ذكرى تأسيس مجلس الجالية المغربية بالخارج،الذي تم إحداثه بمقتضى ظهيـر بتاريخ 21 ديسمبر2007 ، تفعيلا لمطالب المغاربة القاطنين بالخارج ، الذين كانوا و مازالوا ينتظرون من هذا المؤسسة وضع استراتيجية واستشرافية للسياسات العمومية في مجال تدبير شؤونهم.
هذا المجلس الذي فشل في أداء مهامه التي أنيطت به بمقتضى الظهير المشار إليه ، راجع لعدة أسباب، منها ما هو سابق على إحداثه ومنها ما هو لاحق على ذلك .
في البداية أريد أن أشير أنني كنت من الذين انتقدوا المنهجية التي اعتمدها فريق العمل التي كلفها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لإجراء المشاورات مع مكونات الجالية المغربية بالخارجسنة 2007 في اطار التهييئ لتأسيس المجلس، حيث إن عددا من الجمعيات الممثلة للجالية لم يتم استشارتها، وحتى إن تم ذلك استدراكا ، بعد تصاعد الاحتجاجات لهذه الجمعيات ، لم يأخذ فريق العمل بعين الاعتبار ملاحظاتها واقتراحاتها في وضع التصور العام بخصوص تشكيل المجلس ، حيث كان هناك توجه أحادي وإصرار على اختيار أسلوب التعيين ، تجنبا في الخوض في نقاشات عمومية تهم مسألة الانتخاب، ولئن كان الرأي الأحادي قد استقر على التوجه المتعلق بالتعيين ، فإنه لم تتم الاستفادة من بعض الدول التي سبقتنا في التجربة كفرنسا و البرتغال وغيرهما، وذلك عند تأسيس مجلس للجالية تتوفر فيه أسس الديمقراطية والفعالية والتمثيلية الواسعة،ثم لم يتم إنجاز تقرير عام يضم بالإضافة إلى وجهة نظرالفريق وجهات نظر الهيئات المذكورة والذي يمكن على أساسه وضع تصور استشاري متكامل يرفع إلى الجهات العليا.
ولذلك كان الأساس من البداية غير متين في بنيانه و تعتريه نواقص ،الأمر الذي يفسر فشل هذا المجلس و فشل قيادته.
فالان مرت سبع سنوات على إحداث المجلس ، وبقي أداؤه محدودا و بطيئا ، لم يرق إلى تطلعات وامال أفراد الجالية المغربية بالخارج . فلم يستطع هذا المجلس إعداد و وتقديم الإجابات العمومية الملائمة لمطالب الهجرة، خاصة على المستوى الثقافي والتعليمي والاقتصادي كما هو منصوص عليه في الظهير المؤسس وكذا فشله في إطلاق تفكير جدي ممنهج لإيجاد رؤية شمولية لتدبير منسجم ومتناغم استجابة للتوسع الديمغرافي والتوزع الجغرافي والتحولات السوسيوثقافية التي عرفتها الهجرة المغربية، وبلورة أجوبة مؤسساتية ملائمة في مستوى الرهانات المتعددة والمتجددة من جهة، وجعل الهجرة المغربية رافدا من روافد التنمية المحلية من جهة أخرى، وهذا ما سجله الكثير من الفاعلين المهتمين بقضايا الجالية المغربية وأذكر على سبيل المثال الأستاذة والبرلمانية نزهة الوافي.
كما لم يقدم المجلس ، منذ إحداثه ، وفق ما تنص عليها المادة الثانية من الظهير المؤسس ، أي رأي استشاري في الملفات الحيوية المتعلقة بالتوجهات الأساسية للسياسات العمومية التي من شأنها أن تضمن للمغاربة المقيمين بالخارج الحفاظ على أواصر الارتباط الوثيق بهويتهم المغربية و ممارسة حقهم في المشاركة السياسية وتمثيليتهم في المؤسسات الدستورية المنتخبة كما أقر ذلك دستور 2011 ، الذي لم تفعل مقتضياته المتعلقة بأفراد الجالية ولم تصدر القوانين التنظيمية المتعلقة بذلك .
وأيضا لم يعقد رئيس مجلس الجالية الجمعية العامة كما تنص على ذلك المادة 12 من الظهير المؤسس والذي يفترض أن يعقدها كل سنة ، مما حال دون تقديم تقريره المالي والأدبي وتوجيه عمله وفق احتياجات الجالية المغربية و لم يعد أي تقرير سنوي عن أنشطته ولا تقريرا عاما، والذي من المفترض تقديمه كل سنتين حسب المـادة الرابعة من الظهير.
أضف إلى ذلك ، أن المجلس يتألف حاليا من 37 عضوا فقط، ولم ينضاف إليه أي عضو اخر ، على الرغم من أن هناك حديث كان يروج في الكواليس سابقا بخصوص إضافة 10 أعضاء اخرين ، لكن تبين أن ذلك كان وسيلة لاستمالة بعض معارضي هذه التجربة من أفرا د الجالية و تنيهم عن احتجاجاتهم و مطالبهم.
كما أن المجلس ، حسب المادة 25 من الظهير ، لم يرفع الى جلالة الملك اقتراحات وجيهة بشأن تصوره لتركيبة المجلس ، والكيفيات الأكثر ملاءمة لاختيار أعضائه، حرصا على ضمان أفضل وأنجع تمثيلية للمغاربة بالخارج،حيث إن المجلس كان من المفروض بعد أربع سنوات من تأسيسه أن يكون قد بلور رأيا استشاريا ،في هذا الخصوص لكي يصبح مجلسا منتخبا أعضاؤه بطريقة ديمقراطية.
ومما ساهم في تعقيد المشكل، وهو ترؤس السيد ادريس اليزمي لمؤسستين دستوريتين : مجلس الجالية المغربية بالخارج و المجلس الوطني لحقوق الانسان ، مما أثر على أدائه بالنسبة للمهام المتعلقة بمجلس الجالية ، وهو ما فوت على المغاربة القاطنين بالخارج فرصة معالجة الكثير من الملفات الاستراتيجية، و رسم التوجهات الأساسية للسياسات العمومية.
هذا ونشير إلى أن مجلس الجالية المغربية بالخارج نظم بأمستردام على مدار ثلاثة أيام (من 7 إلى 9 يونيو الجاري 2014) المهرجان الأول للثقافة الأمازيغية بأوروبا "تويزة". وتندرج هذه الفعالية الثقافية ضمن الاحتفاء بالثقافة الأمازيغية بمختلف أبعادها وألوانها.
فلا شك أن هذاالاحتفاء الثقافي سيساهم فيالحفاظ على التعدد الثقافي واللغوي الذي يزخر به المغرب ، ولكن كان من الأجدر أن ينصب الاهتمام على تفعيل المادة 25 من الظهيرالمؤسس بخصوص مسألة المشاركة السياسية للجالية المغربية و دورها في الديموقراطية التشاركية. وكذا تصور المجلس لتركيبته، والكيفيات الأكثر ملاءمة لاختيار أعضائه، حرصا على ضمان أفضل وأنجع تمثيلية للمغاربة بالخارج،حيث إن المجلس كان من المفروض بعد أربع سنوات من تأسيسه أن يكون قد بلور رأيا استشاريا في هذا الخصوص.
خالد الشرقاوي السموني
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال