في أيام 21 -22 تشرين الثاني استضافت العربية السعودية قمة افتراضية لدول مجموعة العشرين، ودول مجموعة العشرين صدرت ما قيمته أكثر من 17 مليار دولار أسلحة إلى المملكة، اي ثلاثة أضعاف ما تستطيع مجموعة العشرين حشده لتقديم المساعدات الإنسانية لليمن. وفي هذه القمة أيضًا، لم يتم التعهد بتخفيف أعباء ديون البلدان الأفقر في العالم، ولكن جرى تمديد مدة تأجيل سداد الديون المقرة سابقا.
اهتمت القمة بتأثير وباء كورونا على الاقتصاد العالمي. ويشعر قادة أقوى مجموعة اقتصادية في العالم بالقلق بشأن الزيادة الهائلة في الإنفاق الحكومي الذي أجبرت عليه الحكومات للحد من تأثير الأزمة التي أحدثها الفايروس على الشركات الكبيرة والصغيرة، وعلى العاملين. ويقدر صندوق النقد الدولي أن مجموع الحزم المخصصة للتحفيز المالي والنقدي تشكل 20 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي للبلدان المتقدمة. وتمكنت البلدان ذات الدخل المتوسط في العالم النامي من القيام بأقل من ذلك، ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن ما خصص يمثل 6 إلى 7 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي لهذه البلدان.
وفي البلدان الأفقر، تكون استجابة الحكومات أكثر تواضعًا. لقد تم تخصيص ما معدله 2 في المائة فقط من الناتج الوطني، لعدم توفر أموال أكثر لتغطية تدابير مكافحة كورونا محليا. وهذا يجعل اقتصاداتها أكثر عرضة لركود طويل الأمد، ويدفع بملايين الناس إلى الفقر.
وفي العديد من البلدان الأفريقية، تشكل تخصيصات خدمة الديون مساحة أكبر في الموازنة من الاستثمارات في قطاعات التعليم أو الصحة أو الضمان الاجتماعي. وهذا يعني أنهم لا يفتقرون فقط إلى إمكانية مالية لاتخاذ إجراءات فاعلة ضد أزمة كورونا في بلدانهم، بل وفي أسوأ الحالات، فإن هذه البلدان مهددة بالإفلاس.
الإفلاس الأول في سياق الأزمة
في 13 تشرين الثاني الجاري، كانت زامبيا أول دولة تعلق سداداها في سياق أزمة الوباء. وسبق لها أن طلبت من دائني سندات اليورو، البالغة قيمتها3 مليارات دولار أمريكي، تأجيل دفع الفوائد لمدة ستة أشهر. ولم يتمكن البلد المنتج للنحاس، نتيجة للركود المرتبط بالوباء، من دفع فوائد تبلغ 42.5 مليون دولار. لقد رفض المعنيون طلب التأجيل حتى نيسان 2021. وعلى إثر ذلك قامت وكالات التصنيف، بأنزال البلاد الى مستوى مرحلة “إفلاس انتقائي”، أي أن إعادة التمويل في الأسواق المالية أصبح أكثر تكلفة.
وتعد زامبيا مثالاً على إخفاق مجموعة العشرين في إشراك دائني القطاع الخاص في “مبادرة تعليق خدمة الدين”.
وفي نيسان 2020 وافق البنك الدولي ووزراء مالية ومجموعة العشرين على تعليق خدمة ديون البلدان الأفقر حتى يتمكنوا من تركيز مواردهم في مكافحة الوباء. وناشدت مجموعة العشرين دائني القطاع الخاص للمشاركة في مبادرة تعليق خدمة الديون، ولكن دول المجموعة لم تلزم دائني القطاع الخاص بذلك.
وزامبيا سادس دولة نامية تتخلف عن السداد أو تعيد هيكلة الديون في عام 2020، ومن المتوقع أن يكون هناك المزيد، لارتفاع تكاليف الوباء الاقتصادية. وفي عام 2020، سيصل الدين العام في 35 دولة أفريقية مشمولة بمبادرة تأجيل دفع الفوائد إلى أكثر من 480 في المائة. وهناك 19 دولة أفريقية على وشك الإفلاس أو هي تعيشه بالفعل.
غياب الحلول
لم تقدم قمة مجموعة العشرين الى البلدان الأشد فقرا سوى احتمال تخفيف أعباء الديون، من خلال النظر بتمديد فترة تأجيل سداد الفوائد المقرة حتى حزيران 2021، لستة أشهر أخرى. وهذا يعني ان الأهداف التي طرحتها بعض بلدان المجموعة قبل القمة قد أهملت، والتي تمثلت أهمها بـ: إلزام دائني القطاع الخاص بتأجيل سداد الفوائد، وإذا تطلب الأمر تخفيف الديون. وكذلك شمول الديون العامة لبلدان داخل وخارج المجموعة بما مر ذكره. وتوسيع دائرة البلدان المستفيدة لتشمل جميع البلدان النامية والناشئة التي تعاني من مشاكل الديون، بدلاً من الاقتصار على البلدان الأشد فقرا.
لقد انتقد رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، حقيقة أن المبادرة لا تشكل حلا للبلدان الـ 73 المشمولة بها، لأن تأجيل سداد الفوائد يعني بقاء الديون، وحتى إذا ذهبت حكومات مجموعة العشرين إلى مزيد من التيسير، فإن الدائنين من القطاع الخاص (البنوك، وصناديق التقاعد، وصناديق التحوط) سيواصلون الإصرار على دفع خدمة الدين. هذه المبادرة تؤجل التسديد الى حين، لكنها لا تخفض الديون.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال