ولم تعد صحوة المرأة حكراً على الظن السيئ الملحق بالنظرة العامة إليها، والزاوية التي تعوّد المجتمع أن يحشرها فيها حال الحديث عنها، على أساس طمعها في ما هو ليس لها، أو مدّ عينيها إلى ما يتمتع به الآخرون وما هو متاح للرجل دونها، فالناظر إلى واقع الحال العربي، سيجد أن من الضروري النظر بصورة أكثر شمولية لدور المرأة التي باتت تساهم بشكل كبير في تحسين الوضع الاجتماعي، الاقتصادي، والسياسي ، وإن بدا ذلك مهيناً في ما يتصدّر الإعلام الاجتماعي بشكل خاص.
تعد ريادة المرأة للأعمال مصدرا مهما، لم يتم بعد استغلاله، في النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم تقريبا. وعلى الصعيد العالمي، تسجل المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدنى معدلات النشاط الريادي الإجمالي: فقط 4٪ من السكان. في حين ُتسجل أعلى المعدلات في أفريقيا جنوب الصحراء (27٪). متبوعة بأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي بمعدل (15 في المئة). أما بخصوص اقتصادات بلدان (بنما وتايلاند وغانا، والإكوادور، ونيجيريا، والمكسيك، وأوغندا)، فيتساوى فيها مستوى المرأة مع مستوى الرجل، أو قد يتعداه قليلا، في مجال ريادة المشاريع. وبالنسبة لبقية المناطق، فتشكل المرأة نسبة صغيرة من رواد المشاريع.
وقد ازداد مؤخرا الاهتمام بريادة المرأة للأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الشيء الذي حفز على إجراء عدة دراسات تهدف إلى محاولة فهم التدني الكبير الذي تسجله مشاركة المرأة في القوى العاملة والحياة السياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سواء على الصعيد الإقليمي أو على صعيد أقطار المنطقة نفسها، والتعرف على التحديات التي تواجه رائدات الأعمال. وتظهر بيانات المقارنة بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى الرغم من تحقيقها لمكاسب قوية في مجال التنمية البشرية: ارتفاع نسبة محو الأمية ب 69 في المئة، وارتفاع متوسط التعليم (لمن هم فوق 15) إلى 5.2 سنوات، و انخفاض معدلات وفيات الأطفال إلى حوالي 46 لكل ألف مولود، وارتفاع العمر المتوقع إلى 68 عاما، إلا أن مستوى البطالة بين المرأة لا يزال مرتفعا في جميع أنحاء المنطقة. وبالطبع، هناك أدلة كافية تظهر بأن عوامل مثل الثقافة والأعراف الاجتماعية – وليس عامل الدين، إذ أن البلدان التي تعتنق نفس الديانة تظهر بوضوح معدلات مختلفة – لها تأثير على هذا التدني في مشاركة المرأة في ريادة الأعمال.
وهناك حاجة لجهود موجهة ومنسقة على جبهات متعددة لتعزيز مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية، على أن تكون هذه الجهود تتلاءم وسياق كل بلد على حدة. ويمكن أن تشمل هذه الجهود تغييرات في السياسات لضمان المساواة للمرأة في ظل القانون، و لأجل سد الفجوات المتبقية بين الجنسين في الصحة والتعليم، ومعالجة مشكل عدم تطابق المهارات في سوق العمل، وتعزيز مشاركة المرأة المدنية والسياسية، وتغيرات في السياسات الاقتصادية باعتماد نظم أكثر دقة لضرائب العمل، واستهداف أكثر لاستحقاقات الرعاية الاجتماعية ، و الإعفاءات الضريبية، والإجازات الممولة من القطاع العام والترقيات، وترتيبات أفضل لعمل مرن، وتعزيز فرص الحصول على التمويل والتدريب لصاحبات المشاريع.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال