ننفرد في نشر نص المكالمة التي جرت يوم الأحد الماضي بين الرئيس الأمريكي رونالد ترامب والرئيس المصري عبد المفتاح السيسي في الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت واشنطن، الخامسة مساءً بتوقيت القاهرة، وقد وصلنا التسجيل المسرّب من مصدر موثوق وتحققنا من أنه غير مزوّر (تنبيه قانوني: أي شبه بأسماء أناس أحياء هو محض صدفة).
ترامب: مساء الخير عبد المفتاح، كيفك؟
السيسي: صباح الورد والياسمين سيادة الرئيس، نوّرتنا، ازّي سيادتك؟
ترامب: أنت كما تعلم دكتاتوري المفضّل، فرأيت أن أستشيرك بقضية ملحّة.
السيسي: اُؤمرنا سيادتك.
ترامب: لا بدّ أنك تابعت المسخرة الانتخابية التي جرت عندنا في الولايات المتحدة. قلتُ منذ البداية إنني لن أقبل بنتيجة الانتخابات سوى لو فزتُ بها، أما وقد فاز خصمي فلا بدّ أن تكون مزوّرة.
السيسي: بالتأكيد، يا سيادة الرئيس، أي نتيجة تقلّ عن 95 بالمئة لصالح سيادتك لا بدّ أنها مزوّرة. أنا حصلت على تأييد مئة بالمئة من الناخبين في الانتخابات عندنا في مصر قبل سنتين.
ترامب: غريب. سألت مارك بومبيو وقال لي إنك حصلت على 97.08 بالمئة فقط… هل يُعقل أن يُخطئ مارك إلى هذا الحدّ وهو كان لا يزال يرأس السي آي إي (وكالة الاستخبارات المركزية) عندما جرت الانتخابات عندكم؟
السيسي: بالتأكيد لا، يا سيادة الرئيس، لكن بومبيو قصد بالتأكيد نسبة 2.92 بالمئة من الأصوات التي حصل عليها مصطفى موسى مصطفى، وهو أحد أشدّ أنصاري حماساً، فالنتيجة هي إذاً أن مئة بالمئة من الناخبين أيّدوني.
ترامب: جميل جداً. لكن مارك أخبرني أن صدّام حسين كان يحصل على مئة بالمئة من الأصوات بشكل صافٍ.
السيسي: سيادة الرئيس، هذا لأن الأمور في العراق كانت عكس ما يحصل عندكم. قرأت تغريدة لسيادتك تقول إن الأموات أدلوا بأصواتهم لمنافس سيادتك. في العراق كان مصير من لا يصوّت للرئيس الإعدام الفوري بحيث يُحال إلى الأموات وتكون النتيجة أن مئة بالمئة من الأحياء صوّتوا للرئيس. بسّ هذه الطريقة في الدكتاتورية وحشه قوي، ونحن ديمقراطيون، مش كده؟ فعندنا في مصر، من يتجرأ على المعارضة يُزجّ به في السجن قبل الانتخابات، فلا يبقى سوى المؤيدين في الميدان. ولشدّة حرصنا على الديمقراطية، كلّفنا أحد أنصاري بالترشّح إلى جانبي (وليس ضدّي، أعوذ بالله) ورشينا بعض المساكين كي يدلوا بأصواتهم له صوناً للديمقراطية.
ترامب: هايل حقاً! يا ليت كنت أستطيع أن أفعل مثلك، لكن عندنا معارضين كثرا، حتى ولو كانوا أقلية إذ إن أغلبية الأصوات الصالحة الشرعية تؤيدني بلا شك.
السيسي: سيادتك تقصد أن المعارضة هي التي تزوّر الانتخابات عندكم؟ هذا عجيب قوي.
ترامب: يِس عزيزي، فالديمقراطية عندنا مريضة حقاً، لذا رأيت أن أستشيرك بالحلّ.
السيسي: سيادة الرئيس، الحلّ في مثل هذه الشروط معهود في منطقتنا: إذا حاولت المعارضة أن تفوز بالانتخابات، وهذا لا يمكن أن يكون سوى بالمؤامرة طبعاً، فإننا نعيد وضع الديمقراطية على الصراط المستقيم بواسطة القوات المسلّحة. هذا ما يُطلق عليه بعض المثقفين من أصدقائنا تسمية «الانقلاب الديمقراطي».
ترامب: هايل! لكن عندنا عقبات هي مخلّفات مزعجة من النظام القديم تعيق تحقيق غايتي في «جعل أمريكا عظمى من جديد». فحتى وزير الدفاع عندي، مايك إسبر، وهو متأصل من عندكم أخبرني أن جدّه كان لبناني الأصل، رفض استخدام الجيش في قمع المتظاهرين ضد العنصرية متحججاً بقانون سخيف يعود إلى عام 1878 يحظر استخدام القوات المسلّحة الفدرالية في شؤون السياسة الداخلية. ولم يقتنع حتى من وليام برّي، الذي عيّنته نائباً عاماً لأنه رجل قانون عظيم على استعداد دائم لتفسير القانون كما أشتهي. فبقي متعنتاً بالرغم من أن وليام شرح له كيف أن الحالة تستدعي العمل بقانون آخر يعود إلى عام 1807 ويُجيز استخدام القوات الفدرالية في قمع الانتفاضة على الحكم. بل طمأنه أيضاً إلى أن سلطة القانون باتت لصالحنا بالكامل بعد أن تمكّنا من حشو المحكمة العليا بأصدقائنا.
السيسي: هذا الإسبر عبيط، يا سيادة الرئيس. تخلّص منه وعيّن من لا يعوق رغبتك في استخدام الجيش صوناً للديمقراطية الحقيقية.
ترامب: نصيحة رائعة، عزيزي عبد المفتاح! لقد أدركت أنك رجل حكمة عندما قلت عنك إنك دكتاتوري المفضّل. ألف شكر وإلى اللقاء.
السيسي: إلى اللقاء سيادة الرئيس.
(بعد ساعتين من هذه المكالمة، أعلن الرئيس رونالد ترامب، في تغريدة بالطبع، إقالة مايك إسبر من وزارة الدفاع وتعيين أحد أتباعه الطيّعين محلّه).
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال