حول ملابسات تغريدات – ترامب - بخصوص الانسحاب من سوريا وتأخيره أو وقفه واستقواء – قسد – وجماعات – ب ك ك – باعتبارها قوته الرئيسية - بالوجود العسكري الأمريكي نقول أن بقاء أو رحيل ( 2000 ) جندي ليسا بذي شأن في الحرب السورية أمام وجود عشرات الآلاف من الجنود الروس ومثيلتها من الجنود الأتراك والايرانيين والميليشيات اللبنانية والعراقية بكل عدتها وقواعدها البحرية والبرية فمنذ البداية كان التحالف الأمريكي يعتمد الحرب الجوية التي تحتاج لتكون أكثر فعالية الى مشاة في الميدان من أجل تحرير المدن من – داعش - ووجد الأمريكان ضالتهم في ( قسد ) وهذا الوجود حتى لو كان معنويا أو منطلقا من قواعدها في العراق والخليج والبحر يخدم الأهداف الأمريكية بالدرجة الأولى كلاعب دولي رئيسي متوافق مع النظير الروسي لتقاسم النفوذ ومتفاهم مع الزميل التركي بالناتو أما ماهو غير معلوم ماذا ينفع هذا الوجود من عدمه سياسيا – لقسد – على الأصعدة السورية والكردية والاقليمية ؟ فالمؤشر الأول بانسحاب قواته الأربعمائة من – منبج – جاء تحقيقا لرغبة تركية وانتصارا لها ولمصلحة النظام جزئيا ولننتظر النتائج الأخرى في قادم الأيام.
أمام تغريدات – ترامب – تغيب المقاييس ( الدبلوماسية ) ويعجز المنطق السياسي حتى لأقرب مقربيه عن ايجاد التفسير السليم لما يرمي اليه وقد يكون للرجل أسلوبه الخاص في ادارة أمريكا والعالم فهل نحن أمام " عقيدة ترامبية " ؟ فبعد تغريدة عن انسحاب سريع من سوريا توالت تغريدات عن تمديده الى أربعة أشهر ثم بعدم تحديد المدة الزمنية وبعدها بربطه بشروط القضاء على داعش وانسحاب الايرانيين ثم الاتفاق مع تركيا على التنسيق تلاه الاشتراط بعدم السماح لمهاجمة قوات – قسد – وبعد مفاوضات – ب ي د – مع نظام الأسد ودعم روسي لذلك والاستعداد لتسليم المناطق الى النظام توالت تغريدات بالتعهد باالمحافظة على ( أكراد سوريا ) ثم التهديد بتدمير الاقتصاد التركي ان تعرضت القوات الكردية الى الهجوم مرفقا بالتجاوب مع المطلب التركي العتيد بانشاء منطقة عازلة – آمنة بعرض ثلاثين كيلومترا وفي النتيجة النهائية فان ملف كرد سوريا كشعب وقضية وحقوق في ظل تحكم الأحزاب والتجاذب الحالي لم يرتقي الى سلم " التدويل " كما يزعم البعض بل مازالوا في خانة " الرهائن " المهددين بالاجتياح التركي في أية لحظة وتحت رحمة العطف ( الانساني ) لرجل مجرد منه يصر على بناء سور الفصل العنصري بين شعبي أمريكا والمكسيك .
يتم استخدام منبر الجامعة الأمريكية في القاهرة عادة من جانب رؤساء ومسؤولين أمريكان للترويج لسياسات بلادهم فقد حاضر من على ذلك المنبر الرئيس أوباما الذي دشن فكرة خيار ( الاسلام التركي المعتدل ) والوزيرة – كونداليزا رايز – التي أطلقت فكرة ( الشرق الأوسط الجديد ) أما الوزير – بومبيو – الذي حاضرقبل نحو اسبوع وبعد شن هجوم شديد على تركة أوباما وسياساته الشرق أوسطية اعتبر الاسلام السياسي جزء من الارهاب كما شدد على أن أمريكا ليست دولة احتلال بل دولة تحرير ومع نشر الديموقراطية ونحن باقون وستواصل محاربة الارهاب الداعشي وأكد أن المهمة الرئيسية هي ازالة النفوذ الايراني وأعلن أنهم لن يتخلوا عن أصدقائهم وفي مقابلة صحفية باليوم ذاته قال : " يجب أن يعلم الجميع بإن كورد سوريا ليسوا إرهابيين " وبالرغم من أن كلامه عام ولكن قد يقصد بذلك الرد على تركيا عن أن – ب ي د – ليس ارهابيا وبالمناسبة فان الحركة الكردية السورية كانت ومازالت تنهج النضال السلمي وتستمد الحوار وسيلة لحل قضيتها القومية ولم يطرأ أي تغيير حتى عام 2011 عندما بدأ الوافدون الجدد من جماعات – ب ك ك – بالتقاطر والتحكم بمصائر الناس بقوة السلاح ومنذ ذلك التاريخ بدأنا نسمع بوسائل الاعلام اتهامات لهؤلاء بممارسة الارهاب .
يأتي لقاء ارفع دبلوماسي أمريكي ( وزير الخارجية السيد بومبيو ) في اربيل مع مسؤولي الاقليم وفي مقدمتهم الزعيم مسعود بارزاني وفي أجواء تنذر بالتوتر في أكثر من مكان بالشرق الأوسط وخاصة بسوريا ليؤكد على الدور المنوط بالأشقاء في أكثر من ملف من الملفات الشائكة ومايهمنا هنا وفي هذه العجالة أن نعيد التأكيد على خطورة الوضع في سوريا عامة وفي المناطق الكردية خصوصا بعد قرار الانسحاب الأمريكي والتهديد التركي باجتياح شرق الفرات والارتباك الحاصل في أوساط قيادات أحزاب سلطة الأمر الواقع والانكسي والتخوف من اقدام الأولى على اتخاذ سياسات مغامرة مؤذية وخاطئة مما يستدعي الأمر خطوات عاجلة ليس باعادة تجارب سابقة أخفقت وهي بالمهد بل بالاعداد لتشكيل لجنة تحضيرية بغالبية مستقلة للاعداد لعقد مؤتمر وطني كردي سوري انقاذي في أربيل أو الوطن ليخرج بمشروع قومي وخارطة طريق ومجلس قيادة لمواجهة كل التحديات .
بعد ثلاثة أيام من البالون الذي أطلقه مسؤول ( ك ن ك ) حول الدعوة المفاجئة المتسرعة الغامضة الدوافع لعقد مؤتمر ( لكرد سوريا ) والتي أثارت العديد من الشكوك والتساؤلات سرعان ماجاء الخبر اليقين من القائد العام لجماعات – ب ك ك – ( جميل بايك – جمعة ) الذي يعتبر – ك ن ك – من المجموعات التابعة لأمرته حيث صرح البارحة : " ان – ب ك ك – بكل قواه سيحارب المحاولات الأمريكية لاقامة جبهة من تركيا والعراق ضد ايران ولن نسمح بتحقيق ذلك " وبذلك يفك طلاسم الدعوة التي هي بالأساس محاولة يائسة للملمة الأحزاب الكردية السورية التي مازالت خارج التحكم ومن معها لعقد الصفقة مع نظام الأسد باسم ( الكرد السوريين ) وتسخير القضية الكردية لخدمة ( الممانعة ) وهذا هو هدفهم منذ اندلاع الثورة السورية خاصة بعد ظهور علائم بداية توافق أمريكي – روسي – تركي لقصقصة أجنحة ايران في سوريا ( شعبنا الأبي الصامد : لن يهزك ريح ).
أمام المواقف المتناقضة داخل – قسد - حول ( المنطقة الآمنة ) حيث بعض مسؤوليها العرب يميلون الى التوافق مع تركيا وقسم من قيادات جماعات – ب ك ك – السورية ضد اي وجود تركي ومع قدوم قوات أممية وقسم آخر لايرى مانعا من وجود تركي بشروط مع بوادر تفهم أمريكي وروسي وكردي عراقي لفكرة المنطقة الآمنة يعني بالمحصلة وباستثناء ( دمشق وطهران ) معظم هذه الأطراف الدولية والاقليمية والحزبية مع – الفكرة - من حيث المبدأ مع تباينات بالتفاصيل ولاأحد يسأل عن موقف ( البقية الباقية من الكرد ) في معظم المناطق المعنية وتعبيراتهم المدنية ونشطائهم المستقلين وكذلك المكونات الأخرى المتواجدة من عرب وتركمان ومسيحيين ففي مثل هكذا أوضاع استثنائية مطلوب وبالحاح خطوات استثنائية أيضا من قبيل اتخاذ موقف وطني موحد من جانب السوريين المعارضين للنظام من كل الأطياف من اجل صون السلم الأهلي وقطع الطريق على أي احتلال جديد أو تمدد قوى النظام في تلك المناطق لأن القضية السورية لم تحل بعد
ونحن نغادرالعام 2018 الذي كان مثقلا بالآلام والأحداث المفجعة الجسام من بينها احتلال عفرين وتراجع الثورة على أيدي فرسان الردة المضادة في جماعات الاسلام السياسي وتجار الحروب وازدياد الأخطار المحدقة بمناطقنا جراء السياسات الخاطئة للقيادات الحزبية الكردية المغامرة منها والمنتهية الصلاحية أتمنى أن يحل السلام في العام الجديد ببلادنا وهي خالية من الاستبداد والسجون والحروب والمحتلين والميليشيات الغريبة تحت ظل نظام ديموقراطي يختاره الشعب ويعود المهجرون الى ديارهم وأن يكون عام نجاح حراك – بزاف – في تطوير مشروعه السياسي وتعزيز صفوفه وتوسيع دائرة مناصريه في سبيل تحقيق هدف اعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية وصياغة مشروعها القومي الديموقراطي واستعادة شرعيتها للتمكن من مواجهة كل التحديات عبر مشاركة غالبية النخب الشعبية في المؤتمر القومي – الوطني الانقاذي المنشود فكل عام وشعبنا السوري بكرده وعربه وسائر مكوناته القومية والدينية بخير وسلام .
صلاح بدرالدين - الحوار المتمدن
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال