جلب الفرح إلى أفئدة أطفال سوريين وإنكليز معاً
لا سبل كثيرة للأطفال الإنكليز لمعرفة ما يحدث في سوريا والانخراط الاجتماعي مع نظرائهم السوريين في إنكلترا إلا من خلال الفن والموسيقى، لا من خلال متابعة الأخبار الإعلامية. في شباط/فبراير 2017 استضاف مركز نشاطات محلي في جنوب غرب إنكلترا في عطلة نهاية الأسبوع فعالية رائدة للفنون والأدب والموسيقى تحت عنوان: "أغانٍ وقصص للسوريين". لا تهدف الفعالية فقط لجلب الفرح والسرور لقلوب الأطفال السوريين وحدهم، بل ولأفئدة الأطفال الإنكليز أيضاً، الذين يعيشون معهم جنباً إلى جنب ويتعلمون سويةً في المدارس ورياض الأطفال. مارسيا لينكس كويلي تنقل موقع قنطرة إلى الفعالية وأجوائها.
جاءت فعالية نهاية الأسبوع في مقاطعة غلوسترشير جزءًا من مشروع "الغناء للسوريين". وأطلقت مؤسسة مقرها في بريطانيا واسمها "هاند أَب" ، المشروع عام 2014. وعلى عكس باقي نشاطات جمع التبرعات الخيرية، التي تبقي لا تفسح المجال لاختلاط اللاجئين وزوار الفعالية الخيرية، فإن فعالية عطلة نهاية الأسبوع جمعت أطفالا سوريين وإنكليزا ليمرحوا في جو تسوده الثنائية اللغوية والثقافية.
الفعالية هي من بنات أفكار إحدى مؤسِّسات فعالية "أطفال بابل"، وهي روث أحمدي كِمب، ومؤلفة الكتب المصورة ورسامة الكتب السورية نادين كعدان. شملت أنشطة فعالية عطلة نهاية الأسبوع تلك قراءات قصصية ونشاطات فنية تحت إشراف نادين وبمرافقة أغانٍ بعدة لغات لـ"أطفال بابل". ترمي هذه الورشات لتحقيق عدة غايات. أولاً، هي لفتة ترحيبية بالأطفال السوريين الذين يمرون بمرحلة التكيف على العيش في مكان مختلف عن منبتهم. ثانياً، وسيلة تمكن الأطفال الإنكليز لقاء نظرائهم السوريين والاستماع لقصص سورية. ثالثاً، فرصة لمنظمة "هاند أَب"، لجمع التبرعات لتمويل الخدمات الإغاثية الطارئة للسوريين خلال فصل الشتاء الأول لهم في إنكلترا.
وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية تعهدت في سبتمبر/أيلول 2015 باستقبال 20 ألف لاجئ سوري، إلا أن عدد الذين مُنحوا حق الحماية الإنسانية حتى سبتمبر/أيلول 2016 لم يصل إلى خمسة آلاف سوري، بحسب ما تخبرنا به روث أحمدي كِمب.
ومع ذلك، فإن الأغاني والقصص جزء مهم لمنح هؤلاء السوريين -والسوريين الذين سيصلون لاحقاً- شعوراً بالآمن وبأنهم موضع ترحيب. تقول نادين كعدان إنها تأمل بأن تنجح الفعالية وتحقق أهدافها. "نشجع أيضاً الأفراد والمجتمعات المحلية والكنائس والمدارس على إقامة نشاطات نهضوية، يكون متاحاً للجميع ريادتها، وخصوصاً الأطفال!".
ردم الهوة الثقافية
جاءت نادين كعدان، والتي فازت بجائزة على تأليفها كتاباً مصوراً، إلى لندن من سوريا عام 2011. وبالرغم من أنها لم تبلغ الثلاثين من عمرها بعد، إلا أنها ألَّفت أكثر من عشرة كتب للأطفال. تركز نادين في كتبها على كفاح الأطفال الذين يعيشون على هامش المجتمع، بسبب الحرب أو الإعاقة. في السنوات القليلة المنصرمة. وانخرطت نادين في نشاطات مع الأطفال اللاجئين في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة لسوريا وفي إنكلترا. كما أنها تنهض بقراءات قصصية لربط الأطفال الإنكليز بقصص سورية.
مؤخراً، نشرت نادين كعدان كتاباً للأطفال، هو الأول لها باللغة الإنكليزية: "عطس الياسمين". "قطعاً أريد"، تخبرنا ياسمين إنها تود "إقامة المزيد من هذا النوع من الفعاليات في كل أنحاء المملكة المتحدة". ولكن أكثر من ذلك فإن نادين تنوي "دعوة مؤلفي كتب الأطفال المحليين للانضمام لنا وقراءة أعمالهم. آمل أن تخلق هذه الفعاليات إحساساً حقيقياً بالتضامن والتعددية الثقافية، حيث أننا نغني باللغتين العربية والإنكليزية ونقرأ قصصاً من سوريا والمملكة المتحدة".
في جميع الأحوال، فإنه لا سبل كثيرة للأطفال الإنكليز للانخراط مع سوريا ونظرائهم السوريين إلا من خلال الفن والموسيقا، لا من خلال متابعة الأخبار الإعلامية. لم يُترجم من كتب الأطفال العربية إلى اللغة الإنكليزية إلا حفنة قليلة، وحتى ما تُرجم منها لم يكن كتّابه من السوريين. ومن هنا فإن كتاب ناديا كعدان "عطس الياسمين" هو واحد من قلة من الكتب عن سوريا.
وتعلق روث أحمدي كِمب على ذلك: "إن التجربة لا تقدر بثمن بالنسبة للأطفال الإنكليز" وتتابع: "تعلم أغنية أو قراءة كتاب مصور من بلد آخر وثقافة أخرى يعلم الطفل الكثير عن لغة أخرى وطريقة تفكير أخرى وطريقة أخرى لتأطير فكرة كونية".
ما وراء الصراع الحالي
"عندما أعرض كتاب ناديا على أصدقائي، فإنهم يصابون بالانبهار لاستخدامها الرائع للألوان والرسومات الطبيعية النابضة بالحياة: البلاط والسجاد والمعمار والأسوار الحديدية"، تصف روث كتاب رسومات ناديا المصور. وتقول ناديا عن كتابها: "أحب تذكير الناس أن دمشق ليست فقط العاصمة السياسية لبلد مزقته الحرب. دمشق جوهرة قديمة. إنها مدينة الياسمين".
تنوعت نشاطات فعالية نهاية الأسبوع المذكورة بين الفن وورشات الكتابة والقراءات القصصية والموسيقى. استهدفت ورشات وقراءات ناديا كعدان الأطفال من سن الخامسة وما فوق. في حين استهدفت فعاليات "أطفال بابل" من موسيقا ونشاطات حركية أطفالاً أصغر عمراً قليلاً. "كل شخص مرحب به"، تعقب ناديا.
بعد النجاح الكبير الذي حققته كل من روث وناديا، تقول روث إنها تأمل بإقامة فعاليات مشابهة في مانشستر وبريستول. "نرحب بأي مقترحات لمشاريع تعاون من المجموعات المشتغلة على دعم اللاجئين ومن الجمعيات الخيرية، التي تود تنظيم نشاطات وفعاليات كالتي قمنا بها".
مارسيا لينكس كويلي
عن الإنكليزية ترجمة: خالد سلامة
حقوق النشر: موقع قنطرة 2017
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال