للشعر أثر كبير في تعزيز إنسانيتنا المشتركة بجزمه أن جميع الأفراد - في كافة أرجاء العالم - يتشاطرون ذات التساؤلات والمشاعر.كما أثبت الشعر الذي يعد حجر الأساس في الحفاظ على الهوية والتقاليد الثقافية الشفهية - على مر العصور - قدرته الفائقة على التواصل الأكثر عمقاً للثقافات المتنوعة.
وتحتفل اليونسكو سنويا باليوم العالمي للشعر. حيث اُعتمد في أثناء الدورة الثلاثين لليونسكو - التي عقدت في عام 1999 بباريس - مقررا بإعلان 21 آذار/مارس من كل عام يوما عالميا للشعر.
"اليوم العالمي للشعر" (وما يماثله من أيام تطلقها اليونسكو أو غيرها) موجَّه أساساً إلى المؤسسات وربما إلى الدول، ولكنه بالتأكيد لا يعني الشعراء أو حتى قرّاء الشعر المخلصين - وبعض هؤلاء شعراء على طريقتهم. لكنّ المؤسف فعلاً أن بعض الشعراء يشاركون في المسرحية الرسمية ويعتبرونه يومهم.إنهم بذلك يشبهون أباً يذهب إلى غرباء ليعزّيهم بابنه القتيل. نتيقّن من ببغائية الإعلام ونحن نراه يشيع للمعمورة قرار ثلاثة موظفين في مكتب "اليونسكو" في باريس (لم يكن بينهم بودلير ولا أحمد شوقي) وكأنه مناسبة حضارية راسخة كأعياد الشعوب ومسرحتها لطقوس الطبيعة.
وإن كان الشاعر صادقاً مع نفسه وحسّاساً، فلا أقل من أن يشعر بالإهانة من تسمية يوم في السنة للشعر وكأن بقية الأيام ليست له. ومن المخجل أن نكرر، بعد عمر البشرية الطويل هذا، أنه الفن الأكثر تماهياً مع هويات الإنسان المختلفة، ككائن وفرد إلى هوياته الجماعية ثقافيةً وقومية.
أجل الشعر مرتبط بهويات ومحرِّك لها في الوقت ذاته. لا وجود للشاعر الكوني إلا في الإنشاء العربي في آخر عشرين سنة. كلّما نال شاعرٌ لنا بعض احتفاء من العالم تصفه جماعته بـ"الشاعر الكوني". ونؤكد كلامهم: بلى، كان يقيم أمسيات شعرية في كوكب بلوتو.
نجوان درويش/ميادين الحرية
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال