مخطئ من يظن أن ثورات الشعوب والانتفاضات الجماهيرية الكبرى يمكن أن تكون استجابة لمؤامرة، بل إن الثورات تقوم بعد نضوج أسباب موضوعية ومادية تدفع بالجماهير وقياداتها الواعية للانطلاق.
وهذه الظروف الموضوعية تشترط نضوج شروط ثلاثة، أولا: عندما تصبح غالبية الشعب متضررة من النظام المستبد وعلى استعداد أن تقف في وجهه وتدفع الثمن. وثانيا: عندما تبدأ القيادات السياسية والفكرية والنقابية والمدنية تباعد نفسها عن النظام خوفا من تلويث سمعتها وضرب مصداقيتها. وثالثا: عندما تبدأ عملية التعبئة والتشبيك ضد النظام وتصل إلى نقطة الحسم بانتظار اللحظة المناسبة التي نسميها الشرارة التي تطلق طاقات الجماهير فتفجر الثورة بغض النظر عن فرص نجاحها والقوى المستفيدة منها وانحراف مسارها يسارا أو يمينا (بوعزيزي مثلا.
كانت هناك مجموعة من الظواهر المشتركة التي لا تخطئها عين ناقدة تنتشر في عموم الوطن العربي من محيطه إلى خليجه، كلها تشير الى ضرورة قيام هزة جماهيرية ما تطيح بتلك المنظومة، وأهمها ظاهرة ‘الرئاسة مدى الحياة’ والتوريث، سواء كان الحاكم ملكا أو رئيسا أو أميرا. أضف إلى ذلك الانصياع التام لإملاءات القوى الخارجية، فيرقصون بالسيف مع من دمر العراق ويتآمرون من جحر في شرم الشيخ على تدمير غزة. أما الفساد فحدث ولا حرج، لقد نخر في أجسام هذه الدول ليس على مستوى الطبقات الطفيلية والشرائح العليا، بل وعلى كافة المستويات. لقد أصبح الفساد هو الأمر الطبيعي والانضباط للقانون ورفض الرشوة والتعيين على الكفاءة هي الأمور الشاذة وغير المتبعة. لقد همش شباب هذه الأمة الذين يزيدون عن 70′ من السكان وانتشرت في هذه الدول جماعات سلفية وأخرى متطرفة تهتم بهوامش الأمور وتبتعد عن نقد النظام وفساده وبطشه، وتدعو للحجاب أكثر مما تدعو للعدل والمساواة، وتعمق تهميش الأقليات واستهدافها وبنسبة أعلى تهميش المرأة وتنميطها، ساعدها على ذلك قنوات فضائية هابطة تصور المرأة إما راقصة بقليل من الثياب تتلوى أمام مغن تافه أو ملفوفة بعباءة سوداء تحولها إلى ‘شيء’ لا إلى إنسان ذي عقل وقلب وضمير. كل هذه الظواهر تستدعي ثورة شاملة حقيقية على كل ذلك البنيان المهترئ. فالشعوب العربية كغيرها من شعوب الأرض تتوق للحرية والكرامة والعمل الشريف ونظام يقوم على التعددية وتداول السلطة واحترام كل أبناء الوطن بعيدا عن الفساد والمحسوبية واستغلال الدين لبسط شرعية وهمية على النظام وتطويع المعارضة تحت حجة "إطاعة ولي الأمر".
د. عبد الحميد صيام
اشكر لك هذا التحليل الشمولي لما يجري في عالمنا العربي نعم او اصحاب المناصب لو يفرطوا في امتيازات حصلوا عليها فهم يتحالفوا مع الشيطان في سبيل الإبقاء على الحال السابق وهذا ديدن المستفيدين مو الوضع السابق
RépondreSupprimerولكن صحوة الشعوب لن تقف ولن تمل مو العمل للحصول على لقمة العيش الحلال أكرر شكري لك