إن اساس اعلان الانتخابات المزمع اجراءها هذا العام، وخصيصتها انها اعلنت في قلب الانتفاضة من اجل اجهاضها من قبل نفس الجهات والاحزاب في الطبقة الحاكمة، وكخدعة لإخماد ثورة الجماهير المنتفضة. وكانت الجماهير في حالة تصويت لمدة 6 اشهر ضد الحكومة واحزابها، لو لا اكتساح كورونا الذي اخرج الجماهير من ساحات الانتفاضة.
نتيجة التصويت واضحة وضوح الشمس مقدما!
الجماهير المليونية في جانب، والحكومة، واحزابها وميلشياتها، ومافياتها، ولصوصها، والمؤسسات الدولية التي تدعمها، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في جانب. عدوان طبقيان لا لقاء بينهما. إن انضم اليها "امتداد" و " الاحزاب الشبابية"! او لم تنضم، ان التحق بها زيد او لم يلتحق. فهم مجرد ارقام. مجرد "شيء كمّي" وليس "نوعي" باي حال من الاحوال.
مؤكد سيغير الانضمام للسلطة من حياة بعض المنضمين الجدد للسلطة من المتظاهرين السابقين، سيوفر لهم الامان من العنف والارهاب الذي لحق برفاقهم، و يعطيهم فرصة اعادة هيكلة وضعهم واندماجهم مع النظام. لا غير.
لكن هذا لا صلة له بما تريده وتحتاجه الجماهير.
الجماهير انتفضت ضد الفقر والبطالة، وكانت من شرارات اندلاعها اعتصامات العاطلات والعاطلين عن العمل من الخريجات والخريجين. شباب العشوائيات الذين هدمت بيوتهم او اقتلعت محلاتهم الصغيرة. "اخوة بو عزيزي" من الباعة المتجولين الذين يطاردون من قبل الحكومة...خرجت الجماهير ضد البطالة وانعدام الخدمات والمحاصصة.
كل هذه الاوضاع لم تبقَ على حالها فحسب بل دفعت نحو الاسوأ...ما بعد الانتفاضة.
سلسلة اجراءات الافقار التي اتبعتها الحكومة في الورقة البيضاء بالتنسيق مع المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ارسلت المزيد الى جيش البطالة، وتقليص دخول حتى اولئك الآمنين من العاملين في القطاع الحكومي: وعود بعدم التعيين في القطاع الحكومي( اللهم الا لأسباب انتخابية!)...اذا كانت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في عام 2019 تبلغ 25 % الان النسبة اكثر من 40% حسب احصائيات مؤسساتهم الشريكة.
ولم يقدم احد من قتلة الانتفاضة الى محاكمة، لم يجرَ تقديم اية اجراءات او سياسات لتقليص الفقر، لم يتخذ اي اجراء لتسييد القانون في لجم الجرائم، لم يسن اي تشريع للحد من العنف ضد النساء على الرغم من زيادة نسبة العنف بأشكال مهولة. لم يتمكن جهاز مكافحة الارهاب الجرار على انقاذ حياة شاب مختطف من قبل العشائر/الميلشيات. لم تسيطر على المنافذ الحكومية، لم يتوقف التفريط بثروات المجتمع. (نفس الطاس ونفس الحمام) ونحو الاسوأ.
منذ عام 2005 ونحن نقول هذه عصابة لم ولن ترسم الا مصيرا اسودا للمجتمع. الجماهير فطنت لهذا الامر وبدا تدريجيا عزوفها عن المشاركة في الانتخابات من 70% عام 2005 الى 20% عام 2018. الان يريد" المتظاهرون" وممثلون عن " المتظاهرين"!! إعطاء حقنة دماء جديدة لانعاش جسد هذه السلطة.
نضال الجماهير سيستمر، والحكومة وبرلمانها وكل الملتفين حولها، لا جواب لديهم على حاجات الجماهير، لا سياسات، لا برامج، لا خطط لهم بعد 2021 كما لم يكن لديهم اي شيء قبلها وعلى امتداد 18 عاما.
ليس هنالك طريق سهل لإرغام هذه الحكومة او اية حكومة قادمة على الاستجابة لمطالب الجماهير. وخاصة التصور بانه بالإمكان التغيير عبر الدخول في البرلمان!! لقد قالها قبلهم الكثيرون. ولم يزداد الوضع الا سوءا.
ان انتزاع ابسط حق من الحقوق يقتضي سنينا من النضال، من اجل انتزاعه ومن اجل الحفاظ عليه. فالبرجوازية بارعة في سحب باليد اليسرى ما تقدمه باليمنى. من اجل الشروع بإحداث تغيير، يجب انتزاع على الاقل مطلب واحد، انجاز واحد، تحقيق انتصار واحد على هذه الطبقة. وهذا يقتضي نضال مرير. الانتفاضة التي لم تتمكن من انتزاع مطلب واحد، لا يمكن تحقيق اهدافها ومطالبها عبر الدخول في انتخابات هي اساسا نظمت لإجهاضها.
المسالة ليس لها صلة لا بالأخلاق، ولا الشرف، ولا النوايا الحسنة، و الآمال الكاذبة. انه صراع طبقي مستعر! الذين اختاروا تشكيل "احزاب شبابية"، او " تمثيل المتظاهرين" للدخول في الانتخابات ليسوا مخدوعين، بل اناس اعلنوا استقطاب طبقي جديد. انهم ينتقلون ليكونوا جزءا من السلطة، من البرلمان. لا اكثر ولا اقل
ان التمثيل الحقيقي للجماهير يكمن بتمثيل العاطلين عن العمل، تمثيل العمالة الهشة، تمثيل العمال، عمال اجور وعقود واجور يومية، تمثيل الشباب والنساء، تمثيل على الارض، في الاحياء، في المدن، من الاسفل. وتنظيم نضالهم، وانتزاع حقوقهم، تحقيق على الاقل" اصلاح" اصلاح واحد فقط!
بدون هذا، ليس هنالك طريق سهل لإسماع " صوت الجماهير" كما تقول جماعة " امتداد" فالحكومة ليست طرشاء لتسمع. انهم يسمعون ويعرفون. ولن تقول لهم جماعة "امتداد" او غيرهم ما لا تعرفه الحكومة او ما لا يعرفه البرلمان. هذه الطبقة الحاكمة بكل اطيافها، لا يهمها وليست مسؤولة عن حياة الجماهير. حياة الجماهير والدفاع عنها مرهون بالجماهير نفسها وبتنظيمها لنفسها لانتزاع حقوقها.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال