..

اليوم يصر نفتالي بينيت على أن إسرائيل ستحتفظ بمرتفعات الجولان، التي استولت عليها في حرب 1967، حتى لو تغيرت المواقف الدولية تجاه دمشق لأنه يدرك المهانة التي بلغها الموقف العربي منفردا أو مجتمعا بعد كل الصفعات التي تلقتها الدول العربية ومعها جامعة الدول العربية التي تجاهلت كل مشاريع التطبيع الحاصلة التي أسس لها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وفتوحاته تمهيدا لإسرائيل لفتح سفاراتها في عواصم خليجية دون شروط أو التزامات مسبقة وهي تتخفى مجددا خلف جدار من الصمت بعد تصريحات بينيت حول الجولان السوري…

 بينيت، وجد في المشهد السوري الراهن والحرب المدمرة في هذا البلد ما جعله يعقد مؤتمرا حول مستقبل الجولان ويعلن خلاله أن الصراع السوري الداخلي أقنع كثيرين في العالم بأنه ربما يكون من الأفضل أن تكون هذه الأرض الجميلة والإستراتيجية في أيدي دولة إسرائيل…

يراهن بينيت على السطو على هضبة الجولان وتغيير ملامحها لتكون إسرائيلية ولكن بينيت الجاهل بخصوصيات وتاريخ منطقة بلاد الشام يجهل أن كل مشاريع التهويد لن تسلب هضبة الجولان هويتها وان كل محاولات التزوير لن تساعده في تغيير ملامحها والأكيد أن من يعرف هضبة الجولان ويعرف جبل الشيخ المطل عليها ويعرف مدينة القنيطرة المحيطة بها يدرك أن كل حجر فيها يتكلم العربية والكلدانية والسومرية شانها في ذلك شان كل المدن والقرى الفلسطينية التي فشل الاحتلال في تغيير هويتها..