يعد وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر (1923 -2023)، الذي توفي في 29 تشرين الثاني 2023 في الولايات المتحدة، والمولود في 27 أيار 1923 في بلدة فورت الألمانية، واحدا من أبرز السياسيين والدبلوماسيين والمشتغلين في الفكر السياسي في القرن العشرين.
ومن البديهي أن كيسنجر سخر كل جهوده وامكانياته السياسية والفكرية لخدمة مشاريع الهيمنة الأمريكية والغربية في العالم. وأدار وشارك في التحريض والإعداد للعديد من الانقلابات العسكرية، ومشاريع التسوية وفقا لرؤيته المبنية على النفس الطويل في تحقيق توازن القوى المطلوب لصالح هيمنة معسكره. وعرف في الشرق الأوسط في العمل الجاد من تحقيق توازن قوي لصالح إسرائيل واستمرارها وتعزيز دورها كدولة احتلال وفصل عنصري في المنطقة.
تشيلي تستذكر
أثارت وفاة هنري كيسنجر ردود فعل عديدة في تشيلي. حيث شارك في الإعداد والتحريض على انقلاب عام 1973 ضد الرئيس اليساري المنتخب ديمقراطيا سلفادور الليندي، وبالتالي دخلت البلاد في واحدة من أحلك الفترات ظلاما في تاريخها.
ذكرت صحيفة دياريو يونيفرسيداد دي تشيلي اليومية أن كيسنجر شارك في إقامة العديد من الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، في تشيلي (1973-1990) والأرجنتين (1976-1983)، وكذلك في عملية كوندور الشهيرة.
خطة كوندور
“خطة كوندور” أو “عملية كوندور” هو الاسم الذي أطلق على التعاون بين مختلف الأجهزة السرية في أمريكا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية في السبعينيات والثمانينيات. وتحت شعار “مكافحة الشيوعية”، بين عامي 1970 و1990، تبادلت تشيلي والأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروغواي وبوليفيا وبعد ذلك الإكوادور وبيرو معلومات مخابراتية حول الناشطين اليساريين وشخصيات معارضة أخرى. واستهدف هذا التعاون القبض على أي معارضة سياسية والقضاء على معارضي الديكتاتوريات.
وسُمح لعملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والجنود المدربين خصيصًا من قبلها التحرك بحرية داخل حدود الدول الأخرى من أجل اختطاف واخفاء وقتل المعارضين السياسيين الذين انتقلوا إلى المنافي. وبحسب منظمات حقوق الإنسان، قُتل في هذه العمليات 50 ألف، واختفى 350 ألفاً، وسُجن 400 ألف. ولعبت الولايات المتحدة الدور الرائد في خطة كوندور، كما أكد تقرير وكالة المخابرات المركزية الصادر في عام 2017.
عقل مدبر
يقول كاتب العمود في موقع “ لدياريو يونيفرسيداد دي تشيلي” الإلكتروني، في عموده الموسوم “ وفاة هنري كيسنجر، العقل المدبر للانقلاب التشيلي، عن عمر يناهز 100 عام” : “هنري كيسنجر: مجرم حرب مهووس، وأن تشيلي ليست سوى فصل واحد في قصة كيسنجر كزعيم إمبراطوري لم يتردد في التحريض على المذابح والمؤامرات في جميع أنحاء العالم من أجل الانتقام. لقد كان كيسنجر مجرم حرب عالميًا مرتكبًا للإبادة الجماعية، وواحدًا من أسوأ المجرمين في حروب النظام الرأسمالي حيث كان يعتقد أن هيمنة الولايات المتحدة العالمية يمكن أن تتعرض للتهديد. من القرن العشرين”.
وكتبت صحيفة “الموسترادور” أن وزير الخارجية الأمريكي السابق “الحائز على جائزة نوبل للسلام والمثير للجدل، دعم الحروب القذرة في أمريكا اللاتينية”. وذكرت الصحيفة أنه في عام 1976 تواصل كيسنجر مع دكتاتور تشيلي أوغستو بينوشيه وقال له: “لقد قدمت للغرب خدمة جليلة بإطاحتك بألليندي”.
سفير تشيلي
وكتب سفير تشيلي في واشنطن خوان غابرييل فالديس على حسابه على موقع “اكس”: “لقد توفي الرجل الذي لم تتمكن روعته التاريخية من إخفاء بؤسه الأخلاقي العميق”.
وأشارت إذاعة تشيلي فيسيون إلى أن كيسنجر شغل منصب وزير الخارجية المهم في أعوام 1969 – 1974، في إدارة الرئيس نيكسون، و1974 – 1977 في إدارة الرئيس فورد. وذكرت الإذاعة، أن كيسنجر لم يحاول منع تنصيب الليندي ودعم الانقلاب فقط، بل زار تشيلي أيضًا عندما كان بينوشيه في السلطة وقدم له دعمه الكامل، على الرغم من انتقاد الديكتاتور بسبب جرائمه البشعة وانتهاكات حقوق الإنسان التي سادت في عهده.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال