كتب الشاعر العراقي بلند الحيدري لصديقه الشاعر مظفر النواب
" أصحيح يا مظفر
ان غصناً دقته الريح في الصحراء
رغم الريح اخضر "
ونحن نردد أصحيح أيها العالم أن الغصن المشرد ، المكسور، التائه ، اللاجىء ، الجائع ، المتعب، الضعيف قد اخضر في صحراء الخوف واللامبالاة والصمت والذل والملاحقات والسجون والاقتلاع وأصبح أخضراً ، يانعاً ، مقاوماً .
لا نريد ترديد حكاية الفلسطيني الذي حمل صليب معاناته وحبل مشنتقه وجسده المثخن بالجراح وسار في حقل الألغام والقنابل واجتاز مشاريع الخناجر وشبكات الأخوة العناكب، ورفض الفرار وبقي وفياً لذاكرته وشهادات الميلاد وخارطة قراه ومدنه، وقدم الشهداء من جميع الأعمار من الأطفال إلى الشباب والشيوخ والنساء .
ولكن نردد حكاية الفلسطيني الذي وقع على معاهدات دولية واتفاقيات كان شهود الزور عليها جزءاً من خداع تم تحت عدسات الكاميرات وابتسامات الرؤساء، ومفاوضات عبثية دخلت دهاليز السنوات ، كأنها بئر المخططات بلا قرار.
" منظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني " كنا نفرح ونؤيدها، كانت الناطق الرسمي بكل الاحلام والتطلعات والمستقبل ، آلاف الشباب انضموا الى هذه المنظمة ، كانت خطواتهم تهز الأرض، منهم من استشهد ومنهم من عاش سنوات في السجون ومنهم ما زال يعاني حتى الآن من السنوات الطويلة في الزنازين، ولا ننسى الأجانب الذين تعاطفوا والتزموا بقضية الشعب الفلسطيني نتيجة الصمود.
ويجد الشعب الفلسطيني نفسه أمام اتفاقيات تتخلى عن حلمه بالعودة ، وتضيع المفاتيح التي ما زالت معلقة بالرقاب ، دون أي استفتاء أو سؤال يكون التخلي عبر الرئيس " ياسر عرفات " حتى السجناء الذين يقبعون في السجون تحولوا الى ارقام وتم نسيانهم في الاتفاقيات، وصمتنا لعل الأيام تحمل المتغيرات .
لكن من حصار الى حصار ، ومن استيطان إلى استيطان ، ومن عذاب الى عذاب تستمر حكاية الفلسطيني الذي عليه أن يقاوم لوحده ، أما الذين يفاوضون عليهم ترديد الشعارات أمام وسائل الاعلام ، ويتعجب المواطن الفلسطيني عندما لا يجد إلى جانبه أي من عناصر الأمن المدججين بالسلاح وقت الضرورة ، لقد كشفت أحداث قريتي حوارة وترمسعيا وغيرها من القرى من هجمات المستوطنين ، عن سؤال أن هذه القوى الأمنية التي تدربت من قِبل جهات صهيونية أمريكية أوروبية هي لحماية من ولماذا تبقى صامتة ومواطنيها يعانون من الرعب والحرق والقتل؟؟
بعد حصار جنين والتصريح البارد للرئيس أبو مازن - محمود عباس - وقف المفاوضات والتنسيق الأمني - الا يخجل - حركة ثورية تناضل من أجل التحرر تنسق مع المحتل ، لا يوجد في الأدبيات التحررية في تاريخ الشعوب أن هناك تنسيقاً أمنياً بين الثوار والمحتل .
الدم الفلسطيني في جنين وفي كل مكان هو نتيجة الصمت الفلسطيني والتفاوض العبثي والتخاذل العربي، هو نتيجة الانحناء الفلسطيني والتنازل إلى حد القبول بمقاطعة في رام الله لا أحد يحترم رئيسها وحكوماتها .
مع كل حصار يكتشف الفلسطيني ضعف قادته الذين اسقطوه في مفاوضات سرقت منه كل شيء ، وحصار جنين وترك سكان المخيم لوحدهم في الدفاع عن أنفسهم أكبر تأكيد أن السلطة واهية ، ويجب محاسبتها على قراراتها .
نسأل رجال الحكومة الفلسطينية ممثلة بالوزراء والرئيس والمسؤولين اين أولادكم ؟ لماذا على أبناء المخيمات والشباب النابض بالاعتزاز والكرامة ويفتش عن حقه أن يدافع عنكم أنتم ؟ جميع الشهداء والمسجونين هم أبناء الشعب الفلسطيني الذي ما زال يتمسك بآخر خيوط الحق الفلسطيني .. !!
جنين ليست مجرد مخيم، انهما هو مرآة كشفت عورات السلطة ورجالها والأجهزة الأمنية ..!! من يقول الجيش الإسرائيلي ونتنياهو وبن جفير وباقي شلة الأنس الاستيطاني والصهيوني والاحتلالي وأمريكا والدول الأوروبية، نقول أصغر مقاوم يستطيع أن يفرض وجوده على خارطة الأحداث، هكذا تعلمنا من الشعوب التي تحررت ..!!
على السلطة اذا أرادت المحافظة على البقية الباقية من تاريخها أن تفتح صفحات جديدة مع الاحتلال، لماذا الخوف ؟ ماذا ستفعل إسرائيل أكثر مما فعلت ؟ وما فعلته في الأيام الأخيرة في جنين !!.. عاش الشعب الفلسطيني .
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال