نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، دراسة بعنوان “آفاق المجتمع المدني في المغرب”، وهي الجزء الثاني من سلسلة من الدراسات في موضوع “الاسلاميون والمستبدون” من إنجاز الباحثة في جامعة أكسفورد “فيش ساكتيفل”، خصصتها لتحليل المشهد السياسي المغربي، وخلصت الى ثلاث عقبات تعترض الاصلاح الديمقراطي في المغرب، وهي السلطات الواسعة للملكية، والمجتمع المدني المزيف، والفجوة بين العلمانيين والاسلاميين.
وبدأت الدراسة بتشخيص المشهد السياسي المغربي والتاريخ للأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني منذ الاستقلال إلى اليوم، كما تطرقت للحراك غير المؤسساتي الذي أثبت أهميته في الحياة السياسية سيما بعد سنة 2011.
وبخصوص الإصلاح الديمقراطي ترى “فيش ساكتيفل” أن العقبة الأولى تتمثل في السلطات الواسعة للملك ذلك أنه رغم التعديل الدستوري لسنة 2011 لا تزال الملكية تتمتع بسلطات واسعة، ما جلب لها انتقادات كثيرة من طرف عدة مؤسسات مؤيدة للديمقراطية خارج البلاد، وأخرى داخل البلاد على غرار حركة 20 فبراير وحزب “النهج الديمقراطي” وجمعية “الحرية الآن” التي تعتبر ان الإصلاحات ظلت جامدة وغير صادقة. وضربت على ذلك مثالا “أن العديد من المحللين يعتبرون أن الفصل 19، الذي يخول للملك سلطات مطلقة في الدستور السابق، تم تعديله بشكل سطحي سنة 2011، ولا يزال الملك يتمتع بصلاحيات واسعة كسلطة الفيتو وتسيير الشأن الديني”
وعن العقبة الثانية ترى الخبيرة في الشأن المغربي أن النظام يتعامل مع المجتمع المدني بمنطق “الاستقطاب أوالاكراه”، وأنه “في بعض الأحيان يخلق هيئات تابعة له ليواجه بها الجمعيات المستقلة”. وضربت على ذلك مثالا “عندما تأسست الجمعية المغربية لحقوق الانسان خلق النظام مؤسساته الحقوقية كالمجلس الإستشاري لحقوق الانسان، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، كما أسس المجلس الملكي للثقافة الامازيغية لاحتواء الحركة الأمازيغية بالإضافة للمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية في الحراك الصحراوي”.
أما عن العقبة الثالثة التي تعترض الاصلاح الديمقراطي في المغرب أشارت الدراسة إلى الفجوة بين الاسلاميين والعلمانيين التي تنامت بشكل بارز خلال السنوات الاخيرة.. وأكدت أنه “على الصعيد الرسمي فإن الأحزاب اليسارية، التي شاركت في العملية السياسية بضمانات قليلة وسلطات اقل، ما فتئت تعتبر الاسلاميين خطرا على الحداثة، وكانت هذه النظرة تتوافق إلى حد بعيد مع موقف القصر”، وأضافت أن “المخاوف من تنامي التيار الاسلامي جعل اليسار أقل تحمسا للإنفتاح السياسي والدمقرطة”.
وأوضحت الدراسة أن “الاسلاميين من جهتهم، رغم تحالفهم الاستراتيجي مع اليسار العلماني، الا انهم يعتبرونه نقمة على الطابع الاسلامي للدولة”. وشددت أن “هذا التجاذب يخدم مصلحة الملكية التي بقيت فوق الصراعات”. وأن “من نتائج الصراع، “استمرار العنف في الجامعة بين اليسار الجذري والاسلاميين على غرار ظهر المهراز بفاس″.
للاشارة فان هذه الدراسة هي الجزء الثاني من سلسلة دراسات ينجزها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في موضوع “الاسلام والمستبدون”.
سعيد السالمي
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال