«زيت وسكر، دقيق وعيش، مجاملات أفراح وجنازات، مساهمات في بناء المساجد والكنائس، استخراج شهادة الميلاد».. كله موجود «عزيزي المواطن لا تقلق.. إنها علامات يوم الرئاسة».
حطيت إيدك على الجرح، هكذا يفعل المرشحون كما اعتدنا منذ دخولنا معترك الصناديق، لا فرق بين انتخابات رئاسية أو برلمانية، فكلتاهما تشبه الأخرى في علاماتها ومقدماتها، وللفقراء النصيب الأكبر من «نفحات» المرشحين.
النظرة إلى المصريين في أيام الانتخابات تختلف عن غيرها من الطرفين «الناخب والمرشح»، الأول يراها فرصة كبيرة لتحقيق جزء كبير من احتياجاته، ويتمنى لو أن العام كله انتخابات، والثاني يراها مرحلة قصيرة وما دفعه «فضة» سيجنيه «ذهبا».
رغم مرور السنين وتغير الحال من حين لآخر إلا أن العلامات واحدة، والمرشحون أيضًا يشبهون بعضهم، لكن شيئًا واحدًا لم ولن يتغير، اليقين أن ما يهم المواطن هو لقمة العيش والكسوة و«الستر».
كثيرًا ما شاهدنا وكتبت عنه الصحف وأبرزته وسائل الإعلام الانتخاب بـ«زجاجة زيت وسكر وأرز ومستلزمات تموينية»، وهذه العلامة الأبرز لقدوم الانتخابات والتي اعتادها المصريون، خاصة أصحاب الدخل المعدوم، ولم تفرّق هذه العلامات والأفعال بين الكاذبين على الشعب أو المتاجرين بالدين فالجميع يلعب سياسية.
الحاجة نعيمة سيدة تجاوز عمرها الـ60 سنة تسكن بين 4 جدران، وترعى نجل ابنتها الوحيد الذي فقد والديه بمنزل أقل ما يوصف به أنه «هش» في جنوب الصعيد، كلما مررت عليها أيام الانتخابات سألتها: «بتوع الانتخابات عدّوا عليكي» وكل مرة أعرّفها بنفسي، وترد «أيوة عدّوا علينا وخدت منهم كيس فيه حوايج البيت ربنا ينجح مقاصدهم». هكذا كانت دعوتها لأي من أصحاب الدعاية الانتخابية والذين كانوا يمنّون عليها جميعًا حتى وإن تأكدوا أن لا صوت لها أو أنها لن تذهب إلى الصناديق من الأساس، إلا أنه عمل خيري أمام أهل الدايرة.
إحدى المرات وكانت في عام وصول الإخوان للحكم سألتها كالعادة فردت بلهجتها المصون «بتوع الانتخابات عملوا لي كارتة وصوّرني» وكانت تقصد بطاقة الرقم القومي. وفي كل مرة لم أسألها من هو صاحب المنّة. إلا أنهم وضعوا أيديهم على الجرح ونقطة ضعف الملايين من المصريين الذين يعتبرون هذه الأيام بمثابة العلامات المبشرة لقدوم الانتخابات.
أما العلامات هذا العام وإن كنت لم أتحقق من أمور توزيع السلع التموينية إلا أن المجاملات لا تزال مستمرة، فأحد المرشحين قد قطع مشوارًا منذ أيام لحضور حفل تأبين شيخ المدّاحين أحمد التوني في أسيوط، بينما لم يحضر جنازته من الأساس يوم وفاته، حيث لم يكن قد أعلن ترشحه.
وخرج علينا آخر في لفتة جديدة جذبت إليها الأنظار، حيث كان يركب دراجته ويجوب بعض الشوارع في إشارة إلى أنه من الناس، وليس متكبرًا كما قال عنه البعض، ووقف متحدثًا مع بعض البسطاء في الشارع، وأيقن الجميع أنها علامة من علامات الانتخابات الرئاسية، قبل التفاف الحرس الجمهوري حول أي منهما حال فوزه بالانتخابات وانقطاعه عن المجاملات وحضور المناسبات أو التجول بدراجته، فأي منهما لن يفعل ذلك حال فوزه وكله لأن «المنصب يحكم».
وقد ظهرت علامة مشتركة لمرشحيّ الرئاسة هذا العام وهي «هاشتاج» والتواصل عبر الإنترنت، وكأن الشعب كله وُلد وخلف ظهره «آي باد»، إلا أنها علامات ومقدمات جديدة قبل الانتخابات الرئاسية، لعل الهدف منها هو الشباب، لتأكدهما أن ما بقي من الشعب من كبار السن «صوته مضمون».
هناك علامات أخرى من مقدمات يوم الانتخابات وغيرها، معظمها ملحوظ في الشارع بين المواطنين، أما أهوالها فقد اعتدنا عليها «سيدخل الرئيس جنة الأرض وقصر الاتحادية ويترك الشعب في نارها».
مصطفى أمير
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال