شل إضراب عام بلدة جرجيس جنوب تونس يوم الثلاثاء، وخرج آلاف المحتجين للشوارع وسط تنامي الغضب بعد فقدان أبنائهم في غرق مركب كان يقلهم أثناء محاولتهم الوصول لأوروبا وللتنديد بدفن جثث آخرين في مقبرة للمهاجرين دون تحديد هوية المدفون فيها.
وبعد حالة الاحتقان والاحتجاجات التي شهدتها جرجيس على مدى أيام، دعا اتحاد الشغل المحلي إلى إضراب عام للضغط على السلطات لبذل كل ما في وسعها من جهد للكشف عن مصير المفقودين سريعا ومحاسبة المتورطين في دفن غرقى من أبنائهم دون تحديد هويتهم.
ورفع المحتجون أيضا شعارات تطالب بالتنمية وتحسين أوضاع المنطقة للحد من نزيف الهجرة باتجاه سواحل أوروبا في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر قوارب متهالكة.
وأظهرت صور من جرجيس الشوارع وقد اكتظت بالمحتجين، ومن بينهم عائلات المهاجرين، وأغلقت جميع المتاجر والمؤسسات الحكومية والخاصة أبوابها يوم الثلاثاء. وقال شهود إن المظاهرة كانت حاشدة.
وقال سليم زريدات الذي كان ابنه وليد البالغ من العمر 15 عاما من بين المفقودين "حتى اليوم ما زالت الدولة تتجاهلنا ولا تبحث حتى عن الغرقى".
وأضاف لرويترز "ما الذي فعلته لنا الدولة لمنع أطفالنا من الهروب؟ هل هناك وظائف؟ هل هناك مراكز ثقافة أو ترفيه..لا شيء"، مضيفًا أن وليد شعر أن لا مستقبل له في تونس رغم كونه طالبا ممتازا.
وقال غسان بورقيبة أحد ناشطي المجتمع المدني في جرجيس إن الإضراب كان ناجحا للغاية وكذلك المسيرة التي ضمت أهالي الغرقى والمفقودين ووجهت رسالة واضحة مفادها أن أهالي المدينة بطالبون الدولة ببذل جهد كافي ومحاسبة المسؤولين المخطئين فورا.
ومع ركود الاقتصاد في السنوات الأخيرة وتعرض المالية العامة لأزمة غير مسبوقة وسط اضطرابات سياسية، يلجأ عدد متزايد من التونسيين إلى قوارب متهالكة في كثير من الأحيان للانضمام إلى طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
ولقي العشرات من التونسيين حتفهم بالفعل هذا العام غرقا بينما كانت القوارب تحاول السفر باتجاه موانئ الساحل الشرقي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
وبدأت الاحتجاجات في جرجيس في وقت سابق هذا الشهر بعد اختفاء قارب يعتقد أنه كان يحمل 18 مهاجرا في أواخر سبتمبر أيلول.
وفي الأسبوع الماضي عثر الصيادون المحليون على ثماني جثث.
وازداد غضب الأهالي عندما دفنت السلطات الجثث في البداية في "مقبرة المهاجرين الغرباء" بدلا من العمل على تحديد هويتهم، كما تقاعست عن اتخاذ أي إجراء للبحث عن المفقودين.
وأجبر الغضب السلطات المحلية على إعادة فتح قبور وتبين أن الجثث تعود لمهاجرين ضمن هذا القارب.
وتحدث الرئيس قيس سعيد عن احتجاجات جرجيس يوم الاثنين خلال لقاء برئيسة الوزراء نجلاء بودن قائلا إن السلطات تبذل جهودا للعثور على المفقودين في هذه المأساة وتسعى لمحاسبة كل المتورطين.
وطلب سعيد من وزيرة العدل ليلى جفال فتح تحقيق عدلي في ملف الهجرة "ليعرف التونسيون والتونسيات الحقيقة كاملة وليتحمل من كان وراء هذه الفواجع تبعات إخلالاته وتقصيره".
وتشهد منطقة حي التضامن الفقيرة بالعاصمة أيضا احتجاجات عنيفة منذ أربع ليالي متتالية حيث اشتبك الشبان مع الشرطة متهمين إياها باستخدام العنف الذي أدى إلى مقتل أحد أبناء منطقتهم، بينما يتزايد الشعور بالإحباط من وضع اقتصادي متدهور وفقدان لسلع غذائية من المتاجر.
ويوم السبت، نظم معارضو سعيد احتجاجا نددوا فيه بتحركاته لتعزيز سلطته السياسية متهمين إياه بالانقلاب على الديمقراطية. وينفي سعيد ذلك بشدة ويقول إن خطواته قانونية.
ميادين - وكالات
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال