يعمل نظام السيسي منذ توليه السلطة في مصر على البناء، وهو يبني على محورين، فمن جهة يبني صروحا شاهقة من أكبر مسجد وأكبر كنيسة لأعلى برج وأضخم مزرعة بلح، ومن جهة أخرى يبني صروحا أخرى من أعلى نسبة فقر وجهل ويراكم مستوى قياسي من الدين العام الذي لا يمكن الوفاء به في قرن من الزمان.
وبعد أن كنا في عصر مبارك نشكو من اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، جاء عصر السيسي لتنقسم البلاد الى قسمين قسم يعيش في رفاهية لا يعرفها اغنى دول أوروبا وقسم يعاني من ويلات الغلاء ونقص الخدمات وانخفاض جودة التعليم والافتقار الى الرعاية الصحية اللائقة.
إن هذا النظام ينفق مئات المليارات في مشروعات باذخة لا تخدم الا القلة القليلة من ابناء هذا الشعب ولا تدر أي عائد مادي يذكر بينما يبخل بشكل كامل على كل ما يهم جموع الشعب، فبدلا من بناء اعلى برج كان يمكن بناء اكبر مصنع سيارات في الشرق الأوسط على سبيل المثال، وبدلا من بناء اكبر مسجد كان يمكن بناء اضخم مجمع لصناعة الأدوية أو المنسوجات أو الأثاث وبدلا من بناء اضخم كنيسة كان يمكن زراعة القمح أو الشعير أو الكينوا أو غيرها من الحبوب التي لا تحتاج الى الكثير من المياه وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها.
ولكن البذخ الحكومي فيما لا يفيد لا يتسق أبدا بأي صورة من الصور ولا يقبله أي منطق أو عقل وخاصة ونحن فقراء "أوي أوي أوي" بتعبير الرئيس المبجل!
كيف يقبل عاقل أن يتحمل الغالبية العظمى من الشعب من الفقراء كل هذا القدر من الضرائب والجمارك والرسوم واسعار السلع والخدمات التي ترتفع في كل يوم اضافة الى ما يتم مراكمته من دين عام في كل يوم، لتضن عليه الحكومة في نهاية المطاف بفرصة عمل لائقة أو تعليم مناسب أو سكن بسعر مقبول؟
إن ما لا ينفقه هذا النظام على افراده ومحاسيبه ومشاريعه السفيهه، يتم انفاقه على الأمن السياسي والاعلام المضلل وكأن هذا النظام يعمل على طول الخط ضد مصالح الشعب وعكس كل ما هو صحيح وصحي.
إن حجم ما يتم انفاقه من أموال على جيوش المخبرين والمزيفين للوعي كان يمكنه أن يحقق الرفاهية والحياة الكريمة لأبناء الشعب كافة، وكان النظام سيامن على نفسه في هذه الحالة من غضبة أبناء الشعب الذين يعانون من التهميش والفقر.
ولكن النظام الفاسد الفاشل يجد أن القمع أفضل من توفير احتياجات الشعب والتضليل والكذب أقضل من مواجهة الحقائق وتحمل العواقب.
وعلى الرغم من أن ما يفعله هذا النظام لا يمكن أن يستمر الى الأبد ولابد وأن يأتي اليوم الذي يستيقظ فيه النائم ويفيق المغيب الا أنه يصر على تعديل الدستور للإبقاء على البلاد تحت نفس القدر من الاستنزاف للثروات وتضييع الحقوق والفرص والاستمرار في سياسة القبضة الأمنية التي لا يمكن مهما بلغت قوتها أن تعتقل مائة مليون انسان في حالة استفاقوا أخيرا وقرروا أن يدافعوا عن وجودهم وحياتهم.
إن من تعاديهم السلطة وغالبيتهم من المعارضين هم أقدر الناس على معايشة مقدار ما ينفقه هذا النظام على القمع والقهر وآلة التنكيل وما يخصصه لذلك من قوة بشرية وأجهزة ومعدات واسلحة قمعية وهي اشياء تكلف خزانة الدولة مئات المليارات، ولو أنفق هذا الكم من المال فيما يفيد البلاد والعباد ما اعترضنا ولا انتقدنا ولا كان النظام في حاجة لهؤلاء من الأساس.
ان الرعب يزداد في كل يوم من حالة الانفجار الأتية ولا ريب، فلا يمكن لأحد أن يتنبأ بنتيجة الانفجار الموشك على الحدوث.
حنان محمد السعيد - الحوار المتمدن
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال