معلم تاريخي عريق أصبح مجهولا عند أغلب العراقيين مثله مثل الكثير من المعالم الحضارية التي فقدت بريقها وتعاني الإهمال.
وراء أروقة القصر تختفي ذكريات ومواقف سياسية كان رجالها ملوكا ورؤساء عربا وأجانب
يعد القصر الأبيض بالعراق واحدا من بين أهم الصروح التراثية التي تتوسط بغداد، كان فيما مضى جوهرة متلألئة تضفي رونقا حضاريا متجذرا، أما اليوم فقد أصبح مهملا تغطيه أشجار متداخلة كانت قد نمت بشكل عشوائي وأوساخ وأنقاض وشوهت جدرانه الملصقات الدعائية والورش والمصانع الأهلية.
ويقع هذا القصر في شارع النضال وسط بغداد منذ أكثر من 80 عاما حيث تم تشييده عام 1934 في العهد الملكي العراقي الذي امتد من 1920 إلى 1958 ليكون دار ضيافة يتم فيه استقبال ضيوف العراق من ملوك ورؤساء وزعماء حكومات. وكان حينها من أجمل الأبنية وأكبرها بلونه الأبيض الذي يميزه، إلا أنه أصبح مجهولا عند أغلب العراقيين مثله مثل الكثير من المعالم الحضارية التي فقدت بريقها وتعاني الإهمال اليوم.
وبعد افتتاحه من قبل الملك غازي الأول أحد ملوك العراق في العصر الحديث الذي حكم العراق في الفترة من 1933 إلى 1939، استقبل هذا القصر العديد من الملوك والرؤساء الذين كانوا يحلون ضيوفا على العراق، وقد آلت ملكيته بعد التغيير إلى الحكم الجمهوري بعد ثورة 14 يوليو عام 1958 إلى دائرة أمانة بغداد.
وفي نهاية الستينات وبداية السبعينات استحال متحفا حربيا تابعا لوزارة الدفاع، وأطلق عليه اسم “المتحف العسكري”، وفي تسعينات القرن الماضي تحولت ملكيته إلى وزارة الثقافة، فجعلته مقرا للرواد من الفنانين والمثقفين لإقامة النشاطات والجلسات الثقافية.
*ياسر محمد صالح مدير العلاقات في أمانة بغداد: إن سبب ذلك هو عدم تسليط الضوء الكافي على القصر الأبيض الذي يعد من أهم المعالم السياحية، وعدم وجود تعاون بين المؤسسات المعنية وعدم توفير الأموال اللازمة للاستثمار السياحي، مضيفا أن المنطقة التي يقع فيها القصر الأبيض قد أهملت بشكل كبير وتحولت إلى منطقة صناعية وورش لتصليح السيارات.
* عادل العرداوي باحث عراقي: كانت بغداد تفتقر إلى دور الاستراحة والفنادق حيث لا يوجد سوى فندق “تايكر بلاص” المطل على نهر دجلة، لذا تم بناء القصر الأبيض تقليدا للبيت الأبيض الأميركي. وأشار إلى أن المكان بحاجة إلى الإعمار وإعادة التأهيل لو توفرت الأموال الكافية له ولغيره من المشاريع السياحية، ورغم توفر تلك الأموال خلال مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013 إلا أنها آلت إلى جهات أخرى غير ما خُصصت من أجله.
* محمد السلامي ناشط حقوقي: تختفي وراء أروقة القصر ذكريات ومواقف سياسية كان رجالها ملوكا ورؤساء عربا وأجانب ودبلوماسيين، وكان آخرهم الرئيس اليمني عبدالله السلال الذي جاء في زيارة رسمية إلى العراق عام 1967، ولكن تم إبلاغه من قبل وزير الداخلية العراقي شامل السامرائي آنذاك، بأن انقلابا وقع على حكمه في اليمن، فما كان منه إلا البقاء لمدة سنتين في القصر الأبيض ليعود إلى بلاده بعد الاستقرار السياسي وعودة الأمور إلى طبيعتها الأولى.
العرب/alarab.co.uk
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال