مع تدفق اللاجئين الى ديار الغرب مؤخرا من الدول المنكوبة في العالم الاسلامي وخاصة من سوريا والعراق وما نشهد من حراك سياسي وإعلامي تجاه هذا الموضوع، فإننا أصبحنا في مفترق طرق لا ندري أين سيكون اتجاهنا وطريقنا إلى حياة اكثر استقرارا واكثر طمأنينة ، ويثير فضولي وفضول الكثير أننا نجد هذا التعاطف الغير المسبوق مع المهاجرين الغير الشرعيين من رجال ساسة أوروبيين ودقّهم ناقوس الخطر في سرعة ما يمكن انقاذه وخاصة بعد اختفاء 75 شخصا في المتوسط منذ يومين ، بينما نجد صمتا مطبقا في العالم الإسلامي في طرح موضوع متصل بشعوبهم كهذا..
نعم، هو الغرب ولكن..
ورغم اعتراضنا على كثير من سياسات الغرب تجاه دولنا ومناطقنا الا اننا ويجب أن نعترف –والاعتراف شيمة شريفة-أن هذا الغرب إنما هو هذا الخليط من الأخيار والأشرار فليس كلّ ما في الغرب يعتبر شرّا محضا أو كابوسا قاتما لا شك انه يوجد الكثير من النوازع الانسانية المحضة والمواقف الأخلاقية الشريفة ، وصحيح ان هناك عنصريون وربما نازيون لكن عندما أرى بضعة آلاف من الاروبيين وخاصة في اليونان في دولة تعصفها الازمة الاقتصادية و نجدهم يخرجون للشوارع للحد من التعامل القاسي مع اللاجئين السوريين وغيرهم
ومن ثمّ تغيّر حكومات أوروبية خطابها العنيف ضد المهاجرين..
لدرجة أن وزير خارجية فرنسا/لوران فابيوس يخرج في تصريحات الأحد الماضي وينتقد حكومات/ المجر ومقدونيا وهونغراس في بناء بعضهم سياجا أمنيا ضد هؤلاء المهاجرين… كل هكذا تصرفات يدل على اننا يجب علينا الاعتراف بهذا التعامل الإنساني الراقي …والحقيقة ان الاسلام يأمرنا بأن نهنئ مثل هذه الاعمال وأن نشكر من صنع لنا معروفا ، فهذا الموقف يجب ان يشاد به ويستقبل باحترام وإكبار …
انغيلا ميركيل تصفع العالم الاسلامي
وقد خرجت تصريحات المستشارة الالمانية الاخيرة / انغيلا ميركيل صادمة ومحرجة بل وقاتلة لكل الدول الاسلامية وأولاها السعودية ودول الخليج والعالم الاسلامي ككلّ ، عندما قالت: ( سنخبر أطفالنا ان اللاجئين السوريين هربوا من بلادهم وكانت مكة أقرب اليهم ، وسنخبرهم ان هجرة السوريين الينا كانت كهجرة المسلمين الى الحبشة لان فيها حاكم نصراني لا يظلم عندها أحد ابدا )
هذا الكلام الذي يجب ان يكتب بماء الذهب وأن يعلّق على الكعبة والذي ادلت به المستشارة يستحق منا الوقوف عندها وتشفير الغازه وطلاسيمه لآنها لمست التاريخ والواقع اليوم ،نعم لمست التاريخ القديم حيث كان كفار مكة المكرمة يستهدفون المسلمين فهاجروا للحبشة ، ومن ثم ثانيا: حيث لمست الواقع الذي نعيشه لكن هذه المرة بشكل افظع واقسى وأمرّ ، وذلك عندما نجد مسلمين هم الذي يقتلون وينكلون باخوانهم المسلمين للاسف الشديد …
و صحيح ان المستشارة لا تفعل ذلك عن ذلك فراغ وخاصة ان بلادها ستستقبل معظم هؤلاء اللاجئين الا ان الموقف والتصريح نفسه كان ينبغي ان يحرّك في بلداننا الاسلامية النخوة والرجولة والشهامة لكي نقف موقف بطولة ونسجّلها للتاريخ ، بل بالعكس وجدنا من يكيل التهم الجزاف للغرب وأنهم يقتلوننا ويستعمروننا وينهبون ثرواتنا وووو واللائحة لا تنتهي ..وكلها نظريات مؤامراتية وكأن الغرب ليس له اهتمام غير سرقتنا وقتلنا ونهب ثرواتنا ونفطنا وغازنا وارضنا وانفاسنا وارواحنا…
و صحيح على الغرب الكثير من المسئولية لكن نحن كمسلمين المسئولون عن مصائرنا وواقعنا ولا يجب ان يبقى الحال على هذا في الامة ..وخاصة أنها عانت وتعبت كثيرة من حكامها الطغاة ومسئوليها المتجبرين المستكبرين ، ولو بقيت الأمور على ما هي عليه فان الشعوب الاسلامية ستغادر بلادها قاصدة الغرب وامريكا ولن يبقى هناك الا الحكام والعفاريت فالحل مطلوب ومطلوب وعلى جناح السرعة ….
لماذا لا تستقبل الدول الاسلامية اللاجئين..؟؟؟
إن من العار أن تنشر وسائل الاعلام الاوضاع السيئة للمهاجرين الذين يعبرون الحدود والمحيطات ويخرج لنا بضع صور ولقطات لتصرفات غير مسئولة من بعض هذه الدول المستقبلة للاجئين ، بينما لا يتم طرح سؤال مفاده، وأين دور دولنا العربية والاسلامية ؟
ولماذا لا يعقد مؤتمر دولي في العالم الاسلامي لهذا الغرض ؟
وما هي السبل والعوائق التي تحدّ من الظاهرة ؟؟؟
وكيف نستثمر العقول والشعوب المهاجرة في استيعابهم في دولنا وتوفير كامل الرعاية والعناية لهم لحين اصلاح الحال في بلدانهم الاصلية ؟؟؟
ولماذا لا يعقد ذلك المؤتمر في تركيا أو الدوحة أو السعودية أو حتى مصر أم الدنيا فلماذا لا تستقبل بعضا من ابنائها في الوطن العربي … ؟؟
ولماذا لا تعمل الدول الافريقية في الحدّ من الهجرة الغير المبررة وتعمل ببرامج يمكنهم مساعدة هؤلاء الذي يغيّبون في البحار واعادة تاهيلهم علميا ومهنيا ؟ لماذا ولماذا ؟؟؟؟
المطلوب من الدول الاسلامية ..
إننا نطالب الدول الاسلامية الكبرى ان تخرج من صمتها وأن تعلن مبادرات لاستيعاب هؤلاء بكل إنسانية وكرامة واخوة في الوطن والدين والانسانية وأن تتخذ كافة التدابير من أجل الضغط على المجتمع الدولي في التصدي لأشكال الذبح الممنهج من قبل كافة الأطراف في سوريا وغيرها من الدول وأن تفتح الحدود وتطلق الاوامر ، ما المانع ان يستقبل هؤلاء اللاجئون في المغرب والجزائر والسنغال والامارات وقطر وعمان وماليزيا واندونسيا وغير من الدول الإسلامية الكبرى، والى متى ستخرج مصر من حربها ضد الإخوان والخصوم السياسيين وكأنها تواجه مؤامرة كونية لكي تتجه لاحتضان الامة ومساندتها في مشاكل المسلمين وهمومهم…
ومن ثم توزيعهم بينها حتى عبر بوابة منظمة التعاون الإسلامي او الجامعة العربية وغيرها بدل تركهم في العراء والمجهول والمستقبل الغامض ، صحيح ان هذه الدول ليست لها قوة الغرب لكن مجرد المحاولة فان الاستبشار سيعم والبهجة ستسود لكن علّقنا كل شيئ بالغرب ثم بعد ذلك يخرج علينا مشايخنا وعلمائنا ويقولون ان الغرب كافر وإباحي ولا أخلاقي ، فأين هي الأخلاق في هذه المعادلة هل هي في الغرب ام في دولنا المتمسلمة …
عار عليكم أيها العرب ، عار عليكم ايها المسلمون ان لم تبحثوا عن حلّ..وتقدموا لنا حلولا حقيقية لهذه الأزمة الكونية التي نحن أبطالها وممثلوها والعالم يتفرّج مستريحا الينا ومن ثم نقول إننا أمة العدل والمساواة فهل لهذا المسلسل من نهاية ؟؟؟؟
حمدي جوارا / راي اليوم
باريس – فرنسا
كاتب وباحث في القضايا الاوروبية
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال