لقد أبدى المغاربة منذ عهد ليس ببعيد، أكثر من أي وقت مضى، إهتماما بالمشهد السياسي الوطني وشاركوا بكثافة نسبيا في الانتخابات التشريعية التي تم إجراؤها يوم 25 نونبر 2011. إلا أن هذا المشهد السياسي ذاته لم يبدي إهتماما بمشاركة 5 ملايين مواطن مغربي يقطنون بالخارج، رغم أن الدستور المغربي الجديد ينص صراحة على مشاركة المواطنين بالخارج.
تجنيبا لمقدسات الشعب المغربي وثوابت البلد من المزايدة والمتاجرة بها وتحت القيادة الفعلية الرشيدة للعاهل المغربي . تحقيقا للديمقراطية التي نتطلع بناءها كمغاربة جميعا هنا وهناك عبرالمشاركة الحرة للمواطن في الحياة السياسية التعددية من خلال مساهمته في الأنشطة الحزبية و ممارسته لحرية التعبير وإحتكامه إلى صندوق الاقتراع؛ تظل الاحزاب السياسية واقع لايمكن تجاهله داخل المجتمع المغربي، والجالية ليست إستثناء من هذه القاعدة. لذا على الاحزاب أن تستفيد من هذه الظرفية السياسية لتتموقع وبصفة دائمة داخل صفوف الجالية وبكل إستحقاق وعقلنة؛ لاسيما هذه الاخيرة أصبحت تمثل قوة أخلاقية وعددية لايتوجب غض النظر عنها، وقوة سياسية إلزامية بحكم ما أثبتته نصوص الدستور الحالي.
حتى نكون صرحاء، فالجالية المغربية هي تنوع ثقافي وإديولوجي متميز عن ماهو كائن في المغرب؛ يستدعي هذا التنوع نهج مقاربة متجددة وشاملة ومتوازنة، قائمة على الحوار والتشاور لإدماجها وإشراكها في المؤسسات والهيئات المغربية.
فالمواطنون المغارية بالخارج الأن ليسوا هم من يتحركون وفق ديماغوجية إجماعية وإرتباكية " كلنا مغاربة "أو "مرحبا بكم في بلادكم " أو 10غشت للمهاجر"، وكأنهم عجينة يسهل تشكيلها بخليط السياسة والإعلام والدعاية والبروتوكولات الخاوية والعرضات. بل المغاربة في الخارج الجدد مواطنون مغاربة بالتأكيد وفق الدستور الحالي ومواطنون في بلد الإقامة، لأنهم حصلوا على درجة عالية من التحرر والإستقلالية، ويحملون كذلك مفاهيم وتصورات مختلفة للديموقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة والمواطنة وسيادة القانون؛ ولن يقبلوا بألاعيب وبيداغوجيات سياسية زائفة ولو غلفت يالإرادة الوطنية والمشاركة السياسية بمفهومهما التقليدي، والدليل على ذلك أن المواطنون المغارية في الخارج صوتوا بنعم لدستور فاتح يوليوز 2011 لأنهم أدركوا أنه واقع لايمكن تجاهله.
فالاحزاب السياسية عموما لاتنطلق من منطلقاتها الفكرية لكسب أصوات الناخبين، بل من برامجها الإنتخابية التي تلبي حاجة الناخب، وبالتالي ما نريده كجالية هو التصويت للبرنامج الانتخابي الذي يلبي طموحاتنا خاصة المتعلقة منها بالمشاكل العالقة لدينا هنا وهناك. ويمكن سياغة المثال التالي : خلال لقائي في إحدى التجمعات لحزب من الأحزاب المغربية في إحدى العواصم الأوروبية، حيث وجه بعض من كبار رموزه كلمات تخص الجالية؛ فسألهم أحد من الحضور: هل لديكم برامج واضحة تخصون بها 5 ملايين مواطن مغربي في الخارج؛ أم جئتم لجمع الأصوات والدعاية الحزبية.؟ ولأنني، ومن خلال تجاربنا في أوروبا، تعلمنا التصويت على برنامج الحزب الانتخابي الذي يلتقي ومصالحي، إنتظرت الجواب لأعلم أي برنامج يدعوننا إليه هذا الحزب. ففوجئت بالرد.!!!
هذا ما يأكد أن الاحزاب المغربية لاتهتم بالسياسة الخارجية وليس لها أية رؤية بما يخص قضايا المواطنين في الخارج، وعليه فالمواطن يجد من حقه الإطلاع على البرامج التي سوف تدير مصالحه ومشاكله العالقة منذ عهود. ومن ثم فإن الاحزاب مطالبة ببلورة برامج خلاقة تليق وحاجيات الجالية وتستجيب لإنشغالاتها الحقيقية؛ والحزب الذي يخفق في تحقيق برنامجه سيخسر لامحالة أصوات الجالية في الإنتخابات. فنحن من يحدد الحزب الأجدر بأصواتنا عبر صناديق الإقتراع إذا هو توافق ومصالحنا. لذلك ليس هناك خيارا أمامنا سوى عن طريق التصويت على البرنامج الإنتخابي الحزبي الذي يهمنا كجالية والعمل على تطبيقه عندما يصل هذا الحزب إلى السلطة.
فالمواطنون المغاربة في الخارج ليسوا بحاجة لأن يكونوا في السلطة بل إرتباطهم بالدولة والعرش لم ولن يتزحزح وتطلعاتهم مشروعة ومرتبطة بمشاركتهم الناجحة في مختلف جوانب الحياة الوطنية، والتنزيل الأنسب للمواد 16،17،18،163 و30 من الدستور وعن وضع سياسة تهدف إلى تحقيق التكامل في العمل بين مختلف الجهات المتدخلة في تدبير قضايا 5 ملايين مواطن بالمهجر.
لايوجدعلى العموم من داخل الأحزاب السياسية المغربية من له رؤية واضحة ودائمة تجاه 5 ملايين مواطن مغربي في الخارج، لكن وللأسف الشديد بعض الاحزاب وبممارستها ألاً عقلانية تتصرف وكأنها الوحيدة المالكة للشرعية، وواجبها منحصرفقط في خلق الفروع وتشكيل الخلايا داخل صفوف الجالية، دون رؤية موسعة وبدون مسؤلية تشاركية أخلاقية.
فإذا كانت الأحزاب ساعية إلى كسب الأصوات فقط، وليس من أجل تحقيق مطالب الجالية والإنتقال بها إلى ما هو أفضل والعمل على إشراكها في إتخاذ القرار بغية تحقيق الديمقراطية والعدالة الإجتماعية؛ فإنها لامحال تزيد من تخوفات وإنشغالات خمسة ملايين مواطن في الخارج. إذا المطلوب أن تعمل الأحزاب على تأطير المواطنين هنا وهناك لتمكينهم المشاركة في تسيير شؤون البلاد، وكذا من أجل تنظيمهم وتكوينهم وإشراكهم في تهييئ وتقييم قرارالمشهد السياسي.
ولأجل ضمان إستمرارها داخل صفوف المواطنين المغاربة في الخارج، يتوجب على الأحزاب أن تساهم مساهمة فعالة في إرساء أسس المواطنة الخلاقة والحفاظ على الهوية المتنوعة للمغاربة وإحترام حقوق الإنسان من جهة.
ومن جهة أخرى أن تُقنع نفسها بأنها تتعامل ومواطنين مارسوا الدمقراطية وخبروا دهاليزها إن كانت تسعى لكسب ثقتهم. لأنني متيقن من أن المواطنين المغاربة في الخارج كما وجدوا أساليب سياسية فعالة للقيام بواجبهم نحو وطنهم والدفاع عنه وعن مصالحهم فيما مضى، فإنهم سيستمرون ويتوحدون ويقررون ثم يقومون لما هو آت.
علي زبير - حركة الوسيط للجالية
وهي زعما عندها رؤية واضحة على 30 مليون مواطن مغربي عايشة لداخل بقا غير اللي عايشين في الخارج..
RépondreSupprimer