ناشد مئات من المهتمين والقائمين على حماية التراث المصري، وجمعيات وهيئات وأحزاب، وشخصيات عامة وسياسيون ومفكرون، ومعماريون وخبراء تراث، وممثلون عن أصحاب جبانات القاهرة التاريخية، "الجهات المسؤولة وكل القوى والضمائر الحية العمل لوقف مسلسل التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية وانتهاك التاريخ المصري"، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن "جريمة تدمير هذه المنطقة التراثية الفريدة من نوعها".
منذ مدة، بدأت أعمال هدم وإزالة مساحات من حرم منطقة مقابر القاهرة التاريخية، لتنفيذ مخططات إنشاء وتوسعة عدد من الطرق والمحاور، ما تسبب في هدم أو تهدم أو الإضرار بعدد من المباني ذات الطراز المعماري المتميز، في غياب أي بيانات أو إيضاحات حكومية بخصوص حدود المخطط وتفاصيله، وفي غياب أي تأمين أو إشراف فعلي من الجهات المختصة بالدولة لحماية المباني المذكورة، مثل مفتشي وخبراء وزارة الآثار أو الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عدا فرق وعمال الهدم والإزالة.
وأعلن المتضامنون، في بيان مشترك، عزمهم التوجه لتقديم بلاغ للنائب العام ضد كل من وزيري السياحة والآثار والأوقاف ومحافظ القاهرة بأشخاصهم وصفاتهم، وكذلك المسؤولين عن التنسيق الحضاري، وجميع الجهات المشاركة في أعمال الإزالة والهدم، مطالبين بفرض الحراسة اللازمة، لمنع تبديد وتدمير المزيد من هذه المباني التاريخية وما تحويه من قطع أثرية نادرة، وسحب كافة معدات الهدم منها، وتقييم الأضرار التي لحقت بها.
وسيعلن الموقعون لاحقاً عن عدد من الخطوات والإجراءات لمواجهة ذلك، "بينما لا يزالون يأملون أن تصل مطالبهم إلى آذان واعية قادرة على الاستماع لصوت المتخصصين ومحاسبة المسؤولين عن تدمير تراثنا، حفاظاً على مقدرات وثروات هذا الوطن وتاريخه".
وأكد الموقعون أن منطقة جبانات القاهرة التاريخية، "المسجلة على قائمة التراث العالمي، تحميها قوانين عالمية ومحلية، واكتسبت قيمتها بمن ضمتهم في ثراها، أجيال متعاقبة من أبناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته، ومن ساهموا في نهضته الثقافية والحضارية، بدءاً بالصحابة الأوائل ومروراً بأولياء الله الصالحين والعديد من الحكام والساسة، والفنانين والأدباء والشعراء، وآلاف المصريين المكافحين، فضلا عن ضمها كنوزاً معمارية فريدة شديدة التنوع تعبر عن حقب زمنية من تطور العمارة الجنائزية الممتدة منذ مصر القديمة إلى يومنا هذا، بينما تواجه الآن أكبر عملية تدمير في تاريخها".
وأشار البيان إلى أن حلول وبدائل عن الإزالة طرحتها لجنة شكلها مجلس الوزراء من المتخصصين في التخطيط العمراني والحفاظ على التراث، وأعدت دراسة لجدوى مشروع الطرق المرورية التي تخترق الجبانات الذي بدأ تنفيذه عام 2020 واضطلعت بتفنيد فني وأثبتت عدم جدواه مرورياً واقتصادياً.
كما قدمت اللجنة البدائل التي تعتمد على استغلال شبكة الطرق الحالية والمستحدثة، وأقرت كفاءتها لعشر سنوات مقبلة من دون المساس بالجبانات التاريخية، مع وضع رؤية لاستغلال الموقع للسياحة الدينية والثقافية، وكذلك حل مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في المنطقة. لكن بعد تقديم هذا الاقتراح، "عاد الهدم بلا هوادة وبكثافة أكثر من ذي قبل، كأن هناك سباقاً مع الزمن لمحو جزء من تاريخ الأمة وذاكرتها وتراثها وقهر شعبها، بنبش قبورهم وإهانة رفات ذويهم وتشتيتها".
وخلال الفترة الماضية، شرعت الحكومة المصرية في إنشاء محور الفردوس المروري، ما تسبب في إزالة المقابر التاريخية وسط القاهرة القديمة. وسبقته أعمال هدم محدودة شملت مقابر في تلك المنطقة، بهدف توسعة "طريق النصر"، خلال الفترة ما بين عامي 2014 و2016.
وكانت محافظة القاهرة قد أعلنت عن مخطط مشروع محور "الفردوس" في 22 يوليو/تموز 2020، الممتد إلى تسعة كيلومترات تقريباً، بهدف تيسير الحركة المرورية المتبادلة بين وسط القاهرة وكل من الطريق الدائري ومدن شرق العاصمة.
وشدد المتضامنون على أنهم ناشدوا الجهات المسؤولة للتراجع عن مشروع شبكة الطرق المدمرة، ولجأوا إلى مجلس الدولة الذي رفض نظر الشق العاجل في دعواهم القضائية لوقف أعمال الإزالة في هذه المنطقة. وقالوا إنهم أرسلوا عشرات الشكاوى والطلبات بلا جدوى.
وتحوي المنطقة عدداً كبيراً من المقابر ذات الطراز المعماري المتميز، منها مدفن أمير الشعراء أحمد بك شوقي، ومدفن السيدة أم كلثوم، وحوش الملكة فريدة، ومدفن محمود سامي البارودي، وسبيل ومقام الإمام جلال الدين السيوطي، ومدفن الأمير فؤاد وأسمهان وفريد الأطرش، وقبة وجامع محمود باشا الفلكي، ومسجد فاطمة الزهراء، وغيرها من مقابر الشخصيات التاريخية والرموز المصرية والمساجد والقباب والأسبلة.
المصدر: العربي الجديد
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال