الإنترنت باتت الحل الأمثل للأعمال المرفوضة، خاصة وأن عبارة "للكبار فقط" تضمن نجاح الفيلم جماهيريا.
"الرسالة" في السعودية بعد عقود على منعه
أُثيرت في مصر مؤخرا، ضجة كبيرة بعد منع الجهات الرقابية عرض فيلم “كارما” للمخرج السينمائي خالد يوسف، لعدة ساعات قبل أن تسمح وزارة الثقافة بعرضه بعد ضغوط إعلامية مؤثرة.
وعلى غرار القول الشائع “الممنوع مرغوب”، غالبا ما يلعب قرار منع الأفلام من العرض دورا بارزا في نجاحها جماهيريا، لا سيما إذا صاحبتها عبارة “للكبار فقط”.
وفي الماضي، كان قرار منع الفيلم من العرض يعني انهيار الشركة المنتجة وإفلاسها، غير أنه مع ظهور التلفزيون ومن بعده شرائط الفيديو وتوزيعها في البلدان العربية، كل ذلك جعل من قرار منع الأفلام أزمة عابرة.
“تتعدد الأسباب والمنع واحد”، عبارة تلخّص حال الكثير من الأفلام العربية التي يتعثر سبيلها إلى دور العرض لأكثر من سبب رقابي، أبرزها ورود مشاهد سياسية أو جنسية أو الخوض في المقدسات، لكن التطور التكنولوجي وفّر في السنوات الأخيرة منصات عرض جديدة بخلاف المنصات التقليدية، الأمر الذي يضمن النجاح للمنتجين والموزعين على حد السواء.
ومنذ منتصف تسعينات القرن الماضي، بدأت ظاهرة عرض الأفلام الممنوعة تلقى رواجا كبيرا، حتى تسلمت الشبكة العنكبوتية “الإنترنت” الراية في عرض الأفلام المحظور تداولها في دور العرض السينمائية.
ومر سجل حافل من الأفلام العربية على سيف “المنع من العرض”، إثر حساسية الأحداث التي تدور حولها أو اصطدام بعضها بـ”تابوهات” سياسية أو ثقافية في المجتمعات العربية.
وسمحت السلطات السعودية بعرض فيلم “الرسالة” منذ أسابيع قليلة في الذكرى الأربعين لإنتاجه، بعد أن كان ممنوعا من العرض في منطقة الخليج طيلة أربعة عقود.
والفيلم، الذي أحدث ضجة كبرى في العالم الإسلامي، عُرض لأول مرة في دور السينما عام 1976، للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، وتم تصوير بعض مشاهده في المغرب وليبيا، بمشاركة نخبة من الممثلين المغاربة والمصريين والسوريين.
بين الدين والسياسة
تدور أحداث فيلم “الرسالة” حول الفترة الزمنية بين نزول الوحي على نبي الإسلام وبدء نشر الدعوة الإسلامية في مكة، مرورا باعتناق حمزة بن عبدالمطلب الدين الإسلامي، وهو ما غير، وفقا لكتاب السيناريو، من مسار الدعوة بأكملها.
والسعودية من بين الدول التي تعهّدت بتمويل إنتاج الفيلم قبل تصويره، وكان العقاد يأمل في تصوير بعض المشاهد هناك، قبل أن يثير الفيلم جدلا واسعا أدى إلى انسحاب الداعمين العرب من مشروع تمويله.
ورغم المقاطعة العربية، لاقى الفيلم رواجا كبيرا في دور السينما الأجنبية، وذاع صيته وتم عرضه في أكثر من 2400 دار سينما في الولايات المتحدة بعد أن ترشح لجائزة الأوسكار حينها.
وقام أنتوني كوين بدور حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول في النسخة الإنكليزية، وهو نفس الدور الذي قام به عبدالله غيث في النسخة العربية، في حين لعبت الفنانتان إيرين باباس ومنى واصف دور هند بنت عتبة.
وبدوره واجه فيلم “البريء” للمخرج المصري الراحل عاطف الطيب، اعتراضات رقابية عدة، إذ شاهده وزراء الداخلية والدفاع والثقافة بمصر عام 1986، وطالبوا بحذف عدد من مشاهده وتغيير نهايته.
وشكل مجلس الوزراء المصري آنذاك، لجنة مكونة من ثلاثة وزراء هم: وزير الدفاع عبدالحليم أبوغزالة ووزير الداخلية أحمد رشدي ووزير الثقافة أحمد هيكل، وقرّر جميعهم حذف العديد من المشاهد وتغيير النهاية بحجة “عدم المواءمة مع الظرف السياسي الذي (كانت) تمر به البلاد”.
وتدور أحداث الفيلم حول شخصية “أحمد سبع الليل”، الشاب الفقير الذي لم يتمكن من تلقي تعليمه بسبب ظروف معيشته القاسية، ما دفع “حسين وهدان” الشاب الجامعي المثقف، إلى التعاطف معه وتعليمه المبادئ الوطنية، كما أنه شجعه على الالتحاق بالقوات المسلحة، وهناك يتم إيهامه بأن كل من في المعتقلات هم أعداء الوطن، بحسب سيناريو الفيلم.
وبعد مرور أكثر من 30 عاما على إنتاجه، ظهرت نهاية الفيلم التي حذفت بأوامر من الجهات السيادية آنذاك لخطورتها وما تتضمنه من مشاهد “غير مسبوقة” من حيث جرأة الطرح في السينما المصرية، وتجسد الخاتمة المحذوفة قيام المجند ”سبع الليل” بقتل ضباط وعساكر المعسكر وارتكاب مجزرة في حقهم انتقاما للمعتقلين والمعذّبين على أيدي زملائه.
لا للجنس
"حلاوة روح" منع لجرأة مشاهده الجنسية، ثم عرض بحكم قضائي، لكن بعد أن حظي بمشاهدة واسعة على الإنترنت
تسبب فيلم “المذنبون”، الذي أخرجه المخرج المصري الراحل سعيد مرزوق (إنتاج 1975)، في إحالة مديرة الرقابة و14 رقيبا آنذاك، إلى المحاكمة التأديبية بسبب عرضه في دور السينما، كما أدى أيضا إلى صدور قوانين رقابية جديدة في البلاد.
وأحداث الفيلم تدور حول مقتل ممثلة سينمائية شهيرة أثناء إحدى السهرات التي ضمت مجموعة كبيرة من شخصيات المجتمع المختلفة، وعندما يتم التحقيق مع هذه الشخصيات باعتبارها متهمة في جريمة القتل، يتضح أن لكل منها جريمة فساد لا تقل بشاعتها عن القتل.
ويعد “المذنبون” صادما وصارخا في تعرية الفساد في المجتمع المصري، بشكل بدا غريبا على السينما المصرية آنذاك، إضافة إلى تضمنه مشاهد جنسية جريئة.
ويظل فيلم “حمام الملاطيلي” الذي أخرجه المصري الراحل أيضا صلاح أبوسيف عام 1973، أيقونة الأفلام الممنوعة من العرض في دور السينما بالبلاد رغم مرور أكثر من أربعة عقود على إنتاجه.
وتدور أحداثه حول رجل يسكن في “حمام الملاطيلي” بسبب انخفاض أجرة المبيت فيه، ويحب فتاة ليل هاربة وتحاول التوبة، لكن عمها وابنه يقومان بقتلها، ورغم التعود على تلك القصص السينمائية غير أن الفيلم منع من العرض في دور السينما لاحتوائه مشاهد جنسية واضحة، تطرق خلالها إلى حياة المثليين جنسيا، وهو ما مثل صدمة للمجتمع، وجرى منعه من العرض في التلفزيون المصري حتى الآن.
ويعد فيلم “حلاوة روح” (إنتاج 2014) التجربة السينمائية الثانية للمطربة اللبنانية الشهيرة هيفاء وهبي، وهو من إخراج المصري سامح عبدالعزيز، وقد منع من العرض في دور السينما بقرار من رئيس الوزراء المصري في ذلك الوقت، إبراهيم محلب.
وأعيد الفيلم للعرض بحكم قضائي، لكن بعد أن حظي بمشاهدة واسعة على الشبكة العنكبوتية، ويدور الفيلم في إطار اجتماعي درامي لفتاة تعيش في حارة شعبية برفقة والدة زوجها أثناء سفر زوجها خارج البلاد، وتتعرّض للعديد من المتاعب بسبب جيرانها الذين يرغبون في إقامة علاقات غير شرعية معها، وقررت الجهات الرقابية منع الفيلم من العرض لـ”احتوائه على مشاهد جنسية جريئة”.
كما تم منع فيلم “الزين اللي فيك” للمخرج الفرنسي من أصل مغربي نبيل عيوش (إنتاج 2015)، رغم عرضه بمهرجان كان السينمائي، وحصوله على جائزة “فالوا” الذهبية في المهرجان الفرنكوفوني جنوب غربي فرنسا.
وتدور أحداث الفيلم حول الدعارة في المغرب من خلال حياة أربع سيدات يمارسنها في “سهرات حمراء”، يكثر فيها الرقص والإيحاءات الجنسية المثيرة، ولا يزال الفيلم يواجه المنع من العرض في المغرب حتى الآن.
أسامة صفر - العرب اللندنية
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال