سامي بوعجيلة ممثل فرنسي تونسي يتخطى القوالب النمطية.
نجح سامي بوعجيلة الفائز الجمعة بجائزة أفضل ممثل خلال حفلة توزيع جوائز سيزار ضمن دورتها السادسة والأربعين، أبرز المكافآت المخصصة للأعمال السينمائية الفرنسية، في الخروج من الأدوار النمطية المتصلة بأصوله التونسية بفضل مشاركاته في أفلام سينما المؤلف.
وقال الممثل الفرنسي من أصل تونسي لدى نيله الجائزة التي تناظر جائزة الأوسكار في الولايات المتحدة، عن دوره كأب يحاول إيجاد متبرع بالكبد لابنه في فيلم “بيك نعيش” للمخرج التونسي مهدي البرصاوي، “لطالما ساد انطباع لديّ بأن الأدوار هي التي تختارنا لا العكس”.
وسبق أن شارك فيلم “بيك نعيش” في عدد كبير من المهرجانات الدولية، من بينها مهرجان البندقية 2019، حيث نال بوعجيلة جائزة أفضل ممثل ضمن مكافآت “أوريزانته”.
ويؤدي بوعجيلة في الفيلم على امتداد 90 دقيقة دور “فارس” المتزوج من “مريم” (نجلاء بن عبدالله) وهما زوجان يعيشان حياة عادية مع ابنهما عزيز البالغ من العمر 11 سنة، قبل أن تتحول حياة العائلة إلى مأساة.
وأعربت الممثلة التونسية نجلاء بن عبدالله التي شاركت بوعجيلة بطولة الفيلم عن فخرها به، حيث قامت بنشر صورته وهو يحمل الجائزة عبر حسابها الرسمي على إنستغرام معلقة بالقول “لقد حصل عليها.. أنا فخورة جدا بك يا صديقي أنت الأفضل”.
وكان بوعجيلة (55 عاما) صرح بمناسبة طرح فيلم “عمر قتلني” في سنة 2011، “لم أشعر يوما أني أؤدي شخصية شخص من أصل مغاربي. هذه الأدوار جزء مني. أمضيت عقدين من الزمن وأنا أحاول التخلص من القوالب النمطية، لذا لن أفعل ذلك اليوم”.
وأضاف “لا أريد أن أصبح ناطقا باسم مجتمع معين، أنا ممثل أولا”.
ومع سلسلة أدوار لافتة في العقود الثلاثة الماضية، انتزع بوعجيلة تقديرا كبيرا في الأوساط السينمائية.
وقد نال جائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان كان السينمائي عن دوره في فيلم “بلديون” للمخرج رشيد بوشارب سنة 2006. كما فاز بجائزة سيزار أفضل دور ثانوي في فيلم “لي تيموان” لأندريه تيشينيه (2007).
وأتيح للممثل المولود في مدينة غرونوبل جنوب شرق فرنسا لمهاجرين تونسيين، أن يكتشف السينما في سن مبكرة بفضل والده الدهان الذي كان يصطحبه وشقيقه لمشاهدة أفلام الويسترن الأميركية وأعمال بروس لي.
وبعد تلقيه تدريبا رياضيا على السباحة يعود إليه الفضل في لياقته البدنية، نال شهادة في التعليم المهني من دون اقتناع كبير بهذه الحرفة، قبل أن يجد طريقه في مجال المسرح “عن طريق الصدفة”.
الأدوار هي التي تختارنا لا العكس
وأوضح بوعجيلة لمجلة “ليزانروكوبتيبل” الثقافية “كنت أشعر على المسرح بأنني في مكاني الصحيح، حيث يجب أن أعبّر وأبني نفسي وأنمو وأكسر الحواجز وأخرج من العقد. أكثر مكان شعرت فيه بذلك كان المسرح”.
التحق بوعجيلة بمعهد الكونسرفاتوار في غرونوبل ثم بكلية سانت اتيان للفنون المسرحية، أحد أبرز مراكز الفنون الدرامية في فرنسا، وفيها تدرّب على يد أخصائيين. وتعلّم أعمال الكبار في هذا المجال من أمثال شكسبير وماريفو وكولتيس.
وحصل بعد تلقيه اتصالا من وكيل فني في باريس، على أول دور له سنة 1991 بشخصية شاب واسع الحيلة من الضواحي في فيلم “لا تون” لفيليب غالان.
وواجه صعوبات في مسيرته في العاصمة الفرنسية، إذ يقول إن ملامحه العربية كانت تحصره في أدوار محددة بما يحول دون تقدمه خلافا لزملائه في المهنة.
وفتح له فيلم “باي باي” للمخرج كريم دريدي سنة 1995 آفاقا جديدة. وخطا أولى خطواته في هوليوود مع فيلم “ذي سيدج” لإدوارد زويك سنة 1998 مع دينزل واشنطن، إذ أدى دور رجل مشتبه بضلوعه في أعمال إرهابية.
وقال بوعجيلة عن هذه التجربة في تصريحات لمجلة “تيليراما”، “المشاركة في عمل هوليوودي كانت أمرا رائعا لكنها كانت محطة مؤقتة. وللاستمرار بها كان يتعين الالتصاق بكليشيهات شتى وهو ما لم أكن قادرا على فعله”.
وتابع بعدها تعاونه السينمائي مع أسماء بارزة، من أرنو ديبلوشين في فيلم “ليو”، وعبداللطيف كشيش في “خطأ فولتير”، إلى أوليفييه دوكاستل وجاك مارتينو، اللذين قدما له أول دور كرجل مثلي يبحث عن والده في فيلم “درول دو فيليكس”. وقد لفت الانتباه خصوصا بتعاونه مع أندريه تيشينيه في “لي تيموان” الذي أدى فيه دور مهدي وهو شاب يكتشف المثلية الجنسية في أوج تفشي فايروس الإيدز.
وتمكن سامي بوعجيلة وهو أب لولدين، من الخروج تدريجيا من الأدوار النمطية. وقال “بدأت أشعر من خلال الأدوار التي كانت تُعرض عليّ بأني لم أعد محصورا بأصولي، استطعت تأدية أدوار كما في ‘بلديون’ أو ‘عمر قتلني’، مع تركيزي حقا على التركيبة النفسية للشخصيات”.
وأشاد الممثل الفرنسي من أصل مغربي رشدي زيم مخرج “عمر قتلني” والذي ترأس نسخة هذا العام، بصديقه بوعجيلة قائلا “هو يتمتع بالموهبة”.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال