Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

الدساتير تعكس رؤية المنتصرين

دستور  مصر 2013 استمرار 2011 و2012 : إذا سلمنا بأن الدساتير تعكس رؤية المنتصرين ـ في مصر كما في لبنان أو أي بلد في العالم - فإن قدرة النظم السياسية المتولدة عن هذه الدساتير على البقاء تتوقف على أمرين: استمرار التوازنات السياسية وآليات الرقابة والتوازن في الدستور الجديد، أو ما يطلق عليه بالانكليزية «Check and Balances».
 بمعنى آخر، كلما توافرت آليات رقابية تمنع استفراد مؤسسة ما من مؤسسات الدولة بالسلطة وأخضعتها ونفوذها لرقابة تشريعية وشعبية، استطاع النظام السياسي الوليد البقاء واستيعاب الحراك المجتمعي وفق رؤية المنتصرين.
جاء دستور 2011 في مارس/آذار بعد انتصار الموجة الثورية الأولى، كتعبير عن تحالف فضفاض ضم المؤسسة العسكرية التي أزاحت مبارك لتحفظ نظامه، ورجال الأعمال أصحاب المصلحة في قطع الطريق على تغيير اجتماعي عميق، وفلول النظام الراغبين بتقليل الخسائر، وتيار الإسلام السياسي وفي مقدمه «الإخوان المسلمون» والسلفيون. تحايل القائمون على دستور 2011 باستفتاء شعبي على تعديلات دستورية محدودة، لقطع الطريق على دستور جديد يكرس قيم الثورة وأهدافها: حرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. خرج دستور 2011 أسوأ كثيراً من دستور 1971، وفيه تثبتت خسارة الطيف السياسي المدني بعدما كرس ذلك الدستور لتحالف فضفاض قوامه المؤسسة العسكرية وتيار الإسلام السياسي. وبعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية، عمدت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى تقاسم السلطة فعلياً مع المؤسسة العسكرية، فاستبعدت باقي المكونات فيما استبقت السلفيين في إطار فضفاض. في دستور 2012 غابت الرقابة والتوازنات أيضاً، واستحدثت وضعية خاصة للمؤسسة العسكرية في الدستور تسمح لها بالحفاظ على امتيازاتها الضمنية، وتمنع مناقشة تفصيلية لميزانيتها السنوية في البرلمان وجعلت لها حصرياً الحق في تسمية وزير الدفاع. أما دستور 2013 الحالي فهو تعبير عن تحالف المؤسسة العسكرية وفلول جهاز الدولة ورجال الأعمال أصحاب المصلحة، متوسلاً ذات آليات دستور 2012، وان اختلفت العناوين والمسميات. في دستور 2013 الذي سيعرض للاستفتاء الآن، بنى الشارع على دستور 2012 «الإخواني»، فتوسعت امتيازات المؤسسة العسكرية وصلاحياتها، حتى أصبحت خارج الرقابة البرلمانية والشعبية. وتثبتت مكاسب الدولة الأمنية بقوانين تمنع التظاهر عملياً، فيما تأبدت رؤية رجال الأعمال المعادية حكماً للعدالة الاجتماعية، وهي الشعار المؤسس للثورة المصرية.
 وبخلاف ذلك، كرس الدستور الجديد خروج المكون السياسي المدني من صنع القرار، حتى ولو ظلت شكلياً شخصيات شبابية وحزبية محسوبة على الطيف المدني في البرلمان المقبل؛ فأصبح التحالف الحاكم الجديد مكوناً من المؤسسة العسكرية - الأمنية ورجال الأعمال وفلول النظام السابق. استدارت التوازنات الجديدة في مصر ليصبح شكل النظام السياسي المتأسس على الدستور الجديد وفي أعقاب موجتين ثوريتين في 25 كانون الثاني/ 2011 و30 حزيران/ 2013، مقارباً جداً لنظام مبارك 2010، مع فارق أساسي: تدمير مشروع التوريث (من حسني إلى نجله جمال) الذي عارضته المؤسسة العسكرية.
 بتبسيط غير مخل بالحقيقة، تبدو ركائز الحكم المقبل ـ للأسف - من دون تغيير جوهري عن الحكم الذي قامت الثورة عليه، وهي نتيجة مؤسفة بالفعل.
مصطفى اللباد

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال