الرياضة النسائية.. مستوى عال وتطور عالمي

يحتفل العالم للمرة 103 باليوم العالمي للمرأة. وفي الرياضة أيضا تعيّن على النساء النضال لزمن طويل من أجل نيل الاعتراف والمساواة.

لا شك أن للمرأة في الرياضة إنجازات تستحق التقدير والالتفات إليها وحفرها في السجلات التاريخية بأحرف من ذهب، لما في ذلك من دلالات على قيمتها وأهمية وجودها في هذا النطاق المهم في الحياة البشرية.

أسماء كثيرة مرت عبر التاريخ، لمعت في سماء الرياضة "الناعمة"، أسماء لا يمكن حصرها بمجموعة، أو جنسية، أو نوع من الرياضة، أسماء تركت لها أثراً لا يمحى، وإرثاً تتناقله الأجيال ليكون محفزاً لها للعمل أكثر والتطور رياضياً لبلوغ ما وصلن إليه، أسماء خالدة في ذاكرتنا إن من خلال الإنجازات غير المسبوقة، أو الأرقام القياسية المتواصلة لسنوات كثيرة دون المس بها، أو لصورة طبعنها في وجداننا بعد فرحة انتصار أو دمعة هزيمة.

وإن كان العالم الغربي سبقنا إلى ابتكار بطولات رياضية تنافسية محلية للمرأة في مطلع القرن الماضي، وصولاً لبطولات عالمية تقارب لا بل تعادل في بعضها تلك التي يشارك بها الرجال، فإن عالمنا العربي ما زال يحبو خطواته الأولى في بعض أرجائه لإيجاد "فسحة" للمرأة لممارسة أي نشاط رياضي يقرّبها من الدخول إلى الخارطة العالمية، أو يفتح لها مجالاً لنيل لقب أو تحقيق إنجاز وليس الاكتفاء بالمشاركة كما هي الحال في معظم الأوقات.

وبالرغم من قلة وسائل الدعم ووسائط المساعدة، فإن بعض المجليات برزن، وحفظن ماء وجه العرب، وحققن نتائج يفتخر بها، وكانت جميعها على الصعيد الفردي في الألعاب القوى في دورات الألعاب الأولمبية.

ولسيدات العرب عبر التاريخ 4 مداليات ذهبية جاءت بعد تألق العداءة المغربية نوال المتوكل في سباق 400 م لدورة لوس أنجلوس التي أقيمت في عام 1984، والجزائرية حسيبة بولمرقة في سباق 1500 م في دورة برشلونة عام 1992، ومن بعدهما أحرزت السورية غادة شعاع ميداليتها الذهبية في مسابقة السباعية في دورة أتالانتا 1996، وأخيراً الجزائرية نورية مراح بنيدة في سباق 1500 م في دورة العام 2000 في سيدني.

كما أحرزت العربيات فضيتين كانتا من نصيب المغربية حسناء بنحسي سباق 800 م في دورة أثينا في العام 2004، والتونسية حبيبة غريبي 3000 م حواجز في آخر الدورات الأولمبية في لندن العام 2012، وهي نفس السنة التي حققت فيها البحرينية مريم يوسف جمال برونزية سباق 1500 م، التي أضيفت إلى برونزيتي بنحسي أيضاً في العام 2008 في بكين، والجزائرية ثريا حداد في لعبة الجودو، بالإضافة لبرونزية المغربية نزهة بيدوان في 400 متر حواجز في العام 2000.

ولم تفلح العربيات في الألعاب الجماعية على الصعيد العالمي أو حتى القاري، فانحصر دورهن بمجرد المشاركة الرمزية التي لم تنقلهن إلى منصات التتويج، وأبقتهن بدور "الكومبارس" الذي يمر مرور الكرام.

ولا تتحمل السيدات وحدهن مسؤولية الغياب، وعدم الوصول إلى المستوى الذي وصلت إليه نظيراتهن الغربيات، فالاتحادات المحلية تتحمل الجزء الأكبر، فهي لا تولي الراعية الكافية لهن، وتمنح الجزء الأكبر من دعمها للرجال وتضعهن على هامش نشاطاتها لاعتبارهن تكملة ولسن أساساً.

ولاشك فإن الرياضة "النسوية" العربية ما زالت تحتاج للكثير الكثير لتقارب ما يحصل حولها في العالم، إن لجهة التحضير في عمر باكر والتوجيه إلى اللعبة المناسبة لكل شخص، أو إيجاد المحفزات للفتيات لممارسة الرياضة، أو أنظمة الاحتراف، أو الدعم المادي والمعنوي، أو الانخراط في معسكرات تطويرية، أو فكر المنظومة الرياضية العربية الكاملة التي باتت بحاجة لإعادة هيكلة لإخراج المرأة من التقوقع التي وضعت فيه وإفساح المجال لها للانخراط بشكل أوسع في الرياضة التي قيل عنها سابقاً إنها تؤسس الحضارات، فكيف إن كانت هذه الرياضة مع المرأة التي تبني الشعوب.

فـادي طنّوس + ميادين الحرية