بعد صمود الحراك الشعبي بإقليم الحسيمة لمدة سبعة أشهر وفشل السلطة المحلية والمركزية ومعها المتخبون في احتواء الوضع او الالتفاف على المطالب المشروعة للساكنة، تكلفت اجهزة الاستخبارات بمهمة خاصة هدفها نسف هذا الحراك قبل ان تتسع رقعته وتمتد الى باقي الوطن.
فكانت خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، وهكذا انطلقت حملة تلفيق التهم بالعمالة والخيانة والانفصال، فكنت تهم ثقيلة وجهت لزعماء ونشطاء الحراك اربكت الجميع لم تترك اي مجال للفهم والاستيعاب، وانطلقت الإشاعات المغرضة لتسري كالنار في الهشيم، ونشرت معطيات كادبة على نطاق واسع وتم تسخير الإعلام بكل أنواعه وأطرافها الرسمي والماجور ليغرد انشودة المؤامرة، ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل تم توريط الحكومة والاحزاب الموالية لها في لعبة استخباراتية مقيتة، ولاضفاء نوع من المشروعية الفكرية تمت الاستعانة بخبراء ومحللين واعلاميين ليسوا في واقع الامر سوى عملاء اوكلت لهم مهام قذرة، وراحوا يروجون الاضاليل ونشر الروايات البوليسية على الفضائيات والقنوات والصحف.
كل ذلك من اجل تبرير وشرعنة سياسة القمع الممنهج والحصار البوليسي والعسكري المضروب على اقليم الحسيمة والنواحي، ومن اجل التمهيد لشن حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف المحتجين والتي ما زالت مستمرة، في انتهاك صارخ للقانون وللحقوق والحريات الشخصية للسجناء، وتشويه سمعتهم والمس باعراضهم وممتلكاتهم، كما تعرض العديد منهم للتعديب والقمع الوحشي، وما صاحب ذلك من كسر للأبواب واقتحام البيوت بغية إذلال أسر المعتقلين وتعرضهم للقمع والعنف المادي والمعنوي، ولزرع مزيد من التشكيك وسط الراي العام وتاليبه ضد قادة الحراك الشعبي بالحسيمة، جاءت عمليات تسريب للرسائل والصور وأخيرا الفيديو المثير للجدل، وهي اعمال دنيئة تمس بشكل واضح بشروط المحاكمة العادلة وانتهاك صارخ لحقوق السجناء، الشيء الذي نبرات منه إدارة السجون مما يرجح فرضية وجود أعمال استخباراتية خارج أية رقابة وبعيدة عن اية محاسبة!
يتم كل هذا في صمت مريب من طرف المسؤولين عن امن وحماية البلاد ومؤسساتها، من حكومة وبرلمان ومؤسسات دستورية وأمنية وعسكرية وقضاء، والحال ان الحق يصادر والقانون يخرق بشكل سافر وفاضح، وحتى ذلك التقرير الذي أنجزته مؤسسة دستورية -المجلس الوطني لحقوق الانسان- والذي أكد فيه تبوث حالات التعذيب في حق المعتقلين والعديد من المحتجين، يتم الرد عليه والطعن فيه من طرف رئيس الجهاز الأمني في خرق سافر للقانون وتجاوز للاختصاصات، وهي سابقة خطيرة.
كما ان العديد من الوقفات التضامنية تتعرض باستمرار للتعنيف والقمع الوحشي، واستهداف العديد من المسؤولين السياسيين والحقوقيين والنقابيين والمحامين والاعلاميين وغيرهم بشكل مقصود، ينم عن تحكم الأجهزة الاستخباراتية في كل دواليب الدولة من مؤسسات وأعلام وسجون وأصرارها على المضي قدما في نهج التصعيد بشكل غير مسبوق، ولا ندري إلى أين تسير البلاد ومن له مصلحة في دفعها نحو المجهول! خاصة وأن صفحة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حق الوطن والشعب ما زالت مفتوحة لم تغلق وجراحها لم تندمل بعد لتنضاف إليها انتهاكات جسيمة جديدة لن تمر هكذا !؟
يوسف بوستة
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال